المسافر له القصر ما دام مسافرًا ولو طالت المدة
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
((وَأَمَّا مَنْ تَبَيَّنَتْ لَهُ السُّنَّةُ وَعَلِمَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَشْرَعْ لِلْمُسَافِرِ أَنْ يُصَلِّيَ إلَّا رَكْعَتَيْنِ، وَلَمْ يُحِدَّ السَّفَرَ بِزَمَانٍ أَوْ بِمَكَانِ، وَلَا حَدَّ الْإِقَامَةَ أَيْضًا بِزَمَنٍ مَحْدُودٍ لَا ثَلَاثَةٍ وَلَا أَرْبَعَةٍ وَلَا اثْنَا عَشَرَ وَلَا خَمْسَةَ عَشَرَ فَإِنَّهُ يَقْصُرُ؛ كَمَا كَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ يَفْعَلُ؛ حَتَّى كَانَ مَسْرُوقٌ قَدْ وَلَّوْهُ وِلَايَةً لَمْ يَكُنْ يَخْتَارُهَا فَأَقَامَ سِنِينَ يَقْصُرُ الصَّلَاةَ، وَقَدْ أَقَامَ الْمُسْلِمُونَ بِنَهَاوَنْدَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ، وَكَانُوا يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ مَعَ عِلْمِهِمْ أَنَّ حَاجَتَهُمْ لَا تَنْقَضِي فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ وَلَا أَكْثَرَ، كَمَا أَقَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ بَعْدَ فَتْحِ مَكَّةَ قَرِيبًا مِنْ عِشْرِينَ يَوْمًا يَقْصُرُونَ الصَّلَاةَ، وَأَقَامُوا بِمَكَّةَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ يُفْطِرُونَ فِي رَمَضَانَ، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا فَتَحَ مَكَّةَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَحْتَاجُ أَنْ يُقِيمَ بِهَا أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ.
وَإِذَا كَانَ التَّحْدِيدُ لَا أَصْلَ لَهُ فَمَا دَامَ الْمُسَافِرُ مُسَافِرًا يَقْصُرُ الصَّلَاةَ وَلَوْ أَقَامَ فِي مَكَانٍ شُهُورًا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ([1])))اهـ.
[1])) ((مجموع الفتاوى)) (24/ 18).