خلاصة القول في مسألة العذر بالجهل أن الجاهل معذور بجهله إن لم يكن الجهل من كسبه وفعله
بسم الله والحمد لله
قال الشيخ عبد العزيز الراجحي في مسالة العذر بالجهل
وخلاصة القول في هذا : أن الجاهل فيه تفصيل : فالجاهل الذي يمكنه أن يسأل ويصل إلى العلم ليس بمعذور فلا بد أن يتعلم ولا بد أن يبحث ويسأل ، والجاهل الذي يريد الحق غير الجاهل الذي لا يريد الحق ،
فالجاهل قسمان :
الأول : جاهل يريد الحق .
والثاني : جاهل لا يريد الحق ؛
فالذي لا يريد الحق غير معذور حتى ولو لم يستطع أن يصل إلى العلم ؛ لأنه لا يريد الحق ، أما الذي يريد أن يعلم الحق فهذا إذا بحث عن الحق ولم يصل إليه فهو معذور ،
والمقصود أن الجاهل الذي يمكنه أن يسأل ولا يسأل أو يمكنه أن يتعلم ولا يتعلم فهو غير معذور؛
أما الجاهل الذي لا يمكنه أن يتعلم فهو على قسمين :
- جاهل لا يريد الحق فهو غير معذور .
- وجاهل يريد الحق ثم بحث عنه ولم يحصل عليه فهذا معذور ، والله أعلم
الإنسان مسئول عند الله عن السبب في جهله ، فإن كان الجهل من كسبه وفعله وإعراضه وكبره فهو محاسب على كل معصية وقع فيها بجهله ، سواء كانت المخالفة مخالفة عظيمة تؤدي إلي الخلود في النار ، أو كانت المخالفة كبيرة تحت المشيئة بين عدله وفضله ، إن شاء غفرها لعبده وإن شاء عذبه بذنبه ، أما إذا انقطعت به الأسباب ، وانسدت في وجهه الأبواب ولم يتمكن من العلم بعد البحث والسؤال ولم يعص الله فيما قال : ? فَاسْأَلوا أَهْل الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلمُونَ ? [النحل:43] ، فهو باتفاق معذور بجهله ولا يؤاخذ على ذنبه ؛ لأن الجهل ليس من كسبه بل هو من تقدير الله وفعله ، وقد قال سبحانه وتعالى : ? وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حتى نَبْعَثَ رَسُولا ? [الإسراء:15] ، وطالما عقد العبد في نيته أن يطيع الله إذا علم أمره وأن يصدقه إذا علم خبره فهو على نيته كما ورد عند البخاري من حديث عمر ( رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول : ( إِنَّمَا الأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَإِنَّمَا لكُل امْرِئٍ مَا نَوَى ) (223) ، وليعلم العبد أنه لا أحد أحب إليه العذر من الله ، فمن حديث عبد الله بن مسعود ( أن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم قال : ( ليْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِليْهِ المَدْحُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَل ، مِنْ أَجْل ذَلكَ مَدَحَ نَفْسَهُ ، وَليْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْل ذَلكَ حَرَّمَ الفَوَاحِشَ ، وَليْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِليْهِ العُذْرُ مِنَ اللهِ ، مِنْ أَجْل ذَلكَ أَنْزَل الكِتَابَ وَأَرْسَل الرُّسُل ) (224) ، وفي رواية البخاري من حديث المغيرة بن شعبة ( : ( وَلا أَحَدَ أَحَبُّ إِليْهِ العُذْرُ مِنَ اللهِ ، وَمِنْ أَجْل ذَلكَ بَعَثَ المُبَشِّرِينَ وَالمُنْذِرِينَ ) (225) ، ومن ثم فإن الجاهل من المسلمين بعد الطلب والسؤال إن لم يصل إلى العلم بالحكم في مسألة ما فهو معذور بجهله في هذه المسألة فقط ، وإن كان محاسبا على غيرها مما ألم بحكمها ،
وخلاصة القول في مسألة العذر بالجهل أن الجاهل معذور بجهله إن لم يكن الجهل من كسبه وفعله