كتاب: (بغية القاصدين من كتاب مدارج السالكين)
كتاب: (بغية القاصدين من كتاب مدارج السالكين)
قراءة في كتاب
إعداد:
د. خالد سلطان السلطان
من مؤلفات الشيخ عبدالله السبت -رحمه الله
كتاب: (بغية القاصدين من كتاب مدارج السالكين)
بعد رحلة طويلة ومشرقة قضاها شيخنا الوالد عبدالله بن خلف السبت -رحمه الله- في مجال العلم والدعوة إلى الله حتى انتهت هذه الرحلة المباركة -بقدر الله- بوفاة شيخنا في 19شوال 1433 الموافق 7/9/2012، فتوجهت الهمة لجمع مؤلفات شيخنا الراحل؛ فقام د.خالد جمعة الخراز، ود. خالد سلطان السلطان بإخراج مجموع مؤلفات الشيخ عبدالله بن خلف السبت، وهو أول عمل جمع علوم الشيخ -رحمه الله- كان ذلك في عام 1438 / 2017، وكان عمل الباحثين هو جمع كتب الشيخ ورسائله وترتيبها بحسب سنة الطبع والتعليق عليها بالتخريج لأحاديثها، وشرح بعض الغريب من كلماتها، وتصويب أخطائها الطباعية، مع إعداد ترجمة مختصرة لمؤلفها -رحمة الله عليه وأسكنه فسيح جناته وجزاه الله خير الجزاء.
ونحن اليوم مع الكتاب السادس من كتب شيخنا -رحمه الله- وهو كتاب: (بغية القاصدين من كتاب مدارج السالكين) الذي طبع عام: 1414هـ / 1994.
فهرس الكتاب وموضوعاته
بدأ الكتاب بذكر الصراط المستقيم والطريق إليه، ثم اشتمال الفاتحة على أنواع التوحيد والهداية وشفاء القلوب والعبادة والاستقامة وشروط قبول العبادة وسر العبودية، ثم العبودية العامة والخاصة ثم بدأ بمنازل السالكين، واختار شيخنا السبت -رحمه الله- 19 منزلة مع مختصر الآيات والأحاديث والتعليق المناسب لكل منزلة، وأما أصل الكتاب فقد وصل ابن القيم إلى 72 منزلة، وسبب اقتصار شيخنا السبت -رحمه الله- على 19 منزلة فقط لأن كثيرا من المنازل قريبة المعاني من بعضها بعضا، وإن بعض المنازل فيها شيء من التكلف الذي وصل إليه بعض المتصوفة؛ فلخوف شيخنا على القارئ رأى الإعراض عنها.
المقدمة
في بداية عهد الشيخ -رحمه الله- تعلق بكتاب (إحياء علوم الدين) للإمام الغزالي وسبب التعلق كانت من نصح أخ ناصح أراد الخير؛ وذلك لرغبة من الشيخ لقراءة كتاب يهذب النفس ويصقلها، وبعد أن مضت الدنيا ونور الله بصيرة شيخنا لمنهج السلف الصالح، علم أن كتاب الغزالي مع جمال الأسلوب إلا أنه فاسد بسبب ما فيه من أوهام وترهات وشوائب تفسد الفطرة وتذهب البصيرة؛ فعزم على الانتقال من هذا الكتاب إلى غيره من كتب السلفيين.
أصدق عبارة قيلت في التهذيب
يقول -رحمه الله-: وإن كنت أجزم أن أصدق عبارة قيلت في التهذيب ما يعزى للإمام أحمد بن حنبل -رحمه الله- «من لم يتعظ بالقرآن فلا اتعظ»، فيمم الشيخ وجهه لكتب ابن القيم -رحمه الله- ومنها (مدارج السالكين) وبعد الغوص فيها رأى شيخنا الحاجة لتهذيبه مع الاحتفاظ بأسلوب ابن القيم في عبارته حتى لا يخرج التهذيب عن مضمون الكتاب وغرضه.
الدفاع عن ابن القيم -رحمه الله
دافع الشيخ السبت -رحمه الله- عن ابن القيم ورد كلام من اتهمه بالصوفية، وذلك من خلال مؤلفاته كـ (النونية) و(الصواعق المرسلة)، كما عزم شيخنا -رحمه الله- على إفراد مؤلف يجمع ملاحظات عامة حول صوفيات ابن القيم والدفاع عنه من مؤلفاته وكتبه بل والرد على الصوفية ليتجلى للجميع سلفية ابن القيم من جهة، وبيان خطورة التصوف على الأمة.
وأشار -رحمه الله- إلى دور -الدار السلفية- في نشر المؤلفات السلفية، وأنها منذ نشأتها أصبحت منارا للهدى وعلما شامخا تنير الطريق لسالكيه، وإن كشف عوار الفرق وإظهار ما عليه مؤسسوها من ضلال.
نصيحة
قال -رحمه الله-: نرجو من كل داعية مخلص أن يسلك الطريق السوي طريق أهل الهدى من الصحابة والتابعين -رضوان الله عليهم- وفي هذا بيان لقوم يعقلون.
مقدمة الشيخ محمد حامد الفقي -رحمه الله
وضع الشيخ السبت مقدمة الشيخ الفقي كاملة؛ لأنه هو من حقق كتاب (مدارج السالكين)، وقال: توجهت الهمة إلى طبعة هذه الطبعة المجودة الأنيقة لتسد الحاجة الماسة إليه في عصر المادة، ولقد كانت مقدمة الفقي -رحمه الله- بيانا شافيا لعقيدة أهل السنة والجماعة وردا محكما على جميع المخالفين ولا سيما الصوفية وإخوانهم الناعقين بوحدة الوجود.
مقدمة ابن القيم -رحمه الله
بعد الثناء على الله والصلاة على رسوله، استهل ابن القيم بذكر الوحي ودلالته على كل خير وسعادة في الدارين، تعجب -رحمه الله- من أقوام أرادوا الهدى من غير القرآن وأرادوا العلم من غير الوحي، وأرادوا الاستقامة من غير اتباع لمن بلَّغ الوحي، فهؤلاء حرموا الوصول؛ لأنهم ضيعوا الأصول.
قال ابن القيم -رحمه الله-: فلما كان كمال الإنسان إنما هو بالعلم النافع والعمل الصالح وهما بالهدى ودين الحق... ننبه على هذا بالكلام على فاتحة الكتاب وأم القرآن وعلى بعض ما تضمنته هذه السورة من هذه المطالب، وما تضمنتاه من الرد على جميع طوائف أهل البدع والضلال، وما تضمنته من منازل السائرين ومقامات العارفين.
الإخلاص لله هو حقيقة الدين
إن عبادة الله لا تقوم ولا تستقيم إلا بالإخلاص له؛ فالإخلاص لله هو حقيقة الدين ولب العبادة وشرط قبول العمل، وهو بمنزلة الأساس للبنيان وبمنزلة الروح للجسد؛ فلا عبادة ولا عبودية لمن لا إخلاص له، قال الله - سبحانه وتعالى مخبراً عن أعمال الكفار التي لا إخلاص فيها ولا توجيه-: {وَقَدِمنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِن عَمَلٍ, فَجَعَلنَاهُ هَبَاءً مَنثُوراً}؛ فهذا الإحباط للعمل والإبطال للسعي نصيب كل من لم يخلص لله -تعالى- في قوله وعمله، قال الله - سبحانه وتعالى -: {مَن كَانَ يُرِيدُ الحَيَاةَ الدٌّنيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيهِم أَعمَالَهُم فِيهَا وَهُم فِيهَا لا يُبخَسُونَ ` أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعمَلُونَ}، فالله -تعالى- أغنى الشركاء عن الشرك وهو يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وإن من أعظم أسباب غياب الإخلاص في أعمال كثير منا هو طلب الدنيا ومحبة المدح والثناء؛ فإن الإخلاص لا يستقر في قلب مليء بمحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس، قال ابن القيم - رحمه الله -: فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولا فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة؛ فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص.