الإنتاج الفكري الإسلامي في علوم التربية قبل القرن 14

الإنتاج الفكري الإسلامي العربي في علوم التربية قبل القرن 14

من معاني التربية إحسان القيام على الصبي وولاية أمره حتى يفارق الطفولية ويبلغ كماله شيئا فشيئا، وهذا المعنى يفيد بأن هناك طفلا وقائما عليه يلي أمره، وهو يتدخل تدخلا مباشرا في حياة الصبي قصد مساعدته على بلوغ كماله، ويحسن القيام عليه حتى يفارق الطفولية. وتذكر التربية في كثير من المصنفات تحت مسميات أخرى، كالتهذيب والتأديب والتعليم والرياضة والسياسة والتدبير، في مؤلفات الغزالي ومسكويه والبلدي وابن خلدون وإخوان الصفا وابن جماعة وابن سينا. فالتربية مفهوم شامل لكل ذلك، نجده متقاربا عند كل المربين المسلمين الفقهاء والأطباء والفلاسفة وعلماء الاجتماع، على اختلاف مشاربهم وتوجهاتهم. والتربية الإسلامية وسيلة لتحقيق الإسلام كما أراده الله، وتهيئة النفس الإنسانية لتحمل هذه الأمانة. لذلك تستمد هذه التربية أصولها من أصول الشريعة نفسها، أي من القرآن والسنة. إلى جانب هذين الأصلين، تعتمد التربية الإسلامية في استقاء فكرها على منابع أخرى. هذه المنابع لا تعتبر أصولا بل مراجع تساعد على تنزيل الحقائق الإسلامية المستفادة من النصوص الشرعية. وبالنظر لأهمية الفعل التربوي، فقد أولى العلماء المسلمون من مختلف المشارب والاختصاصات قضايا التربية والتعليم والتنشئة اهتمامهم وعنايتهم، فلم تكن قضايا التربية والتعليم تغيب عن فكر واهتمامات الأصوليين ولا الفقهاء ولا المحدثين ولا سواهم من الأطباء والفلاسفة والأدباء أو المحتسبين. لرصد الإنتاج الفكري الإسلامي العربي في مجال التربية والتعليم، قمنا بتتبع آثار المصنفين المسلمين العرب، في الأصول والفقه والحديث والتصوف والطب والأدب والفلسفة، وإجراء مسح شامل لكل المصنفات التي تضمنت آراء يمكن تصنيفها ضمن علوم التربية، ومسحها وإحصائها، وتتبع مصنفيها وتحديدهم، والاستخبار عن آثارهم، وحظها من التحقيق والنشر، وهو ما مكننا من إعداد هذا الثبت.
وقد تم الحرص على الدقة قدر المستطاع، رصدا وانتقاء، فتم ذكر اسم الكاتب، أُتْبِعَ باسم المصنفات، مع تعريف مختصر بمضمونها ومحتواها، والإشارة إلى التي تم طبعها أو تحقيقها، وذلك في حدود ما أتيح لنا من مراجع ومصادر.
هذا الثبت الذي أحصى قرابة الخمسين والمائتي (250) مصنف، جمع حصيلة فكرية هامة للتراث التربوي في عصوره الإسلامية. وأرجو من الله العلي الكريم أن ينتفع به الناس وخاصة المربون، بمعرفة ما لسلفهم من جهود فكرية عظيمة، ومدهم بما يمكنهم من إنجاز بحوثهم في هذا المجال، أو يضيء لهم سبلهم فيه، والله الموفق.
العمل تم الفراغ منه مؤخرا، ويأمل الكاتب أن يجد ناشرا يرعى هذا المصنف ويطبعه ويطرحه للتداول، خدمة للمكتبة التراثية