بحث فيه طرق حديث: «الدنيا ملعونة...». وبيان ضعفه مرفوعًا

هذا الحديث من الأحاديث التي تناولها الإمام الشوكاني رحمه الله برسالة، كما ذكر الكتاني في «فهرس الفهارس» (2/ 1084).
وللإمام الصنعاني رحمه الله رسالة: «الدلائل في إيضاح الثلاث المسائل.. تتعلق بحديث: «الدنيا ملعونة ملعون ما فيها». وهو مخطوط، كما في الرابط التالي:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=19005


رُوي هذا الحديث عن جمع من الصحابة رضي الله عنهم:


1-حديث أبي هريرة رضي الله عنه:
أخرجه الترمذي (2322)، وابن ماجه (4112)، وابن أبي عاصم في «الزهد» (126)، والعقيلي في «الضعفاء» (2/ 326)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (1580)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (135) من طرق (أسد بن موسى، وعلي بن ثابت، وعُتبة بن حماد الدِّمَشقي)، عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان- زاد في «الشعب»: «عن أبيه»!- عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، مرفوعًا.
وخالفهم المغيرة بن مطرِّف الواسطي، فرواه عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن عَبْدة بن أبي لُبابة، عن أبي وائل، عن ابن مسعود رضي الله عنه.
أخرجه البزار (1736)، والطبراني في «الأوسط» (4072)، وفي «مسند الشاميين» (163).
وقال البزار: «وهذا الحديث قد رواه غير واحد عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان بغير هذا الإسناد، ولا نعلم أحدًا تابع المغيرة بن المطرِّف على هذه الرواية».
وقال الدارقطني في «العلل» (11/45): «لا يصح». وقال في (5/ 89): «هذا إسناد مقلوب، وإنما رواه ابن ثوبان، عن عطاء بن قرة، عن عبدالله بن ضمرة، عن أبي هريرة، وهو الصحيح». ونحوه قال الطبراني.
وصحَّحه السيوطي، وقال المناوي في «فيض القدير» (3/ 550): «وليس كما زعم».
والمغيرة بن مطرِّف: قال الذهبي في «المقتنى» (5813): «واهٍ».
وخالفهم أيضًا يحيى بن يمان، فرواه عن ابن ثوبان، عن أبيه، عن عبد الله بن ضمرة، عن كعب الأحبار من قوله.
أخرجه ابن أبي شيبة (35332)، والدارمي (331).
وقال الدارقطني في «العلل» (11/45): «هو وهم».
ويحيى بن يمان: كثير الخطأ. ينظر: «ميزان الاعتدال» (4/ 416).
فعاد الحديث إلى حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وفي إسناده: عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان الدمشقي: في حفظه ضعف، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». وقال المناوي في «فيض القدير» (2/ 327): «سنده جيد».
وقد ذكر العقيلي والذهبي في «الميزان» (2/552) هذا الحديث من منكرات ابن ثوبان، وقال العقيلي: «لا يتابعه إلا مَن هو دونه أو مثله». وقال ابن القطان في «بيان الوهم والإيهام» (3/ 605)، (5/ 825): «لا يصح».
وابن ثوبان على ما في حفظه، فقد خالفه وُهيب بن الورد- وهو ثقة- فرواه عن عطاء، عن عبد الله بن ضمرة، مرسلًا. أخرجه البغوي في «شرح السنة» (4028).
فالمرسل أصح.
ورواه خالد بن يزيد العدوي، عن الثوري، عن عطاء بن قرة، عن عبد الله بن ضمرة، عن أبي هريرة رضي الله عنه موصولًا مرفوعًا.
أخرجه الثعلبي في «الكشف والبيان» (7/283)، وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (2/311- 312).
وقال ابن الجوزي: «تفرد به خالد بن يزيد العدوي، قال ابن عدي: لا يتابع على حديثه».
وكذا قال الدارقطني في العلل (11/ 44)، وفي «الأفراد»، كما في «أطرافه» (5245).
وخالد بن يزيد العدوي، هو: العمري: كذَّبه أبو حاتم وابن معين، قال ابن حبان: «يروى الموضوعات عن الاثبات». ينظر: «ميزان الاعتدال» (1/ 646).


2-حديث أبي الدرداء رضي الله عنه:
أخرجه ابن أبي عاصم في «الزهد» (127)، والطبراني في «الكبير»- كما في «الترغيب والترهيب» (1/ 24)، و«جامع المسانيد والسنن» (9/326)، و«مجمع الزوائد» (10/222)- وفي «مسند الشاميين» (612) من طريق خِداش بن المهاجر- وفي: «جامع المسانيد»: «خالد بن خداش»، وهو خطأ- عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، عن مسلم بن مِشْكَم، عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا.
وقال المنذري: «إسناد لا بأس به». وحسَّن إسناده السيوطي في «الدر المنثور» (9/704)، وذكر المناوي في «فيض القدير» (3/ 550) عنه تصحيحه، وقال: «وهو غير جيد».
وخداش بن المهاجر: مجهول، تفرد بهذا الحديث عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وقد قال الهيثمي: «لم أعرفه». وذكره الأزدي في «الضعفاء».
وأما قول أبي حاتم الرازي: «شيخ مجهول، أرى حديثه مستقيمًا». فلا يرفع جهالته، ولا ينفع حديثه هذا؛ فقد ذكره في «الجرح والتعديل» (3/ 391) بروايته عن ابن أبي عَروبة، وأورده كذلك الذهبي في «ميزان الاعتدال» (1/ 650)، وعنه ابن حجر في «لسان الميزان» (3/ 354): «عن ابن أبي عَروبة... لا يُعرف، لكن الحديث مستقيم». وذكره السخاوي في «الثقات ممن لم يقع في الكتب الستة» (4/ 141) بروايته عن ابن أبي عَروبة أيضًا، فالظاهر أنهم يعنون حديثًا خاصًّا يرويه عن ابن أبي عَروبة، والله أعلم.
وأما حديثه هذا، فيُعد منكرًا؛ إذ تفرد به خِداش بن المهاجر من دون أصحاب عبد الرحمن بن يزيد بن جابر- أحد الثقات الأثبات- أمثال: عبد الله بن المبارك، وعيسى بن يونس، والوليد بن مسلم، وحسين بن علي الجعفي، ويحيى بن حمزة الحضرمي، وغيرهم من ثقات أصحابه.
وهذه طريقة الإمام مسلم وغيره، كما في «شرح علل الترمذي» لابن رجب (2/657- 659): «مَن نراه يعمد لمثل الزُّهري في جلالته وكثرة أصحابه الحفاظ المتقنين لحديثه وحديث غيره، أو لمثل هشام بن عُروة، وحديثهما عند أهل العلم مبسوط مشترك، قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على اتفاق منهم في أكثره، فيروي عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث، مما لا يعرفه أحدٌ من أصحابهما، وليس ممن قد شاركهم في الصحيح الذي عندهم، فغير جائز قبول حديث هذا الضرب من الناس، والله أعلم».
ناهيك على أن هذا الحديث بهذا الإسناد لا يُعرف في الكتب المشهورة والمسانيد المعروفة، مما يدل على غرابته، وقد قال ابن رجب في «شرح علل الترمذي» (2/ 624): «ونجد كثيرًا ممن ينتسب إلى الحديث لا يعتني بالأصول الصحاح، كالكتب الستة ونحوها، ويعتني بالأجزاء الغريبة، وبمثل «مسند البزار»، و«معاجم الطبراني»، و«أفراد الدارقطني»، وهي مجمع الغرائب والمناكير».
وضعَّف البيهقي رفعه، فقال في «المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي» (384)- وقد أخرجه من وجه آخر موقوفًا على أبي الدرداء رضي الله عنه-: «وقد رُوي معنى هذا من وجه آخر مرفوعًا، وهو ضعيف».


والمشهور عن أبي الدرداء رضي الله عنه موقوف:
رواه ابن وهب، عن معاوية بن صالح، عن أبي الزَّاهرية، عن جُبير بن نُفير، عنه موقوفًا.
أخرجه أبو داود في «الزهد» (213)، وزاد: «قال معاوية: وحدَّثني سعيد بن سُويد، يرفعه إلى أبي بكر الصديق أنه قال ذلك على المنبر». وهذا منقطع.
ورواه موسى بن عقبة، عن بلال بن سعد الكندي، عن أبيه، عنه موقوفًا.
أخرجه ابن أبي شيبة (34592)، وابن أبي الدنيا في «الزهد» (334)، وفي «ذم الدنيا» (355)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (10178).
ورواه ثور بن يزيد، عن خالد بن مَعدان، عنه موقوفًا.
أخرجه ابن المبارك في «الزهد» (543)، والفسوي في «المعرفة» (3/398)، وابن أبي الدنيا في «الزهد» (243)، وفي «ذم الدنيا» (185)، وعبد الله بن أحمد في زوائد «الزهد» (736)، وابن الأعرابي في «الزهد وصفة الزاهدين» (68)، والآجري في «أخلاق العلماء» (ص42)، والبيهقي في «المدخل» (383)، وفي «شعب الإيمان» (10033)، وابن عبد البر في «جامع بيان العلم وفضله» (134)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (47/ 145).
وهو منقطع بين خالد بن مَعْدان وأبي الدرداء رضي الله عنه. ينظر: «جامع التحصيل» (ص 171).
وخالف عبد الملك بن حبيب المصيصي، فرواه عن ابن المبارك، عن ثور بن يزيد، عن خالد بن مَعدان، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، مرفوعًا.
أخرجه ابن عبد البر في «جامع بيان العلم» (133)، وقال: «هكذا رواه عبد الملك بن حبيب المصيصي، عن ابن المبارك مسندًا، ورواه عَبْدان، وهو عبد الله بن عثمان، عن ابن المبارك، عن ثَوْر، عن خالد بن مَعْدان من قول أبي الدَّرْداء».
وعبد الملك بن حبيب لا يقوى على مخالفة عبد الله بن عثمان عَبْدان والحسين المروزي، روياه عن ابن المبارك موقوفًا، ورواه أيضًا موقوفًا: عبد الرزاق عن ثور بن يزيد، فرواية عبد الملك منكرة، وعبد الملك: : مجهول الحال. وقال ابن حجر في «التقريب» (ص362): «مقبول». يعني: حيث يتابع، وإلا فـ: «لين الحديث». وينظر: «تهذيب الكمال» (18/ 300)، و«إرواء الغليل» (2/ 142)، و«السلسلة الصحيحة» (6/ 705- 706) (2797).


3-حديث جابر رضي الله عنه:
أخرجه ابن الأعرابي في «الزهد وصفة الزاهدين» (65)، وفي «معجمه» (977، 1069)، والكلاباذي في «معاني الأخبار» (ص156)، وأبو نعيم في «حلية الأولياء» (3/157)، (7/90)، والخليلي في «الإرشاد» (2/ 711)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (10031)،
وفي «الزهد الكبير» (244)، وقِوام السنة في «الترغيب والترهيب» (1435)، وأبو طاهر السِّلَفي في «معجم السفر» (1047)، والرافعي في «التدوين» (2/274)، (3/141)، (4/134- 135) من طريق عبد الله بن الجراح، عن أبي عامر العقدي، عن سفيان الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا.
وحسَّنه السيوطي، كما قال المناوي في «فيض القدير» (3/ 549).
وقال أبو نعيم في الموضع الأول: «غريب من حديث محمد والثوري، تفرد به عبد الله بن الجراح».
وفي الموضع الثاني: «غريب عن الثوري، تفرد به عنه أبو عامر العقدي». وكذا قال الدارقطني، ينظر: «أطراف الغرائب» لابن طاهر (1703).
وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (1863) عن أبيه: «هذا خطأ، إنما هو: محمد بن المنكدر، أن النبي صلى الله عليه وسلم».
وعبد الله بن الجراح القهستاني: صدوق كثير الخطأ. ينظر: «تهذيب الكمال» (14/ 361).
وأخرجه ابن أبي الدنيا في «ذم الدنيا» (7)، وابن الأعرابي في «الزهد وصفة الزاهدين» (66، 67)، والدارقطني في «العلل» (14/ 69)، وأبو طاهر المخلِّص في «المخلِّصيات» (519)، والبيهقي في «شعب الإيمان» (10032) وابن الجوزي في «العلل المتناهية» (2/312) من طريق محمد بن حُميد، عن مهران بن أبي عمرو، عن الثوري، عن محمد بن المنكدر، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال الدارقطني: «كلاهما غير محفوظ».
ومحمد بن حميد، هو: الرازي: حافظ متهم، ومهران بن أبي عمر العطار: صدوق له أوهام سيء الحفظ. ينظر: «تهذيب الكمال» (28/ 595).
ورواه يحيى القطان، عن الثوري، عن ابن المنكدر، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.
أخرجه أحمد في «الزهد» (154)، وأبو داود في «المراسيل» (502)، وهو الصواب.


4-حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
أخرجه الشجري في «الأمالي الخميسية» (2212- ترتيب اللأمالي).
وإسناده وه؛ فيه: موسى بن إبراهيم المروزي: كذَّبه ابن معين، وقال الدارقطني وغيره: «متروك». ينظر: «ميزان الاعتدال» (4/ 199).


5-حديث أم هانئ رضي الله عنها:
أخرجه عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي في «مسند أبي حنيفة» (1383).
وعبد الله صاحب «المسند» يُعرف بـ: الأستاذ: متهم بوضع الحديث، وفي إسناده أيضًا: محمد بن القاسم الطايكانى البلخي: كان يضع الحديث حسبة!. ينظر: «المدخل إلى الصحيح» للحاكم (195)، و«الضعفاء والمتروكون» لابن الجوزي (2/ 141)، و«سير أعلام النبلاء» (15/ 424)، و«ميزان الاعتدال» (2/ 496)، (4/ 11- 12)، و«لسان الميزان» (4/ 580)، (7/ 444).


6-حديث يُسْر بن عبد الله (الذي ادَّعى أنه خادم النبي صلى الله عليه وسلم):
أخرجه ابن عساكر في «معجمه» (1/ 314) (375) وقال: «هذا إسناد مجهول، ومتن منكر، ويُسْر هذا لا يُعرف في الصحابة». وقال الذهبي في «ميزان الاعتدال» (4/ 445): «يُسْر بن عبد الله، عن النبي صلى الله عليه وسلم بطامات وبلايا، والآفة ممن بعده، أو لا وجود له.. روى عنه الحسن بن خارجة.. والإسناد إلى ابن خارجة ظلمات. روى أحاديثه أبو القاسم بن عساكر». وينظر: «الإصابة» (11/ 501).


7-قول بشر بن الحارث:
أخرجه أبو طاهر السِّلَفي في «الطيوريات» (3/ 1076) (993).


8-حديث ابن مسعود رضي الله عنه:
تقدم في تخريج حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


9-حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
تقدم في تخريج حديث أبي الدرداء رضي الله عنه.


10-قول كعب الأحبار:
تقدم في تخريج حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


11-حديث عبد الله بن ضمرة، مرسلًا:
تقدم في تخريج حديث أبي هريرة رضي الله عنه.


12-حديث محمد بن المنكدر، وأبيه المنكدر مرسلًا:
تقدما في تخريج حديث جابر رضي الله عنه.


هذا، وقد استفدت من بحوث مَن سبقني ممن عمل في هذا الحديث:
1-«السلسلة الصحيحة» (2797)، و«إرواء الغليل» (414).
2-تخريج حديث: «الدنيا ملعونة ملعون من فيها»
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=2429
3-تخريج حديث: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله ... وبيان المحفوظ فيه دعوة للمشاركة
http://ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=206327
4-تخريج حديث: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله ... وبيان المحفوظ فيه
http://majles.alukah.net/t53890/

موفق بإذن الله.

رواية عتبة بن حماد ، عن ابن ثوبان ، عن عطاء ، عن عبد الله بن ضمرة ، عن أبي هريرة مرفوعًا.
أول رواية في التخريج رواها أيضًا المزي في (تهذيب الكمال) (20/102) من طريق ابن أبي عاصم.
لو وقفت على شيء سأسجله لك ، وسأعود لقراءة التخريج مرة اخرى إن شاء الله .
نفع الله بك يا أبا يوسف .

https://www.youtube.com/watch?v=lIjTlJYZ3To

معنى حديث "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها"

السؤال:
قول الرسول ﷺ: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها..؟

تحميل المادة

الجواب:أي مذمومة، يعني الذم، مثل: شجرة الزقوم طعام الأثيم، سماها ملعونة قال: وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ يعني مذمومة، والدنيا مذمومة؛ لأنها تشغل عن الآخرة، وتصد عن الهدى، إلا من استعان بها على الخير.

https://binbaz.org.sa/fatwas/26089/%...8A%D9%87%D8%A7