مصطلح السلفية حقيقته وارتباطه بالإسلام الصحيح،،

مصطلح السلفية حقيقته وارتباطه بالإسلام الصحيح(*) http://majles.alukah.net/imgcache/2013/04/456.jpg

إعداد/ إدريس كوني
ـــــــــ

السلفية هي الطريق القائم على اتباع سبيل المؤمنين من السلف الصالح، وهم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وهم في كل عصر الفئة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي على الحق، لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك).

والمنهج السلفي يعني أن من انتسب إليه، وسلك سبيله ليس بخارجي يستحل دم المسلم بالمعصية، ولا رافضي يكفر الصحابة، ولا محرف متأول بالباطل ممن ينفي صفات الله، وينفي معانيها، وليس مشبها لله بخلقه، ولا حلوليا ممن يقول بوحدة الوجود، أو أن الله قد حل في خلقه، أو صوفيا ممن يعبدون القبور، ويقدمون لها النذور، فهو- أي: المنهج السلفي- الطريق والنهج الذي سار فيه الصحابة والخلفاء الراشدون، أما المناهج الأخرى فقد ضلت عن هذا الطريق، فأصابت في أشياء وأخطأت في أخرى، وتختلف فيما بينها قربا وبعدا من منهج السلف، وفي هذه الورقة التي بين أيدينا عمل الباحث على تقديم تعريف موجز لهذا المنهج وبيان معالمه ومجالاته وسمات أهله.

تعريف السلفية في اللغة والاصطلاح الشرعي:

في بداية ورقته عرف الباحث بمصطلح السلفية في اللغة والاصطلاح، فبين أن معنى السلف في اللغة يدور على من تقدم بالموت، ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين بالسلف الصالح.

وفي الاصطلاح الشرعي العام يراد بالسلف: كل من يقلد مذهبه في الدين ويُقْتَفى أثره فيه، فهو اتباع منهج الصحابة والتابعين وتابعيهم من خير القرون، ومن اقتفى أثرهم من العلماء والأئمة المجتهدين.

ثم أصبح مع التطور التاريخي لظهور الفرق الإسلامية منحصرا على المدرسة السلفية التي حافظت على العقيدة والمنهج الإسلامي؛ طبقا لفهم الأوائل الذين تلقوه جيلا بعد جيل، وأبرز سماتهم التمسك بمنهج النقل، ولهذا عرفوا في البداية بأنهم "أهل الحديث"؛ للتمييز بينهم وبين من انسلخ عن المنهج من الشيعة والمعتزلة والخوارج وغيرهم، كما أنهم يعرفون- أيضا- بأنهم أهل الأثر، وهذه النسبة إلى الأثر، تعنى: الحديث وطلبه واتباعه.

وبين الباحث كذلك أن كلمة السلف تعني السلف زمنا، والسلف معتقدا، فإن أريد بالسلف معتقدا صح أن نقول لمن هم موجودون الآن على مذهب السلف: إن هؤلاء سلف، وإذا قلنا: إن السلف هم السابقون زمنا فإنه يختص بالقرون الثلاثة المفضلة: الصحابة والتابعين وتابعي التابعين، وكلا الأمرين قد استعمله أهل العلم، فتارة يريدون بالسلف من كان على طريقة السلف وإن كان متأخرا زمنا، وتارة يريدون بالسلف القرون الثلاثة المفضلة.

وعليه فقد بين الباحث أن السلفية ليست جماعة من الجماعات، كما أنها ليست فترة زمنية من الفترات، مرت وانتهت، وإنما السلفية تعني متابعة السلف الصالح في تعاملهم مع كتاب ربهم وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، في فهم الدين والعمل به، والدعوة إليه، وهم أهل السنة والجماعة، مما يعني أن السلفية منهج علمي وعملي شامل ومتكامل تجاه النصوص الشرعية، وليست مجرد موقف علمي.

مجالات ارتباط السلفية بالإسلام الصحيح:

في هذه الجزئية عرض الباحث لمجالات ارتباط السلفية الحقة بالإسلام الصحيح، ومن هذه المجالات:

المجال الأول: تقديم الشرع على العقل: حيث تميز أتباع السلفية عن المتكلمين وغيرهم بأنهم يبدؤون بالشرع، ويخضعون العقل له، ومن ثم فإنهم يقدمون الرواية على الدراية، والنظر على العقل، ولكنهم يدافعون عن أنفسهم بالقول أن العقل يتفق مع الشرع، وأن الأوائل كانوا أكثر فهما ودراية للشرع من غيرهم.

ثم إن السلف من أكثر الناس تأدبا مع نصوص الوحي، فهم لا يقدمون قول أحد على الوحي المعصوم وإذا اختلفوا يعالجون هذا الاختلاف باتباع السنة كما أوصاهم بذلك النبي صلى الله عليه وسلم.

المجال الثاني: رفض التأويل الكلامي: فالسلف المتقدمين والمتأخرين لم يعارض أحد منهم النصوص بمعقوله، فإن أراد معرفة شيء من الدين نظر فيما قاله الله والرسول، فمنه يتعلم، وبه يتكلم، وفيه ينظر ويتفكر وبه يستدل وعلى العكس من ذلك المنهج يقف على الطرف الآخر أصحاب المنهج الكلامي الذين اعتمدوا على ما رأوه، ثم نظروا في الكتاب والسنة، فإن وجدوا النصوص توافقه أخذوا بها، وإذا وجدوها تخالفه أعرضوا عنها تفويضا، أو حرفوها تأويلا.

المجال الثالث: الاستدلال بالآيات والبراهين القرآنية: بين الباحث أن منهج السلف في الاستدلال هو الاستتار بالكتاب والسنة بفهم السلف، ولا يميلون عن فهم السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم قيد أنملة، ولا يقولون برأيهم ولا بتأويلاتهم في مسائل الاعتقاد، ولا يقدمون رأيهم على الكتاب والسنة أو اتفاق السلف في مسائل الدين عموما وخصوصا.

حكم الانتساب إلى السلفية:

بناء على ما سبق أن قدمه الباحث بين أن الانتساب إلى السلفية أمرا قاطعا، لأن كل خير في اتباع السلف، وكل شر في ابتداع من خلف، وذلك استنادا إلى قول العلماء، وقد جاء الباحث بنقولات تدلل على هذا الكلام فنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية، والشيخين ابن باز وابن عثيمين وغيرهم.

غير أن الباحث قد أشار في أعقاب هذا الكلام إلى ظاهرة تضليل الآخرين باسم السلفية، حيث صار بعض من انتهج السلفية في هذا العصر يضلل كل من خالفه، ولو كان الحق معه، واتخذها بعضهم منهجا حزبيا كمنهج الأحزاب الأخرى التي تنتسب إلى الإسلام، وهذا هو الذي ينكر ولا يمكن إقراره.

موقف السلف الصالح من الجماعات والأحزاب:

بين الباحث أن موقف السلف من الجماعات والأحزاب ينبني على عدة أسس ومنها:

1- الإنصاف والعدل، فلا يغلون في موال، ولا يجورون على معاد.

2- يقبلون فيما بينهم تعدد الاجتهادات في بعض المسائل التي نقل عن السلف الصالح النزاع فيها.

3- يرون أن أصحاب البدع متفاوتون قربا وبعدا عن السنة، فيعامل كل بما يستحق.

عن سمات السلف واتباعهم من حيث التعامل:

بين الباحث أن من أهم سمات السلف من حيث التعامل التوافق في الأفهام، والتشابه في المواقف، رغم تباعد الأقطار، وهذا من ثمرات وحدة المصدر والتلقي.

ومن سماتهم الإحسان والرحمة وحسن الخلق مع الناس كافة، فهم يأتمُّون بالكتاب والسنة، بفهم السلف الصالح، في علاقاتهم مع بعضهم أو مع غيرهم.

ومن سماتهم أيضا الاهتمام بأمور المسلمين ونصرتهم، وأداء حقوقهم، وكف الأذى عنهم، وموالاة المؤمن لإيمانه بقدر ما عنده من إيمان، ومعاداة الكافر لكفره، ولو كان أقرب قريب.
ــــــــــــــ
(*) من بحوث ندوة "السلفية منهج شرعي ومطلب وطني"، الذي نظمته جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.

للتحميل الملف بالمرفقات