إنكار العلامة السلفي محمد بن العربي العلوي على أحد الوزراء الذين يحيون المواسم

الحمد لله وحده و الصلاة والسلام على من لا نبي بعده و على آله و صحبه وبعد:
إن البلاد المغربية حفظها الله وصانها وسائر بلاد المسلمين عرفت الإسلام الصحيح الخالص الذي يعبر عنه بالسلفية منذ بداية الفتح الإسلامي لم تعرف غيره إلى أن انقضت القرون الخيرة فظهرت البدع والمحدثات والطوائف الضالة التي حرفت دين الإسلام وكانت سببا في جر الهزائم على المسلمين فكانت كالسرطان في جسد الأمة ومن هذه الطوائف طائفة الصوفية التي مكن لها من طرف أعداء الملة المحمدية لإحياء الوثنية التي قضى عليها الإسلام وقد تمكنوا من نشر الشرك بين المسلمين ببناء الأضرحة والمزارات التي تعبد من دون الله و الدعوة اتخاذ الأنداد من الشيوخ و الأولياء الذين يزعمون أنهم شركاء لله في ألوهيته وربوبيته. فاستشرى الشرك والضلال في الأمة المغربية المسلمة لكن أبى الله إلا أن يخرج بين الفينة والأخرى دعاتا يردون الناس إلى الأمر الأول على الطريقة السلفية يجددون لهذه الأمة دينها كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وليس يخلوا زمان منهم.
ومن هؤلاء المجددين العلامة السلفي محمد بن العربي العلوي المدغري رحمه الله الذي بذل الغالي والنفيس في نصرة العقيدة السلفية ومحاربة الشرك والبدع والضلال ومما يغفل عنه كثير من الناس أو يتغافلون عنه أن الحركة السلفية هي الأب الروحي للمقاومة المسلحة التي دحرت الإحتلالين الفرنسي والإسباني وأن علماء السلفيين هم الذين بعثوا روح الجهاد في المغاربة واستنهضوهم لمحاربة المحتل في حين أن جل الطرق الصوفية المغربية كانت محتضنة للمستعمر سائرة على منهاجه وكتب التاريخ طافحة بذلك.
وقد كان لدعاة السلفية وشيوخها وأتباعها الفضل بعد الله في جلاء المحتل واستقلال البلاد.
لكن المستعمر لم يخرج حتى مكن للعملاء والخونة و شيوخ الطرق في البلاد ومنحهم المناصب المؤثرة فاصبحوا أدوات في يده يخرب بهم الدين والدنيا بينما أقصي المجاهدون المخلصون والعلماء الصادقون والوطنيون الغيورون ونكل بهم وتركوا في زاوية الإهمال.

وهذه الخطة الإستعمارية الجديدة قد نفذت في عموم الغرب الإسلامي فكان هؤلاء الخونة الذين ينفذون الأجندة الخارجية الإستعمارية يعيثون في الأرض فسادا وينفذون ما عجز عنه أسيادهم الغربيون من تنحية للشريعة الإسلامية ونشر الشرك المتمثل في الأضرحة والمزارات والتمكين للطرق والفرق المنحرفة عن الإسلام و تحرير المرأة من الحجاب و نشر الخمور والرذائل ونشر الإلحاد في الجامعات والمدارس وتغريب الشباب المسلم.وقد سعى هؤلاء الخونة إلى محاولة قلب نظام الحكم الملكي في المغرب وأرغموا الملوك على الإستجابة لمطالبهم بالرغبة والرهبة بإشراف من أسيادهم الغربيين ولا زالوا يحاولون.

ونحن إذ نقدم هذه الرسالة التي كتبها المصلح السلفي الكبير محمد بن العربي العلوي نسعى إلى تذكير هؤلاء الذين يحاربون الدعوة السلفية في المغرب -من الطرقيين والقبوريين والعلمانيين -والذين يصرحون بأنها دعوة وهابية متطرفة دخيلة على المجتمع المغربي أنهم كاذبون فالمغرب نشأ على السلفية منذ دخول هذا الدين إلى هذا البلد وأن السلفيين هم الذين حرروا المغرب من المستعمر وإنهم ليسعون إلى تحريره ثانية من الخرافيين والقبوريين والمبتدعين والعلمانيين بالعلم والعقيدة الصحيحة والحلم بلا صدام أو عنف متبعين في ذلك نبيهم الكريم و السلف الصالحين والأئمة المتبعين. ونذكرهم أن الشيخ محمد بن العربي العلوي الذي كان وزيرا للعدل ومستشارا لجلالة الملك محمد الخامس رحمه هو من أئمة هذه الدعوة السلفية و علماء السلفيين المغاربة الموجودون اليوم هم من تلاميذه أو من تلاميذ تلاميذه فكفاكم تضليلا وتزويرا .
وتعتبر هذه الرسالة التي كتبها الشيخ ابن العربي العلوي لأحد الوزراء المغاربة الذين يسعون للإحياء المواسم الشركية وتشييد الأوثان والأضرحة رسالة موجهة إلى جميع الوزراء المغاربة الموجودين اليوم خصوصا وزير الأوقاف الحالي الذي لم يدخر جهدا في نشر القبورية والبدع ومحاربة الدعاة السلفيين والتضييق عليهم.

يقول رحمه الله "
حرام عليك أن تحمل على ظهرك لقب وزير الدولة وتطوف به-دون أن يثقل ضميرك- في طول البلاد وعرضها لإحياء المواسم وبعث الطوائف وإشغال المواطنيين المسلمين بما هو بعيد عن جوهر الدين
وأنت تعرف- وحسب علمي فلك حاسة تاريخية وذاكرة قوية-أن الإستعمار كان يعتمد على الطوائف الضالة وعلى تشجيع المواسم التي يخرج بها أصحابها عن جوهر الإسلام .وتعرف أن الحركة السلفية التي هي الأم الرؤوم للحركة الوطنية ناهضت هذا الإتجاه ونجحت في تقويم المجتمع المغربي فأعطت للمغرب بذلك طابع البلد الإسلامي السليم من الخرافات والأضاليل والطوائف والإعتقادات الفاسدة.
وعهدي بوزراء الدولة أن يشتغلوا بشؤون الدولة لا بشؤون القبور والصالحين الذين أدوا واجبهم الإسلامي وصاروا إلى عفو الله.وعهدي بالوزراء أيضا أن يهتموا بخبز الأحياء وعمل العاطلين و تعليم الأمييين وصحة المرضى و سكنى المشردين و توجيه الضالين و استقامة المنحرفين و إرشاد المضللين و مطاردة المجرمين وتحقيق العدل للمظلومين وردع الظالمين والجهر بكلمة الحق بين القوالين والنمامين تلك وظيفة وزراء الدولة في بلاد الإسلام و أنت من وزراء الدولة في بلاد الإسلام .فستذهب الوزارة ويصير الوزراء إلى عفو الله فكل حي مصيره إلى دار البقاء ومن توفيق الله ألا يترك الأحياء- ولو كانوا وزراء-وراءهم إلا ما يسجل في صفحاتهم البيضاء من توجيه وعي شعوبهم إلى ما هو حق في الإسلام لا إلى ماهو باطل . والباطل يرتكبه الجاهل ومن لا مسؤولية له مغفور عند الله ولكنه يرتكبه ذو علم بالتاريخ وذو مسؤولية في الوزارة ما أظن أن الله يغفره (لعل الشيخ يقصد من مات على الشرك )وهو الغفور الرحيم .
لا تطعن يا وزير الدولة في السلفية من الخلففقد شقينا حتى أقمنا لها صروحا في هذه الديار ولا ترضى أرواحنا و أرواح المسلمين الحقيقيين أن يقام للخرافة صرح جديد في ديار لم تصمد فيها الخرافة إلا في فترات الظلام.
أرجو الله لك الهداية والغفران والتوفيق والتوبة بشرط الإقلاع"
المصدر : نشرت هذه الرسالة في جريدة العلم المغربية بتاريخ:1992/09/21 وعنها جريدة الراية : العدد 30 ./6 أكتوبر/1992.