سؤال لعلماء أصول الفقه في إعمال مفهوم المخالفة في النصوص القرآنية

السلام عليكم
علمت من خلال دراستي لأصول الفقه في كلية الحقوق جامعة القاهرة على يد أساتذة الفقه الأزهريين
أن مفهوم المخالفة لا يكون حجة في النص إلا بعد توافر شروط معينة .
منها على سبيل المثال :
أن يكون المقيد به منفصل عن المقيد ، فلو كان المقيد به لا ينفصل عن المقيد فلا يصح إعمال مفهوم المخالفة
مثال ذلك قول الله عز وجل : " ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد "
فالمقيد هو " وأنتم عاكفون " والمقيد به " في المساجد "
فالملاحظ في الآية أن المقيد به لا ينفصل عن المقيد لأنه معلوم أنه لا اعتكاف إلا في المساجد
وبالتالي لا يصح إعمال مفهوم المخالفة الذي مقتضى إعماله يؤدي إلى : " باشروهن لو كنتم عاكفون خارج المساجد "

ومن شروط إعمال مفهوم المخالفة ألا يكون قد ورد نص صريح يدل على خلاف الحكم المقرر بناءً على إعمال مفهوم المخالفة .
فقول الله عز وجل : " يا أيها الذين آمنوا كُتِبَ عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى "
لو صح إعمال مفهوم المخالفة فيه - وهو غير صحيح - لكان الحكم الشرعي عدم جواز القصاص لو قتل الذكر الأنثى أو لو قتل العبد الحر لأن الآية تقول " الحر بالحر والعبد بالعبد "

لكن مفهوم المخالفة هنا غير مراد لأنه ورد نص صريح يلغي إعمال مفهوم المخالفة وهو قول الله عز وجل : " وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس "


ومن شروط إعمال مفهوم المخالفة ألا يكون للشارع مرادً آخر من صياغة النص بطريقة معينة ولا يريد الشارع من هذه الصياغة إعمال مفهوم المخالفة
مثال : قول رسول الله : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر ..... "
فلا يجوز أن يُفهَم من ذلك أنه " يحل للمرأة التي لا تؤمن بالله واليوم الآخر .... "

لأن قيد " تؤمن بالله واليوم الآخر " مذكور على سبيل التغليظ

مثال 2 : قول الله عز وجل " لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة "

فمراد الشارع هنا التنفير من الربا ، وبالتالي لا يصح إعمال مفهوم المخالفة القاضي بإباحة الربا اليسير الذي ليس بأضعافاً مضاعفة فالربا كله حلال سواء كان كثيراً " ربا فاحش " أو قليل " ربا يسير " فكله حرام

مثال 3 : قول الله عز وجل في ذكر المحرمات من النساء : " وربائكم اللاتي في حجوركم من نساءكم اللاتي دخلتم بهن "
فالقيد " في حجوركم " لا يعد مفهوم المخالفة حجة فيه على النص بل هو مذكور على سبيل ذكر الغالب
فالغالب أن تكون الربيبة - ابنة الزوجة - تعيش في بيت زوج أمها ، لكن هذا لا يعني أن الرجل لو دخل بامرأة وكانت ابنتها لا تعيش في بيته فإنه يجوز للرجل أن يتزوجها - أي ابنة زوجته التي دخل بها - ، فهذا هو مفهوم المخالفة وهو غير مراد لأن المراد فقط ذكر الغالب ، والغالب هو أن تكون ابنة الزوجة تحيا في حجر زوج أمها - أي في بيته - ولا يعني استقلال ابنة الزوجة المدخول بها في العيشة عن منزل زوج أمها جواز زواج الأخير بها .

وبناءً على ما سبق

أسأل سؤال :
قال الله عز وجل في آية الرشوة 188 سورة البقرة : " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون " .
هل يصح إعمال مفهوم المخالفة في هذه الآية القاضي بجواز الإدلاء بالمال للحكام للحصول على حقي الشرعي في الفرض حيث تنسد أمامي كل السبل المشروعة للوصول لحقي المشروع ؟؟؟
إذ أن منطوق الآية علل حكم التحريم بقوله " لتأكلوا فريقاً من أموال الناس بالإثم "
وبالتالي - وبمفهوم المخالفة - فإنه يتقرر لدينا خلاف الحكم المذكور - وهو التحريم - عند انتفاء علة الحكم المذكور - وهي الإرشاء لإيذاء الغير وظلمه -

مما يترتب عليه جواز الإرشاء للحفاظ على الحق الشرعي وبالتالي يُخلَع صفة التحريم عن الإرشاء في هذا الفرض .

السؤال :
هل مفهوم المخالفة في هذه الآية مراداً أم غير مراد ؟؟؟
وإن لم يكن مراداً : فأي من شروط إعمال مفهوم المخالفة أدى غيابه وانتفائه إلى بطلان إعمال مفهوم المخالفة ؟؟؟

أرجو ألا يجيب إلا ذو علم بهذه المسألة ولا أريد من فضلكم مشاركات بأفهام العوام
أريد كلام تخصصي واضح عن علم ودراسة

قال السيوطي في "الأشباه والنظائر" (ص 150) :
" القاعدة السابعة والعشرون : ( ما حرم أخذه حرم إعطاؤه ) كالربا ، ومهر البغي , وحلوان الكاهن والرشوة , وأجرة النائحة والزامر .
ويستثنى صور : منها : الرشوة للحاكم , ليصل إلى حقه , وفك الأسير ، وإعطاء شيء لمن يخاف هجوه " انتهى .

http://majles.alukah.net/showthread.php?19077 وانظر هذا الرابط

أخي الفاضل أنا كان سؤالي واضح ومحدد : هل مفهوم المخالفة في الآية 188 سورة البقرة مراداً أم غير مراد ؟؟ ولو كان غير مراد فأي الشروط أدى غيابها إلى عدم إعمال مفهوم المخالفة ؟؟؟؟