الذود عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه

الذود عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه
مقدمة
هناك شبهة لقول ورد في كتب المفسرين فقط و كتاب الطبقات لابن سعد ذكروا فيه أن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه كان يريد إن يتزوج عائشة رضي الله عنها بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم و حاشا لله أن يصدر ذلك منه .
نحن هنا لنثبت أن هذه آراء و ليست أحاديث لها سند يمتد لعصر النبوة إنما أقوال لمفسرين أتوا بعد عصر النبوة وهم من طبقة التابعين شاهدوا الصحابة و لم يتقوى أحدهم بقول صحابي ممن حضروا مكان و زمان سبب نزول جزء من الآية 53 من سورة الأحزاب :
قال تعالى : ( و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله و لا أن تنكحوا نسائه من بعده أبدا ) . الآية .
سؤال يطرح نفسه : هل نستشهد برأي شخص لم يحضر قصة كانت في زمن غير زمنه بل سمع بها ؟
سؤال آخر : و ليكن موجها إليك أنت : ألن تتضايق ؟ عندما تسمع أن أحدا يقول عنك : إذا مات فلان سوف أتزوج زوجته ,
و الله لن نصدق إن طلحة رضي الله عنه لا يراعي مشاعر رسول الله صلى الله عليه و سلم و يقول ذلك و هو الذي فعل ما فعل في يوم أحد و كلنا يعلم ذلك .
أخيرا : هل أشتهر عنه ذلك ؟ أين تعليق كبار الصحابة على ذلك ؟ أين ذكر ذلك في الصحاح و السنن ؟
الجواب : لن تجد ذكر طلحة في هذا الموضوع إلا في كتب التفاسير و هم عموما ينقلون عن من سبقهم و يضعون بصمتهم و يزيدون في بعض من الأحيان في الرأي و يتشعب الموضوع فيحصل الخطأ و الظلم فيعتقد العامة و البسطاء من الناس أن ذلك حقيقي و أن ذلك حصل.
سوف نقوم في هذه العجالة بإيراد هذه الآراء التي ليس فيها سند حتى يحتج بها ولترى بنفسك كم هي واهية .
لكن قبل ذلك نبين للقاريء الفرق بين الحديث الذي فيه سند و الرأي
بمثال لحديث صحيح :
4516 حدثنا إسحاق بن منصور أخبرنا عبد الله بن بكر السهمي حدثنا حميد عن أنس رضي الله عنه قال أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بنى بزينب بنت جحش فأشبع الناس خبزا ولحما ثم خرج إلى حجر أمهات المؤمنين كما كان يصنع صبيحة بنائه فيسلم عليهن ويسلمن عليه ويدعو لهن ويدعون له فلما رجع إلى بيته رأى رجلين جرى بهما الحديث فلما رآهما رجع عن بيته فلما رأى الرجلان نبي الله صلى الله عليه وسلم رجع عن بيته وثبا مسرعين فما أدري أنا أخبرته بخروجهما أم أخبر فرجع حتى دخل البيت وأرخى الستر بيني وبينه وأنزلت آية الحجاب وقال ابن أبي مريم أخبرنا يحيى حدثني حميد سمع أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم.
هذا الحديث في صحيح البخاري في باب تفسير القرآن سورة الأحزاب
و هو بيان لسبب نزول جزء من آية 53
تلاحظ الراوي الرئيسي للحديث انس بن مالك رضي الله عنه و هو اكثرهم في هذه الآية وما زال هناك خمسة أحاديث مع راوي آخر هي عائشة رضي الله عنها و كذلك عمر رضي الله عنه
للتأكد قم بزيارة هذا الرابط :
http://www.islamweb.net/newlibrary/d...id=0&startno=4

**عزيزي القاريء :
شمل بحثي ما يلي و قد رتبتها تاريخيا بوفاة المؤلف :
1- تفسير مقاتل بن سليمان ( ...- 150هـ)
2-تفسير عبد الرزاق لصاحبه عبد الرزاق الصنعاني (126-211هـ)
3-تفسير الطبري لصاحبه محمد بن جرير الطبري(224-310هـ)
4-تفسير ابن أبي حاتم لصاحبه عبد الله الحنظلي ( 240-327هـ)
5-الطبقات الكبرى لابن سعد لصاحبه محمد بن سعد (توفي سنة 349هـ).
6-تفسير القرطبي لصاحبه ( 480ـ 567هـ)
7-تفسير السيوطي لصاحبه جلال الدين السيوطي (849-911 هـ)
8-تفسير الشوكاني لصاحبه محمد بن علي الشوكاني (1173-1255هـ)

*************ملاحظة : لن أذكر إلا الآراء التي جاء فيها ذكر لطلحة رضي الله عنه
في الآية 53 من سورة الأحزاب .

*******القسم الأول :
ما ورد عن مقاتل بن سليمان توفي سنة 150 هـ الرجل المتروك و عليه شوائب كبيرة عند علماء الجرح و التعديل :
الخبر الأول : من تفسير مقاتل بن سليمان إليك النص التالي :
(( ونزل الحجاب في أمر زينب بنت جحش ، فأمر الله تعالى المؤمنين ألا يكلموا نساء النبي إلا من وراء حجاب ، فذلك قوله : وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَ ّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ سورة الأحزاب آية 53 من الريبة ، وَقُلُوبِهِنَّ وأطهر لقلوبهن من الريبة ، فقال طلحة بن عُبَيْدُ اللَّهِ القرشي من بني تيم بن مرة : ينهانا محمد أن ندخل على بنات عمنا.

يعني عائشة ، رضي الله عنها ، وهما من بني تيم بن مرة ، ثم قال في نفسه : والله ، لئن مات محمد وأنا حي لأتزوجن عائشة.

فأنزل الله تعالى في قول طلحة بن عُبَيْدُ اللَّهِ : وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا سورة الأحزاب آية 53 لأن الله جعل نساء النبي صلى الله عليه وسلم على المؤمنين في الحرمة كأمهاتهم.)) انتهى .
الخبر الثاني : بما أننا ذكرنا مقاتل و تفسيره فلا بأس أن نورد أن القرطبي في تفسيره ذكر رأي مقاتل الصريح إليك العبارة لنعلق عليها :
(( وقال القشيري أبو نصر عبد الرحمن : قال ابن عباس قال رجل من سادات قريش من العشرة الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على حراء - في نفسه - لو توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم لتزوجت عائشة ، وهي بنت عمي . قال مقاتل : هو طلحة بن عبيد الله . قال ابن عباس : وندم هذا الرجل على ما حدث به في نفسه ، فمشى إلى مكة على رجليه وحمل على عشرة أفراس في سبيل الله ، وأعتق رقيقا فكفر الله عنه )) .هذه الجملة من تفسير القرطبي .
· ملاحظة : هنا الذي قال هو طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه هو مقاتل بن سليمان و ليس عبد الله بن عباس رضي الله عنهما , هنا ذكر الحديث و استشهد في ثناياه برأي مقاتل أليس من الأصح الإستشهاد برأي ابن عباس .
· الإستنتاج : ابن عباس رضي الله عنهما لم يقل ذلك .

*******القسم الثاني :
ما ورد عن قتاده بن دعامه ( 60 - 117هـ ) و معمر بن راشد ( 96 -153 هـ ) :
الخبر الأول :من تفسير عبد الرزاق الصنعاني :
أنا عبد الرزاق عن معمر عن قتاده أن رجلا قال : لو قبض النبي صلى الله عليه و سلم لتزوجت فلانه يعني عائشة : فأنزل الله تعالى : ( و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله و لا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ) . أنا عبد الرزاق قال معمر : سمعت أن هذا الرجل هو طلحة بن عبيد الله .
الخبر الثاني : ما ذكر في تفسير السيوطي و الشوكاني و هي هذه العبارة :
و أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال: قال طلحة بن عبيد الله: لو قبض النبيّ صلى الله عليه وسلم لتزوّجت عائشة. فنزلت
الخبر الثالث : في تفسير القرطبي تجد هذه العبارة :
حكى مكي و النحاس عن معمر أنه طلحة بن عبيد الله .

*******القسم الثالث :
ما نسب إلى ابن حزم الذي توفي سنة 127هـ :
ذلك ورد في كتاب الطبقات الكبرى لصاحبه محمد بن سعد :
حديث 10061 :
أخبرنا محمد بن عمر حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن أبي عون عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله : (و ما كان لكم أن تؤذوا رسول الله و لا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا ) , قال : نزلت في طلحة بن عبيد الله لأنه قال : إذا توفي رسول الله تزوجت عائشة .
· ملاحظة : محمد بن عمر هو : محمد بن عمر بن واقد توفي سنة 207 هـ
متروك الحديث و قال عنه النسائي ليس بثقه
وذكره البخاري ، فقال : سكتوا عنه ، تركه أحمد وابن نمير .
قال مسلم وغيره : متروك الحديث .

*******القسم الرابع :
ما ورد عن السدي توفي سنة 127 هـ في هذا الأمر
الخبر : أخرج ابن أبي حاتم في تفسيره
عَنِ السُّدِّيِّ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : بَلَغَنَا أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ ، قَالَ : " أَيَحْجُبُنَا مُحَمَّدٌ عَنْ بَنَاتِ عَمِّنَا ، وَيَتَزَوَّجُ نِسَاءَنَا مِنْ بَعْدِنَا ؟ لَئِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ لَنَتَزَوَّجَنَ ّ نِسَاءَهُ مِنْ بَعْدِهِ ، فَنَزَلَتْ ِ الْآيَةُ " .
و قد نقل أيضا السيوطي و الشوكاني هذا القول عن ابن أبي حاتم

التعليق :
نستنتج هنا أن هناك خمس شخصيات توقف عندها السند ليسوا صحابة أقدمهم قد يكون ولد بعد سنة 40 هـ سنذكرهم مع التعليق مع ترتيبهم بزمن وفاتهم :
1- قتاده بن دعامة ( 60 - 117هـ ) : لم يقل ذلك بل قالها معمر بن راشد و لم يقلها بصيغة الجزم بل قال ( سمعت ) ذكر ذلك في تفسير عبد الرزاق الصنعاني جاء بعد ذلك عبد بن حميد وابن المنذر و ذكروها عن عبد الرزاق الصنعاني ظنا منهم أن من قالها قتاده فوقع الخطأ إذا عبد الرزاق الصنعاني أوثق منهما بالنسبة لمعمر و لقتاده يكفي أن عبد بن حميد و ابن المنذر ولدا بعد وفاة قتادة و معمر بن راشد .
2- أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم توفي سنة 117هـ و قد ذكرنا أن المشكلة في الحديث بسبب راوي الحديث الواقدي فقد ثبت ضعفه عند أهل الحديث و تركوه لن تجد له في الصحيحين و السنن .
3- اسماعيل السدي توفي سنة 127 هـ متروك في البخاري تماما يكفينا هنا أنه قال
( بلغنا ) و لم يؤكد .
4- مقاتل بن سليمان توفي سنة 150 هـ متروك في الكتب السته الصحيحين و السنن إذا كيف نقبل منه أمرا كهذا .
5- معمر بن راشد ( 96 -153 هـ ) أتى بعد التابعين ليس له صلة مباشرة بالصحابة بل ينقل عن التابعين قد ذكرنا له قولا في تفسير عبد الرزاق أنه سمع فقط و ليس جازما بأنه طلحه بن عبيد الله رضي الله عنه أما ما ورد عن مكي و النحاس عن معمر في تفسير القرطبي بصيغة حكى أنه طلحه رضي الله عنه فيحتاج القرطبي إلى مصدر يؤكد ذلك نطلع عليه لنعلم هل جاءت بصيغة الجزم من معمر أم غير ذلك مثله مثل ما ورد في تفسير عبد الرزاق الصنعاني مع العلم أن مكي لم يروي عن معمر أما النحاس فقد ولد بعد وفاة معمر ( راجع ترجمتهما ) فكيف يحكيان عن معمر ؟ لا بد أنها أخبار مرسلة أتتهم فحكوا عنها و هذا هو الواضح .
** مع الأخطاء التي تحصل في النقل و انقطاع السند لقد انحصرت هذه الأقوال أو وقفت عند هؤلاء التابعين أو تابع التابعين دون أن تكمل طريقها لقول صحابي يقوم بتوثيقها
إذا من غير المعقول أن يقبل إنسان بسيط قصة من شخص لم يحضر زمنها و لم يحدث عن شخص حضر هذه القصة بل نسبها إلى نفسه مع العلم أن الوحيد الذي نسبها إلى نفسه هنا هو مقاتل بن سليمان غفر الله له .
**** رضي الله عن طلحة بن عبيد الله جار رسول الله صلى الله عليه و سلم في الجنة****
****** اللهم بلغنا جوارهم ******
تم بحمد الله و نسأل الله من فضله .

****المصادر :
** *****تراجم الرجال رحمهم الله :
1-أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم (توفي سنة117 هـ )
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=11949
2-قتاده بن دعامه (60 - 117هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=16815
3-اسماعيل السدي ( ؟ -127هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/d...k_no=60&ID=749
4-مقاتل بن سليمان ( ...- 150هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=17131
5-معمر بن راشد (96 - 153 هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=17124
6- محمد بن عمر هو : محمد بن عمر بن واقد توفي سنة 207 هـ
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=15472
7-عبد الرزاق الصنعاني (126-211هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=16360
15-مكي بن ابراهيم (120-214هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=17140
17- عبد بن حميد ( 171-249هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=16298
16-أبو عمير النحاس ( ؟؟؟-256هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=12117
18-ابن المنذر(241-310هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=12918
4-ابن أبي حاتم عبد الله الحنظلي ( 240-327هـ)
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=16328
5-محمد بن سعد (توفي سنة 349هـ).
http://www.islamweb.net/newlibrary/d..._no=60&ID=3249
13-أبو نصر عبد الرحيم القشيري (؟- 514هـ) لقد أخطأ القرطبي في اسمه و قال عبد الرحمن :
http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=12851
6-يحيى بن سعدون بن تمام القرطبي ( 480ـ 567هـ)

http://www.islamweb.net/newlibrary/s....php?ids=14979
7-جلال الدين السيوطي (849-911 هـ)
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%...88%D8%B7%D9%8A
8-محمد بن علي الشوكاني (1173-1255هـ)
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%...A7%D9%86%D9%8A

**********روابط التفاسير للإطلاع على الجزئية الخاصة ببحثنا مرتبة بوفاة المؤلف رحمهم الله :
1- تفسير مقاتل بن سليمان
2- تفسير عبد الرزاق الصنعاني
3- تفسير ابن ابي حاتم
4- هنا تجد لابن سعد حديث الواقدي عن ابن حزم
5- تفسير القرطبي
6- تفسير السيوطي
7- تفسير الشوكاني