ما صحة حديث : اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً

منقول من الأخ سالم الشمري
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه ، أما بعد :

قال الإمام أبي داود في سننه :
4496 - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَهَذَا حَدِيثُ الْهَمْدَانِيِّ وَهُوَ أَتَمُّ قَالَا حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ أَخْبَرَنِي أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ جُلَيْدٍ الْحَجْرِيِّ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ :
جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَمْ نَعْفُوا عَنْ الْخَادِمِ ؟ ، فَصَمَتَ ثُمَّ أَعَادَ عَلَيْهِ الْكَلَامَ فَصَمَتَ فَلَمَّا كَانَ فِي الثَّالِثَةِ قَالَ : اعْفُوا عَنْهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ سَبْعِينَ مَرَّةً " .

أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ وَأَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ : كلاهما ثقة .
وابن وهب : هو عبدالله بن وهب بن مسلم القرشي المصري أبو محمد من صغار أتباع التابعين ثقة حافظ .
أَبُو هَانِئٍ الْخَوْلَانِيُّ : هو حميد بن هانئ المصري صدوق .
الْعَبَّاسِ بْنِ جُلَيْدٍ الْحَجْرِيِّ : المصري ثقة ، طبقته تلي الوسطى من التابعين .
وابن وهب اختلف عليه :
1- فرواه أبو عوانة في مسنده ( 817 ) عن ابن يونس عن ابن وهب به ، وذكر ابن عمر بدلا من ابن عمرو .
2- ورواه الطبراني في المعجم الكبير ( 14127 ) عن عبدالله بن عبدالحكم عن ابن وهب به ، وذكر ابن عمر بدلا من ابن عمرو .
3- ورواه البيهقي في شعب الإيمان عن قتيبة بن سعيد عن ابن وهب به ، وذكر ابن عمر بدلا من ابن عمرو .

وتابع ابن وهب في ذكر ابن عمر بدلا من ابن عمرو كلا من :
1- سعيد بن أبي أيوب عند البخاري في التاريخ ( 802 ) .
2- وابن لهيعة عند أحمد في المسند ( 5899 ) .
3- ورشدين بن سعد عند الترمذي ( 1949 ) .

وعلى ما سبق فالمحفوظ ذكر ابن عمر رضي الله عنهما ، ويكون ذكر عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما خطأ ، وذلك لعدة أسباب :
الأول : أن ذكر ابن عمر هو رواية الأكثر عن ابن وهب .
الثاني : أن ابن وهب قد توبع في ذكر ابن عمر من ثلاثة أحدهم ثقة ثبت وهو سعيد ابن أبي أيوب ، والآخران ضعيفان .
الثالث : أن ابن عمرو جادة ، وابن عمر ليس بجادة .

وهذا المحفوظ عن ابن عمر لا يصح للانقطاع وهو عدم سماع عباس بن جليد الحجري من ابن عمر ، قال الإمام أبو حاتم الرازي رحمه الله : لا أعلم سماع عباس بن جليد من عبدالله بن عمر .

وقد وهم الشيخ الألباني رحمه الله كما في الصحيحة ( 488 ) ، حيث نقل كلام أبي حاتم وجعله في ابن عمرو بدلا من ابن عمر .

هذا والله أعلى وأعلم ، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه .

لكن رواية أبي داود؛ جعلها الحافظ المزي في "تحفة الأشراف" في مسند (عبد الله بن عمرو)، لا (ابن عمر)، فقال: "عباس بن جليد الحجري المصري، عن عبد الله بن عمرو.
8836-[د] حديث: جاء رجل فقال: يا رسول الله! كم نعفو عن الخادم؟ ... الحديث. د في الأدب (133: 9) عن أحمد بن سعيد الهمداني وأحمد بن عمرو بن السرح، كلاهما عن ابن وهب، عن أبي هانئ الخولاني، عنه به. رواه غيره فقال: عن ابن عمر [ت] ، وقد تقدم - (ح 7117)".
فينبغي تحرير كونه عند أبي داود هل (ابن عمر)، أم (ابن عمرو)!

كما هنا قصور في ذكر كلام العلماء في الحديث.
فقد ابن أبي حاتم: "وسألت أبي عن حديث رواه ابن وهب، عن حميد ابن هانئ، عن عباس الحجري، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه سئل عن الخادم يذنب؟ [قال]: يعفى عنه أكثر من سبعين مرة.ومن المصريين من يرويه عن عبد الله بن عمرو.
قال أبو محمد: ورواه أبو مطيع معاوية بن يحيى، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عياش بن عباس القتباني، عن عباس الحجري، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟.
قال أبي: هو بعبد الله بن عمرو أشبه، غير أنه قد اتفق نفسين على ابن عمر". "علل ابن أبي حاتم" (6/84-85).


وقال ابن أبي حاتم كذلك: "وسئل أبو زرعة عن حديث رواه محمد بن المصفى؛ قال: حدثنا بقية؛ قال: حدثني معاوية بن يحيى الأطرابلسي، عن سعيد بن أبي أيوب، عن عياش بن عباس، عن عباس الحجري، عن ابن عمر؛ قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الخادم يذنب؟ قال: يعفى عنه أكثر من سبعين مرة؟قال أبو زرعة: هذا خطأ؛ إنما هو: سعيد بن أبي أيوب، عن أبي هانئ، عن عباس بن جليدالحجري". "العلل" (6/270).
وقال ابن أبي حاتم أيضًا: "وسمعت أبي وذكر الحديث الذي اختلف فيه عن ابن وهب:فقال أصبغ بن الفرج، وغيره: عن ابن وهب، عن أبي هانئ، عن عباس بن جليد الحجري، عن عبد الله بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه.
ورواه غير أصبغ من أصحاب ابن وهب: عن ابن وهب هذا الحديث، وحديث آخر فقال: عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا أعلم سمع [عباس]، من ابن عمر شيء، وقد سمع من عبد الله بن عمرو". "العلل" (6/89-90).


وقال البيهقي عقبه: "وابن عمر أصح". "السنن الكبرى" (15799).

ولي عودة بإذن الله.

بارك الله فيك ابا عاصم .
أحسنت ، مع ملاحظة أن البيهقي في الموضع المشار إليه في السنن الكبير أخرجه من طريق ابن داسة التمار عن أبي داود ، يعني أن رواية أبي داود في رواية اللؤلؤي البصري ـ المشهورة ـ وغيره مما اطلع عليه المزي ، كما تفضلت ، فالأمر يحتاج إلى زيادة بيان .
ننتظرك ، نفع الله بك .

وفي غير سنن أبي داود :
قال الترمذي في جامعه : وروى بعضهم هذا الحديث عن عبد الله بن وهب بهذا الإسناد وقال عن عبد الله بن عمرو .

الحديث موجود في جامع ابن وهب ، رواية حرملة عنه وفيه : ابن عمر .

مخطوط دار الكتب المصرية ، تم نسخ الكتاب سنة 276 للهجرة

لكن هذا وحده لا يكفي ، بل لابد من قرائن أخرى تقوي هذا ، والله أعلم .

وفي جامع الأصول لابن الأثير 8 / 48 وقع : ابن عمر ، بدل : عمرو .
وقال المنذري في الترغيب والترهيب 3 / 152 : " و في بعض نسخ أبي داود " عبد الله بن عمرو " .

جزاكم الله خيرا مشايخنا.