رد: أقسام صفات الله وشرحها :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني
2- وكذلك الأمر في الصفات الذاتية الخبرية (أبعاض): كصفة اليد والقدم والعين والبصر والسمع والأصابع ...
أخي الفاضل : صفات الله توقيفية
ولم يرد في النقل الصحيح أن الصفات الذاتية الخبرية أبعاض
ولا يجوز أن نقول أن يد الله وقدمه وأصابعه أبعاض أو أعضاء أو أعيان أو أجزاء في الذات الإلهية لعدم ورود النص على ذلك
رد: أقسام صفات الله وشرحها :
بارك الله فيك أخي ، وشكرا على حرصك ، قصدت من ذلك ما قاله الشيخ ابن عثيمين في القواعد المثلى بأن مسمياتها أبعاض لنا، كما أني لم أنطق بالأعضاء ونحوها ، وأما إطلاق البعض فهذا جزء كتبته في بحث سابق لي :
"قال ابن تيمية في الفتاوى الكبري 6/405،..:" قال نعيم بن حماد: لا يقال بعضه على العرض، وبعضه على الأرض، يدرك بالآيات ويثبت بالعلامات هو الكبير المتعال تبارك وتعالى"، قال ابن تيمية:" وهو ـ نعيم ـ قد نفى تبعيضه بالمعنى الذي فسره، وهذا ما لا يستريب فيه المسلمون، وهذا مما دل عليه قوله تعالى:{ قل هو الله أحد * الله الصمد }..، ولا ريب أن لفظ البعض والجزء والغير ألفاظ مجملة فيها إيهام وإبهام فإنه قد يقال ذلك على ما يجوز أن يوجد منه شيء دون شيء بحيث يجوز أن يفارق بعضه بعضا وينفصل بعضه عن بعض أو يمكن ذلك فيه،كما يقال: حد الغيرين ما جاز مفارقة أحدهما للآخر كصفات الأجسام المخلوقة من أجزائها وأعراضها فإنه يجوز أن تتفرق وتنفصل والله سبحانه منزه عن ذلك كله مقدس عن النقائص والآفات"،
الباب الثاني: ذكر المعنى الجائز : فقد قال ابن تيمية في الفتاوى أيضا:" وقد يراد بذلك ما يُعلَمُ منه شيء دون شيء،، فيكون المعلوم ليس هو غير المعلوم وإن كان لازما له لا يفارقه، والتغاير بهذا المعنى ثابت لك موجود، فإن العبد قد يعلم وجود الحق ثم يعلم أنه قادر ثم أنه عالم ثم أنه سميع بصير، وكذلك رؤيته تعالى كالعلم به، فمن نفى عنه وعن صفاته التغاير والتبعيض بهذا المعنى فهو معطل جاحد للرب فإن هذا التغاير لا ينتفي إلا عن المعدوم، وهذا قد بسطناه في كتاب بيان تلبيس الجهمية في تأسيس بدعهم الكلامية في الكلام على سورة الإخلاص وغير ذلك بسطا بينا، ومن علم ذلك زالت عنه الشبهات في هذا الباب، فقول السلف والأئمة ما وصف الله من الله وصفاته منه وعلم الله من الله وله نحو ذلك مما استعملوا فيه لفظ" من" وإن قال قائل معناها التبعيض فهو تبعيض بهذا الإعتبار، كما يقال إنه تغاير بهذا الاعتبار ثم كثيرا من الناس يمتنع أو ينفي لفظ التغاير والتبعيض ونحو ذلك وبعض الناس لا يمتنع من لفظ التغاير ويمتنع من لفظ التعيض وبعضهم لا يمتنع من اللفظين إذا فسر المعنى وأزيلت عنه الشبهة والإجمال الذي في اللفظ"، وقال ابن تيمية في منهاج السنة النبوية (2/567):" وأما إذا قيل المراد بالإنقسام أو التركيب أن يتميز منه شيء عن شيء مثل تميز علمه عن قدرته أو تميز ذاته عن صفاته أو تميز ما يرى منه عما لا يرى، كما قاله السلف في قوله تعالى:{لا تدركه الأبصار..}، قالوا: لا تحيط به، وقيل لابن عباس رضي الله عنه: أليس الله تعالى يقول:{ لا تدركه الأبصار} قال: ألست ترى السماء قال بلى قال أفكلها ترى قال لا فذكر أن الله يرى ولا يدرك أي لا يحاط به ونحو ذلك.."، ثم قال:" فهذا الوجه من الإمتياز متفق على إثباته، كما أن الأول متفق على نفيه، وأما الإمتياز في نفس الأمر من غير قبول تفرق وانفصال، كتميز العلم عن القدرة وتميز الذات عن الصفة وتميز السمع عن البصر وتميز ما يرى منه عما لا يرى ونحو ذلك وثبوت صفات له وتنوعها، فهذا مما تنفيه الجهمية نفاة الصفات، وهو مما أنكر السلف والأئمة نفيهم له، كما ذكر ذلك أئمة المسلمين المصنفين في الرد على الجهمية كالإمام أحمد رضي الله عنه في رده على الجهمية وغيره من أئمة المسلمين.."،
ومن الأدلة على ذلك :
فقال ابن تيمية: وهذا متواتر عن هؤلاء، وممن رواه الإمام أبو بكر أحمد بن عمرو بن أبي عاصم النبيل في كتاب السنة حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد بن عبيد بن عمير { وإن له عندنا لزلفى } قال ذكر الدنو منه حتى أنه يمس بعضه"، وكذلك خرجه الخلال أيضا في السنة 320 ، وخرجه عن عبيد بن عمير ( وإن له عندنا لزلفى ) قال: « يقول الرب عز وجل لداود : أدنه حتى يضع بعضه على بعضه»، هذا أثر صحيح، وقد رواه الحسن بن عرفة نا علي بن ثابت الجزري عن المكيين عمرو بن دينار وغيره في قوله:{ وإن له عندنا لزلفى وحسن ماب } قال:" لا يزال يدنيه حتى يمس بعضه"،
وعن عكرمة عن ابن عباس قال : إذا أراد الله أن يخوف عباده أبدا عن بعضه للأرض فعند ذلك تزلزلت، وإذا الله أن يدمدم على قوم تجلى لها عز وجل"،
وعن ابن عباس في قول الله عز وجل فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا قال ما يرى منه إلا بقد طرف الخنصر"،
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى { فلما تجلى ربه للجبل } قال: قال هكذا، يعني أنه أخرج طرف الخنصر"، وللحاكم:" ووضع الإبهام على مفصل الخنصر الأيمن"، قال عبد الله: قال أبي: أرانا معاذ، قال: فقال له حميد الطويل: ما تريد إلى هذا يا أبا محمد؟ قال: فضرب صدره ضربة شديدة وقال: من أنت يا حميد، وما أنت يا حميد، يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت ما تريد إليه"، وفي لفظ للحاكم في مستدركه:" بدا منه قدر هذا"، ولابن خزيمة في التوحيد1/259 :" وأشار بالخنصر من الظفر يمسكه بالإبهام"،
قال شيخ الإسلام ابن تيمية مستدلا على إطلاق لفظ البعض: وقال الإمام أبو بكر بن أبي عاصم في كتاب السنة حدثنا فضيل بن سهل حدثنا عمرو بن طلحة القناد حدثنا أسباط بن نصر عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال: { ولقد رآه نزلة أخرى } قال إن النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقال له رجل: أليس قد قال الله تعالى: { لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار } فقال له عكرمة أليس ترى السماء؟ قال بلى قال أفكلها ترى؟ "،
قاله شيخ الإسلام ابن تيمية:" ففي هذه أن عكرمة أخبر قدام ابن عباس أن إدراك البصر هي رؤية المدرك كله دون رؤية بعضه، فالذي يرى السماء ولا يراها كلها ولا يكون مدركا لها وجعل هذا تفسيرا لقوله : { لا تدركه الأبصار } وأقره ابن عباس على ذلك، ومع هذا هؤلاء الذين نقل عنهم هذا اللفظ فقد نقل عنهم أيضا إنكار تبعضه سبحانه وتعالى وبين الناقلون معنى ذلك"،
رد: أقسام صفات الله وشرحها :
أخي زياني بارك الله فيك، لا يجوز أن نطلق على صفات الله سبحانه وتعالى أنها أبعاض، وما نقلته عن ابن تيمية رحمه الله ليس فيه إقرارا لما قلته أنت؛ وإنما ابن تيمية وغيره من أئمة السلف طريقتهم في الألفاظ المستحدثة التي لم ترد في الكتاب والسنة، أنها لا ترد مطلقًا ولا تقبل مطلقًا
بل يُستفصل عنها ويسأل عن معناها.
فإن أهل الكلام قد استعملوا ألفاظًا مستحدثة يستخدمونها في حق الله تعالى؛ كالجهة، والمكان، والحد، والبعض، وغير ذلك، فهذه ألفاظ استحدثها أهل الكلام، لم ترد في الكتاب والسنة.
فما هو الواجب نحو هذه الألفاظ؟
الواجب نحو هذه الألفاظ أن يُستفصل عنها، ويُسأل قائلها عن تفسيرها وقصده من إطلاقها، فإن أراد حقًّا قُبل، وإن أراد باطلًا رُدَّ.
فمن استعمل لفظ (الجهة) يقال له: ماذا تعني بقولك: (الله في جهة)؟ فإن قال: أعني أن الله في جهة مخلوقة يحوطه شيء من مخلوقاته ردَّ عليه اللفظ والمعنى؛ لأنه معنى باطل لا يجوز في حق الله.
وإن قال: أعني أن الله تعالى عالٍ فوق خلقه مستوٍ على عرشه، قُبل منه هذا المعنى ورُدَّ اللفظ؛ لأنه لم يرد في الكتاب والسنة.
ومن استعمل لفظ (الحد) يقال له: ماذا تعني بالحد؟ فإن قال: أعني أن الله محدود بشيء من مخلوقاته رُدَّ عليه اللفظ والمعنى؛ لأنه معنى باطل.
وإن قال: أعني أن الله تعالى بائن عن خلقه، لا يدخل فيه شيء من مخلوقاته؛ قُبل هذا المعنى ورُدَّ عليه اللفظ؛ لأنه لم يرد في الكتاب والسنة.
وإن قال بأن صفات الله أبعاض، قيل له: ماذا تعني بقولك: أبعاض؛ هل تعني أنها كصفات المخلوقين؟ فإن قال: نعم، قيل هذا معنى باطل، وإن قال: بل أريد إثبات صفات الله تعالى، قيل له: المعنى صحيح، ولكن نحن ملتزمون بألفاظ الكتاب والسنة. وهكذا في جميع الألفاظ المستحدثة.
والسلف عليهم رحمة الله تبارك وتعالى كانوا يراعون لفظ القرآن الكريم والحديث الشريف فيما يثبتونه أو ينفونه عن الله تعالى، وأسمائه وصفاته وأفعاله، ولا يأتون بلفظ مبتدع في النفي والإثبات، بل كل معنى صحيح فهو موجود فيما أخبر الله تعالى به عن نفسه سبحانه وتعالى، أو أخبر به عنه رسوله صلى الله عليه وسلم.
رد: أقسام صفات الله وشرحها :
بارك الله فيك يا أحي محمد :
ذكرتَ أخي أن مثل هذه الألفاظ ( حد ، جهة ، بعض ... ) مما يُستفصل في معناها، ولا يُقبل منها إلا المعنى الحسن، وأنا إنما أعتقد بالمعنى الحسن منها، ولا يحل تشبيه الله بخلقه أبدا .
رد: أقسام صفات الله وشرحها :
وأما قولك: (أي أنها صفات أزلية في ذات الله تعالى؛ وإن لم يفعلها في الأزل). فهذا القول لا يجوز في حق الله تعالى؛ لأن معناه أن صفات الله تعالى كانت معطلة في الأزل، وهذا مما نفاه أهل السنة والجماعة وردوه على أهل الكلام؛ وقد تكلم في هذا الأمر أئمة أهل السنة والجماعة، وتوسعوا فيه، واقرأ هذا الكلام للشيخ الغصن، حيث قال في كتابه "دعاوى المناوئين لشيخ الإسلام ابن تيمية": (ويلزم من قول المتكلمين لوازم فاسدة منها:
1 - أن الله عزّ وجل لم يزل معطلاً عن الفعل: إما أن يكون غير قادر على الفعل ثم صار قادراً عليه من غير تجدد سبب يوجب له القدرة على الفعل.
وإما أن يكون الفعل ممتنعاً في الأزل ثم صار ممكناً من غير سبب اقتضى إمكانه، وهذا يستلزم الانقلاب من الامتناع الذاتي إلى الإمكان الذاتي.
2 - وصف الله بالعجز والتعطل عن الفعل مدة لا تقاس بها مدة فاعليته، وهذا نقص يجب تنزيه الله عنه.
3 - أن الحادث إذا حدث بعد أن لم يكن محدثاً فلا بد أن يكون ممكناً، والإمكان ليس له وقت محدود، فما من وقت يقدّر إلا والإمكان ثابت قبله، فليس لإمكان الفعل وصحته مبدأ ينتهي إليه فيجب أنه لم يزل الفعل ممكناً جائزاً فيلزم جواز حوادث لا نهاية لها.
وأما القول بأن الإرادة لذاتها هي التي تقتضي التخصيص فهو قول باطل؛ ذلك أن الإرادة التي يعرفها الناس من أنفسهم لا توجب ترجيحاً إلا بمرجح، والإرادة إذا استوت نسبتها إلى جميع المرادات وأوقاتها وصفاتها وأشكالها، كان ترجيح الإرادة لمثلٍ على مثل ترجيحاً من غير مرجح، وهذا ممتنع لمن تصوره.
ويقال لهم أيضاً: إن إرادة الإنسان أحد الشيئين ليست هي إرادته للآخر، سواء ماثله أو خالفه، فضلاً عن أن تكون إرادة واحدة نسبتها إلى المثلين سواء، وهي ترجح أحدهما بلا مرجح.
والقادر المختار ذو القدرة التامة هو الذي إذا أراد الفعل إرادة جازمة: لزم من ذلك وجود الفعل، وصار واجباً بغيره لا بنفسه، كما قال المسلمون: ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، وما شاءهُ سبحانه فهو قادر عليه، فإذا شاء شيئاً حصل مراداً له - وهو مقدور عليه - فيلزم وجوده.
وما لم يشأ لم يكن، فإنه لم يرده - وإن كان قادراً عليه - لم يحصل المقتضى التام لوجوده فلا يجوز وجوده.
ويستدل أهل السنة على هذا بقوله سبحانه وتعالى: { ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ * فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [البروج: 15 - 16] ، وأن هذه الآية تدل على أمور:
1 - أنه تعالى يفعل بإرادته ومشيئته.
2 - أنه لم يزل كذلك، فقد ساق الله ذلك في معرض الثناء، وعدم فعله لما يريد في وقت من الأوقات نقص من ذلك الكمال وقد قال عزّ وجل { أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ}: [النحل: 17] .
3 - أنه إذا أراد أي شيء فإنه يفعله؛ لأن (ما) موصولة عامة أي: يفعل كل ما يريد أن يفعله.
4 - أن فعله وإرادته متلازمان، فما أراد أن يفعله فعله، وما فعله فقد أراده، بخلاف المخلوق فإنه يريد ما لا يفعل، وقد يفعل ما لا يريد، فما ثم فعال لما يريد إلا الله وحده.
5 - إثبات إرادات متعددة بحسب الأفعال، وأن كل فعل له إرادة تخصه، فشأنه سبحانه أنه يريد على الدوام، ويفعل ما يريد.
6 - أن كل ما صح أن تتعلق به إرادته، جاز أن يفعله، فإذا أراد أن ينزل كل ليلة إلى سماء الدنيا، وأن يجيء يوم القيامة لفصل القضاء، وأن يري عباده المؤمنين نفسه لم يمتنع عليه فعله فهو الفعال لما يريد، وإنما تتوقف صحة ذلك على إخبار الصادق به.
وبعد مناقشات طويلة من قبل شيخ الإسلام رحمه الله تجاه القائلين بامتناع حوادث لا أول لها يأتي حكمه رحمه الله على هذه الطريقة بقوله: (وامتناع حوادث لا أول لها، طريقة مبتدعة في الشرع باتفاق أهل العلم بالسنة، وطريقة مخطرة مخوفة في العقل، بل مذمومة عند طوائف كثيرة، وإن لم يعلم بطلانها لكثرة مقدماتها وخفائها... وهي طريق باطلة في الشرع والعقل عند محققي الأئمة، العالمين بحقائق المعقول والمسموع).
رد: أقسام صفات الله وشرحها :
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياني
بارك الله فيك يا أحي محمد :
ذكرتَ أخي أن مثل هذه الألفاظ ( حد ، جهة ، بعض ... ) مما يُستفصل في معناها، ولا يُقبل منها إلا المعنى الحسن، وأنا إنما أعتقد بالمعنى الحسن منها، ولا يحل تشبيه الله بخلقه أبدا .
أخي زياني بارك الله فيك؛ فإنك وإن قصدت المعنى الحسن منها، فلا يجوز لك أن تستعملها؛ وإنما العلماء يقولون: بأنه يقال لقائلها الذي أراد منها المعنى الحسن: ما أردته صحيح ولكن نستعمل ألفاظ الكتاب والسنة؛ وانظر إلى قول أبي العز الحنفي في شرحه للطحاوية تحت قول الإمام الطحاوي:
( وتعالى عن الحدود والغايات ، والأركان والأعضاء والأدوات ، لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ) .
قال:
ش : أذكر بين يدي الكلام على عبارة الشيخ رحمه الله مقدمة ، وهي : أن الناس في إطلاق مثل هذه الألفاظ ثلاثة أقوال : فطائفة تنفيها ، وطائفة تثبتها ، وطائفة تفصل ، وهم المتبعون للسلف ، فلا يطلقون نفيها ولا إثباتها إلا إذا بين ما أثبت بها فهو ثابت ، وما نفي بها فهو منفي . لأن المتأخرين قد صارت هذه الألفاظ في اصطلاحهم فيها إجمال وإبهام ، كغيرها من الألفاظ الاصطلاحية ، فليس كلهم يستعملها في نفس معناها اللغوي . ولهذا كان النفاة ينفون بها حقا وباطلا ، ويذكرون عن مثبتيها ما لا يقولون به ، وبعض المثبتين لها يدخل فيها معنى باطلا ، مخالفا لقول السلف ، ولما دل عليه الكتاب والميزان . ولم يرد نص من الكتاب ولا من السنة بنفيها ولا إثباتها ، وليس لنا أن نصف الله تعالى بما لم يصف به نفسه ولا وصفه به رسوله نفيا ولا إثباتا ، وإنما نحن متبعون لا مبتدعون .
فالواجب أن ينظر في هذا الباب ، أعني باب الصفات ، فما أثبته الله ورسوله أثبتناه ، وما نفاه الله ورسوله نفيناه . والألفاظ التي ورد بها النص يعتصم بها في الإثبات والنفي ، فنثبت ما أثبته الله ورسوله من الألفاظ والمعاني . وأما الألفاظ التي لم يرد نفيها ولا إثباتها فلا تطلق حتى ينظر في مقصود قائلها : فإن كان معنى صحيحا قبل ، لكن ينبغي التعبير عنه بألفاظ النصوص ، دون الألفاظ المجملة ، إلا عند الحاجة ، مع قرائن تبين المراد والحاجة مثل أن يكون الخطاب مع من لا يتم المقصود معه إن لم يخاطب بها ، ونحو ذلك .
والشيخ رحمه الله أراد الرد بهذا الكلام على المشبهة ، كداود الجواربي وأمثاله القائلين : إن الله جسم ، وإنه جثة وأعضاء وغير ذلك ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا؛ فالمعنى الذي أراده الشيخ رحمه الله من النفي الذي ذكره هنا حق ، لكن حدث بعده من أدخل في عموم نفيه حقا وباطلا ، فيحتاج إلى بيان ذلك . وهو : أن السلف متفقون على أن البشر لا يعلمون لله حدا ، وأنهم لا يحدون شيئا من صفاته . |