محروم التوفيق زائغ عن سواء الطريق
قال الإمام الشوكاني رحمه الله:
قَوْلُهُ: (وَخِيَارُكُمْ خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ) وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ»
فِي ذَلِكَ تَنْبِيهٌ عَلَى أَعْلَى النَّاسِ رُتْبَةً فِي الْخَيْرِ،وَأَحَقُّهُمْ بِالِاتِّصَافِ بِهِ هُوَ مَنْ كَانَ خَيْرَ النَّاسِ لِأَهْلِهِ
فَإِنَّ الْأَهْلَ هُمْ الْأَحِقَّاءُ بِالْبِشْرِ وَحُسْنِ الْخُلُقِ وَالْإِحْسَانِ
وَجَلْبِ النَّفْعِ وَدَفْعِ الضُّرِّ
فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ كَذَلِكَ فَهُوَ خَيْرُ النَّاسِ وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَكْسِ مِنْ ذَلِكَ فَهُوَ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مِنْ الشَّرِّ، وَكَثِيرًا مَا يَقَعُ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْوَرْطَةِ، فَتَرَى الرَّجُلَ إذَا لَقِيَ أَهْلَهُ كَانَ أَسْوَأَ النَّاسِ أَخْلَاقًا وَأَشْجَعَهُمْ نَفْسًا وَأَقَلَّهُمْ خَيْرًا، وَإِذَا لَقِيَ غَيْرَ الْأَهْلِ مِنْ الْأَجَانِبِ لَانَتْ عَرِيكَتُهُ وَانْبَسَطَتْ أَخْلَاقُهُ وَجَادَتْ نَفْسُهُ وَكَثُرَ خَيْرُهُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ مَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهُوَ مَحْرُومُ التَّوْفِيقِ زَائِغٌ عَنْ سَوَاءِ الطَّرِيقِ، نَسْأَلُ اللَّهَ السَّلَامَةَ.