فضربنا على آذانهم في الكهف سنين عدداً
الدكتور: صالح صواب.
تأملات سورة الكهف: (12)
قال تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا} [الكهف:11].
دعا الفتية ربهم أن يؤتيهم رحمة، ويهيئ لهم من رشدا، فكانت النتيجة أن ضرب الله تعالى على آذانهم سنين عديدة.
والضرب على الآذان عبارة عن النوم، غير أن مما يستحق الوقوف عنده استعمال هذا اللفظ في التعبير عن إلقاء النوم، ولهذا قال القرطبي عند هذه الآية: "وهذه من فصيحات القرآن التي أقرت العرب بالقصور عن الإتيان بمثله".
وذلك أن النائم عندما يغط في النوم العميق لا يسمع شيئا، وكأن أذنه قد سدت، وكذا حال هؤلاء لم يسمعوا شيئا ولم تعد الأصوات تصل إلى آذانهم.
وفي هذه الآية دروس وعبر، منها:
1- أن الإنسان قد يدعو بدعاء، ويرجو رجاء، فيكون نجاته بشيء لا يتوقعه ولا يتصوره، وقد يكره ذلك الشيء، لكن الخير ما اختاره الله تعالى.
2- ليس في قدرة الله تعالى شيء مستحيل أو مستبعد، فهو المالك، وهو المتصرف في هذا الكون كله، جملة وتفصيلا، وما من جرم من الأجرام، أو ذرة في السموات والأرض إلا وهو خاضع لملكوته سبحانه، هو قادر سبحانه على أن يهب الحركة للساكن، ويسكن المتحرك أيا كان هذا المتحرك، وبإرادته تتغير القوانين الكونية بمعجزة إلهية، فلا تستغرب شيئا من فعله وقدرته سبحانه وتعالى.
