ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)، هل يقصد لا خلاف بين علماء الشافعية
أم لا خلاف بين جميع العلماء؟
للتوضيح سأضرب مثال:
جاء في شرح النووي على مسلم (14/ 12)
(وقد أجمع العلماء على فضيلة الإيثار بالطعام ونحوه من أمور الدنيا وحظوظ النفوس)
هنا ذكر الاجماع على فضيلة الايثار وأنه يجوز.. لكن جاء في كتب الحنابلة ما يخالفه وأنه لا يجوز
فقد جاء في الفروع (10/ 382، 383)
[وهل له إيثاره؟ كلامهم يدل على أنه لا يجوز, وذكر صاحب الهدي في غزوة الطائف أنه يجوز, وأنه غاية الجود]
وجاء في الإنصاف (10/ 373)
[فهل له إيثاره؟ قال في الفروع: ظاهر كلامهم أنه لا يجوز. وذكر صاحب الهدى في غزوة الطائف: أنه يجوز، وأنه غاية الجود]
وجاء في المغني لابن قدامة (9/ 421، 422)
[فصل: وإذا اشتدت المخمصة في سنة المجاعة، وأصابت الضرورة خلقا كثيرا، أو كان عند بعض الناس قدر كفايته وكفاية عياله،
لم يلزمه بذله للمضطرين، وليس لهم أخذه منه؛ لأن ذلك يفضي إلى وقوع الضرورة به، ولا يدفعها عنهم.
وكذلك
إن كانوا في سفر ومعه قدر كفايته من غير فضلة، لم يلزمه بذل ما معه للمضطرين. ولم يفرق أصحابنا بين هذه الحال وبين كونه
لا يتضرر بدفع ما معه إليهم، في أن ذلك واجب عليه؛ لكونه غير مضطر في الحال، والآخر مضطر، فوجب تقديم حاجة المضطر.
ولنا أن هذا مفض به إلى هلاك نفسه، وهلاك عياله، فلم يلزمه، كما لو أمكنه إنجاء الغريق بتغريق نفسه. ولأن في بذله إلقاء بيده إلى التهلكة، وقد نهى الله عن ذلك].
قوله في المغني لا يلزمه: أي لا يجوز، فالتعليل الذي جاء بعد لفظ (لا يلزمه) يدل على ذلك.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
ظاهر كلام النووي يدل على أنه يقصد إجماع جميع علماء الأمة، وقد ينقل العالم الإجماع، فيخطئ لوجود المخالف
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
أما هذه المسألة بعينها، فلا خلاف فيها؛ وذلك لأن الإمام النووي رحمه الله نقل الإجماع على فضيلة الإيثار بالطعام ونحوه من أمور الدنيا، في حال السعة، ولم يتعرض لحال الضرورة، وأما كلام الحنابلة فعن حال الضرورة. والله أعلم.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لجين الندى
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)، هل يقصد لا خلاف بين علماء الشافعية
أم لا خلاف بين جميع العلماء؟
للتوضيح سأضرب مثال:
جاء في شرح النووي على مسلم (14/ 12)
(وقد أجمع العلماء على فضيلة الإيثار بالطعام ونحوه من أمور الدنيا وحظوظ النفوس)
أختاه!
هناك فرق بين العنوان وما جاء بالسؤال!
فالسؤال عن قوله: "لا خلاف"، ثم ضُرب المثال مصرحًا بلفظ "الإجماع"، فالمثال غير دقيق!
فقولهم: "أجمع العلماء"، أو "أجمعوا" على كذا، يفهم منها اتفاقهم وعدم اختلافهم-عند من حكاه-، فهي من أعلى الصيغ الصريحة في التعبير عن الإجماع الصريح الصحيح-ما لم يثبت نقضه-، ولا تخرج عن هذا المعني في الغالب، لكن أحيانًا يقال: "أجمعوا" ويراد به إجماع أهل مذهبٍ معين، وأحيانًا تقال: ويراد بها قول الجمهور، ولكن التعبير بها عن هذين قليل، بخلاف قولهم "لا خلاف"، فهي أضعف صيغ التعبير عن الاتفاق والإجماع، وكثيرًا جدًا ما تستعمل في المرادين السَّابقين، والاختلاف فيها مشهور، مبسوط في كتب الأصول، فليراجع.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
وإجماع النووي صحيح، ولا يعلم خلافًا في هذا، أي: فضيلة الإيثار.
وما أتيتِ به من مثالٍ، فهمتِ منه أنه ينقضه أو يقيده= فهو غير صحيح. فإجماع النووي في سياقه الصحيح مفهوم ففي فضيلة الإيثار المقيد لا في القربات، ولا في حالة الضرورة التي يخشى الإنسان فيها على نفسه من مكروهٍ.
والمثال: يتكلم عن حالة الضرورة، كما فصَّله ابن قدامة في كلامه المذكور آنفًا. وهذا فيه خلاف بين أصحاب المذاهب لا عند الحنابلة وحدهم!
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طه شعبان
أما هذه المسألة بعينها، فلا خلاف فيها؛ وذلك لأن الإمام النووي رحمه الله نقل الإجماع على فضيلة الإيثار بالطعام ونحوه من أمور الدنيا، في حال السعة، ولم يتعرض لحال الضرورة، وأما كلام الحنابلة فعن حال الضرورة. والله أعلم.
بارك الله فيكم .. وجزاكم كل خير
لكن الذي جاء في شرح النووي على مسلم (14/ 12)
(وأما هو وامرأته فآثرا على أنفسهما برضاهما مع حاجتهما وخصاصتهما فمدحهما الله تعالى وأنزل فيهما ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ففيه فضيلة الإيثار والحث عليه وقد أجمع العلماء على فضيلة الإيثار بالطعام ونحوه من أمور الدنيا وحظوظ النفوس)
فقد ذكر النووي هذا الاجماع، بعد ذكر الحاجة الشديدة التي كانت عند الرجل الأنصاري وزوجته.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
الأخ الفاضل أبو عبد الرحمن الطيب بارك الله فيكم .. وجزاكم كل خير
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن الطيب
هناك فرق بين العنوان وما جاء بالسؤال!
فالسؤال عن قوله: "لا خلاف"، ثم ضُرب المثال مصرحًا بلفظ "الإجماع"، فالمثال غير دقيق!
عذرا حصل لي خلط هنا الذي قال (لا خلاف) هو الزركشي في المنثور في القواعد الفقهية (1/ 211)
(لا خلاف في استحباب الإيثار، وإن أدى إلى هلاك المؤثر، وهو من شيم الصالحين، فإذا اضطر، وانتهى إلى المخمصة، ومعه ما يسد جوعته، وفي رفقته مضطر فآثره بالطعام، فهو حسن)
ومع هذا أليس قول (لا خلاف) يدل على الاجماع؟
لا خلاف = اتفاق = اجماع
خاصة مع قولكم
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن الطيب
قولهم "لا خلاف"، فهي أضعف صيغ التعبير عن الاتفاق والإجماع، وكثيرًا جدًا ما تستعمل في المرادين السَّابقين، والاختلاف فيها مشهور، مبسوط في كتب الأصول، فليراجع.
(فهي أضعف صيغ التعبير)
اذن يطلق عليها اجماع
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن الطيب
وإجماع النووي صحيح، ولا يعلم خلافًا في هذا، أي: فضيلة الإيثار.
وما أتيتِ به من مثالٍ، فهمتِ منه أنه ينقضه أو يقيده= فهو غير صحيح. فإجماع النووي في سياقه الصحيح مفهوم ففي فضيلة الإيثار المقيد لا في القربات، ولا في حالة الضرورة التي يخشى الإنسان فيها على نفسه من مكروهٍ.
والمثال: يتكلم عن حالة الضرورة، كما فصَّله ابن قدامة في كلامه المذكور آنفًا. وهذا فيه خلاف بين أصحاب المذاهب لا عند الحنابلة وحدهم!
ما الذي يدل أنه في حالة السعة وليس الضرورة؟
أليس يؤيد أنه في حالة الضرورة قول الزركشي (لا خلاف في استحباب الإيثار، وإن أدى إلى هلاك المؤثر، وهو من شيم الصالحين، فإذا اضطر، وانتهى إلى المخمصة، ومعه ما يسد جوعته، وفي رفقته مضطر فآثره بالطعام، فهو حسن)
أيضا سؤال/ كيف يكون ايثار، وهو في حالة السعة؟
فقد عرف الايثار بالتالي:
جاء في تفسير القرطبي (18/ 26)
(الإيثار: هو تقديم الغير على النفس وحظوظها الدنياوية، ورغبة في الحظوظ الدينية).
وجاء في أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن (8/ 44)
(الإيثار على النفس: تقديم الغير عليها مع الحاجة)
وجاء في المنثور في القواعد الفقهية (1/ 210)
(الإيثار أن يؤثر غيره بالشيء مع حاجته إليه)
فالايثار يكون في حالة الشدة والا لما كان له عظيم الأجر.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
للتنبيه:
أنا هنا أسأل للتضح عندي المسألة، ولست أُجادل لأثبت رأيّ.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لجين الندى
بارك الله فيكم .. وجزاكم كل خير
لكن الذي جاء في شرح النووي على مسلم (14/ 12)
(وأما هو وامرأته فآثرا على أنفسهما برضاهما مع حاجتهما وخصاصتهما فمدحهما الله تعالى وأنزل فيهما ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ففيه فضيلة الإيثار والحث عليه وقد أجمع العلماء على فضيلة الإيثار بالطعام ونحوه من أمور الدنيا وحظوظ النفوس)
فقد ذكر النووي هذا الاجماع، بعد ذكر الحاجة الشديدة التي كانت عند الرجل الأنصاري وزوجته.
نعم؛ الإيثار المنقول فيه الإجماع، هو الإيثار عند الحاجة، وأما الذي ذكره الحنابلة، هو الإيثار عند الضرورة؛ وكما هو معلوم فرق بين الحاجة وبين الضرورة.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لجين الندى
للتنبيه:
أنا هنا أسأل للتضح عندي المسألة، ولست أُجادل لأثبت رأيّ.
واضح ومعلوم، وليس يحتاج إلى بيان منكم، علَّمنا الله وإياكم، ووفقنا جميعًا لكل خير
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
أحسن الله اليكم .. ونفع بكم .. وزادكم علما..
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
نفع الله بكم على هذا النقاش الطيب المفيد.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
وكما أوضح إخواننا أن هناك فرقا بين الخصاصة ( الحاجة ) وبين الضرورة .
للفائدة فقط :
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : وقوله: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } (13) يعني: حاجة، أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدءون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك.وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أفضلُ الصدقة جَهدُ المقلّ". وهذا المقام على من حال الذين وَصَف اللهُ بقوله: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ } (1) [الإنسان : 8]. وقوله: { وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ } [البقرة : 177] .
فإن هؤلاء يتصدقون وهم يحبون ما تصدقوا به، وقد لا يكون لهم حاجة إليه ولا ضرورة به، وهؤلاء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه. ومن هذا المقام تصدق الصديق، رضي الله عنه، بجميع ماله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أبقيت لأهلك؟". فقال: أبقيت لهم الله ورسوله.
وهذا الماء الذي عُرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك، فكل منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه، وهو جريح مثقل أحوجَ ما يكون إلى الماء، فرده الآخر إلى الثلث، فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن آخرهم ولم يشربه أحد منهم، رضي الله عنهم وأرضاهم.أهـ
قال ابن القيم في الزاد : وَعَلَى هَذَا فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُؤْثِرَ صَاحِبُ الْمَاءِ بِمَائِهِ أَنْ يَتَوَضّأَ بِهِ وَيَتَيَمّمَ هُوَ إذَا كَانَ لَا بُدّ مِنْ تَيَمّمِ أَحَدِهِمَا ، فَآثَرَ أَخَاهُ وَحَازَ فَضِيلَةَ الْإِيثَارِ وَفَضِيلَةَ الطّهْرِ بِالتّرَابِ وَلَا يَمْنَعُ هَذَا كِتَابٌ وَلَا سُنّةٌ وَلَا مَكَارِمُ أَخْلَاقٍ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا اشْتَدّ الْعَطَشُ بِجَمَاعَةٍ وَعَايَنُوا التّلَفَ وَمَعَ بَعْضِهِمْ مَاءٌ فَآثَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَسْلَمَ لِلْمَوْتِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا ، وَلَمْ يُقَلْ إنّهُ قَاتِلٌ لِنَفْسِهِ وَلَا أَنّهُ فَعَلَ مُحَرّمًا ، بَلْ هَذَا غَايَةُ الْجُودِ وَالسّخَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [ الْحَشْرَ 9 ] ، وَقَدْ جَرَى هَذَا بِعَيْنِهِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصّحَابَةِ فِي فُتُوحِ الشّامِ ، وَعُدّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ .أهـ
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
قال الحافظ ابن كثير في تفسيره : وقوله: { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } (13) يعني: حاجة، أي: يقدمون المحاويج على حاجة أنفسهم، ويبدءون بالناس قبلهم في حال احتياجهم إلى ذلك.وقد ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " أفضلُ الصدقة جَهدُ المقلّ". وهذا المقام على من حال الذين وَصَف اللهُ بقوله: { وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ } (1) [الإنسان : 8]. وقوله: { وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ } [البقرة : 177] .
فإن هؤلاء يتصدقون وهم يحبون ما تصدقوا به، وقد لا يكون لهم حاجة إليه ولا ضرورة به، وهؤلاء آثروا على أنفسهم مع خصاصتهم وحاجتهم إلى ما أنفقوه. ومن هذا المقام تصدق الصديق، رضي الله عنه، بجميع ماله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أبقيت لأهلك؟". فقال: أبقيت لهم الله ورسوله.
وهذا الماء الذي عُرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك، فكل منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه، وهو جريح مثقل أحوجَ ما يكون إلى الماء، فرده الآخر إلى الثلث، فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن آخرهم ولم يشربه أحد منهم، رضي الله عنهم وأرضاهم.أهـ
قال ابن القيم في الزاد : وَعَلَى هَذَا فَلَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُؤْثِرَ صَاحِبُ الْمَاءِ بِمَائِهِ أَنْ يَتَوَضّأَ بِهِ وَيَتَيَمّمَ هُوَ إذَا كَانَ لَا بُدّ مِنْ تَيَمّمِ أَحَدِهِمَا ، فَآثَرَ أَخَاهُ وَحَازَ فَضِيلَةَ الْإِيثَارِ وَفَضِيلَةَ الطّهْرِ بِالتّرَابِ وَلَا يَمْنَعُ هَذَا كِتَابٌ وَلَا سُنّةٌ وَلَا مَكَارِمُ أَخْلَاقٍ وَعَلَى هَذَا فَإِذَا اشْتَدّ الْعَطَشُ بِجَمَاعَةٍ وَعَايَنُوا التّلَفَ وَمَعَ بَعْضِهِمْ مَاءٌ فَآثَرَ عَلَى نَفْسِهِ وَاسْتَسْلَمَ لِلْمَوْتِ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا ، وَلَمْ يُقَلْ إنّهُ قَاتِلٌ لِنَفْسِهِ وَلَا أَنّهُ فَعَلَ مُحَرّمًا ، بَلْ هَذَا غَايَةُ الْجُودِ وَالسّخَاءِ كَمَا قَالَ تَعَالَى : { وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ } [ الْحَشْرَ 9 ] ، وَقَدْ جَرَى هَذَا بِعَيْنِهِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصّحَابَةِ فِي فُتُوحِ الشّامِ ، وَعُدّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ .
بارك الله في الجميع .
وهذا المعنى للآية يظهر جليًا من سبب نزول الآية :
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أصابني الجهد ، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهنَّ شيئًا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله) ، فقام رجل من الأنصار فقال : أنا يا رسول الله ، فذهب إلى أهله ، فقال : لامرأته ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخريه شيئًا قالت : والله ما عندي إلا قوت الصبية ، قال : فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة ففعلت ، ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (لقد عجب الله عز وجل أو ضحك من فلان وفلانة) فأنزل الله عز وجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) . البخاري (4889) .
تأمل قمة الإيثار حيث قال الرجل : (فقال : لامرأته ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخريه شيئًا) ، وقوله : (فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة) .
وحيث قالت المرأة : (والله ما عندي إلا قوت الصبية) .
تأمل فكان الجزاء من جنس عملهم : (عجب الله عز وجل أو ضحك من فلان وفلانة) ، ونزل في حقهم قرآن يتلى إلى يوم القيامة .
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
وَقَدْ جَرَى هَذَا بِعَيْنِهِ لِجَمَاعَةٍ مِنْ الصّحَابَةِ فِي فُتُوحِ الشّامِ ، وَعُدّ ذَلِكَ مِنْ مَنَاقِبِهِمْ وَفَضَائِلِهِمْ .أهـ
بارك الله فيكم .. ونفع بكم
سؤال/ ما الذي جرى للصحابة في فتوح الشام؟
قرأت كثيرا من الأحاديث في الايثار
لكن أي منها يقصد أنه حصل في فتوح الشام.
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو البراء محمد علاوة
بارك الله في الجميع .
وهذا المعنى للآية يظهر جليًا من سبب نزول الآية :
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أصابني الجهد ، فأرسل إلى نسائه فلم يجد عندهنَّ شيئًا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ألا رجل يضيفه هذه الليلة يرحمه الله) ، فقام رجل من الأنصار فقال : أنا يا رسول الله ، فذهب إلى أهله ، فقال : لامرأته ضيف رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدخريه شيئًا قالت : والله ما عندي إلا قوت الصبية ، قال : فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة ففعلت ، ثم غدا الرجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (لقد عجب الله عز وجل أو ضحك من فلان وفلانة) فأنزل الله عز وجل (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) . البخاري (4889) .
جزاكم الله خيرا .. وبارك فيكم
من باب الفائدة فقط:
قد اعترض البعض على هذا الحديث: بأن الانسان يجوز له الايثار بماله دون مال من يعول
استدلالا بحديث «كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت».
وقد أجيب عن هذا بـ:
1- طرح التثريب في شرح التقريب (7/ 178)
(لا يشترط في جواز الضيافة الفضل عن نفقته ونفقة عياله لتأكدها وكثرة الحث عليها قال: وليست الضيافة صدقة، واستدل على ذلك بحديث الأنصاري الذي نزل به الضيف فأطعمه قوت صبيانه لكنه خالف ذلك في شرح مسلم فقال لا يجوز لأنها غير واجبة، وأجاب عن الحديث المذكور بحمله على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين للأكل، وإنما طلبوه على عادة الصبيان في الطلب من غير حاجة، والله أعلم).
شرح النووي على مسلم (14/ 12)
(فقال لامرأته هل عندك شيء قالت لا إلا قوت صبياني قال فعلليهم بشيء هذا محمول على أن الصبيان لم يكونوا محتاجين إلى الأكل وإنما تطلبه أنفسهم على عادة الصبيان من غير جوع يضرهم فإنهم لو كانوا على حاجة بحيث يضرهم ترك الأكل لكان إطعامهم واجبا ويجب تقديمه على الضيافة وقد أثنى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم على هذا الرجل وامرأته فدل على أنهما لم يتركا واجبا بل أحسنا وأجملا رضي الله عنهما وأما هو وامرأته فآثرا على أنفسهما برضاهما مع حاجتهما وخصاصتهما فمدحهما الله تعالى وأنزل فيهما ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ففيه فضيلة الإيثار والحث عليه).
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو عبد الرحمن الطيب
وإجماع النووي صحيح، ولا يعلم خلافًا في هذا، أي: فضيلة الإيثار.
وما أتيتِ به من مثالٍ، فهمتِ منه أنه ينقضه أو يقيده= فهو غير صحيح. فإجماع النووي في سياقه الصحيح مفهوم ففي فضيلة الإيثار المقيد لا في القربات، ولا في حالة الضرورة التي يخشى الإنسان فيها على نفسه من مكروهٍ.
والمثال: يتكلم عن حالة الضرورة، كما فصَّله ابن قدامة في كلامه المذكور آنفًا. وهذا فيه خلاف بين أصحاب المذاهب لا عند الحنابلة وحدهم!
فضلا ما هو رأي الحنفية والمالكية في حكم الايثار عند الضرورة؟
حيث أني وجدت نصوص للشافعية والحنابلة، أما الحنفية والمالكية فلم أجد؟!
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لجين الندى
بارك الله فيكم .. ونفع بكم
سؤال/ ما الذي جرى للصحابة في فتوح الشام؟
قرأت كثيرا من الأحاديث في الايثار
لكن أي منها يقصد أنه حصل في فتوح الشام.
جزاكم الله خيرا .
يقصد ما ذكرته أولا نقلا عن ابن كثير في النقل الذي قبله . وهو قوله :
... وهذا الماء الذي عُرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك ، فكل منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه، وهو جريح مثقل أحوجَ ما يكون إلى الماء، فرده الآخر إلى الثلث، فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن آخرهم ولم يشربه أحد منهم، رضي الله عنهم وأرضاهم.أهـ
قلت : لكن من باب الأمانة العلمية أن القصة لا تثبت ـ والله أعلم ـ ذلك أن القرطبي ذكرها بدون إسناد ، وبعضهم ذكرها بإسناد منقطع ، وفيها اضطراب في متنها أيضا ، والله أعلم .
رد: ماذا يقصد النووي حينما يقول (لا خلاف)؟
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو مالك المديني
جزاكم الله خيرا .
يقصد ما ذكرته أولا نقلا عن ابن كثير في النقل الذي قبله . وهو قوله :
... وهذا الماء الذي عُرض على عكرمة وأصحابه يوم اليرموك ، فكل منهم يأمر بدفعه إلى صاحبه، وهو جريح مثقل أحوجَ ما يكون إلى الماء، فرده الآخر إلى الثلث، فما وصل إلى الثالث حتى ماتوا عن آخرهم ولم يشربه أحد منهم، رضي الله عنهم وأرضاهم.أهـ
قلت : لكن من باب الأمانة العلمية أن القصة لا تثبت ـ والله أعلم ـ ذلك أن القرطبي ذكرها بدون إسناد ، وبعضهم ذكرها بإسناد منقطع ، وفيها اضطراب في متنها أيضا ، والله أعلم .
أحسن الله اليكم ونفع بكم
سؤال/ الذي ذكرها من دون اسناد القرطبي أم ابن كثير؟