فئات المجتمع ودورها لتحقيق نهضة الأمة !!

فئات المجتمع ودورها لتحقيق نهضة الأمة
هواري عبدالقادر
ماجستير إدارة الأعمال
جامعة سطيف - الجزائر
تعتمد نهضة الأمة على عدة مقومات لابد من توفرها لنجاح هذه النهضة، وعلى رأسها المقومات البشرية، فالأمة التي تسعى للوصول إلى أعلى مراتب الرقي الحضاري يجب أن تضم أفرادًا ذوي همم عالية، يسعون نحو المعالي ولا يدخرون جهدًا من أجل تحقيق الأهداف السامية لنهضة أمتهم، وهؤلاء هم صفوة الصفوة، فهم الذين يرسمون السياسات الكلية، ويحددون الأهداف المرجوة من هذه السياسات، كما أنهم يحاولون استغلال كل الإمكانيات المتاحة لهذه الأمة استغلالًا تامًا حتى يكون هناك عائد أكبر، ولهذا فلا بد من وجود ثلاث فئات من الأفراد في المجتمع لضمان تحقيق النهضة، هذه الفئات تعمل بتكامل على رسم وتحقيق ومراقبة البرامج والأهداف التنموية التي من شأنها أن توصل الأمة إلى هدفها، هذه الفئات هي فئة صناع القرار، وفئة أصحاب العقول، وفئة المنفذين. http://majles.alukah.net/imgcache/2013/09/320.jpg


إن فئة صناع القرار هي تلك الفئة التي تضم خبراء في كل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وعندما نقول خبراء فإننا لا نقصد حاملي الشهادات العليا فقط، أو ذوي الخبرة الطويلة في الميدان فقط، فهناك من يحمل أعلى الشهادات في تخصصه، لكنه حبيس الجانب النظري، ولا يعلم عن الواقع شيئًا، فهو لايستطيع أن يعطي القيمة المضافة المرجوة، من جهة أخرى، هناك من له باع طويل في مجال عمله وخبرة تحسب بالعقود، لكن لا يدرك الجوانب النظرية والعلمية لمجال عمله، من هنا يمكننا القول إن الخبراء الذين تحتاجهم فئة صناع القرار هم أولئك الذين يجمعون بين الشهادة العليا التي هي ضرورية لمعرفة الجانب النظري، وكذلك الخبرة التي تساعد على إسقاط النظرية على الواقع، وإضافة إلى هذا لابد من توفر عامل التميز، فقد تتوفر الأمة على عدد معتبر من الإطارات الأكاديمية ذوي الخبرة، ولكنهم يفتقرون إلى التميز الذي يظهر جليًا من خلال القدرة على خلق الأفكار، وإيجاد البدائل، وحسن استغلال الفرص المتاحة.
أما فئة أصحاب العقول، فهي عصب الأمة، وتضم كل من له علاقة بمجال العلم والبحث من أساتذة وباحثين وطلبة، حيث توكل لهم مهمة مساعدة صناع القرار على صياغة الإستراتيجيات والسياسات انطلاقًا من البحوث الميدانية والدراسات الفعلية، وكذا العمل على إيجاد الحلول للمشكلات الراهنة للأمة باستخدام الطرق العلمية، فعلى سبيل المثال يقوم أصحاب العقول في ميدان علم الاجتماع بالبحث في الأسباب الاجتماعية لظواهر العنف أو الهجرة أو العنوسة أو غيرها من المشكلات التي قد تقف حجر عثرة في سبيل نهضة الأمة، وبعد تحليل الأسباب لابد من اقتراح حلول للمشكلة، ورفع تقارير إلى صناع القرار الذين سيتصرفون على أساس هذه التقارير، كما أن أصحاب العقول مطالبون بالعمل على ابتكار أفكار جديدة لتعبيد الطريق أمام الراغبين في المساهمة في نهضة الأمة.
من جهة أخرى، وبعد صياغة الإستراتيجيات والسياسات من طرف صناع القرار, بناءً على تقارير ودراسات أصحاب العقول, توضع مجموعة من البرامج التنفيذية القطاعية على مستوى كل قطاع، تضم جملة من المشاريع متعددة الأحجام، فمنها الصغيرة والكبيرة والمتوسطة يعمل على تنفيذها أفراد الفئة الثالثة، والتي تضم الموظفين والتجار والفلاحين وغيرهم من أفراد المجتمع القادرين على العمل، وبالطبع كلما كانت الدراسات دقيقة، والقرارات في محلها كان التنفيذ أسهل وأسرع، وبالتالي تحقيق النجاح على كل المستويات.
إن المسؤولية ملقاة على الفئات الثلاث بالتساوي، فكلما قصر أفراد فئة في أداء عملهم كلما كانت النهضة أبطأ، ففئة صناع القرار مطالبة بدراسة كل التقارير التي ترد إليها من أصحاب العقول عن إمكانيات الأمة المادية والبشرية والمشاريع المقترحة لاستغلال هذه الإمكانيات الاستغلال الأمثل، وكذا دراسة الحلول المقدمة للمشاكل التي تعيشها الأمة، كما أن هذه الفئة مطالبة أيضًا بطلب كل البيانات اللازمة لأداء عملها، وطلب الدعم العلمي والتقني والفني في كل القطاعات التي تمس النهضة، ومسؤولية فئة أصحاب العقول أكبر بالنظر إلى الدور المنوط بها, فلابد لأفرادها من التزام المصداقية والأمانة العلمية والأصالة في البحث، وكذلك الإخلاص للأمة والعمل على الإبداع المتواصل، وبالنسبة للتنفيذيين فهم محرك النهضة من خلال تنفيذهم للمشاريع والبرامج المسطرة، فلابد أن يكونوا أهلًا لذلك من خلال التفاني في العمل والإخلاص، والتشغيل الكامل لقدراتهم.
وفي الأخير, يمكننا القول إن نجاح النهضة في الأمة يعتمد على العلاقة بين الفئات الثلاث، فكلما كانت العلاقة تكاملية وتبادلية كلما تحققت النهضة والعكس صحيح، لذا لابد من تفعيل دور هذه الفئات واختيار أفرادها اختيارًا يخضع لأسس علمية محضة، ومحاسبة المتقاعسين منهم، لأنهم يمثلون حجر عثرة في طريق الوصول إلى الهدف، وبالتالي فهم عكس إرادة الأمة، فلا سبيل لهم إلا الرجوع إلى الطريق الصحيح أو انتظار العقاب اللازم.