حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
بسم الله :
المبحث الثالث: ذكر الكلام على صحيفة عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده:
أما اسمه الكامل فهو عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمٍرو بن العاص .
وأما عمرو في نفسه فيكاد أهل الحديث أن يتفقوا على أنه ثقة أو صدوق وإنما اختلفوا في الإحتجاج بصحيفته على أقوال :
القول الأول: ذكر أقوال من احتج بصحيفته عن أبيه عن جده وأثبت لهم السماع بعضهم من بعض:
قال البخاري في التاريخ الكبير من ترجمة عمرو:"سمع أباه وسعيد بن المسيب وطاووس، قال:" ورأيت أحمد بن حنبل وعلي بن عبد الله والحميدي وإسحاق بن إبراهيم يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ", ومع ذلك فقد ذكره البخاري في الضعفاء، وقال في التاريخ الكبير من ترجمة شعيب بن محمد:" سمع عبد الله بن عمرو, روى عنه عمرو ابنه, وقال لنا أبو عاصم عن حيوة عن زياد عن عمرو سمعت شعيب بن محمد سمع عبد الله بن عمرو",
وقال الترمذي:" حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن",
وقال ابن المديني:" سمع شعيب من عبد الله بن عمرو وسمع منه ابنه عمرو بن شعيب",
وروى الحسن بن سفيان عن إسحاق:" إذا كان الراوي عن عمرو عن أبيه عن جده ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر",
وقال أحمد بن صالح المصري:" عمرو بن شعيب سمع من أبيه عن جده وكله سماع, وعمرو بن شعيب ثبت",
وقال النيسابوري :" صح سماع عمرو عن شعيب وصح سماع شعيب عن جده عبد الله
القول الثاني: ذكـر أقـوال من ضـعـف هـذه الصحيـفــة أو أعلها بالانقطاع :
قال معمر عن أيوب:" إياك وجواليق وهب بن منبه وعمرو بن شعيب", وقال أيوب أيضا:"كنت آتي عمرو بن شعيب فأغطي رأسي حياءا من الناس",
ونقل ابن عدي عن الزهري أنه كان يلعن عمروا,
وروى جرير عن مغيرة أنه كان لا يعبأ بصحيفة عبد الله بن عمرو, وقال مغيرة:" ما يسرني أن صحيفة عبد الله بن عمرو عندي بتمرتين أوبفلسين",
وقال علي عن يحيى القطان :" حديثه عندنا واه"،
وروى علي عن ابن عيينة :" كان إنما يحدث عن أبيه عن جده وكان حديثه عند الناس فيه شيء"، وقال أيضا:" وغيره أجود منه"،
وقال ابن أبي خيثمة:" سمعت هارون بن معروف يقول: لم يسمع عمرو من أبيه شيئا إنما وجده في كتاب أبيه"،
وقال ابن معين:"هو ثقة, بلي بكتاب أبيه عن جده, قال:" وما روى عن أبيه عن جده لا حجة فيه وليس بمتصل", وقال مرة:" ومن ههنا جاء ضعفه",
وقال الآجري:" قيل لأبي داود: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, عندك حجة ؟ قال:لا, ولا نصف حجة",
وقال أبو عبد الرحمن الأذرمي:" لا يصح من حديثه إلا حديث: لا يحل سلف و بيع...",
وقال أبو زرعة الرازي :" ما أقل ما نصيب عنه مما روى عن غير أبيه عن جده المنكر", يعني أنه إذا روى عن أبيه عن جده فيكثر فيه المنكر، وقال أبو زرعة:" إنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبيه عن جده, وقالوا: إنما سمع أحاديث يسيرة , وأخذ صحيفة كانت عنده فرواها, وهو ثقة في نفسه, إنما تكلم فيه بسبب كتاب كان عنده..",
وقال أحمد بن على الحاكم :"سمع عمرو من أبيه وفي سماع أبيه من عبد الله نظر",
وقال ابن حبان:" إذا روى عن أبيه عن جده ففيه مناكير كثيرة",
وذكره العقيلي في الضعفاء, ونقل عن يحي تكذيبه له في قوله عن جده,
وقال ابن عدي: هو في نفسه ثقة إلا إذا روى عن أبيه عن جده يكون مرسلا, وقال عن صحيفته: ولذلك لم يدخلوها في صحاحهم",
وذكره ابن الجوزي في الضعفاء, وقال ابن حزم: "حديثه صحيفة لا يحتج بها",
وقال ابن حجر في طبقات المدلسين :" فعلى مقتضى قول هؤلاء يكون تدليسا, لأنه ثبت سماعه من أبيه, وقد حدث عنه شيئا كثيرا مما لم يسمعه عنه, مما أخذه عن الصحيفة بصيغة "عن", وهذا أحد صور التدليس", وبنحو هذا قال في ترجمة أبيه شعيب بن محمد في طبقات المدلسين".
القول الثالث: وفيه الجمع بين القولين وهو قبول حديثه بالقرائن مع عدم الشذوذ والتفرد:
فقد قال أبو داود عن أحمد:" أصحاب الحديث إذا شاءوا احتجوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده, وإذا شاءوا تركوه", وقال الميموني عن أحمد:" له أشياء مناكير, وإنما نكتب حديثه نعتبر به, فأما أن يكون حجة فلا ", وقال أبو حاتم:" ليس بقوي, يكتب حديثه, وما روى عنه الثقات فيذاكر به ", وقال الذهبي فيما إذا روى عنه الثقات:" فالأولى أن يحتج بذلك إن لم يكن القول شاذا ولا منكرا, فقد قال أحمد بن حنبل إمام الجماعة له أشياء مناكير"،
وهذا القول هو الصواب والله أعلم ، وهذا الحديث من مناكير عمرو بن شعيب لتفرده به مع مخالفته لغيره من الأحاديث .
