النطق الصحيح للضاد هو أن تكون قريبة من الظاء في السمع ولا تختلف معها إلا في الاستطالة وهي لا تكون متحققة إلا في المسكن سواء كان مثقلا أم مخففًّا ، وهذا الذي يتفق مع وصف المتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة والقراءة ، وأكتفي بنقل كلام مكي بن أبي طالب ( 355-437 هـ ) ؛ لعدم توفر الكتب لدي الآن .. قال في باب الضاد من كتاب << الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق لفظ التلاوة >> :
" .. والضاد يشبه لفظها بلفظ الظاء ، لأنها من حروف الإطباق ، ومن الحروف المستعلية ، ومن الحروف المجهورة ، ولولا اختلاف المخرجين وما في الضاد من الاستطالة ، لكان لفظهما واحدا ، ولم يختلفا في السمع . " .
وأما الضاد التي نسمعها اليوم من المصريين ومن تأثر بهم فهي دال مفخمة بلاشك ، وإذا أردت أن تتحقق من ذلك بكل سهولة فسجل نطقك للضاد التي تلقيتها عنهم ، ثم سجل نطقك للدال مفخمة ، واستمع إليها وجاهد نفسك في التفريق بينهما .
ومن اللطيف أن الضاد الفصيحة يتحقق الفرق البسيط بينها وبين الظاء إذا استطيلت في المسكن مخففا كان أو مثقلا ، وأما الضاد الحادثة فلا تتشابه مع الظاء إلا إذا استطيلت في المسكن مخففا كان أو مثقلا !! [ وإن كانت كذلك ضعيفة الشبه حتى في الحالة هاته ] .
وأما فيما يتعلق بالإسناد والتلقي فأكثر الأيمة الذين تتصل أسانيدنا بهم ينصون على ذلك ، وأصرح من نص على ذلك نصا لا مرية فيه الإمام ابن غانم المقدسي ( ت 1004 ) وكل أسانيدنا تتصل به ، وقد ألف رسالة صريحة واضحة رد فيها على من يفخمون الدال ويزعمون أنها ضاء ، وبين فيها أن النطق بالضاد الفصيحة شبيه جدا بالظاء وسماها : << بغية المرتاد لتصحيح الضاد >> واستدل على ذلك باثني عشر دليلا عقليا واثني عشر دليلا نقليا !!
وقد تكلم عن هذه الرسالة الباحث الفاضل غانم قدور ونقل منها في كتابه : << الدراسات الصوتية عن علماء التجويد >> .
وأما عن سند القراء المصريين إلى المؤلف ، فإني سأنقل لك سند المقرئ الكبير الشيخ أحمد الزيات إليه وهو من مصر وهو ممن يقرئ بالدال المفخمة !
فقد قرأ الشيخ أحمد الزيات على عبدالفتاح الهنيدي ، وهو على المتولي ، وهو على الدري التهامي ، وهو على أحمد سلمونة ، وهو على العبيدي ، وهو على الأجهوري ، وهو على البقري الصغير ، وهو على البقري الكبير ، وهو على عبدالرحمن شحاذة اليمني ، وهو على ابن غانم المقدسي صاحب الرسالة ، وهو على السمديسي ، وهو على الأميوطي ، وهو على ابن الجزري ، وهو على محمد بن عبدالرحمن الصايغ ، وهو على محمد بن أحمد الصايغ ، وهو على صهر الشاطبي ، وهو على الشاطبي ، وهو على ابن هذيل الأندلسي ، وهو على بن نجاح ، وهو على الداني ، وهو على أبي الحسن طاهر ، وهو على الهاشمي ، وهو على الأشناني ، وهو على عبيد بن الصباح ، وهو على حفص ، وهو على عاصم ، وهو على السلمي ، وهو على عثمان ررر وهو على رسول الله (ص) .
وقد أطلت بذكر السند إشارة إلى أمرين : أحدهما أن ضادنا مسندة ، وثانيهما هو أن بعض الناس يستشكل ورود نصوص صريحة عن بعض الإيمة المسندين تخالف ما تلقاه عنهم بواسطة شيوخه ، فأقول إن الإمر ليس غريبا فقد حصل هذا كثيرا ، ومع ذلك الأمر ليس مهولا ؛ لأن أكثر هذه الأمور تتعلق بالأداء وأمره سهل ، ولكن ينبغي الرجوع لنصوص الإيمة لأنهم أصل القراءة ، ولذلك تراجع المتولي رحمه الله عن الإدغام بغنة في اللام والراء لورش من طريق الأزرق مع أنها تلقاها عن مشايخه وكانت مشهورة عند القراء في عصره ، ومع ذلك تراجع لما لم يجد عليها نصا .