شرح الأربعين النووية للشيخ محمد العثيمين رحمه الله
[align=center]بسم الله الرحمن الرحيم [/align]
مقدمة الشيخ فى طلب العلم :
الأربعون النووية أحاديث جمعها النووى رحمه الله ، وكل حديث منها قاعدة عظيمة من قواعد الدين ، وقد وصفه العلماء بأن مدار الإسلام عليه ، أو هو نصف الإسلام ، أو ثلثه أو نحو ذلك كما ذكر النووى فى مقدمته ، والتزم رحمه الله أن تكون الأحاديث صحيحة ، ومعظمها فى صحيحى البخارى ومسلم ، وقد ذكرها رحمه الله محذوفة الأسانيد ليسهل حفظها ويعم الانتفاع بها ، وقد شرح هذه الأحاديث شراح كثيرون وربت شروحها على العشرين شرحا ، ومن أشهرها شرح الحافظ بن رجب رحمه الله ، المسمى جامع العلوم والحكم .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة " ، وسلوك الطريق للعلم ينقسم إلى قسمين : سلوك طريق حسىّ كأن يأتى الإنسان من بيته إلى المسجد ، والثانى : معنوىّ ، كأن يطالع فى الكنب ويذاكر مع العلماء ، وكلا الأمرين يترتب عليه هذا الثواب .
إن طلب العلم الشرعىّ ليس لمجرد العلم بحكم الله تعالى وحكم رسوله ؛ لأن هذا يحصل من المؤمن والكافر ، والبر والفاجر ، ولذلك ترى الكفار الذين درسوا الفقه الإسلامىّ عندهم من علم الفقه ما ليس عند كثير من المسلمين . المقصود من العلم العمل ، وكل علم لا ينتج عملا فهو وبال على صاحبه ؛ لأن هذا الذى تعلم ولم يعمل من أول وأولى أهل النار بالعقوبة والعياذ بالله كما قال الناظم :
وعالم بعلمه لم يعملن معذب من قبل عباد الوثن
فالعلم سلاح إما لك أو عليك .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : " القرآن حجة لك أو عليك " ، وليس فيه قسمة ثالثة لا لك ولا عليك . إن عملت به فى حق الله تعالى ما بينك وبين الله من عبادة ، إن عملت به فى حق الله تعالى ما بينك وبين الناس من المعاملة والخلق وغير ذلك فأنت موفق والعلم حجة لك ، وإن كانت الأخرى فقد جانبك التوفيق وصار العلم وبالا عليك ..
إنه يجب على طالب العلم مراعاة ما يلى :
أولا : حسن النية فى طلب العلم
1- بأن يكون قصده بالطلب امتثال أمر الله ورجاء ثوابه .
هل أمر الله بالعلم ؟
أمر الله بالعلم فى أعظم الأشياء ، قال تعالى : " فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات " ، وقال عز وجل : " قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون " ، وقال : " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " ، وهذا حث على العلم ، فتنوى بطلب العلم امتثال أمر الله ..إذا نويت ذلك سيكون طلب العلم عبادة تتقرب بها إلى الله ، تقلب صفحات الكتاب ، فأنت فى عبادة ، كالذى يهندس مسدسه للجهاد ، وإذا كان العلم بهذه النية فلا يعدله شىء .
2- تنوى بطلب العلم رفع الجهل عن نفسك أولا وعن الناس ثانيا .
عن نفسك لأنك خلقت جاهلا : " والله خلقكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا " ، وأنت بنفسك ترى أنك كلما رجعت إلى كتاب الله زاد علمك ، العلم نور يستضاء به ، ولذلك تجد أكثر الناس انشراحا فى الصدر هم أهل العلم .
3- أن تنوى حفظ الشريعة ؛ لأن الشريعة محفوظة بالكتب المسطورة وكذلك بالقلوب ، وحفظ الشريعة كما يكون بتقييد المعلومات يكون كذلك بتطبيق المعلومات .
4- أن ينوى بذلك حماية الشريعة لا سيما فى زمن تكثر فيه الفتن ، حماية الشريعة غير حفظها ، حمايتها هى الدفاع عنها ورد كيد الكائدين ، وإبطال شبه المبطلين ؛ لأن الشريعة لا تحمى إلا بأصحابها ، كما أن الديار لا تحمى إلا بشجعانها . أرأيت لو أن رجلا مبتدعا قام فى مكتبة فيها من كل كتاب زوجان ، فيها العلوم الكثيرة ، وقام يتكلم بالبدعة ويؤكدها ويقررها وليس عنده إلا الكتب وطلاب علم مبتدئون يغترون بقوله ، هل يمكن لهذه الكتب السلفية أن تدافع ؟ لكن لو كان هناك طالب علم أمكن أن يدافع .
الشريعة الإسلامية مستهدفة منذ بزغ فجر نورها ، واليوم أشد لأن الدول المتحضرة وهى المتخلفة فى الواقع تخاف من الإسلام خوفا شديدا ، ولهذا يذكر عن بعض زعمائهم أنه قال لما فكك الله الاتحاد السوفييتى : الآن استرحنا من الشيوعية ، لكن بقى علينا العدو الأكبر وهو الإسلام ، ولذلك الآن تجدون حملتهم للنصارى واليهود ومساعدتهم ضد المسلمين ، وهم يبثون سمومهم فى الأمة الإسلامية من كل ناحية : تارة بالشبه وتارة بالأخلاق وتارة بالمعاملات الربوية والميسرية وما أشبه ذلك . الناس اليوم فى ضرورة لحماية الشريعة .
هذه أربعة أشياء يدور حولها الإخلاص فى طلب العلم .
قال الإمام أحمد رحمه الله : العلم لا يعدله شىء لمن صحت نيته ، قالوا : كيف يا أبا عبد الله ؟ قال ينوى رفع الجهل عن نفسه وعن غيره ، وهذا جزء من إخلاص النية .
ثانيا : أن يعمل بعلمه ؛ لأن هذا ثمرة العلم ، وهو الآن قد أمسك بالحجة إما له أو عليه ، فليعمل ، واعلم أنك إذا عملت بالعلم زدت إيمانا وزدت أجرا وقبولا عند الناس : " والذين اهتدوا زادهم هدى وأتاهم تقواهم "
زادهم هدى : أى علما ، وآتاهم تقواهم : أى عملا صالحا .
كلما عملت بالعلم فرحت بالمسألة تعرفها من كتاب الله وسنة نبيه ثم عملت بها ازددت علما ، وإيمانا وقبولا عند الناس وفكاكا من الإثم . اعمل بالعلم ، أرأيت الرجل يعرف أن الغيبة حرام و من كبائر الذنوب ، ولكنه يغتاب الناس ، هل انتفع بعلمه ؟
إذن علمه ضرر عليه .
إذا عملت بعلمك صرت موثوقا عند الناس ، وقبل الناس منك ، وعرفوا أن دعوتك صحيحة ، وأنك تفعل ما تقول ، وهذا شىء مشاهد : لو أن رجلا حذر الناس من إسبال الثوب ، وهو مسبل ثوبه ، جاء بالأدلة والنصوص الواضحة البينة ، وقبل الناس نصوصه ، لكن هل قبولهم لها كقبولهم إياها من قبل رجل مستقيم ؟
التطبيق العملىّ أقوى من القول باللسان .
فى حجة الوداع أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يسق الهدى من صحابته أن يجعل حجه عمرة ، أو قرانه عمرة ، فراجعوه فى ذلك ، حتى قالوا قولا يستحيى من ذكره ، فلما رآهم لم تطب نفوسهم ، قال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى ولأحللت معكم .
ويذكر أن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله لما حاصر التتار دمشق وكان فى رمضان قال للجنود : أفطروا أقوى لكم ، فتردد بعض الناس ، وسألوا بعض العلماء ، فقالوا : لا تفطروا ، لستم مرضى ولا على سفر ، فأخذ ابن تيمية خبزة وجعل يمر بين صفوف المقاتلين ويأكلها ، كل ذلك من أجل أن يطمئنهم إلى جواز الإفطار ، وما قاله صحيح ؛ لأن فيه دليل ، فإن النبىّ صلى الله عليه وسلم فى غزوة الفتح وكانت فى رمضان أمرهم أن يفطروا ، منهم من أفطر ومنهم من لم يفطر ، فلما قربوا إلى مكة قال : " إنكم ملاقوا العدو غدا والفطر أقوى لكم فأفطروا " ، فجعل السبب : التقوّى على القتال .
المهم أنكم إذا عملتم بعلمكم صار ذلك أقوى قبولا لقولكم وأشد طمأنينة لقبوله .
يتبع إن شاء الله
رد: شرح الأربعين النووية للشيخ محمد العثيمين رحمه الله
بسم الله نور على نور , والحمد لله الذي خلق النور , وسبحان الله الذي كلم موسى على جبل الطور . اللهم لك الحمد حتى
ترضى ولك الحمد إذا رضيت ولك الحمد بعد الرضى ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً . اللهم لك الحمد ملئ السماوات وملئ
الأرض وملئ ما بينهما وملئ ما شئت من شيءٍ بعد , أهل الثناء والمجد ,أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد , اللهم لا مانع لما
أعطيت , ولا معطي لما منعت , ولا ينفع ذا الجَد منك الجَد . اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء بيدك
الخير إنك على كل شيء قدير . اللهم إنا نسألك بأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن ترحم الشيخ ابن عثيمين رحمة واسعة ,
اللهم إغفر له وأرحمه , وعافه واعف عنه , وأكرم نزله ’ ووسع له مدخله , اللهم وسع له في قبره , ومده له مد بصره .
اللهم أسكنه في عليين, واحشره في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن ألئك رفيقا , اللهم لا تحرمنا أجره , ولا
تحرمنا علمه .
اللهـم صل على محمد وعلى آل محمـد
كما صيت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنـك حـميـد مجـيـد,
اللهـم بارك على محمد وعلى آل محمـد
كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
إنك حميد مجيد
آمـــــــــــــ ـــــــــــــيـ ـــــــــــــــ ـــــــــــن
رد: شرح الأربعين النووية للشيخ محمد العثيمين رحمه الله