لماذا تخلوا الأسانيد من إسم إمام الجرح والتعديل عليه رحمة الله,يحيى ابن معين؟

لماذا تخلوا الأسانيد من إسم إمام الجرح والتعديل عليه رحمة الله,يحيى ابن معين؟

الأخ الكريم عبد الله أبو محبرة - وفقك الله - .
قد حدث عن خلقٍ كثير ، وحدث عنهُ خلقٌ أئمةُ هذا الدينِ وعُلمائهِ وحملتهِ وصونتهِ - رضي الله عنه - .
ومِنْ الأسانيد التي نقلها الحافظ وقد ورد فيها ذكر إسم إمام الجرح والتعديل راوياً ما أخرجهُ ابي داود وعقب عليه الذهبي رحمه الله تعالى في السير (( ووافقناهُ بعلو )) وبالإسناد إلى ابن معين ، قال : حدثنا ابن عيينة ، عن حميد الأعرج ، عن سليمان بن عتيق ، عن جابر بن عبد الله : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- أمر بوضع الجوائح ، ونهى عن بيع السنين .

وبالإسناد حدثنا حفص بن غياث ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من أقال مسلما عثرته ، أقاله الله يوم القيامة .أخرجه أبو داود عن يحيى ، وقد رواه عبد الله بن أحمد في زيادات" المسند " عن يحيى وهو معدود في أفراده ، ومنها ما رواهُ الحافظ الذهبي عن الإمام البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثني يحيى بن معين ، حدثنا حجاج ، قال ابن جريج ، قال ابن أبي مليكة : وكان بينهما شيء ، فغدوت على ابن عباس ، فقلت : أتريد أن تقاتل ابن الزبير ، فتحل ما حرم الله ؟ قال : معاذ الله . وذكر باقي الأثر ، وهو في تفسير براءة. فعبد الله أظنه المسندي.

وللإمام أحاديثٌ قد رواها - رحمه الله - والله أعلى وأعلم .

بل أخرج له أصحاب الصحاح والسنن، وأخرج له أبو داود وحده بضعاً وثلاثين حديثاً .
بل يروون عنه مباشرة ، ويروون عنه بواسطة .
وهذه فائدة:
أخرج الترمذي في الجامع (3789) : حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث، قال: أخبرنا يحيى بن معين قال: حدثنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، عن أبيه، عن ابن عباس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أحبوا الله لما يغذوكم من نعمه وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي » .
وأكثر البيهقي من تخريج حديثه .

بسم الله الرحمن الرحيم ..
قبل سنين سألت هذا السؤال لأحد العلماء فقال:
هذا عجيب ؛ فالإمام ابن معين ، قد لا يقل عن الإمام أحمد في شيء ، عقلاً ونبلاً وذكاءً وتتبعاً واستقصاءً وديناً وتقوى ، وضبطاً وتثبتاً و...، وأكبر من ذلك أنهما كانا رفيقين في الأخذ، بل إنّ كليهما ممن أجمعت الأمّة على جلالته وإمامته وعلو شأنه ..
لكن النتيجة أنّ ليس لهذا الإمام الكبير إلا بضيع (تصغير بضع) أحاديث هنا وهناك، والله تعالى هو العالم بعلة ذلك!!!!!! انتهى بمعناه ..
قلت: أنا أنتظر مع المنتظرين ، علّ أحد الفضلاء يتحفنا بما يفيد في هذا المعظل.

أقول لأخواني الذين يسألون عن قلة رواية يحيي ابن معين رحمه الله للأحاديث: أن سبب هذا انشغاله رحمه الله بالجرح والتعديل، حيث كان رحمه الله ينفق جل وقته في جمع روايات الرواة وعرضها على روايات الثقات؛ ليستطيع بعد ذلك الحكم على هذا الراوي، هل هو ثقة أم ضعيف؟ هل هو سيء الحفظ، أم هو ممن يتعمد الكذب؟ ويدلك على ذلك ما ورد عنه رحمه الله من أخبار في جمع أحاديث الرواة، من ذلك مثلا: قصة جمعه أحاديث حماد بن زيد رحمه الله؛ ليعلم هل هو الذي كان يخطيء في الروايات، أم تلاميذه هم الذين كانوا يخطؤون عنه، حيث ذهب رحمه الله الى أبي سلمة التبوذكي يسأله عن صحيفة حماد بن زيد، فقال له أبو سلمة: هل سمعتها من أحد قبلي؟ قال: نعم، سمعتها من سبعين وجها وأنت الحادي والسبعون، فقال له أبو سلمة: والله لن أخرجها لك، فقال له يحيي ابن معين: لا جرم ان هو الا ربع دينار فأنقلب الى واره فأسمعها من محمد بن مسلم بن واره ، فذهب الى محمد بن مسلم، فطلب منه الصحيفة، فقال له محمد بن مسلم: وهل سمعتها من أحد غيري؟ قال: نعم، سمعتها من سبعين وأنت الحادي والسبعون، فتعجب محمد بن مسلم من ذلك، وقال: ما حملك على هذا؟ فقال يحيي بن معين؛ لأعلم هل كان حماد هو الذي يخطيء في الأحديث، أم يخطيء عليه الرواة عنه؟ فان اشترك الرواة عنه في خطأ، علمت أن الخطأ منه، وان اتفق جميعهم على أمر وخالفهم أحدهم علمت أن الخطأ ليس من حماد، وانما ممن خالف. ومن ذلك أيضا: ما ورد عنه: أن الامام أحمد رحمه الله دخل عليه وهما بصنعاء، فوجده يكتب صحيفة أبان عن أنس، فقال له الامام أحمد رحمه الله: يا أبا زكريا، تكتب صحيفة أبان عن أنس وتعلم أنها موضوعة؟ قال: نعم يا أبا عبد الله، أكتب صحيفة أبان عن أنس وأعلم أها موضوعة؛ حتى اذا جاء أحد فقال: عن ثابت عن أنس، قلت له: كذبت، انما هو عن أبان عن أنس. ولذلك؛ فانك تجده رحمه الله أكثر الأئمة كلاما في الرواة، ولو قارنا كلام يحيي بن معين في الرواة بكلام غيره من الأئمة كأحمد وابن المديني وغيرهم من المكثرين في ذلك لوجدنا يحيي بن معين يفوقهم بكثير في كثرة الكلام عن الرواة فقل من راو من رواة الأحايث الا وليحيي بن معين _رحمه الله_ فيه كلام، حتى سمي بامام الجرح والتعديل. وأنت ستلاحظ ذلك_ أعني قلة الرواية_ليس في يحيي ابن معين فقط؛ بل في غيره من الأئمة ممن كانوا أكثر اهتمامهم بالكلام في الرواة كأبي حاتم وأبي زرعة الرازيين، وغيرهم، وهو أمر لا يقل أهمية عن رواية الأحاديث.

جزاكم الله جميعا لما قدمتم من فوائد,وللجواب الشافي,إخواني وأحبابي.