لهذا الرقم في الإسلام وفي ذاكرة الشعوب دلالات مختلفة ومتباينة،منها الخير(بتضعيف الياء)،ومنها المشوب بالهوى،ومنها ما ليس من هذا وذاك.
ولست أذكر أين قرأت كلمة للإمام مالك رحمه الله مفادها أن على المسلم إذا بلغ الأربعين من عمره أن ينقطع للعبادة،او ما في معناها.
ومنذ زمن غير قصير وأنا أتساءل عن ذكرى الأربعين،ما مصدر هذه العادة التي انتشرت في كثير من المدن المغربية - دون باديتها حسب علمي -؟
والذكرى هي إقامة حفل تأبين للميت في اليوم الأربعين بعد وفاته،يدعى إليه الأقارب والأصدقاء،ومن لهم صلة بالفقيد،ولهذا الحفل طقوس وآداب لا داعي لوصفها.
لم أكلف نفسي عناء البحث في هذا الموضوع لكسل مزمن لا يفارقني إلا لماما.وعندما أهداني صديق عزيز كتابا لأحد أعلام الفكر والسياسة المعاصرين بالمغرب،عكفت على مطالعته،ودونت بعض فوائده،وكان سروري عظيما بالعثور في إحدى فقراته على الإجابة عن السؤال الذي ظل حبيسا في ذاكرتي ينتظر الأمر بإطلاق سراحه.
والكتاب هو:ذكريات..شهادا ..ووجوه.للأستاذ المرحوم عبد الهادي بوطالب.
والإجابة عن السؤال هي:
عندما أقامت مصر حكومة وشعبا لشوقي في ذكراه الأربعين حفل تأبين،أقام الوطنيون المغاربة بعد أشهر (28 نونبر 1932) بسينما السراجين بفاس حفلا تأبينيا مماثلا لشوقي،سمي بذكرى الأربعين،أشرف عليه المرحوم علال الفاسي وشباب علماء القرويين،وأطلق على ذلك اليوم اسم "يوم شوقي" بفاس.
وكانت العادة الفرعونية تقضي في مصر بتعهد الموتى بعد مرور الأربعين يوما على تحنيط جثثهم قبل مواراتها التراب،وتجددت في شكل إقامة ذكرى الأربعين لكبار الشخصيات من الموتى.
ومنذ يوم شوقي بفاس أصبح المغاربة يحتفلون بذكرى الأربعين لموتاهم.
المرجع: ذكريات..شهادات..و وجوه.عبد الهادي بوطالب.ج 1.ص 128.الشركة المغربيةللطباعة والنشربالرباط.199 3.
