-
مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر وغيره
مختصر تفسير الطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالفقه الميسر وغيره
وهذا نموذج منه فقط الآيات الأخيرة من سورة هود
{وَ} أَرْسَلْنَا..
{إِلَى} وَلَدِ..
{مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا} فَلَمَّا أَتَاهُمْ..
{قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ} أَطِيعُوهُ، وَتَذَلَّلُوا لَهُ بِالطَّاعَةِ لِمَا أَمَرَكُمْ بِهِ، وَنَهَاكُمْ عَنْهُ..
{مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ} مَا لَكُمْ مِنْ مَعْبُودٍ سِوَاهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْكُمُ الْعِبَادَةَ غَيْرُهُ..
{وَلَا تَنقُصُوا} النَّاسَ حُقُوقَهُمْ فِي..
{الْمِكْيَالَ} مِكْيَالِكُمْ..
{وَالْمِيزَانَ} مِيزَانِكُمْ..
{إِنِّي أَرَاكُمْ} وَسَّعَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ..
{بِخَيْرٍ} في الدُّنْيَا، من الْمَالِ، وَالزِينَة، وَرُخْصِ السِّعْرِ..وَإِن َّمَا قَالَ ذَلِكَ شُعَيْبٌ؛ لِأَنَّ قَوْمَهُ كَانُوا فِي سَعَةٍ مِنْ عَيْشِهِمْ، وَرُخْصٍ مِنْ أَسْعَارِهِمْ، كَثِيرَةٌ أَمْوَالِهِمْ ..
{وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ} بِمُخَالَفَتِكُ مْ أَمْرَ اللَّهِ وَبَخْسِكُمُ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ فِي مِكَايِيلِكُمْ وَمَوَازِينِكُم ْ أَنْ يُنْزِلَ بِكُمْ..
{عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ}[84] فَجَعَلَ الْمُحِيطَ نَعْتًا لِلْيَوْمِ، وَهُوَ مِنْ نَعْتِ الْعَذَابِ، إِذْ كَانَ مَفْهُومًا مَعْنَاهُ، وَكَانَ الْعَذَابُ فِي الْيَوْمِ..
{وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا} النَّاسَ..
{الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ} بِالْعَدْلِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تُوَفُّوا أَهْلَ الْحُقُوقِ الَّتِي هِيَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ حُقُوقَهُمْ عَلَى مَا وَجَبَ لَهُمْ مِنَ التَّمَامِ بِغَيْرِ بَخْسٍ وَلَا نَقْصٍ..
{وَلَا تَبْخَسُوا} تُنْقِصُوا..وتَظ ْلِمُوا..
{النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} حُقُوقَهُمُ الَّتِي يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ تُوَفُّوهُمْ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ..
{وَلَا تَعْثَوْا} وَلَا تَسِيرُوا..وتَسْ عَوْا..
{فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ}[85] تَعْمَلُونَ فِيهَا بِمَعَاصِي اللَّهِ..كنُقْصَ انَ الْكَيْلِ وَالْمِيزَانِ..
{بَقِيَّةُ} مَا أَبْقَاهُ..
{اللَّهِ} لَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَفُّوا النَّاسَ حُقُوقَهُمْ بِالْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ بِالْقِسْطِ، فَأَحَلَّهُ لَكُمْ..
{خَيْرٌ لَكُمْ} مِنَ الَّذِي يَبْقَى لَكُمْ بِبِخْسِكُمُ النَّاسَ مِنْ حُقُوقِهِمْ بِالْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ..
{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} مُصَدِّقِينَ بُوعِدِ اللَّهِ وَوَعِيدِهِ وَحَلَالِهِ وَحَرَامِهِ..
{وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ} أَيُّهَا النَّاسُ..
{بِحَفِيظٍ}[86] بِرَقِيبٍ أُرَقِبُكُمْ عِنْدَ كَيْلِكُمْ، وَوَزْنِكُمْ هَلْ تُوَفُّونَ النَّاسَ حُقُوقَهُمْ أَمْ تَظْلِمُونَهُمْ ، وَإِنَّمَا عَلِيَّ أَنْ أُبْلِّغَكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمُو هَا..
{قَالُوا} قَوْمُ شُعَيْبٍ..
{يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ} عِبَادَةَ..
{مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا} مِنَ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ..
{أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ} مِنْ كَسْرِ الدَّرَاهِمِ وَقَطْعِهَا، وَبَخْسِ النَّاسِ فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ..
{إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ} الَّذِي لَا يَحْمِلُهُ الْغَضَبُ أَنْ يَفْعَلَ مَا لَمْ يَكُنْ لِيَفْعَلَهُ فِي حَالِ الرِّضَا..
{الرَّشِيدُ}[87] فِي أَمْرِهِ إِيَّاهُمْ أَنْ يَتْرُكُوا عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ..فَ إِنَّهُمْ أَعْدَاءُ اللَّهِ قَالُوا ذَلِكَ لَهُ اسْتِهْزَاءً بِهِ؛ وَإِنَّمَا سَفَّهُوهُ وَجَهِّلُوهُ بِهَذَا الْكَلَامِ..
{قَالَ} شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ..
{يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ} بَيَانٍ وَبُرْهَانٍ..
{مِنْ رَبِّي} فِيمَا أَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ اللَّهِ، وَالْبَرَاءَةِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ وَالْأَصْنَامِ، وَفِيمَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ إِفْسَادِ الْمَالِ..
{وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا} حَلَالًا طَيِّبًا..
{وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} بَلْ لَا أَفْعَلُ إِلَّا بِمَا آمُرُكُمْ بِهِ، وَلَا أَنْتَهِي إِلَّا عَمَّا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ..
{إِنْ} مَا..
{أُرِيدُ} فِيمَا آمُرُكُمْ بِهِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْهُ..
{إِلَّا الْإِصْلَاحَ} إِلَّا إِصْلَاحَكُمْ وَإِصْلَاحَ أَمْرِكُمْ..
{مَا اسْتَطَعْتُ} مَا قَدَرْتُ عَلَى إِصْلَاحِهِ لِئَلَّا يَنَالَكُمْ مِنَ اللَّهِ عُقُوبَةً مُنَكِّلَةً، بِخِلَافِكُمْ أَمْرَهُ وَمَعْصِيَتِكُم ْ رَسُولَهُ..
{وَمَا تَوْفِيقِي} إِصَابَتِي الْحَقَّ فِي مُحَاوَلَتِي إِصْلَاحَكُمْ وَإِصْلَاحَ أَمْرِكُمْ..
{إِلَّا بِاللَّهِ} فَإِنَّهُ هُوَ الْمُعِينُ عَلَى ذَلِكَ إِنْ لَا يُعِنِّي عَلَيْهِ لَمْ أُصِبِ الْحَقَّ فِيهِ..
{عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ} إِلَى اللَّهِ أُفَوِّضُ أَمْرِي، فَإِنَّهُ ثِقَتِي وَعَلَيْهِ اعْتِمَادِي فِي أُمُورِي..
{وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}[88] أُقْبِلُ بِالطَّاعَةِ وَأَرْجِعُ بِالتَّوْبَةِ..
{وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ } يَحْمِلَنَّكُمْ ..
{شِقَاقِي} عَدَاوَتِي وَبُغْضِي وَفِرَاقِ الدِّينِ الَّذِي أَنَا عَلَيْهِ، عَلَى الْإِصْرَارِ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَعِبَادَةِ الْأَوْثَانِ، وَبَخْسِ النَّاسِ فِي الْمِكْيَالِ وَالْمِيزَانِ، وَتَرْكِ الْإِنَابَةِ وَالتَّوْبَةِ..
{أَنْ يُصِيبَكُمْ} فَيُصِيبُكُمْ..
{مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ} مِنَ الْغَرَقِ..
{أَوْ قَوْمَ هُودٍ} مِنَ الْعَذَابِ..
{أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ} مِنَ الرَّجْفَةِ..
{وَمَا} دَارُ..
{قَوْمُ لُوطٍ} الَّذِينَ ائْتَفَكَتْ بِهِمُ الْأَرْضُ..
{مِّنكُمْ بِبَعِيدٍ}[89] هَلَاكُهُمْ، أَفَلَا تَتَّعِظُونَ بِهِ وَتَعْتَبِرُونَ ؟ فَاعْتَبِرُوا بِهَؤُلَاءِ، وَاحْذَرُوا أَنْ يُصِيبَكُمْ بِشِقَاقِي مِثْلُ الَّذِي أَصَابَهُمْ..
{وَاسْتَغْفِرُو رَبَّكُمْ} أَيُّهَا الْقَوْمُ مِنْ ذُنُوبِكُمْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ رَبِّكُمُ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا مُقِيمُونَ مِنْ عِبَادَةِ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ، وَبَخْسِ النَّاسِ حُقُوقَهُمْ فِي الْمَكَايِيلِ وَالْمَوَازِينِ ..
{ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} ارْجِعُوا إِلَى طَاعَتِهِ وَالِانْتِهَاءِ إِلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ..
{إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ} بِمَنْ تَابَ وَأَنَابَ إِلَيْهِ أَنْ يُعَذِّبَهُ بَعْدَ التَّوْبَةِ..
{وَدُودٌ}[90] ذُو مَحَبَّةٍ لِمَنْ أَنَابَ وَتَابَ إِلَيْهِ يَوَدُّهُ وَيُحِبُّهُ..
{قَالُوا} قَوْمُ شُعَيْبٍ لِشُعَيْبٍ..
{يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ} نَعْلَمُ..
{كَثِيرًا} حَقِيقَةَ كَثِيرٍ..
{مِمَّا تَقُولُ} وَتُخْبِرُنَا بِهِ..
{وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا}[91] ذُكِرَ أَنَّهُ كَانَ ضَرِيرًا..
{وَ} يَقُولُونَ..
{لَوْلَا رَهْطُكَ} لولا أن نتقي قومَكَ وعَشِيرَتَكَ ..
{لَرَجَمْنَاكَ} لَسَبَبْنَاكَ.. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَقَتَلْنَاكَ ..
{وَمَا أَنْتَ} مِمَّنْ يَكْرُمُ..
{عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}[91] فَيَعْظُمُ عَلَيْنَا إِذْلَالُهُ وَهَوَانُهُ، بَلْ ذَلِكَ عَلَيْنَا هَيِّنٌ..
{قَالَ} شُعَيْبٌ لِقَوْمِهِ..
{يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ} أَعَزَزْتُمْ قَوْمَكُمْ، فَكَانُوا أَعَزَّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ..
{وَاتَّخَذْتُمُ هُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيًّا} وَاسْتَخْفَفْتُ مْ بِرَبِّكُمْ، فَجَعَلْتُمُوهُ خَلْفَ ظُهُورِكُمْ، لَا تَأْتَمِرُونَ لَأَمْرِهِ، وَلَا تَخَافُونَ عِقَابَهُ، وَلَا تُعَظِّمُونَهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ.. يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا لَمْ يَقْضِ حَاجَةَ الرَّجُلِ: نَبَذَ حَاجَتَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ: أَيْ تَرَكَهَا لَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، وَإِذَا قَضَاهَا قِيلَ: جَعَلَهَا أَمَامَهُ وَنُصْبَ عَيْنَيْهِ؛ وَيُقَالُ: ظَهَرْتَ بِحَاجَتِي وَجَعَلْتَهَا ظِهْرِيَّةً: أَيْ خَلْفَ ظَهْرِكَ..
{إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ}[92] عِلْمُهُ بِعَمَلِكُمْ، فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ مُجَازِيكُمْ عَلَى جَمِيعِهِ عَاجِلًا وَآجِلًا..
{وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} عَلَى تَمَكُنِكُمْ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي تَعْمَلُونَهُ..
{إِنِّي عَامِلٌ} عَلَى تُؤَدَةٍ مِنَ الْعَمَلِ الَّذِي أَعْمَلُهُ..
{سَوْفَ تَعْلَمُونَ} أَيُّنَا الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ، وَالْمُخْطِئِ عَلَيْهَا، وَالْمُصِيبِ فِي فِعْلِهِ، الْمُحْسِنُ إِلَى نَفْسِهِ..
{مَنْ} الَّذِي..
{يَأْتِيهِ} مِنَّا وَمِنْكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ..
{عَذَابٌ يُخْزِيهِ} يُذِلُّهُ وَيُهِينُهُ..
{وَ} يَخْزِي أَيْضًا..
{مَنْ} الَّذِي..
{هُوَ كَاذِبٌ} فِي قِيلِهِ وَخَبَرِهِ مِنَّا وَمِنْكُمْ..
{وَارْتَقِبُوا} انْتَظِرُوا وَتَفَقَّدُوا..
{إِنِّي} إِنِّي أَيْضًا ذُو رِقْبَةٍ لِذَلِكَ الْعَذَابِ..
{مَعَكُمْ رَقِيبٌ}[ 93] وَنَاظِرٌ إِلَيْهِ بِمَنْ هُوَ نَازِلٌ مِنَّا وَمِنْكُمْ..
{وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا} قَضَاؤُنَا فِي قَوْمِ شُعَيْبٍ بِعَذَابِنَا..
{نَجَّيْنَا شُعَيْبًا} رَسُولَنَا..
وَالَّذِينَ آمَنُوا} بِهِ فَصَدَّقُوهُ عَلَى مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ..
{مَعَهُ} مَعَ شُعَيْبٍ، مِنْ عَذَابِنَا الَّذِي بَعَثْنَا عَلَى قَوْمِهِ..
{بِرَحْمَةٍ مِنَّا} لَهُ، وَلِمَنْ آمَنَ بِهِ وَاتَّبَعَهُ عَلَى مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ..
{وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ} مِنَ السَّمَاءِ أَخْمَدَتْهُمْ فَأَهْلَكَتْهُم ْ بِكُفْرِهِمْ بِرَبِّهِمْ..وَق ِيلَ: إِنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، صَاحَ بِهِمْ صَيْحَةً أَخْرَجَتْ أَرْوَاحَهُمْ مِنْ أَجْسَامِهِمْ..
{فَأَصْبَحُوا فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [94] عَلَى رُكَبِهِمْ وَصَرْعَى بِأَفْنِيَتِهِم ْ..
{كَأَنَّ لَمْ يَغْنَوْا} يَعِشْ قَوْمُ شُعَيْبٍ الَّذِينَ أَهْلَكَهُمُ اللَّهُ بِعَذَابِهِ حِينَ أَصْبَحُوا جَاثِمِينَ..
{فِيهَا} فِي دِيَارِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ..
{أَلَا بُعْدًا لِمَدْيَنَ} أَبْعَدَ اللَّهُ مَدْيَنَ مِنْ رَحْمَتِهِ بِإِحْلَالِ نَقْمَتِهِ..
{كَمَا بَعِدَتْ} مِنْ قَبْلِهِمْ..
{ثَمُودُ}[95] مِنْ رَحْمَتِهِ بِإِنْزَالِ سَخَطِهِ بِهِمْ..
{وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَى بِآيَاتِنَا} بِأَدِلَّتِنَا عَلَى تَوْحِيدِنَا..
{وَسُلْطَانٍ} وَحُجَّةٍ ..
{مُبِينٍ}[96] تُبَيِّنُ لِمَنْ عَايَنَهَا، وَتَأَمَّلَهَا بِقَلْبٍ صَحِيحٍ، أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَكَذِبِ كُلِّ مَنِ ادَّعَى الرُّبُوبِيَّةَ دُونَهُ، وَبُطُولِ قَوْلِ مَنْ أَشْرَكَ مَعَهُ فِي الْأُلُوهَةِ غَيْرَهُ..
{إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ} يَعْنِي إِلَى أَشْرَافِ جُنْدِهِ وَتُبَّاعِهِ.. فَكَذَّبَ فِرْعَوْنُ وَمَلَؤُهُ مُوسَى، وَجَحَدُوا وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ، وَأَبَوْا قَبُولَ مَا أَتَاهُمْ بِهِ مُوسَى مِنْ عِنْدِ اللَّهِ..
{فَاتَّبَعُوا} مَلَأُ فِرْعَوْنَ..
{أَمْرَ فِرْعَوْنَ} دُونَ أَمْرِ اللَّهِ، وَأَطَاعُوهُ فِي تَكْذِيبِ مُوسَى وَرَدِّ مَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ عَلَيْهِ..
{وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ}[ 97] لَا يَرْشُدُ أَمْرُ فِرْعَوْنَ مَنْ قَبِلَهُ مِنْهُ، فِي تَكْذِيبِ مُوسَى، إِلَى خَيْرٍ، وَلَا يَهْدِيهِ إِلَى صَلَاحٍ، بَلْ يُورِدُهُ نَارَ جَهَنَّمَ ..
{يَقْدُمُ} فِرْعَوْنَ..
{قَوْمَهُ} يَقُودُهُمْ.. يَمْضِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ..
{يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} فَيَمْضِي بِهِمْ إِلَى النَّارِ حَتَّى يُورِدُهُمُوهَا ، وَيَصْلِيهِمْ سَعِيرُهَا..
{وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ}[98] الَّذِي يَرِدُونَهُ..
{وَأُتْبِعُوا} وَأَتْبَعَهُمُ اللَّهُ..
{فِي هَذِهِ} الدُّنْيَا مَعَ الْعَذَابِ الَّذِي عَجَّلَهُ لَهُمْ فِيهَا مِنَ الْغَرَقِ فِي الْبَحْرِ..
{لَعْنَةً وَ} فِي..
{يَوْمَ الْقِيَامَةِ} أَيْضًا..يُلْعَن ُونَ لَعْنَةً أُخْرَى..
{بِئْسَ الرِّفْدُ} الْعَوْنُ..
{الْمَرْفُودُ}[99] الْمُعَانُ.. يعني: اللَّعْنَةُ الْمَزِيدَةُ فِيهَا أُخْرَى مِنْهَا..تَرَادَ فَتْ عَلَيْهِمُ اللَّعْنَتَانِ مِنَ اللَّهِ لَعْنَةٌ فِي الدُّنْيَا، وَلَعْنَةٌ فِي الْآخِرَةِ..
{ذَلِكَ} الْقَصَصُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ لَكَ يا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ، وَالنَّبَأُ الَّذِي أَنْبَأَنَاكَهُ فِيهَا ..
{مِنْ أَنْبَاءِ} أَخْبَارِ ..
{الْقُرَى} الَّتِي أَهْلَكْنَا أَهْلَهَا بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُ..
{نَقُصُّهُ عَلَيْكَ} فَنُخْبِرُكَ بِهِ..
{مِنْهَا قَائِمٌ} بُنْيَانُهُ عامرٌ غيرُ منهدِم، بَائِدٌ أَهْلِهِ..
{وَ} مِنْهَا..
{حَصِيدٌ}[ 100] خرَّ بُنْيَانُهُ، فلا يُرَى لَهُ أَثَرٌ، فهو مُلْزَقٌ بِالْأَرْضِ..
{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ} وما عَاقَبَنَا أَهْلَ هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي اقْتَصَصْنَا نَبَّأَهَا عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ مِنْهُمْ عُقُوبَتِنَا، فَنَكُونُ بِذَلِكَ قَدْ وَضَعْنَا عُقُوبَتَنَا إِيَّاهُمْ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهَا..
{وَلَكِنْ} ـنَهم..
{ظَلَمُوا} فأَوْجَبُوا لِـ..
{أَنْفُسَهُمْ} بِمَعْصِيَتِهِم ُ اللَّه، وَكُفْرِهِمْ بِهِ، عُقُوبَتَهُ وَعَذَابَهُ، فَأَحَلُّوا بِهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَحُلُّوهُ بِهَا، وَأَوْجَبُوا لَهَا مَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُوجِبُوهُ لَهَا..
{فَمَا أَغْنَتْ} دَفَعَتْ..
{عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} وَيَدْعُونَهَا أَرْبَابًا مِنْ عِقَابِ اللَّهِ، وَعَذَابِهِ إِذَا أَحَلَّهُ بِهِمْ رَبُّهُمْ..
{مِنْ شَيْءٍ} وَلَا رَدَّتْ عَنْهُمْ شَيْئًا مِنْهُ..
{لَمَّا جَاءَ أَمْرُ} قَضَاءُ..
{رَبِّكَ} يَا مُحَمَّدُ بِعَذَابِهِمْ، فَحَقَّ عَلَيْهِمْ عِقَابُهُ، وَنَزَلَ بِهِمْ سَخَطُهُ..
{وَمَا زَادُوهُمْ} وَمَا زَادَتْهُمْ آلِهَتُهُمْ عِنْدَ مَجِيءِ أَمْرِ رَبِّكَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ بِعِقَابِ اللَّهِ..
{غَيْرَ تَتْبِيبٍ}[101] تَخْسِيرٍ وَتَدْمِيرٍ وَإِهْلَاكٍ.. وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ لِلرَّجُلِ: تَبًّا لَكَ..
{وَ} كَمَا أَخَذْتُ أَيُّهَا النَّاسُ أَهْلَ هَذِهِ الْقُرَى الَّتِي اقْتَصَصْتُ عَلَيْكَ نَبَأَ أَهْلِهَا بِمَا أَخَذَتْهُمْ بِهِ مِنَ الْعَذَابِ، عَلَى خِلَافِهِمْ أَمْرِي، وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلِي، وَجُحُودِهِمْ آيَاتِي فـ..
{كَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى} وَأَهْلَهَا إِذَا أَخَذْتُهُمْ بِعِقَابِي، وَهُمْ ظَلَمَةٌ لِأَنْفُسِهِمْ، بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، وَإِشْرَاكِهِمْ بِهِ غَيْرَهُ، وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُ..
{إِنَّ أَخْذَهُ} إِنَّ أَخْذَ رَبِّكُمْ بِالْعِقَابِ مَنْ أَخَذَهُ..
{أَلِيمٌ} مُوجِعٌ..
{شَدِيدٌ}[102] الْإِيجَاعِ، وَهَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ، تَحْذِيرٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ أَنْ يَسْلُكُوا فِي مَعْصِيَتِهِ طَرِيقَ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْفَاجِرَةِ، فَيَحِلُّ بِهِمْ مَا حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ..قَ الَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللَّهَ يُمْلِي» وَرُبَّمَا قَالَ: «يُمْهِلُ لِلظَّالِمِ، حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ» ثُمَّ قَرَأَ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ}..
{إِنَّ فِي ذَلِكَ} أَخْذِنَا مَنْ أَخَذْنَا مِنْ أَهْلِ الْقُرَى الَّتِي اقْتَصَصْنَا خَبَرَهَا عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ..
{لَآيَةً} لَعِبْرَةً وَعِظَةً..
{لِمَنْ خَافَ عَذَابَ} عِقَابَ اللَّهِ، وَعَذَابَهُ فِي..
{الْآخِرَةِ} مِنْ عِبَادِهِ، وَحُجَّةً عَلَيْهِ لِرَبِّهِ، وَزَاجِرًا يَزْجُرُهُ عَنْ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ، وَيُخَالِفُهُ فِيمَا أَمَرَهُ وَنَهَاهُ..وَقِي لَ: بَلْ مَعْنَى ذَلِكَ: إِنَّ فِيهِ عِبْرَةً لِمَنْ خَافَ عَذَابَ الْآخِرَةِ بِأَنَّ اللَّهَ سَيَفِي لَهُ بِوَعْدِهِ..
{ذَلِكَ يَوْمٌ} الْقِيَامَةِ..
{مَّجْمُوعٌ لَّهُ} يَحْشُرُ اللَّهُ..
{النَّاسُ} مِنْ قُبُورِهِمْ، فَيَجْمَعُهُمْ فِيهِ لِلْجَزَاءِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ..
[وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ}[103] تَشْهَدُهُ الْخَلَائِقُ لَا يَتَخَلَّفُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَيَنْتَقِمُ حِينَئِذٍ مِمَّنْ عَصَى اللَّهَ، وَخَالَفَ أَمْرَهُ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ..
{وَمَا نُؤَخِّرُهُ} يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْكُمْ أَنْ نَجِيئَكُمْ بِهِ..
{إِلَّا لِأَجَلٍ} لِآنٍ يُقْضَى..
{مَعْدُودٍ}[104] فَعَدَّهُ وَأَحْصَاهُ، فَلَا يَأْتِي إِلَّا لِأَجَلِهِ ذَلِكَ، لَا يَتَقَدَّمُ مَجِيئُهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَلَا يَتَأَخَّرُ.
{يَوْمَ يَأْتِ} يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَيُّهَا النَّاسُ، وَتَقُومُ السَّاعَةُ..
{لَا تَكَلَّمُ} إِنَّمَا هِيَ «لَا تَتَكَلَّمُ»، فَحَذَفَ إِحْدَى التَّاءَيْنِ اجْتِزَاءً بِدَلَالَةِ الْبَاقِيَةِ مِنْهُمَا عَلَيْهَا..
{نَفْسٌ إِلَّا بِإِذْنِهِ} إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا..
{فَمِنْهُمْ} فَمِنْ هَذِهِ النُّفُوسِ الَّتِي لَا تَكَلَّمُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِلَّا بِإِذْنِ رَبِّهَا..
{شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ}[105]
{فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ} فِي الْحَلْقِ..وَهُو َ أَوَّلُ نُهَاقِ الْحِمَارِ وَشِبْهُهُ..وهو صَوْتٌ شَدِيدٌ..
{وَشَهِيقٌ}[106] فِي الصَّدْرِ..وَهُو َ آخِرُ نَهِيقِهِ إِذَا رَدَّدَهُ فِي الْجَوْفِ عِنْدَ فَرَاغِهِ مِنْ نُهَاقِهِ..وَهو صَوْتٌ ضَعِيفٌ..وعَنْ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ {فَمِنْهُمْ شَقِيُّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَعَلَامَ عَمِلْنَا؟ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ يَا عُمَرُ وَجَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، وَلَكِنْ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» ..
{خَالِدِينَ} لَابِثِينَ..
{فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} أَبَدًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَصِفَ الشَّيْءَ بِالدَّوَامِ أَبَدًا، قَالَتْ: هَذَا دَائِمٌ دَوَامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ دَائِمٌ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: هُوَ بَاقٍ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ..فَ خَاطَبَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ: خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا.
(إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} هَذَا اسْتِثَنَاءٌ اسْتَثَنَاهُ اللَّهُ فِي أَهْلِ التَّوْحِيدِ أَنَّهُ يُخْرِجُهُمْ مِنَ النَّارِ إِذَا شَاءَ بَعْدَ أَنْ أَدْخَلَهُمُ النَّارَ ..
{إِنَّ رَبَّكَ} يَا مُحَمَّدُ..
{فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ}[107] لَا يَمْنَعُهُ مَانِعٌ مِنْ فِعْلِ مَا أَرَادَ فِعْلَهُ بِمَنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ مِنِ الانْتِقَامِ مِنْهُ، وَلَكِنَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ، فَيُمْضِي فِعْلَهُ فِيهِمْ وَفِيمَنْ شَاءَ مِنْ خَلْقِهِ فعَلَهُ وَقَضَاهُ..
{وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا} رُزِقُوا السَّعَادَةَ.. بِرَحْمَةِ اللَّهِ..
{فَـ} هُمْ..
{فِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} أَبَدًا..
{إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} مِنْ قَدْرِ مَا مَكَثُوا فِي النَّارِ قَبْلَ دُخُولِهِمُ الْجَنَّةَ..وَذَ لِكَ فِيمَنْ أُخْرِجَ مِنَ النَّارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ..
{عَطَاءً} مِنَ اللَّهِ..
{غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [108] غَيْرَ مَقْطُوعٍ عَنْهُمْ..
{فَلَا تَكُ} يَا مُحَمَّدُ..
{فِي مِرْيَةٍ} فِي شَكٍّ..
{مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلَاءِ} الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ أَنَّهُ ضَلَالٌ وَبَاطِلٌ، وَأَنَّهُ بِاللَّهِ شِرْكٌ..
{مَا يَعْبُدُونَ} الْأَوْثَانِ..
{إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ آبَاؤُهُمْ} اتِّبَاعًا مِنْهُمْ مِنْهَاجَ آبَائِهِمْ، وَاقْتِفَاءً مِنْهُمْ آثَارَهُمْ فِي عِبَادَتِهِمُوه َا، لَا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ بِذَلِكَ، وَلَا بِحُجَّةٍ تَبَيَّنُوهَا تُوجِبُ عَلَيْهِمْ عِبَادَتَهَا..
{مِنْ قَبْلُ} عِبَادَتِهِمْ لَهَا..
{وَإِنَّا} أَخْبَرَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ نَبِيَّهُ مَا هُوَ فَاعِلٌ بِهِمْ لِعِبَادَتِهِمْ ذَلِكَ، فَقَالَ..
{لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ} حَظَّهُمْ مِمَّا وَعَدْتُهُمْ أَنْ أُوَفِّيَهُمُوه ُ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ..
{غَيْرَ مَنْقُوصٍ}[109] لَا أُنْقِصُهُمْ مِمَّا وَعَدْتُهُمْ، بَلْ أُتَمِّمُ ذَلِكَ لَهُمْ عَلَى التَّمَامِ وَالْكَمَالِ..
{وَ}يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ مُسَلِّيًا نَبِيَّهُ فِي تَكْذِيبِ مُشْرِكِي قَوْمِهِ إِيَّاهُ فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِفِعْلِ بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمُوسَى فِيمَا أَتَاهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، يَقُولُ لَهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَا يَحْزُنْكَ يَا مُحَمَّدُ تَكْذِيبُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ لَكَ، وَامْضِ لِمَا أَمَرَكَ بِهِ رَبُّكَ مِنْ تَبْلِيغِ رِسَالَتِهِ، فَإِنَّ الَّذِي يَفْعَلُ بِكَ هَؤُلَاءِ مِنْ رَدِّ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ عَلَيْكَ مِنَ النَّصِيحَةِ مِنْ فِعْلِ ضُرَبَائِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ قَبْلَهُمْ وَسُنَّةِ مَنْ سُنَنِهِم، ثُمَّ أَخْبَرَهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا فَعَلَ قَوْمُ مُوسَى بِهِ، فَقَالَ..
-
رد: مختصر تفسير الطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالفقه الميسر وغ
{لَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ} التَّوْرَاةَ، كَمَا آتَيْنَاكَ الْفُرْقَانَ..
{فَاخْتُلِفَ فِيهِ} فَاخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ قَوْمُ مُوسَى فَكَذَّبَ بِهِ بَعْضُهُمْ، وَصَدَّقَ بِهِ بَعْضُهُمْ، كَمَا قَدْ فَعَلَ قَوْمُكَ بِالْفُرْقَانِ مِنْ تَصْدِيقِ بَعْضٍ بِهِ وَتَكْذِيبِ بَعْضٍ..
{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ} يَا مُحَمَّدُ..
{مِنْ رَّبِّكَ} بِأَنَّهُ لَا يُعَجِّلُ عَلَى خَلْقِهِ بِالْعَذَابِ، وَلَكِنْ يَتَأَنَّى حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ..
{لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ} لَقُضِيَ بَيْنَ الْمُكَذِّبِ مِنْهُمْ بِهِ وَالْمُصَدِّقِ، بِإِهْلَاكِ اللَّهِ الْمُكَذِّبَ بِهِ مِنْهُمْ وَإِنْجَائِهِ الْمُصَدِّقَ بِهِ..
{وَإِنَّهُمْ} وَإِنَّ الْمُكَذِّبِينَ بِهِ مِنْهُمْ..
{لَفِي شَكٍّ مِنْهُ} لَفِي شَكٍّ مِنْ حَقِيقَتِهِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ..
{مُرِيبٍ}[110] يُرِيبُهُمْ فَلَا يَدْرُونَ أَحَقٌّ هُوَ أَمْ بَاطِلٌ، وَلَكِنَّهُمْ فِيهِ مُمْتَرُونَ..
{وَإِنَّ كُلًّا} وَإِنَّ كُلَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ قَصَصْنَا عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ قَصَصَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ..
{لَـ} جَوَاب لِـ «إنَّ»..
{ـمَّا} بِتَخْفِيفِ مَا.. بِمَعْنَى «مَنْ»..
{لَـ} لَامُ قَسَمٍ..
{يُوَفِّيَنَّهُ ْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} بِالصَّالِحِ مِنْهَا بِالْجَزِيلِ مِنَ الثَّوَابِ، وَبِالطَّالِحِ مِنْهَا بِالشَّدِيدِ مِنَ الْعِقَابِ.
{إِنَّهُ} إِنَّ رَبَّكَ..
{بِمَا يَعْمَلُونَ} بِمَا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ بِاللَّهِ مِنْ قَوْمِكَ يَا مُحَمَّدُ..
{خَبِيرٌ}[111] لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ عمَلِهِمْ بَلْ يَخْبُرُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيَعْلَمُهُ وَيُحِيطُ بِهِ حَتَّى يُجَازِيَهُمْ عَلَى جَمِيعِ ذَلِكَ جَزَاءَهُمْ..
{فَاسْتَقِمْ} أَنْتَ يَا مُحَمَّدُ عَلَى أَمْرِ رَبِّكَ وَالدِّينِ الَّذِي ابْتَعَثَكَ بِهِ وَالدُّعَاءِ إِلَيْهِ..
{كَمَا أُمِرْتَ} كَمَا أَمَرَكَ رَبُّكَ..وَكَانَ ابْنُ عُيَيْنَةَ يَقُولُ فِي قَوْلِهِ:«فَاسْ َقِمْ كَمَا أُمِرْتَ»اسْتَق ِمْ عَلَى الْقُرْآنِ..
{وَمَنْ تَابَ} رَجَعَ..
{مَعَكَ} إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَهُ بِهِ رَبُّهُ مِنْ بَعْدِ كُفْرِهِ ..
{وَلَا تَطْغَوْا} وَلَا تَعْدُوا أَمْرَهُ إِلَى مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ..
{إِنَّهُ} إِنَّ رَبَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ..
{بِمَا تَعْمَلُونَ} مِنَ الْأَعْمَالِ كُلِّهَا طَاعَتِهَا وَمَعْصِيَتِهَا ..
{بَصِيرٌ}[112] ذُو عِلْمٍ بِهَا، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ لِجَمِيعِهَا مُبْصِرٌ.. فَاتَّقُوا اللَّهَ أَيُّهَا النَّاسُ أَنْ يَطْلُعَ عَلَيْكُمْ رَبُّكُمْ وَأَنْتُمْ عَامِلُونَ بِخِلَافِ أَمْرِهِ، فَإِنَّهُ ذُو عِلْمٍ بِمَا تَعْمَلُونَ، وَهُوَ لَكُمْ بِالْمِرْصَادِ..
{وَلَا تَرْكَنُوا} وَلَا تَمِيلُوا أَيُّهَا النَّاسُ..قَالَ عبد الرحمن بْنُ زَيْدٍ، فِي قَوْلِهِ: «وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ» قَالَ: الرُّكُونُ: الْإِدْهَانُ، وَقَرَأَ: «وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ»[القلم: 9] قَالَ: تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ، وَلَا تُنْكِرْ عَلَيْهِمُ الَّذِي قَالُوا: وَقَدْ قَالُوا الْعَظِيمَ مِنْ كُفْرِهِمْ بِاللَّهِ وَكِتَابِهِ وَرُسُلِهِ. قَالَ: وَإِنَّمَا هَذَا لِأَهْلِ الْكُفْرِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ، وَلَيْسَ لِأَهْلِ الْإِسْلَامِ، أَمَا أَهْلُ الذُّنُوبِ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ فَاللَّهُ أَعْلَمُ بِذُنُوبِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ ، مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ مَعَاصِي اللَّهِ، وَلَا يَرْكَنُ إِلَيْهِ فِيهَا.اهـ..
{إِلَى} قَوْلِ هَؤُلَاءِ..
{الَّذِينَ ظَلَمُوا} كَفَرُوا بِاللَّهِ، فَتَقْبَلُوا مِنْهُمْ وَتَرْضَوْا أَعْمَالَهُمْ..
{فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ} بِفِعْلِكُمْ ذَلِكَ..
{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} مِنْ نَاصِرٍ يَنْصُرُكُمْ وَوَلِيٍّ يَلِيُكُمْ..
{ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ}[113] فَإِنَّكُمْ إِنْ فَعَلْتُمْ ذَلِكَ لَمْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ، بَلْ يُخَلِّيكُمْ مِنْ نُصْرَتِهِ وَيُسَلِّطُ عَلَيْكُمْ عَدُوَّكُمْ.
{وَأَقِمِ} يَا مُحَمَّدُ..
{الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} الفجر، والمغرب..
{وَزُلَفًا} جَمْعِ زُلْفَةً، كَمَا تَجْمَعُ غُرْفَةً غُرَفَ، وَحُجْرَةً حُجَرَ، وهي سَاعَات الْمَنْزِلَةِ وَالْقُرْبَةِ..
{مِنَ اللَّيْلِ} صَلَاةِ الْعِشَاءِ؛ لِأَنَّها تُصَلَّى بَعْدَ مُضِيِّ زُلَفٌ مِنَ اللَّيْلِ..
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ} الْإِنَابَةَ إِلَى طَاعَةِ اللَّهِ، وَالْعَمَلَ بِمَا يُرْضِيهِ..والمق صود الصَّلَوَاتُ الْخَمْسِ الْمَكْتُوبَاتُ ؛ لِصِحَّةِ الْأَخْبَارِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَتَوَاتُرِهَا عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: «مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ مَثَلُ نَهْرٍ جَارٍ عَلَى بَابِ أَحَدِكُمْ يَنْغَمِسُ فِيهِ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ، فَمَاذَا يُبْقِينَ مِنْ دَرَنِهِ» ، وَإِنَّ ذَلِكَ فِي سِيَاقِ أَمْرِ اللَّهِ بِإِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ، وَالْوَعْدُ عَلَى إِقَامَتِهَا الْجَزِيلُ مِنَ الثَّوَابِ عَقِيبِهَا أَوْلَى مِنَ الْوَعْدِ عَلَى مَا لَمْ يَجْرِ لَهُ ذِكْرٌ مِنْ صَالِحَاتِ سَائِرِ الْأَعْمَالِ إِذَا خَصَّ بِالْقَصْدِ بِذَلِكَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ..
{يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} آثَامَ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَيُكَفِّرُ الذُّنُوبَ..
{ذَلِكَ} هَذَا الَّذِي أَوْعَدْتُ عَلَيْهِ مِنَ الرُّكُونِ إِلَى الظُّلْمِ وَتَهَدَّدْتُ فِيهِ، وَالَّذِي وَعَدْتُ فِيهِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلَوَاتِ اللَّوَاتِي يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ..
{ذِكْرَى} تَذْكِرَةً ذَكَّرْتُ بِهَا..
{لِلذَّاكِرِينَ}[114] وَعَدَ اللَّهِ، فَيَرْجُونَ ثَوَابَهُ، وَوَعِيدَهُ فَيَخَافُونَ عِقَابَهُ، لَا مَنْ قَدْ طُبِعَ عَلَى قَلْبِهِ فَلَا يُجِيبُ دَاعِيًا وَلَا يَسْمَعُ زَاجِرًا..وَذُكِ رَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ بِسَبَبِ رَجُلٍ نَالَ مِنْ غَيْرِ زَوْجَتِهِ وَلَا مِلْكِ يَمِينِهِ بَعْضَ مَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ، فَتَابَ مِنْ ذَنْبِهِ ذَلِكَ..
{وَاصْبِرْ} يَا مُحَمَّدُ عَلَى مَا تَلْقَى مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ مِنَ الْأَذَى فِي اللَّهِ وَالْمَكْرُوهِ رَجَاءَ جَزِيلِ ثَوَابِ اللَّهِ عَلَى ذَلِكَ..
{فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ} ثَوَابَ..
{الْمُحْسِنِينَ}[115] فَأَطَاعَوا اللَّهَ، وَاتَّبَعَوا أَمْرَهُ، فَيَذْهَبْ بِهِ، بَلْ يُوَفِّرُهُ أَحْوَجُ مَا يَكُونُوا إِلَيْهِ..
{فَلَوْلَا} فَهَلَّا..
{كَانَ مِنَ الْقُرُونِ} الَّذِينَ قَصَصْتُ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ فِي هَذِهِ السُّورَةِ..
{مِنْ قَبْلِكُمْ} الَّذِينَ أَهْلَكْتُهُمْ بِمَعْصِيَتِهِم ْ إِيَّايَ وَكُفْرِهِمْ بِرُسُلِي..
{أُولُو} ذُو..
{بَقِيَّةٍ} مِنَ الْفَهْمِ وَالْعَقْلِ، يَعْتَبِرُونَ مَوَاعِظَ اللَّهِ وَيَتَدَبَّرُون َ حُجَجَهُ، فَيَعْرِفُونَ مَا لَهُمْ فِي الْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَعَلَيْهِمْ فِي الْكُفْرِ بِهِ..
{يَنْهَوْنَ} أَهْلَ الْمَعَاصِي.. وَأَهْلَ الْكُفْرِ بِاللَّهِ..
{عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ} عَنْ مَعَاصِيهِمْ وكُفْرِهِمْ بِهِ فِي أَرْضِهِ..
{إِلَّا قَلِيلًا} لَمْ يَكُنْ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا يَسِيرًا، فَإِنَّهُمْ كَانُوا يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ..
{مِمَّنْ} وَهُمُ أَتْبَاعُ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ..
{أَنْجَيْنَا} فَنَجَّاهُمُ اللَّهُ مِنْ عَذَابِهِ، حِينَ أَخَذَ..
{مِنْهُمْ} مَنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْكُفْرِ بِاللَّهِ بعَذَابِهُ..
{وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا} أَنْفُسَهُمْ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ سَلَفَتْ، فَكَفَرُوا بِاللَّهِ..
{مَا أُتْرِفُوا فِيهِ} مَا أُنْظِرُوا فِيهِ مِنْ لِذَاتِ الدُّنْيَا، فَكَفَرُوا واسْتَكْبَرُوا عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، وَتَجَبَّرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ..
{وَكَانُوا مُجْرِمِينَ}[116] وَكَانُوا مُكْتَسِبِي الْكُفْرَ بِاللَّهِ..
{وَمَا كَانَ رَبُّكَ} يَا مُحَمَّدُ..
{لِيُهْلِكَ الْقُرَى} الَّتِي أَهْلَكَهَا، الَّتِي قَصَّ عَلَيْكَ نَبَأَهَا..
{بِظُلْمٍ} فَيَكُونُ إِهْلَاكُهُ إِيَّاهُمْ..
{وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}[ 117] فِي أَعْمَالِهِمْ، غَيْرُ مُسِيئِينَ. ظُلْمًا، وَلَكِنَّهُ أَهْلَكَهَا بِكُفْرِ أَهْلِهَا بِاللَّهِ، وَتَمَادِيهِمْ فِي غَيِّهِمْ، وَتَكْذِيبِهِمْ رُسُلَهُمْ وَرُكُوبِهِمُ السَّيِّئَاتِ.. وَقَدْ قِيلَ: مَعْنَى ذَلِكَ: لَمْ يَكُنْ لِيُهْلِكَهُمْ بِشِرْكِهِمْ بِاللَّهِ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ «بِظُلْمٍ» ، يَعْنِي: بِشِرْكٍ، وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ لَا يَتَظَالَمُونَ، وَلَكِنَّهُمْ يَتَعَاطَوْنَ الْحَقَّ بَيْنَهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُشْرِكِينَ، وَإِنَّمَا يُهْلِكُهُمْ إِذَا تَظَالَمُوا..
{وَلَوْ شَاءَ} يَا مُحَمَّدُ..
{رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ} كُلَّهَا..
{أُمَّةً} جَمَاعَةً..
{وَاحِدَةً} عَلَى مِلَّةٍ وَاحِدَةٍ وَدِينٍ وَاحِدٍ.. مُسْلِمِينَ كُلِّهُمْ .
{وَلَا يَزَالُونَ} النَّاسُ..
{مُخْتَلِفِينَ} فِي أَدْيَانِهِمْ، وَأَهْوَائِهِمْ عَلَى أَدْيَانٍ وَمِلَلٍ وَأَهْوَاءٍ شَتَّى مِنْ بَيْنِ يَهُودِيٍّ وَنَصْرَانِيٍّ وَمَجُوسِيٍّ، وَنَحْوِ ذَلِكَ..
{إِلَّا} اسْتَثْنَى اللَّهُ مِنْ ذَلِكَ..
{مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} فَآمَنَ بِاللَّهِ وَصَدَّقَ رُسُلَهُ، فَإِنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ فِي تَوْحِيدِ اللَّهِ وَتَصْدِيقِ رُسُلِهِ، وَمَا جَاءَهُمْ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ..
{وَلِـ} وَعَلَى..
{ذَلِكَ} عِلْمِهِ النَّافِذِ فِيهِمْ -قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ- أَنَّهُ يَكُونُ فِيهِمُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَالشَّقِيُّ وَالسَّعِيدُ، وَلِلِاخْتِلَاف ِ بِالشَّقَاءِ وَالسَّعَادَةِ..
{خَلَقَهُمْ} فَأَخْبَرَ عَنْ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ..
{وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} لَعِلْمِهِ السَّابِقِ فِيهِمْ أَنَّهُمْ يَسْتَوْجِبُونَ العذاب..
{لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ} بِكُفْرِهِمْ بِاللَّهِ، وَخِلَافِهِمْ أَمْرَهُ..
{مِنَ الْجِنَّةِ} وَهِيَ مَا اجْتَنَّ عَنْ أَبْصَارِ بَنِي آدَمَ..
{وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ}[119] بَنِي آدَمَ..
{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتْ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ } [120]
{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ} يَا مُحَمَّدُ ..
{مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ} الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَكَ..
{مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} فَلَا تَجْزَعْ مِنْ تَكْذِيبِ مَنْ كَذَّبَكَ مِنْ قَوْمِكَ وَرَدَّ عَلَيْكَ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ، وَلَا يَضِقُ صَدْرُكَ فَتَتْرُكْ بَعْضَ مَا أَنْزَلْتُ إِلَيْكَ مِنْ أَجْلِ أَنْ قَالُوا: «لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ» إِذَا عَلِمْتَ مَا لَقِيَ مَنْ قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِي مِنْ أُمَمِهَا..
{وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ} السُّورَةِ..
{الْحَقُّ} مَعَ مَا جَاءَكَ فِي سَائِرِ سُوَرِ الْقُرْآنِ..
{وَ} جَاءَكَ..
{مَوْعِظَةٌ} تَعِظُ الْجَاهِلِينَ بِاللَّهِ وَتُبَيِّنُ لَهُمْ عِبَرَهُ مِمَّنْ كَفَرَ بِهِ وَكَذَّبَ رُسُلَهُ..
{وَذِكْرَى} وَتَذْكِرَةً تُذَكِّرُ..
{لِلْمُؤْمِنِين }[120] بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ كَيْ لَا يَغْفَلُوا عَنِ الْوَاجِبِ لِلَّهِ عَلَيْهِمْ..
{وَقُلْ} يَا مُحَمَّدُ..
{لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} لَا يُصَدِّقُونَكَ وَلَا يُقِرُّونَ بِوَحْدَانِيَّة ِ اللَّهِ..
{اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ} عَلَى هَيْنَتِكُمْ وَتَمَكُّنِكُمْ مَا أَنْتُمْ عَامِلُوهُ..
{إِنَّا عَامِلُونَ}[121] مَا نَحْنُ عَامِلُوهُ مِنَ الْأَعْمَالِ الَّتِي أَمَرَنَا اللَّهُ بِهَا..
{وَانْتَظِرُوا} مَا وَعَدَكُمُ الشَّيْطَانُ، فَـ..
{إِنَّا مُنْتَظِرُونَ}[122] مَا وَعَدَنَا اللَّهُ مِنْ حَرْبِكُمْ وَنُصْرَتِنَا عَلَيْكُمْ..
{وَلِلَّهِ} يَا مُحَمَّدُ..
{غَيَّبُ} مُلْكُ كُلِّ مَا غَابَ عَنْكَ فِي..
{السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ} فَلَمْ تَطْلُعْ عَلَيْهِ وَلَمْ تَعْلَمْهُ، كُلُّ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَبِعِلْمِهِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَهُوَ عَالِمٌ بِمَا يَعْمَلُهُ مُشْرِكُو قَوْمِكَ وَمَا إِلَيْهِ مَصِيرُ أَمْرِهِمْ مِنْ إِقَامَةٍ عَلَى الشِّرْكِ أَوْ إِقْلَاعٍ عَنْهُ وَتَوْبَةٍ..
{وَإِلَيْهِ} وَإِلَى اللَّهِ..
{يَرْجِعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ} مُعَادُ كُلِّ عَامِلٍ وَعَمَلِهِ، وَهُوَ مَجَازٍ جَمِيعِهِمْ بِأَعْمَالِهِمْ ، فَيَقْضِي بَيْنَهُمْ بِحُكْمِهِ بِالْعَدْلِ..
{فَاعْبُدْهُ} فَاعْبُدْ رَبَّكَ يَا مُحَمَّدُ..
{وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ} وَفَوِّضْ أَمْرَكَ إِلَيْهِ وَثِقْ بِهِ وَبِكِفَايَتِهِ ، فَإِنَّهُ كَافِي مَنْ تَوَكَّلَ عَلَيْهِ..
{وَمَا رَبُّكَ} يَا مُحَمَّدُ..
{بِغَافِلٍ} بِسَاهٍ..
{عَمَّا تَعْمَلُونَ}[123] عَمَّا يَعْمَلُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ مِنْ قَوْمِكَ، بَلْ هُوَ مُحِيطٌ بِهِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْهُ، وَهُوَ لَهُمْ بِالْمِرْصَادِ، فَلَا يَحْزُنْكَ إِعْرَاضُهُمْ عَنْكَ، وَلَا تَكْذِيبُهُمْ بِمَا جِئْتَهُمْ بِهِ مِنَ الْحَقِّ، وَامْضِ لِأَمْرِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا..ق ال كَعْبُ الأحبار: «خَاتِمَةُ التَّوْرَاةِ، خَاتِمَةُ هُودَ»
-
رد: مختصر تفسير الطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالفقه الميسر وغ
أرجو تعديل العنوان بدلا من (الفقه) تكون (التفسير)
رجااااااااااااا اااء
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
أحسنت أخي الكريم. هذا من صنيعك؟
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبوعاصم أحمد بلحة
أحسنت أخي الكريم. هذا من صنيعك؟
نعم
وأسعدتني بمرورك بارك الله فيك
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
حسبنا الله ونعم الوكيل........
ما أخبار تحقيقك لكتاب الحبائك فى اخبار الملائك-للسيوطى
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ الِاسْتِعَاذَةِ
{أَعُوذُ}أَسْتَجِيرُ..
{بِاللَّهِ} دُونَ غَيْرِهِ مِنْ سَائِرِ خَلْقِهِ مِنَ الشَّيْطَانِ، أَنْ يَضُرَّنِيَ فِي دِينِي، أَوْ يَصُدَّنِي عَنْ حَقٍّ يَلْزَمُنِي لِرَبِّي..
{مِنَ الشَّيْطَانِ} من كُلِّ مُتَمَرِّدٍ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالدَّوَابِّ وَكُلِّ شَيْءٍ..
{الرَّجِيمِ} الْمَلْعُونُ، الْمَشْتُومُ..وَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قِيلَ لِلشَّيْطَانِ رَجِيمٌ، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ طَرَدَهُ مِنْ سَمَوَاتِهِ، وَرَجَمَهُ بِالشُّهُبِ الثَّوَاقِبِ.سُورَةُ الْفَاتِحَةِ (1) مَكِّيَّةٌ وَآيَاتُهَا سَبْعٌ
(بسم) إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ، أَدَّبَ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَعْلِيمِهِ تَقْدِيمَ ذِكْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى أَمَامَ جَمِيعِ أَفْعَالِهِ..وَج َعَلَ مَا أَدَّبَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ وَعَلَّمَهُ إِيَّاهُ مِنْهُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ سَنَةً يَسْتَنُّونَ بِهَا، وَسَبِيلًا يَتَّبِعُونَهُ عَلَيْهَا، فِي افْتِتَاحِ أَوَائِلِ مَنْطِقِهِمْ وَصُدُورِ رَسَائِلِهِمْ وَكُتُبِهِمْ وَحَاجَاتِهِمْ.. وَأَنَّهُ أَرَادَ بِقِيلِهِ «بِسْمِ اللَّهِ» أَقُومُ، وَأَقْعُدُ، وأقرأ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَفْعَالِ بِسْمِ ..
(الله) ذُو الْأُلُوهِيَّةِ وَالْمَعْبُودِي َّةِ عَلَى خَلْقِهِ أَجْمَعِينَ..
(الرحمن) بِجَمِيعِ الْخَلْقِ..فِي الدُّنْيَا كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا»[النحل: 18] وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ، فَالَّذِي عَمَّ جَمِيعَهُمْ بِهِ فِيهَا مِنْ رَحْمَتِهِ، فَكَانَ لَهُمْ رَحْمَانًا تَسْوِيَتُهُ بَيْنَ جَمِيعِهِمْ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي عَدْلِهِ وَقَضَائِهِ، فَلَا يَظْلِمُ أَحَدًا مِنْهُمْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ، وَإِنَّ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا، وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، فَذَلِكَ مَعْنَى عُمُومِهِ فِي الْآخِرَةِ جَمِيعَهُمْ بِرَحْمَتِهِ الَّذِي كَانَ بِهِ رَحْمَانًا فِي الْآخِرَةِ..
(الرحيم) بِالْمُؤْمِنِين َ فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا بِمَا لَطَفَ بِهِمْ فِي تَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ لِطَاعَتِهِ، وَالْإِيمَانِ بِهِ وَبِرُسُلِهِ، وَاتِّبَاعِ أَمْرِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ؛ مِمَّا خَذَلَ عَنْهُ مَنْ أَشْرَكَ بِهِ فَكَفَرَ، وَخَالَفَ مَا أَمَرَهُ بِهِ وَرَكِبَ مَعَاصِيَهُ، وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ قَدْ جَعَلَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَا أَعَدَّ فِي آجِلِ الْآخِرَةِ فِي جَنَّاتِهِ مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ وَالْفَوْزِ الْمُبِينِ لِمَنْ آمَنَ بِهِ وَصَدَّقَ رُسُلَهُ وَعَمِلَ بِطَاعَتِهِ خَالِصًا دُونَ مَنْ أَشْرَكَ وَكَفَرَ بِهِ كَانَ بَيِّنًا أَنَّ اللَّهَ قَدْ خَصَّ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ رَحْمَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، مَعَ مَا قَدْ عَمَّهُمْ بِهِ وَالْكُفَّارُ فِي الدُّنْيَا، مِنَ الْإِفْضَالِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى جَمِيعِهِمْ، فِي الْبَسْطِ فِي الرِّزْقِ، وَتَسْخِيرِ السَّحَابِ بِالْغَيْثِ، وَإِخْرَاجِ النَّبَاتِ مِنَ الْأَرْضِ، وَصِحَّةِ الْأَجْسَامِ وَالْعُقُولِ، وَسَائِرِ النِّعَمِ الَّتِي لَا تُحْصَى، الَّتِي يَشْتَرِكُ فِيهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْكَافِرُونَ ..
(الحمد) الشُّكْرُ خَالِصًا..
(لله) جَلَّ ثَنَاؤُهُ دُونَ سَائِرِ مَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِهِ، وَدُونَ كُلِّ مَا بَرَأَ مِنْ خَلْقِهِ، بِمَا أَنْعَمَ عَلَى عِبَادِهِ مِنَ النَّعَمِ الَّتِي لَا يُحْصِيهَا الْعَدَدُ وَلَا يُحِيطُ بِعَدَدِهَا غَيْرُهُ أَحَدٌ، فِي تَصْحِيحِ الْآلَاتِ لِطَاعَتِهِ، وَتَمْكِينِ جَوَارِحِ أَجْسَامِ الْمُكَلَّفِينَ لِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ، مَعَ مَا بَسَطَ لَهُمْ فِي دُنْيَاهُمْ مِنَ الرِّزْقِ وَغَذَّاهُمْ بِهِ مِنْ نُعَيْمِ الْعَيْشِ مِنْ غَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ عَلَيْهِ، وَمَعَ مَا نَبَّهَهُمْ عَلَيْهِ وَدَعَاهُمْ إِلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمُؤَدِّيَةِ إِلَى دَوَامِ الْخُلُودِ فِي دَارِ الْمَقَامِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ..
(رب) السَّيِّدُ الَّذِي لَا شِبْهَ لَهُ، وَلَا مَثَلَ فِي سُؤُدُّدِهِ، وَالْمُصْلِحُ أَمْرَ خَلْقِهِ بِمَا أَسْبَغَ عَلَيْهِمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَالْمَالِكُ الَّذِي لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ..
(العالمين) جَمْع عَالَم، وَالْعَالَمُ اسْمٌ لِأَصْنَافِ الْأُمَمِ، وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْهَا عَالَمٌ، وَأَهْلُ كُلِّ قَرْنٍ مِنْ كُلِّ صِنْفٍ مِنْهَا عَالَمُ ذَلِكَ الْقَرْنِ وَذَلِكَ الزَّمَانِ، فَالْإِنْسُ عَالَمٌ وَكُلُّ أَهْلِ زَمَانٍ مِنْهُمْ عَالَمُ ذَلِكَ الزَّمَانِ، وَالْجِنُّ عَالَمٌ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ أَجْنَاسِ الْخَلْقِ، كُلُّ جِنْسٍ مِنْهَا عَالَمُ زَمَانِهِ..
(الرحمن الرحيم) قَدْ مَضَى الْبَيَانُ عَنْ تَأْوِيلِه.. وَلَمْ يُحْتَجُّ إِلَى الْإِبَانَةِ عَنْ وَجْهِ تَكْرِيرِ اللَّهِ ذَلِكَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ، إِذْ كُنَّا لَا نَرَى أَنَّ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ»[الفاتحة: 1] مِنْ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ آيَةٌ..
(مالك يوم الدين) أَنَّ لِلَّهِ الْمُلْكَ يَوْمَ الدِّينِ خَالِصًا دُونَ جَمِيعِ خَلْقِهِ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا مُلُوكًا جَبَابِرَةً يُنَازِعُونَهُ الْمُلْكَ وَيُدَافِعُونَه ُ الِانْفِرَادَ بِالْكِبْرِيَاء ِ وَالْعَظَمَةِ وَالسُّلْطَانِ وَالْجَبْرِيَّة ِ، فَأَيْقَنُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ يَوْمَ الدِّينِ أَنَّهُمُ الصَّغَرَةُ الْأَذِلَّةُ، وَأَنَّ لَهُ دُونَهُمْ وَدُونَ غَيْرِهِمُ الْمُلْكَ وَالْكِبْرِيَاء َ وَالْعِزَّةَ وَالْبَهَاءَ، كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ فِي تَنْزِيلِهِ: «يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ»[غافر: 16] فَأُخْبِرَ تَعَالَى، أَنَّهُ الْمُنْفَرِدُ يَوْمَئِذٍ بِالْمُلْكِ دُونَ مُلُوكِ الدُّنْيَا الَّذِينَ صَارُوا يَوْمَ الدِّينِ مِنْ مُلْكِهِمْ إِلَى ذِلَّةٍ وَصَغَارٍ، وَمِنْ دُنْيَاهُمْ فِي الْمَعَادِ إِلَى خَسَارٍ، كما قال جل ذكره: «لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا»[النبأ: 38]، وَقَالَ: «وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ»[طه: 108]، وَقَالَ: «وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى»[الأنبياء: 28]..وَالدِّينُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ بِتَأْوِيلِ الْحِسَابِ وَالْمُجَازَاةِ بِالْأَعْمَالِ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ»[الانفطار: 9] يَعْنِي بِالْجَزَاءِ «وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ»[الانفطار: 10] يُحْصَوْنَ مَا تَعْمَلُونَ مِنَ الْأَعْمَالِ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: «فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ»[الواقعة: 86] يَعْنِي: غَيْرَ مَجْزِيِّينَ بِأَعْمَالِكُمْ وَلَا مُحَاسَبِينَ.. وَلِلدِّينِ مُعَانٍ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ غَيْرَ مَعْنَى الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ سَنَذْكُرُهَا فِي أَمَاكِنِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ..
(إياك) لَكَ اللَّهُمَّ ..
(نعبد) نَخْشَعُ وَنَذِلُّ وَنَسْتَكِينُ إِقْرَارًا لَكَ يَا رَبَّنَا بِالرُّبُوبِيَّ ةِ لَا لِغَيْرِكَ..
(وإياك) رَبَّنَا..
(نستعين) عَلَى عِبَادَتِنَا إِيَّاكَ وَطَاعَتِنَا لَكَ وَفِي أُمُورِنَا كُلِّهَا، لَا أَحَدَ سِوَاكَ، إِذْ كَانَ مَنْ يَكْفُرُ بِكَ يَسْتَعِينُ فِي أُمُورِهِ بِمَعْبُودِهِ الَّذِي يَعْبُدُهُ مِنَ الْأَوْثَانِ دُونَكَ، وَنَحْنُ بِكَ نَسْتَعِينُ فِي جَمِيعِ أُمُورِنَا مُخْلِصِينَ لَكَ الْعِبَادَةَ..
(اهدنا) وَفِّقْنَا لِلثَّبَاتِ على..
(الصراط المستقيم) مَا ارْتَضَيْتَهُ وَوَفَّقْتَ لَهُ مَنْ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِكَ، مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ؛ لِأَنَّ مَنْ وُفِّقَ لِمَا وُفِّقَ لَهُ مَنْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِين َ وَالشُّهَدَاءِ، فَقَدْ وُفِّقَ لِلْإِسْلَامِ، وَتَصْدِيقِ الرُّسُلِ، وَالتَّمَسُّكِ بِالْكِتَابِ، وَالْعَمَلِ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ، وَالِانْزِجَارِ عَمَّا زَجَرَهُ عَنْهُ، وَاتِّبَاعِ مَنْهَجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنْهَاجِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَكُلِّ عَبْدٍ لِلَّهِ صَالِحٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنَ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ..
(صراط الذين أنعمت عليهم) بِطَاعَتِكَ وَعِبَادَتِكَ مِنْ مَلَائِكَتِكَ، وَأَنْبِيَائِكَ ، وَالصِّدِّيقِين َ، وَالشُّهَدَاءِ، وَالصَّالِحِينَ .. وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ دَلِيلٌ وَاضِحٌ عَلَى أَنَّ طَاعَةَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا يَنَالُهَا الْمُطِيعُونَ إِلَّا بِإِنْعَامِ اللَّهِ بِهَا عَلَيْهِمْ وَتَوْفِيقِهِ إِيَّاهُمْ لَهَا؛ أَوَلَا يَسْمَعُونَهُ يَقُولُ: «صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ»[الفاتحة: 7] فَأَضَافَ كُلَّ مَا كَانَ مِنْهُمْ مِنِ اهْتِدَاءٍ وَطَاعَةٍ وَعِبَادَةٍ إِلَى أَنَّهُ إِنْعَامٌ مِنْهُ عَلَيْهِمْ؟..
(غير) صِفَةً لِلَّذِينَ أنعمتَ عليهم..
(المغضوب عليهم) هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي تَنْزِيلِهِ فَقَالَ: «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتِ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ»[المائدة: 60] فَأَعْلَمَنَا جَلَّ ذِكْرُهُ بِمَنِّهِ مَا أَحَلَّ بِهِمْ مِنْ عُقُوبَتِهِ بِمَعْصِيَتِهِم ْ إِيَّاهُ، ثُمَّ عَلَّمَنَا، مِنَّةً مِنْهُ عَلَيْنَا، وَجْهَ السَّبِيلِ إِلَى النَّجَاةِ، مِنْ أَنْ يَحِلَّ بِنَا مِثْلُ الَّذِي حَلَّ بِهِمْ مِنَ الْمَثُلَاتِ، وَرَأْفَةً مِنْهُ بِنَا..قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمُ: الْيَهُودُ».. وَاخْتُلِفَ فِي صِفَةِ الْغَضَبِ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ذِكْرُهُ؛ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ مِنْ خَلْقِهِ إِحْلَالُ عُقُوبَتِهِ بِمَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ، إِمَّا فِي دُنْيَاهُ، وَإِمَّا فِي آخِرَتِهِ، كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ جَلَّ ذِكْرُهُ فِي كِتَابِهِ فَقَالَ: «فَلَمَّا آسَفُونَا انْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُ مْ أَجْمَعِينَ»[الزخرف: 55] وَكَمَا قَالَ: «قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ »[المائدة: 60]. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: غَضَبُ اللَّهُ عَلَى مَنْ غَضِبَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ ذَمٌّ مِنْهُ لَهُمْ وَلِأَفْعَالِهِ مْ، وَشَتْمٌ مِنْهُ لَهُمْ بِالْقَوْلِ. وَقَالَ بَعْضُهُمُ: الْغَضَبُ مِنْهُ مَعْنَى مَفْهُومٌ، كَالَّذِي يُعْرَفُ مِنْ مَعَانِي الْغَضَبِ، غَيْرَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ مِنْ جِهَةِ الْإِثْبَاتِ، فَمُخَالِفٌ مَعْنَاهُ مِنْهُ مَعْنَى مَا يَكُونُ مِنْ غَضَبِ الْآدَمَيِّينِ الَّذِينَ يُزْعِجُهُمْ وَيُحَرِّكُهُمْ وَيَشُقُّ عَلَيْهِمْ وَيُؤْذِيهِمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَا تَحِلُّ ذَاتَهُ الْآفَاتُ، وَلَكِنَّهُ لَهُ صِفَةٌ كَمَا الْعِلْمُ لَهُ صِفَةٌ، وَالْقُدْرَةُ لَهُ صِفَةٌ عَلَى مَا يَعْقِلُ مِنْ جِهَةِ الْإِثْبَاتِ، وَإِنْ خَالَفَتْ مَعَانِي ذَلِكَ مَعَانِي عُلُومِ الْعِبَادِ الَّتِي هِيَ مَعَارِفُ الْقُلُوبِ وَقُوَاهُمُ الَّتِي تُوجَدُ مَعَ وُجُودِ الْأَفْعَالِ وَتُعْدَمُ مَعَ عَدَمِهَا..
(ولا الضالين) هُمُ الَّذِينَ وَصَفَهُمُ اللَّهُ فِي تَنْزِيلِهِ، فَقَالَ: «يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ»[المائدة: 77] وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «النَّصَارَى هُمُ الضَّالُّونَ».. وَكُلُّ حَائِدٍ عَنْ قَصْدِ السَّبِيلِ وَسَالِكٍ غَيْرَ الْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ فَضَالٌّ عِنْدَ الْعَرَبِ لِإِضْلَالِهِ وَجْهَ الطَّرِيقِ، فَلِذَلِكَ سَمَّى اللَّهُ جَلَّ ذِكْرُهُ النَّصَارَى ضُلَّالًا لِخَطَئِهِمْ فِي الْحَقِّ مَنْهَجَ السَّبِيلِ، وَأَخْذِهِمْ مِنَ الدِّينِ فِي غَيْرِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ..
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: قَسَمْتُ الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ وَلَهُ مَا سَأَلَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الفاتحة: 2] قَالَ اللَّهُ: حَمِدَنِي عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] قَالَ: أَثْنَى عَلَيَّ عَبْدِي، وَإِذَا قَالَ: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قَالَ: مَجَّدَنِي عَبْدِي، قَالَ: هَذَا لِي وَلَهُ مَا بَقِيَ».
آخِرُ تَفْسِيرِ سُورَةِ فَاتِحَةِ الْكِتَابِ
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
عندي مشكلة
وهي أنني أضع القرآن بالرسم العثماني من برنامج مجمع الملك فهد ، وعندما أضعه في المشاركة يتحول لرموز فأضطر إلى إعادته مرة أخرة بالكتابة العادية وهذا يستغرق وقت ، فهل ساعدتموني في حل هذه المشكلة ، بارك الله فيكم
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
جزاك الله خيرًا على هذا العمل، وبارك الله فيك يا شيخ إسلام ........
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
سُورَةُ الرَّعْدِ مَدَنِيَّةٌ، وَآيَاتُهَا ثَلَاثٌ وَأَرْبَعُونَ
الْقَوْلُ فِي تَفْسِيرِ السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا الرَّعْدُ
{المر تِلْكَ} الَّتِي قَصَصْتُ عَلَيْكَ خَبَرَهَا..
{آيَاتُ الْكِتَابِ} الَّذِي أَنْزَلْتُهُ قَبْلَ هَذَا الْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلْتُهُ إِلَيْكَ، إِلَى مَنْ أَنْزَلْتُهُ إِلَيْهِ مِنْ رُسُلِي قَبْلَكَ..وَقِيل َ: عَنَى بِذَلِكَ: التَّوْرَاةَ، وَالْإِنْجِيلَ..
{وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ}وَهُوَ الْقُرْآنُ، فَاعْمَلْ بِمَا فِيهِ وَاعْتَصِمْ بِهِ..
{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ} مِنْ مُشْرِكِي قَوْمِكَ..
{لَا يُؤْمِنُون}لَا يُصَدِّقُونَ بِالْحَقِّ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ، وَلَا يُقِرُّونَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَمَا فِيهِ مِنْ مُحْكَمِ آيِهِ..
{اللَّهُ} يَا مُحَمَّدُ هُوَ..
{الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ} السَّبْعَ..
{بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} فَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ سَقْفًا مَسْمُوكًا، وَالْعَمَدُ جَمْعُ عَمُودٍ، وَهِيَ السَّوَارِي، وَمَا يُعْمَدُ بِهِ الْبِنَاءُ.. فَهِيَ مَرْفُوعَةٌ بِغَيْرِ عَمَدٍ نَرَاهَا..
{ثُمَّ اسْتَوَى} عَلَا..
{عَلَى الْعَرْشِ}وَقَد بَيَّنَّا مَعْنَى الِاسْتِوَاءِ وَاخْتِلَافَ الْمُخْتَلِفِين َ فِيهِ، وَالصَّحِيحَ مِنَ الْقَوْلِ فِيمَا قَالُوا فِيهِ بِشَوَاهِدِهِ فِيمَا مَضَى، بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ..
{وَسَخَّرَ} وَأَجْرَى..
{الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ} فِي السَّمَاءِ فَسَخَّرَهُمَا فِيهَا لِمَصَالِحِ خَلْقِهِ، وَذَلَّلَهُمَا لِمَنَافِعِهِمْ ، لِيَعْلَمُوا بِجَرْيِهِمَا فِيهَا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابِ، وَيَفْصِلُوا بِهِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ..
{كُلٌّ} كُلُّ ذَلِكَ..
{يَجْرِي}فِي السَّمَاءِ..
{لِأَجَلٍ} لِوَقْتِ ..
{مُسَمًّى} مَعْلُومٍ، وَذَلِكَ إِلَى فَنَاءِ الدُّنْيَا وَقِيَامِ الْقِيَامَةِ الَّتِي عِنْدَهَا تُكَوَّرُ الشَّمْسُ، وَيُخْسَفُ الْقَمَرُ، وَتَنْكَدِرُ النُّجُومُ، وَحُذِفَ ذَلِكَ مِنَ الْكَلَامِ لِفَهْمِ السَّامِعِينَ مِنْ أَهْلِ لِسَانِ مَنْ نَزَلَ بِلِسَانِهِ الْقُرْآنُ مَعْنَاهُ..
{يُدَبِّرُ}يَقْض ِي اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا..
{الْأَمْرَ}أُمُو رَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ كُلَّهَا، وَيُدَبِّرُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَحْدَهُ، بِغَيْرِ شَرِيكٍ وَلَا ظَهِيرٍ وَلَا مُعِينٍ سُبْحَانَهُ..
{يُفَصِّلُ} لَكُمْ رَبُّكُمْ..
{الْآيَاتِ} آيَاتِ كِتَابِهِ، فَيُبَيِّنُهَا لَكُمُ احْتِجَاجًا بِهَا عَلَيْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ..
{لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} لِتُوقِنُوا بِلِقَاءِ اللَّهِ، وَالْمَعَادِ إِلَيْهِ، فَتُصَدِّقُوا بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ، وَتَنْزَجِرُوا عَنْ عِبَادَةِ الْآلِهَةِ وَالْأَوْثَانِ، وَتُخْلِصُوا لَهُ الْعِبَادَةَ إِذَا تَيَقَّنْتُمْ ذَلِكَ.
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
سألت عن تحقيقك لكتاب الحبائك فى أخبار الملائك للسيوطى الذى وعدت بالانتهاء منه فى 14 يوما منذ 3 سنوات أو يزيد...ولم تجبنى..وكان لك تحقيقك لصحيح بن خزيمة ..الى أين وصلت فيه ..؟ وجزاك الله خيرا
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
سُورَةُ الْبَقَرَةِ (2) وَآيَاتُهَا سِتُّ وَثَمَانُونَ وَمِائَتَانِ
{الم}[البقرة:1]
{الم} حُرُوف مُقَطَّعَة لَمْ يَصِلْ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ فَيَجْعَلَهَا كَسَائِرِ الْكَلَامِ الْمُتَّصِلِ الْحُرُوفَ؛ لِأَنَّهُ عَزَّ ذِكْرُهُ أَرَادَ بِلَفْظِهِ الدَّلَالَةَ بِكُلِّ حَرْفٍ مِنْهُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ لَا عَلَى مَعْنَى وَاحِدٍ، كَمَا جَازَ أَنْ تَكُونَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ تَشْتَمِلُ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ مُخْتَلِفَةٍ كَقَوْلِهِمْ لِلْجَمَاعَةِ مِنَ النَّاسِ: أُمَّةٌ، وَلِلْحِينِ مِنَ الزَّمَانِ: أُمَّةٌ، وَلِلرَّجُلِ الْمُتَعَبِّدِ الْمُطِيعِ لِلَّهِ: أُمَّةٌ، وَلِلدِّينِ وَالْمِلَّةِ: أُمَّةٌ. وَكَقَوْلِهِمْ لِلْجَزَاءِ وَالْقِصَاصِ: دِينٌ، وَلِلسُّلْطَانِ وَالطَّاعَةِ: دِينٌ، وَلِلتَّذَلُّلِ : دِينٌ، وَلِلْحِسَابِ: دِينٌ؛ فِي أَشْبَاهٍ لِذَلِكَ كَثِيرَةٍ يَطُولُ الْكِتَابُ بِإِحْصَائِهَا مِمَّا يَكُونُ مِنَ الْكَلَامِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُشْتَمِلٌ عَلَى مَعَانٍ كَثِيرَةٍ، وَكَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «الم» كُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا دَالٌّ عَلَى مَعَانٍ شَتَّى، شَامِلٌ جَمِيعَهَا مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَصِفَاتِهِ، وَهُنَّ مَعَ ذَلِكَ فَوَاتِحُ السُّوَرِ..
{ذلك الكتاب لا ريب فيه}[البقرة:2]
{ذلك} هذا ..
{الكتاب} القرآن كله.. ويَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنِيًّا بِهِ السُّوَرُ الَّتِي نَزَلَتْ قَبْلَ سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، فَكَأَنَّهُ قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُحَمَّدُ اعْلَمْ أَنَّ مَا تَضَمَّنَتْهُ سُوَرُ الْكِتَابِ الَّتِي قَدْ أَنْزَلْتُهَا إِلَيْكَ هُوَ الْكِتَابُ الَّذِي لَا رَيْبَ فِيهِ.. وَقَالَ بَعْضُهُمْ يَعْنِي بِهِ التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ.. ولَا مُؤْنَةَ فِيهِ عَلَى مُتَأَوِّلِهِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ حِينَئِذٍ إِخْبَارًا عَنْ غَائِبٍ عَلَى صِحَّةٍ الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى..
{لَا رَيْبَ} لَا شَكَّ..
{فِيهِ} فِي ذَلِكَ الْكِتَابِ أَنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ..
{هُدًى} مِنَ الضَّلَالَةِ.. ونُورٌ ..
{لِلْمُتَّقِينَ} الَّذِينَ اتَّقَوُا اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي رُكُوبِ مَا نَهَاهُمْ عَنْ رُكُوبِهِ، فَتَجَنَّبُوا مَعَاصِيَهُ وَاتَّقَوْهُ فِيمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ فَأَطَاعُوهُ بِأَدَائِهَا.. هُدًى لِأَهْلِ الْإِيمَانِ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِمَا جَاءَ بِهِ الْمُصَدِّقِينَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ وَإِلَى مَنْ قَبْلَهُ مِنْ رُسُلِهِ مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى خَاصَّةً، دُونَ مَنْ كَذَّبَ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِمَا جَاءَ بِهِ، وَادَّعَى أَنَّهُ مُصَدِّقٌ بِمَنْ قَبْلَ مُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مِنَ الرُّسُلِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ الْكُتُبِ.. وَلَوْ كَانَ نُورًا لِغَيْرِ الْمُتَّقِينَ، وَرَشَادًا لِغَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ يُخَصِّصِ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُتَّقِينَ بِأَنَّهُ لَهُمْ هُدًى، بَلْ كَانَ يَعُمُّ بِهِ جَمِيعَ الْمُنْذَرِينَ؛ وَلَكِنَّهُ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ، وَشِفَاءٌ لِمَا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَقْرٌ فِي آذَانِ الْمُكَذِّيِينَ ، وَعَمًى لِأَبْصَارِ الْجَاحِدِينَ، وَحُجَّةٌ لِلَّهِ بَالِغَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ؛ فَالْمُؤْمِنُ بِهِ مُهْتَدٍ، وَالْكَافِرُ بِهِ مَحْجُوجٌ..
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ}[البقرة: 3]
{الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ} مُصَدِّقِيْن، قَوْلًا، وَاعْتِقَادًا، وَعَمَلًا..
{بِالْغَيْبِ} بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَنَّتِهِ وَنَارِهِ وَلِقَائِهِ، وَآمَنُوا بِالْحَيَاةِ بَعْدَ الْمَوْتِ، فَهَذَا كُلُّهُ غَيْبٌ..
{وَيُقِيمُونَ} يؤُدوهَا بِحُدُودِهَا وَفُرُوضِهَا وَالْوَاجِبِ فِيهَا عَلَى مَا فُرِضَتْ عَلَيْهِ..
{الصَّلَاةَ} الْمَفْرُوضَةَ من تَمَامِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَالتِّلَاوَةِ وَالْخُشُوعِ وَالْإِقْبَالِ عَلَيْهَا فِيهَا..
{وَ} كَانُوا لِجَمِيعِ اللَّازِمِ لَهُمْ..
{مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} فِي أَمْوَالِهِمْ..
{يُنْفِقُونَ}[3] مُؤَدِّينَ زَكَاةً.. أَوْ نَفَقَةَ مَنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ مِنْ أَهْلٍ وَعِيَالٍ وَغَيْرِهِمْ، مِمَّنْ تَجِبُ عَلَيْهِمْ نَفَقَتُهُ بِالْقَرَابَةِ وَالْمُلْكِ وَغَيْرِ ذَلِكَ..
{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [البقرة: 4]
{وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} يا محمد -صلى الله عليه وسلم- مِنَ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ..
{وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ} مِنَ الْمُرْسَلِينَ، لَا يُفَرِّقُونَ بَيْنَهُمْ وَلَا يَجْحَدُونَ مَا جَاءُوهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِمْ..فهَؤُ لَاءِ الْمُؤْمِنُونَ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ..وفيه تَعْرِيضٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِذَمِّ الْكُفَّارِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ بِمَا جَاءَتْ بِهِ رُسُلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِينَ كَانُوا قَبْلَ مُحَمَّدٍ صَلَوَاتُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَعَلَيْهِ مُصَدِّقُونَ، وَهُمْ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُكَذِّبُونَ، وَلِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ التَّنْزِيلِ جَاحِدُونَ، وَيَدَّعُونَ مَعَ جُحُودِهِمْ ذَلِكَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ وَأَنَّهُ لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى فَأَكْذَبَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذَلِكَ مِنْ قِيلِهِمْ..
{وَبِالْآخِرَةِ} صِفَةٌ لِلدَّارِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: «وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» [العنكبوت: 64].. وَإِنَّمَا وُصِفَتْ بِذَلِكَ لِمَصِيرِهَا آخِرَةً لِأَوْلَى كَانَتْ قَبْلَهَا.. وَإِنَّمَا صَارَتِ الْآخِرَةُ آخِرَةً لِلْأُولَى، لَتَقَدُّمَ الْأُولَى أَمَامَهَا، فَكَذَلِكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ سُمِّيَتْ آخِرَةً لِتَقَدُّمِ الدَّارِ الْأُولَى أَمَامَهَا، فَصَارَتِ التَّالِيَةُ لَهَا آخِرَةً.. وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ سُمِّيَتْ آخِرَةً لِتَأَخُّرِهَا عَنِ الْخَلْقِ، كَمَا سُمِّيَتِ الدُّنْيَا دُنْيَا لِدُنُوِّهَا مِنَ الْخَلْقِ..
{هم} بِمَا كَانَ الْمُشْرِكُونَ بِهِ جَاحِدِينَ..
{يوقنون}[4] بالْبَعْثِ وَالنَّشْرِ وَالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ وَالْحِسَابِ وَالْمِيزَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا أَعَدَّ اللَّهُ لِخَلْقِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ.. ثُمَّ أَكَّدَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَمْرَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْعَرَبِ وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ الْمُصَدِّقِينَ بِمُحَمَّدٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَبِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ وَإِلَى مَنْ قَبْلَهُ مِنَ الرُّسُلِ بِقَوْلِهِ..
{أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [البقرة: 5]
{أُولَئِكَ} خَاصَّةً دُونَ غَيْرِهِمْ من أَهْل الضَّلَالِ وَالْخَسَارِ.. إِشَارَةً إِلَى الْمُتَّقِينَ وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ..
{عَلَى هُدًى} عَلَى نُورٍ وَبُرْهَانٍ وَاسْتِقَامَةٍ وَسَدَادٍ ..
{مِنْ رَبِّهِمْ} بِتَسْدِيدِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ وَتَوْفِيقِهِ لَهُمْ..
{وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [5] الْمُنْجِحُونَ الْمُدْرِكُونَ مَا طَلَبُوا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ بِأَعْمَالِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ، مِنَ الْفَوْزِ بِالثَّوَابِ، وَالْخُلُودِ فِي الْجِنَانِ، وَالنَّجَاةِ مِمَّا أَعَدَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِأَعْدَائِهِ مِنَ الْعِقَابِ..
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلاَ تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُون َ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُون َ مَا يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[البقرة: 102]
{وَاتَّبَعُوا} بعْدَ مَا رَفَضُوا كِتَابَهُ الَّذِي يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ عِنْدِهِ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَنَقَضُوا عَهْدَهُ الَّذِي أَخَذَهُ عَلَيْهِمْ فِي الْعَمَلِ بِمَا فِيهِ، آثَرُوا ..
{مَا} الَّذِي..
{تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ} تُحَدِّثُ وَتَرْوِي وتَدْرِسُ وَتَتَكَلَّمُ وَتُخْبِرُ، نَحْوَ تِلَاوَةِ الرَّجُلِ لِلْقُرْآنِ ، وكَذَلِكَ تَتَّبِعُهُ وَتَرْوِيهِ وَتَعْمَلُ بِهِ..فَاتَّبَعَ تِ الْيَهُودُ مِنْهَاجَهَا فِي ذَلِكَ وَعَمِلَتْ بِهِ، وَرَوَتْ السِّحْرَ الَّذِي تَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ ..
{عَلَى} فِي عَهْدِ..
{مُلْكِ سُلَيْمَانَ} فَتُضِيفُهُ إِلَى سُلَيْمَانَ زَاعِمِيْنَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مِنْ عِلْمِهِ وَرِوَايَتِهِ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا كَانَ يَسْتَعْبِدُ مَنْ يَسْتَعْبِدُ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ وَسَائِرِ خَلْقِ اللَّهِ بِالسِّحْرِ، فَحَسَّنُوا بِذَلِكَ -مِنْ رُكُوبِهِمْ مَا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ السِّحْرِ- لأَنْفُسَهُمْ، عِنْدَ مَنْ كَانَ جَاهِلًا بِأَمْرِ اللَّهِ وَنَهْيِهِ، وَعِنْدَ مَنْ كَانَ لَا عِلْمَ لَهُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي ذَلِكَ مِنَ التَّوْرَاةِ، وَأَنْكَرُوا أَنْ يَكُونَ سليمانُ رَسُولًا، وَقَالُوا: بَلْ كَانَ سَاحِرًا..
{وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ} فَيَعْمَلُ بِالسِّحْرِ..فَب َرَّأَ اللَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ دَاوُدَ مِنَ السِّحْرِ وَالْكُفْرِ، عِنْدَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ يَنْسُبُهُ إِلَى السِّحْرِ وَالْكُفْرِ لِأَسْبَابٍ ادَّعُوهَا عَلَيْهِ..وَأَكْ ذَبَ الْآخَرِينَ الَّذِينَ كَانُوا يَعْمَلُونَ بِالسِّحْرِ، مُتَزَيِنِينَ عِنْدَ أَهْلِ الْجَهْلِ فِي عَمَلِهِمْ ذَلِكَ بِأَنَّ سُلَيْمَانَ كَانَ يَعْمَلُهُ..فَنَ فَى اللَّهُ عَنْ سُلَيْمَانَ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- أَنْ يَكُونَ سَاحِرًا أَوْ كَافِرًا، وَأَعْلَمَهُمْ أَنَّهُمْ إِنَّمَا اتَّبِعُوا فِي عَمَلِهِمُ السِّحْرَ مَا تَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي عَهْدِ سُلَيْمَانَ، دُونَ مَا كَانَ سُلَيْمَانَ يَأْمُرُهُمْ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ وَاتِّبَاعِ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي أَنْزَلَهُ عَلَى مُوسَى صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ..
{وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} لَا عَنْ رِضًا مِنْ سليمانَ عليه السلام؛ وَلَكِنَّهُ شَيْءٌ افْتَعَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ دُونَهُ..وَلَعَل َّ قَائِلًا أَنْ يَقُولَ: أَوَمَا كَانَ السِّحْرُ إِلَّا أَيَّامَ سُلَيْمَانَ؟ قِيلَ لَهُ: بَلَى، قَدْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ ذَلِكَ، وَقَدْ أَخْبَرَ اللَّهُ عَنْ سَحَرَةِ فِرْعَوْنَ مَا أَخْبَرَ عَنْهُمْ، وَقَدْ كَانُوا قَبْلَ سُلَيْمَانَ، وَأَخْبَرَ عَنْ قَوْمِ نُوحٍ أَنَّهُمْ قَالُوا لِنُوحٍ إِنَّهُ سَاحِرٌ. فإن قَالَ: فَكَيْفَ أَخْبَرَ عَنِ الْيَهُودِ أَنَّهُمُ اتَّبِعُوا مَا تَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ؟ قِيلَ: لِأَنَّهُمْ أَضَافُوا ذَلِكَ إِلَى سُلَيْمَانَ دونَ غَيْرِه، فَأَرَادَ اللَّهُ تَعَالَى ذِكْرُهُ تَبْرِئَةَ سُلَيْمَانَ مِمَّا نَحَلُوهُ وَأَضَافُوا إِلَيْهِ، فَحُصِرَ الْخَبَرُ عَمَّا كَانَتِ الْيَهُودُ اتَّبَعَتْهُ فِيمَا تَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ أَيَّامَ سُلَيْمَانَ، دُونَ غَيْرِهِ لِذَلِكَ السَّبَبِ، وَإِنْ كَانَ الشَّيَاطِينُ قَدْ كَانَتْ تَالِيَةً لِلسِّحْرِ وَالْكُفْرِ قَبْلَ ذَلِكَ..
{وَمَا} والَّذِي..
{أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ} مِنْ مَلَائِكَةِ اللَّهِ.. فإِنْ قَالَ قَائِلٌ: وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ السِّحْرَ، أَمْ هَلْ يَجُوزُ لِمَلَائِكَتِهِ أَنْ تُعَلِّمَهُ النَّاسَ؟ قُلْنَا لَهُ: إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَرَّفَ عِبَادَهُ جَمِيعَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ وَجَمِيعَ مَا نَهَاهُمْ عَنْهُ، ثُمَّ أَمَرَهُمْ وَنَهَاهُمْ بَعْدَ الْعِلْمِ مِنْهُمْ بِمَا يُؤْمَرُونَ بِهِ وَيُنْهَوْنَ عَنْهُ، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ، لَمَا كَانَ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ مَعْنًى مَفْهُومٌ..فَالس ِّحْرُ مِمَّا قَدْ نَهَى عِبَادَهُ مِنْ بَنِي آدَمَ عَنْهُ، فَغَيْرُ مُنْكَرٍ أَنْ يَكُونَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَلَّمَهُ الْمَلَكَيْنِ اللَّذَيْنِ سَمَّاهُمَا فِي تَنْزِيلِهِ، وَجَعَلَهُمَا فِتْنَةً لِعِبَادِهِ مِنْ بَنِي آدَمَ كَمَا أَخْبَرَ عَنْهُمَا أَنَّهُمَا يَقُولَانِ لِمَنْ يَتَعَلَّمُ ذَلِكَ مِنْهُمَا: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} لِيَخْتَبِرَ بِهِمَا عِبَادَهُ الَّذِينَ نَهَاهُمْ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَعَنِ السِّحْرِ، فَيُمَحَّصُ الْمُؤْمِنُ بِتَرْكِهِ التَّعَلُّمَ مِنْهُمَا، وَيُخْزِي الْكَافِرَ بِتَعَلُّمِهِ السِّحْرَ وَالْكُفْرَ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ الْمَلَكَانِ فِي تَعْلِيمِهِمَا مَنْ عَلَّمَا ذَلِكَ لِلَّهِ مُطِيعِينَ، إِذْ كَانَا عَنْ إِذْنِ اللَّهِ لَهُمَا بِتَعْلِيمِ ذَلِكَ مَنْ عَلَّمَاهُ يُعَلِّمَانِ، وَقَدْ عُبِدَ مِنِ دُونِ اللَّهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ، فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ لَهُمْ ضَائِرًا، إِذْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِأَمْرِهِمْ إِيَّاهُمْ بِهِ، بَلْ عُبِدَ بَعْضُهُمْ وَالْمَعْبُودُ عَنْهُ نَاهٍ، فَكَذَلِكَ الْمَلَكَانِ غَيْرُ ضَائِرِهِمَا سِحْرُ مَنْ سَحَرَ مِمَّنْ تَعَلَّمَ ذَلِكَ مِنْهُمَا، بَعْدَ نَهْيِهِمَا إِيَّاهُ عَنْهُ وَعِظَتِهِمَا لَهُ بِقَوْلِهِمَا: {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} إِذْ كَانَا قَدْ أَدَّيَا مَا أُمِرَ بِهِ بِقِيلِهِمَا ذَلِكَ..
{بِبَابِلَ} اسْمُ قَرْيَةٍ أَوْ مَوْضِعٌ مِنْ مَوَاضِعِ الْأَرْضِ..
{هَارُوتَ وَمَارُوتَ} اسمانِ مُتَرْجَمُ بِهما عَن الملَكِين..
{وَمَا يُعَلِّمَانِ} وَمَا يُعَلِّمُ الْمَلَكَانِ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِمَا مِنَ التَّفْرِيقِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ..
{مِنْ أَحَدٍ} مِنَ النَّاسِ ..
{حَتَّى يَقُولَا} لَهُ..
{إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ} إِنَّمَا نَحْنُ بَلَاءٌ، وَاخْتِبَارٌ، وَفِتْنَةٌ لِبَنِي آدَمَ..
{فَلَا تَكْفُرْ} بِرَبِّكَ.. فَيَأْبُوْنَ قَبُولَ ذَلِكَ مِنْهُمَا..
{فَيَتَعَلَّمُو َ} فَيَتَعَلَّمُ النَّاسُ..
{مِنْهُمَا} مِنَ الْمَلَكَيْنِ..
{مَا} الَّذِي..
{يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} بتَخَيْيُلُهُ بِسِحْرِهِ إِلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَخْصَ الْآخَرِ عَلَى خِلَافِ مَا هُوَ بِهِ فِي حَقِيقَتِهِ مِنْ حُسْنٍ وَجَمَالٍ، حَتَّى يُقَبِّحَهُ عِنْدَهُ، فَيَنْصَرِفَ بِوَجْهِهِ وَيُعْرِضَ عَنْهُ، حَتَّى يُحْدِثَ الزَّوْجُ لِامْرَأَتِهِ فِرَاقًا، فَيَكُونُ السَّاحِرُ مُفَرِّقًا بَيْنَهُمَا بِإِحْدَاثِهِ السَّبَبَ الَّذِي كَانَ مِنْهُ فُرْقَةُ مَا بَيْنَهُمَا.
{وَمَا هُمْ} وَمَا الْمُتَعَلِّمُو نَ مِنَ الْمَلَكَيْنِ -هَارُوتَ وَمَارُوتَ- مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ..
{بِضَارِّينَ بِهِ} بِالَّذِي تَعَلَّمُوهُ مِنَ الْمَلَكَيْنِ، الَّذِي يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ..
{مِنْ أَحَدٍ} مِنَ النَّاسِ..
{إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} إِلَّا مَنْ سَبَقَ لَهُ فِي عِلْمِ اللَّهِ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّهُ، فَأَمَّا مَنْ دَفَعَ اللَّهُ عَنْهُ ضُرَّهُ وَحَفِظَهُ مِنْ مَكْرُوهِ السِّحْرِ وَالنَّفْثِ وَالرُّقَى، فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ ضَارِّهِ وَلَا نَائِلُهُ أَذَاهُ..
{وَيَتَعَلَّمُو َ} أَيْ النَّاسُ الَّذِينَ يَتَعَلَّمُونَ مِنَ الْمَلَكَيْنِ، مَا أُنْزِلَ عَلَيْهِمَا مِنَ الْمَعْنَى الَّذِي يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، يَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا السِّحْرَ..
{مَا} الَّذِي..
{يَضُرُّهُمْ} فِي دِينِهِمْ..
{وَلَا يَنْفَعُهُمْ} فِي مَعَادِهِمْ..فَأ َمَّا فِي عَاجِلِ الدُّنْيَا، فَإِنَّهُمْ قَدْ كَانُوا يَكْسِبُونَ بِهِ وَيُصِيبُونَ بِهِ مَعَاشًا..
{وَلَقَدْ عَلِمُوا} لَقَدْ عَلِمَ النَّابِذُونَ مِنْ يَهُودِ بَنِي إِسْرَائِيلَ كِتَابِي وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ تَجَاهُلًا مِنْهُمْ، الَّذِينَ لَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ، نَبَذُوا كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ، والتَّارِكُونَ الْعَمَلَ بِمَا فِيهِ، مِنَ اتِّبَاعِكَ يَا مُحَمَّدُ وَاتِّبَاعِ مَا جِئْتَ بِهِ، وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ، بَعْدَ إِنْزَالِي إِلَيْكَ كِتَابِي مُصَدِّقًا لِمَا مَعَهُمْ، وَبَعْدَ إِرْسَالِكَ إِلَيْهِمْ بِالْإِقْرَارِ بِمَا مَعَهُمْ وَمَا فِي أَيْدِيهِمْ، الْمُؤْثِرُونَ عَلَيْهِ اتِّبَاعَ السِّحْرِ الَّذِي تَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ عَلَى عَهْدِ سُلَيْمَانَ، وَالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ..
{لَمَنِ اشْتَرَاهُ} وَاللَّهِ لِمَنِ اشْتَرَى السِّحْرَ بِكِتَابِي الَّذِي أَنْزَلْتُهُ عَلَى رَسُولِي فَآثَرَهُ عَلَيْهِ..
{مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ} مَا لَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ ..
{مِنْ خَلَاقٍ} من حَظٍّ ولا نصيبٍ مِنَ الْجَنَّةِ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِيمَانٌ وَلَا دِينٌ وَلَا عَمَلٌ صَالِحٌ يُجَازَى بِهِ فِي الْجَنَّةِ وَيُثَابُ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مِنَ الشُّرُورِ فَإِنَّ لَهُمْ فِيهَا نَصِيبًا..
{وَلَبِئْسَ} ذَمٌّ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فِعْلَ الْمُتَعَلِّمِي نَ مِنَ الْمَلَكَيْنِ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ، وَخَبَرٌ مِنْهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ بِئْسَ..
{مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} مَا بَاعوا بِهِ أنفسَهم مِنْ تَعَلُّمِ السِّحْرِ بِرِضَاهُمْ، عِوَضًا عَنْ دِينِهِمْ الَّذِي بِهِ نَجَاةُ أَنْفُسِهِمْ مِنَ الْهَلَكَةِ..
{لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ}[102] سُوءَ عَاقِبَةِ فِعْلِهِمْ وَخَسَارَةِ صَفْقَةِ بَيْعِهِمْ، إِذْ كَانَ قَدْ يَتَعَلَّمُ ذَلِكَ مِنْهُمَا مَنْ لَا يَعْرِفُ اللَّهَ، وَلَا يَعْرِفُ حَلَالَهُ وَحَرَامَهُ وَأَمْرَهُ وَنَهْيَهُ.. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ الَّذِينَ نَفَى عَنْهُمُ الْعِلْمَ بَعْدَ وَصْفِهِ إِيَّاهُمْ بِأَنَّهُمْ قَدْ عَلِمُوا بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ عَلِمُوا} مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا بِمَا عَلِمُوا، وَإِنَّمَا الْعَالِمُ هو الْعَامِلُ بِعِلْمِهِ، وَأَمَّا إِذَا خَالَفَ عَمَلُهُ عِلْمَهُ فَهُوَ فِي مَعَانِي الْجُهَّالِ، وَقَدْ يُقَالُ لِلْفَاعِلِ الْفِعْلَ بِخِلَافِ مَا يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِهِ عَالِمًا: لَوْ عَلِمْتَ لَأَقْصَرْتَ، وَهَذَا تَأْوِيلٌ لَهُ مَخْرَجٌ وَوَجْهٌ..وفِي هَذِه الآيةُ تَوْبِيخٌ مِنَ اللَّهِ لِأَحْبَارِ الْيَهُودِ الَّذِينَ أَدْرَكُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَجَحَدُوا نُبُوَّتَهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ لِلَّهِ رَسُولٌ مُرْسَلٌ، وَتَأْنِيبٌ مِنْهُ لَهُمْ فِي رَفْضِهِمْ تَنْزِيلَهُ، وَهَجْرِهِمُ الْعَمَلَ بِهِ وَهُوَ فِي أَيْدِيهِمْ يَعْلَمُونَهُ وَيَعْرِفُونَ أَنَّهُ كِتَابُ اللَّهِ، وَاتِّبَاعِهِمْ وَاتِّبَاعِ أَوَائِلِهِمْ وَأَسْلَافِهِمْ مَا تَلَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي عَهْدِ سُلَيْمَانَ..
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
بارك الله فيكم أخانا الفاضل إسلام
مجهودكم طيب
جزاكم الله خيرا
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسلام بن منصور
عندي مشكلة، وهي أنني أضع القرآن بالرسم العثماني من برنامج مجمع الملك فهد ، وعندما أضعه في المشاركة يتحول لرموز فأضطر إلى إعادته مرة أخرة بالكتابة العادية وهذا يستغرق وقت ،
فهل ساعدتموني في حل هذه المشكلة....
تعمل لكتابك استيرادًا إلى المكتبة الشاملة
وهي ستقوم بتحويل الآيات تلقائيًا
ثم تنسخ من نسختك الشاملة ما تشاء.
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفيومي
تعمل لكتابك استيرادًا إلى المكتبة الشاملة
وهي ستقوم بتحويل الآيات تلقائيًا
ثم تنسخ من نسختك الشاملة ما تشاء.
جزاك الله خيرا على اهتمامك بارك الله فيك
ولكن كيف تظهر الآيات في الشاملة بالرسم العثماني؟
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة إسلام بن منصور
لكن كيف تظهر الآيات في الشاملة بالرسم العثماني؟
كما قلتُ لك: تعمل لها استيراد إلى الشاملة
وستقوم الشاملة بتحويل الرسم العثماني إلى نص عادي.
جرِّبْ؛ وانظر بنفسك.
-
رد: مختصر تفسيرالطبري جديد ونادر جدا يغني عن كل كتب التفسير المختصر كالتفسير الميسر و
سددك الله ووفقك
هل الكتاب لابن صمادح الاندلسي
وجدت نسخة تالفة ملقاة أظن في القمامة والله المستعان
فأخذتها وهي متفككه ولكن نفعتني كثيرا بفضل الله
فهل هي ما تنقل منه