تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الليبرالييون و المنتكسون تناصر في وقت الهزيمة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    120

    افتراضي الليبرالييون و المنتكسون تناصر في وقت الهزيمة

    بسم الله الرحمن الرحيم

    هناك مصادفة فكرية , ومصادقة جديدة مشبوهة ظهرت أخيرا بين فئتي المنتكسين والليبراليين , طالما أصاب الأمة من أمثالهما صنوف الأذية والتشكيك والتلبيس , حتى غدا الواقع اليوم في كثير من الأحيان يعيش مرحلة التشويه والتشويش , وقد رأى المسلمون ما كانوا يسمعونه أو يقرءونه في كتب التاريخ , حينما برزت بعض الطوائف التي أوغلت في القطيعة لحقائق الإسلام وأهله , حتى امتحنوا العامة فضلا عن الخاصة ليغيروا من قناعاتهم الإسلامية التي نشئوا عليها , وقد كان هدفهم هو ذاك الواقع بتلك الصورة القاتمة التي وصلت إلينا , إلا أن الله سبحانه خذل أولئك في أولى مراحل خططهم , وقد بلغنا الإسلام صافيا وبلغنا تاريخ أولئك عكرا .

    ولو أردنا أن نقرأ شيئا من التاريخ لقلنا : أين هي مكانة ابن أبي دؤاد من احمد بن حنبل بين أهل العلم , وأين هي مكانة شيوخ الأشاعرة والصوفية من احمد بن تيمية في شهرته في العالم الإسلامي , بل أين مكانة عامة أهل السنة من عامة أهل البدعة في صفاء العقيدة ونحن نرى تتابع المناهج الأخرى في الاستقاء من مصادر أهل السنة والمنهج السلفي , وقد قال بعض شيوخ السلفية : إن العامي من الموحدين يغلب ألفا من علماء المبتدعة .

    وفيما يماثل ذلك الخلل الفكري ما نشأ في العالم الإسلامي في وقت قريب - في عصر التصوف - ما يسمى بتقديس الأشخاص والهيئات , أو ما يوصف بوقتنا بصورة مقربة بـ ( الحرية الشخصية ) . حتى جعل هذا التقديس لرؤوس التصوف حق الشذوذ الجنسي - في مقابل الشذوذ الفكري في وقتنا – ليجعل أولئك المتصوفة ومن ورائهم بتلك الحرية بابا يهتكون به صروح السيرة الحسنة للمتدينين , والتي تناقلها الناس عن أهل العلم والدين عن بعضهم وارثا عن وارث , وقد ردع الناس في عصر أولئك الصوفية عن أن ينكروا أو يوضحوا أو يصححوا ما فسد في منهجهم الذي أراد منه النفعيون طمس معالم الإسلام باسم الإسلام الصوفي المزعوم .

    حتى مر على الأمة الإسلامية فترة تخلف وانحطاط قادها ساسة المتصوفة النفعيون , أوصلت المسلمين إلى هذا الحد من الجهل والتخلف بحجة أن الشيخ الصوفي الفلاني ( حر ) بما يقول ويفعل , ولهذا لا تقولوا له شيئا و لا تردوا عليه . حتى بلغت الحال أن يقوم الصوفي المقدس إذا أحضر إليه مجنون لعلاجه بالرقية أن يختلي به - إن كان أمردا - اختلاء شاذا حتى يعالجه مما به من مس ..!! بل ويضع على رأسه مسحة التقديس حتى يفعل المجنون بالناس ما يشاء , كما تفعل الجواميس بالديار التي يقدسها أهلها .!

    ولأن العلم ( والردود ) وضّح أمر أولئك وكشف حالهم وقف بعض أولئك المتصوفة مع ساسة الاستشراق – كما هي حال الليبراليين اليوم – لكي يرتبوا لفكرهم المنحط والمصور بالصورة نفسها اليوم . وقد وقفوا أمام من يريد كشف أحوالهم وتطورات شذوذهم ليصفوه بأسوأ الأوصاف من التشدد والغلو والإرهاب أو بالوهابية بالصورة المشوهة , حتى جاء أن المستعمرين أعانوا الصوفية في بناء التكايا والزوايا التي يمارسون بها طقوسهم , في وقت وقف فيه أولئك الشذّاذ أمام نشر العلم حتى لا ينكبوا .

    بل بلغت الحال ببعض الصوفية في ذلك الوقت – كما فعل الليبراليون اليوم – لان يباركوا للغزو الصليبي على ديار المسلمين , كما حدث في بلاد المغرب الإسلامي آن ذاك , ولعل البعض يذكر ما فعله السنوسيون الصوفية مع عمر المختار رحمه الله - لما وقفوا مع الغازي الصليبي ضد جهاد تلك الفئة المجاهدة .

    هاهو التاريخ بين أيديكم لتقرءوا ما قاله رئيس الطريقة التجانية في الجزائر بين يدي الكولونيل الفرنسي آن ذاك حينما قال له : إن من الواجب علينا إعانة حبيبة قلوبنا فرنسا ماديا أدبيا وسياسيا , ولكم أن تقرءوا أيضا تاريخ أبي حامد الغزالي رحمه الله - شيخ الصوفية - ليخبركم المؤرخون أنه ألف كتابه الإحياء دون ذكر لما يفعله الغزاة الصليبيون في وقته , وقد كان في زاويته في الجامع الأموي وهم من حوله وكأنه في كوكب آخر لا يعيش بين المسلمين , فما بالك بتلامذته .!

    وبنظر هؤلاء الليبراليين والمنتكسين فما دام الإنسان له الحرية الشخصية المشابهة بصورة أوسع لتقديس الأشخاص كما سبق .. فله أن يقول ما يشاء وله أن يفعل ما يريد , وله أن يكتب مقلا شاذا وله أن يصور فساده بصورة مماثلة لعمل المتصوفة , ليطلع الناس على تلك السفاهة وعظيم الشذوذ , وليعيد للأمة تلك المرحلة المظلمة وإن كانت بوجه جديد وأسماء مختلفة .

    ولأن أئمة الدعوة النجدية كشفوا للناس حقيقة ما يعيشه المسلمون في عصر الانحطاط الصوفي جاء أمثال هؤلاء الليبراليين والمنتكسين اليوم ليقفوا معا في خندق واحد ضد منهج أولئك المخلصين , وقد عاشت تلك الفئتين هما واحدا , ومنهجا واحدا , وقد التقت الأهواء والشهوات , وتلاقحت الأفكار , ليصفوا أهل العلم بأنهم يسعون لزعزعة الفكر , وأنهم يمنعون من حرية الرأي , تلك الحرية التي وجد فيها المنتكسون بغيتهم , ووجد فيها الليبراليون لعبتهم على هؤلاء المنهزمين ليكونوا لهم صدى لصوتهم الذي بح من سنين طويلة , حتى يؤنسوهم في وحشتهم .

    لذا فإنه من الواجب أن يطلع هذا الجيل الجديد على مستوى الإحباط الذي مر بالأمة الإسلامية في تلك الفترة , والذي تسبب به جملة من أصحاب الأهواء الشخصية والمطامع المادية والشهوانية وإن تعددت مشاربهم , أو تجددت شخصياتهم في عصرنا , وإن سموا بأهل الوسطية أو التيسير , حتى لا يلدغوا من نفس الجحر الذي لدغ به كثير من المسلمين في عصور مضت , وحتى يعلموا أن هذا الفكر التلاقحي الجديد لا يتقن غير ذلك التخريب .

    ولتلك الأهواء وجد المنتكسون بغيتهم عند الليبراليين , لأن الليبراليين أصحاب تجربة , لهم تاريخهم في نسف الحقائق وتقديس النفس والشهوة , و قد يستعينون ببعض الأفكار العلمانية إذا وجدوا فيها ما يفيدهم , كالانقلاب على تحكيم الشريعة والتي فيها ما يقطع عليهم تقرير أهوائهم واضطراباتهم , مما يضطرهم لأن ينقلبوا على المطالبين بتحكيم الشريعة كالدعاة وأهل الخير حتى يشوهوا من صورتهم ليسقطوهم من أعين الناس خوف كشفهم , سواء عن طريق كشف اختلافاتهم أو أخطائهم الشخصية أمام الناس والتي لا يخلو منها بشر , أو حتى عن طريق ذكر أقوالهم التي قد لا يستوعبها بعض العامة , وهذه من إحدى المراحل .

    وقد بحث الليبراليون للمنهزمين طريقة ظريفة كي لا تكشف انتكاستهم للناس , حتى يمهدوا للناس تدرجهم في واقعهم الجديد وقد الجؤوهم إلى أن يمرحلوا انتكاستهم , وذلك بأن يجعلوا ما يعتقدون من أقوال عبارة عن قول آخر في مسألة خلافية مع قناعتهم أن ذلك القول مخالف لما يعتقدون , فلما رأوا أن طريقتهم قد كشفت انطلقوا إلى كتب الأصول ليخلخلوا مسألة الإجماع التي وقفت سدا منيعا أمام ترهات إخوانهم السابقين , حتى إذا جادلهم مجادل قالوا : إن الإجماع أيضا بحاجة إلى تحرير وضبط , وقد شككوا بعض الغفل في ذلك .

    ثم تفاجئوا أن علماء المسلمين قرروا قضية أخرى مجمع عليها اثبت لها أهل العلم قريبا من مائة دليل , ليست بدعا من القول لها أدلتها وتقريراتها اعني مسألة ( سد الذرائع ) , قررها أهل العلم - في سالف الزمان لسد سيل الفساد الخلقي والعقلي لفئة المنهزمين المتساهلين أمثال هؤلاء , فكانت تكية سالفي هذا الفعل هي نفس تكية الخالفين التي جعلوها مرفئا يشركون المسلمين معهم في فسادهم حتى تختفي معالم انتكاستهم , وقد وقف باب سد الذرائع أمامهم حتى كشفت الحيلة وحتى اهلكوا أنفسهم في ذلك , فلما عجزوا بحثوا لهم عن حيلة أخرى كالشاة العائرة .!

    فعمدوا إلى عقيدة بعض الجهمية وذلك بتقديم الشك على الكتاب والسنة , حتى رجعوا إلى مسائل في العقيدة شككوا المسلمين بحقيقتها وثبوتها مع أنه فرغ منها منذ قرون , فكانت طريقة بعضهم أن يسأل من يناقشه : ما دليلك على ما تقول ؟ مع أنهم لا دليل عندهم , فيكون المناقش لهم قد تخفى عليه بعض الأدلة فيدخله الشك والحيرة , فلما حاورهم أهل العلم كشفت طريقتهم , فكان أن بحثوا لهم عن أسلوب آخر وطريقة أخرى .

    فانطلقوا إلى أصول المعتزلة لعلهم يشفون غليلهم مما في نفوسهم , وذلك أن المعتزلة تقدس العقل ( حرية الرأي ) وتجعله مقدما على الكتاب والسنة . ولهذا لما قيل لبعضهم عن حديث إن الموت يكون كبشا يوم القيامة قال : لا يعقل .! وقد كانت طريقة ابن تيمية في كشف أولئك العقلانيين نكبة أخرى , حينما قال إن العقل يتناقض بمثله , فأقروا بذلك , وقد ذكر رحمه الله اقتتال رؤوس العقلانية المعتزلة فيما بينهم حتى اسقط بعضهم بعضا بحرية العقل , فكان ما ادخل المنتكسون فيه أنفسهم أصعب عليهم مما خرجوا منه حتى ولجوا في متاهاتهم العقلية , والتي أوصلت أحدهم لأن يشك في محمد عليه الصلاة والسلام بنفس منطلق الفلاسفة القدامى , ولك أن تعجب من ذلك !

    فلما كشفت اغلب طرقهم حاولوا أن يغيروا من نظرة الناس لصورة التدين نفسه , حتى لا يسقطوا أنفسهم , وحتى لا تتشوه صورتهم , فقالوا : إنه لا يوجد في الشرع شيء يقال له تدين , الناس كلهم على صفة واحدة و أن هذا التقسيم منهج جديد , ليصلوا إلى المرحلة التي لو كشفت لسقطوا فعلا قبل أن يكملوا مشروعهم التخريبي .

    ثم تتابعت عليهم النكبات , حتى عجزوا أن يخفوا ما بداخلهم من فساد وأهواء , فنسفوا ما بقي لهم من حياء و التقوا عيانا مع مشبوهي الليبرالية , ثم اثنوا عليهم صراحة , حتى دافعوا عنهم فيما قالوه في الإسلام وتشويه صورته , فكان أحدهم يقول عن بعض رؤوس الليبراليين ( أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة .. ) , بل وصرحوا بما كان يدور بينهم في الخفاء .

    ثم كُشف كثير منهم وبان للناس أنهم لا يقصدون حقا , وأن ما فعلوه إنما كان لتمرير باطلهم وزيفهم , حتى أشهروا انتكاستهم علنا , فبدؤوا فعلا بتغيير صورتهم الظاهرة حينما اختفى الرقيب عليهم واختفت شخصيات كان لها تأثير واضح , لأن التدين كان لحاجة أو لصداقة أو لشهوة نفسية أو لحزب , فلما عدمت كشف كل شيء وتغيرت الأحوال نسأل الله العافية والسلامة .

    وبعد أن تكشفت الخبايا بدأ الليبراليون لعبتهم الأخيرة وقد أخذوا هؤلاء المنتكسين لحما ليرمونهم عظما , لتكون هذه اللعبة الأخيرة هي الضربة القاضية لجزء من أهل الخير طالما ذاق الممسوخون منهم صنوف التشويه والإسقاط وقد جاء اليوم الذي ينتقمون فيه منهم , وقد استغفل المنتكسون عن طريق سحبهم إلى الحلبة الإعلامية المشوهة ليقولوا في إخوتهم ومناهجهم السلفية السابقة ما عجز أولئك أن يقولوه منذ سنوات طويلة , وليكون هذا الزج الإعلامي نكاية في أهل العلم المخلصين والدعاة الصالحين , وقد ظن هؤلاء الليبراليون أن مثل هذه الطرق من الممكن أن تضعف أهل الدين والخير , وما علموا أن مثل هؤلاء الذين استخدموا لم يكونوا إلا مثالا لما سبق من الأمثلة التي مرت على الأمة الإسلامية منذ بدأ الإسلام حتى يومنا هذا .

    فهل يقرأ الليبراليون التاريخ ليعلموا هذه الحقيقة , أم قلوبهم في غفلة من هذا ؟

    ليت شباب المسلمين يدركون مستوى خسارة هؤلاء المتثاقفين , ليتهم يلحظون ذاك الاضطراب الطَّوري , والتصادم الفكري لتلك الفئتين , وإن تعددت أساليبهما أو تغيرت معالمهما , ليتهم يفتشون في صفحات التاريخ المركونة المدفونة بين دفات الكتب وأتربة الرفوف وزوايا المكتبات , ليعرفوا مستوى النكبة التي تسبب بها شيوخ هؤلاء لأجدادنا , ولمكنونات الأمة وممتلكاتها , بل ولجيل كامل حتى بلغ بنا اليوم لأن يضحك علينا العالم بأسره , وقد ذقنا مرارة الحرمان لمكانة كان من المفترض أن نمتلكها حتى نعلوا بها حطام الأمم .

    كثيرا ما كنت أقول لبعض الأخوة إن من هؤلاء الذين انتكسوا في الأخير - نسأل الله لنا ولهم الهداية - لم يكونوا بذاك المستوى العلمي بقدر ما كان عندهم من آلة التكلم مع بعض الشكوك والشبهات , وقد وجُدت تلك الآلة من كثرة المخاصمة واللجاج نسأل الله العافية , وهذه مقالاتهم ومقابلاتهم تشهد لذلك , أين هي المادة العلمية سوى ما يطرحون بين الفينة والأخرى مما يدور في خلجاتهم من تلك الشكوك أو الشبهات أو ذاك التاريخ المليء بالمتناقضات , أو حتى قصصهم ومواقفهم مع مشايخهم أو إخوانهم , أين هي المادة العلمية لهؤلاء وقد رأينا اصغر طويلب علم يكفيهم ليكشف للجميع ضحالة فكرهم و مستوى جهلهم , أو شبهاتهم وشكوكهم , وقد اتضح ذلك أكثر مع مرور الأيام وما صرحوا به في الأخير من تلك الشبهات .

    وقد حكى لنا التاريخ من ضحالة علم هؤلاء بالكتاب والسنة ما جرى للجهم بن صفوان أو الجعد بن درهم أو حتى ابن أبي دؤاد ما يبين أن هؤلاء عبارة عن صورة مطابقة مستقلة لما ينشز من الأرض والمجتمعات , وربك الحكيم العليم كيف وكل هؤلاء إلى شكوكهم وشبهاتهم مع أن الناس في كثير من الأحوال تمر بهم بعض الشبهات التي تكلم الله سبحانه وتعالى عن وجودها في صدر سورة آل عمران , وتكلم عن معاودتها للأنفس , وكما حدث ذلك لبعض صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكان سكوتهم عن إبدائها هو صريح الإيمان كما جاء في مسلم .

    ومع قلة مادتهم العلمية رأينا منهم من يفتي في مدلهمات الوقائع والأحداث وهو لا يعرف ما تعرفه عجائزنا من المسنونات فضلا عن الواجبات المتحتمات , حتى تراه يطالب أن يكون هناك حوارا في ذلك مفتوحا لكل احد , مع أن الواقع أن يجعل لكل مخصوص مختص , حتى إن أحدهم يريد أن يناقش في أمور العقيدة وهو لا يعرف معنى لا اله إلا الله مع أنه نشأ في بلد الإسلام .!

    إن قصة تلك الفئة المنتكسة بكل مشاهدها وحلقاتها تحكي الاضطراب المنهجي , وأن ما يدعيه هؤلاء من الحرية الفكرية والفلسفات العقلية إنما هي تقعيدات لفسادهم وخللهم العقلي والخلقي لا أكثر , حتى يفكوا عن أنفسهم صبغة الانتكاسة التي لا زال الناس يطاردونهم بها لِما رأوا من خسارتهم لمنهجهم وطريقتهم السليمة السابقة .

    ليست المشكلة في إيجاد هؤلاء العذر لأنفسهم في أي قبيحة يفعلونها , لكن المشكلة في البعض حينما يستسيغ تلك الأعذار المكذوبة , وقد تصور أن مثل ذاك الفساد العقلي عبارة عن محاورات أو كتابات أو مقالات أدبية , أو تصرفات طبيعية لكونهم يرونها من باب الحرية الفكرية الشخصية , أو تعدد الآراء .

    ولو قيل لهذا المنتكس : مالذي غيرك , أين حرصك على الصلاة , أين دعوتك للناس , لماذا تتساهل بالمنكرات .. ماهذا الاتفاق في المفاهيم مع الليبراليين , وغير ذلك , لقال لك : المسألة خلافية .!! مع علمه داخل نفسه أن ما يقوله خلاف الحقيقة ..!

    فإذا عجز عن النقاش وصعبت عليه الحيلة استعان بأقرب ليبرالي لكي يفك عنه الأزمة , حتى يقول لك : انتم لا تقبلون إلا بالرأي الواحد , أو انتم تحتكرون الحق لأنفسكم , أو وصائييون , أو غير ذلك من تلك الألفاظ السائبة والتي جلبها إلينا هؤلاء مما استنشقوه من سموم رحلتهم الغربية . ولو لم يجد المنهزمون في إخوتهم الليبراليين بغيتهم وما يفك كربتهم عن مطاردة الناس لهم غير هذه الطرق - لأوجد لهم الشيطان بابا آخر وطريقة أخرى حتى يجد لنفسه مخرجا و ملاذا عن تدقيق الناس لأفعاله ..! فإذا رأيت مثل هؤلاء فاحمد الله أن عافاك مما ابتلى به غيرك وفضلك على كثير ممن خلق تفضيلا .

    وقد كان المتابعون من أهل العلم وغيرهم ينتقلون مع المنتكسين في توصيف حالتهم كلما انتقلوا من مرحلة إلى أخرى , فلما كان هؤلاء في بداية أمرهم حينما بدءوا بالنقاش العقلي كان اقرب وصف من الممكن أن ينطبق عليهم هو وصف العقلانية مع ما يعرف من مساوئها - لما كان لهم من سلف حاول هؤلاء أن ينساقوا في طريقهم ظنا منهم أنهم سيجدون خلاصا لموقفهم . ثم لما انتقلوا إلى المرحلة الأخرى وهي محاولة إخضاع الدين لمتطلبات الحضارة الغربية كان اقرب وصف لهم من الممكن أن يوضح حالتهم هو العصرانية بوصفها حالة شاذة انتقلت إلينا من أناس مشبوهين . ثم في الأخير لما تكشفت الحالة ونادوا علنا بما في قلوبهم شعر المتابعون أن ما يقوم به هؤلاء إنما هي انتكاسة عن الطريق , فكان وصف المنتكسين اقرب ما يمكن أن يوضح أمرهم للمسلمين حتى لا ينساقوا أمام تلك الرايات المموهة .

    هذه الانتكاسة لا بد أن يدرك الجميع أن هؤلاء هم من تسبب لأنفسهم بها , وهم من قذفها إلى ذلك الجانب , وهم من أوجد لأولئك الفرصة لكي يستثمروا فسادهم العقلي , حتى وصفوهم بالتخصصات المكذوبة , وليس السبب بالضرورة هو هذا المجتمع كما يتوهمه البعض , تماما كما هو الحادث في عهد الصحابة رضوان الله عليهم لما انتكس من انتكس في وقتهم .؟!

    ونحن نرى تقلبات هؤلاء أو غيرهم , وانتقال الراية من شيوخهم إليهم , بل ونفوقهم أحيانا على المجتمع نفسه حتى في أولى مراحل انتسابهم للدين - لم يكن للإنسان ليتصور أن يأتي يوم من الأيام ليرى فيه بعضا ممن انتسب في وقت من الأوقات للعلم والدعوة , ليكون بينه وبين فئة الليبراليين نوع تناصر وتعاضد , مع ما يعلمه الجميع من مستوى خلل الليبراليين الفكري والمنهجي - في وقت لا يزال المسلمون فيه أحوج ما يكونون للاجتماع حول المناهج الصافية .

    على كل حال الحديث انصب على فئة معينة أرادت أن تصور للناس كما سبق ذكره أن مثل هذا التحول الجديد عبارة عن رأي آخر في مسألة خلافية , بطريقة ملتوية , حتى يوهموا المطلعين - كمرحلة أولية - أن المخالفين لهم هم المخطئون على أقل الأحوال , وفي المرحلة الثانية تصنيفهم بالتشدد والغلو أو الوهابية , ولست أعني بالضرورة من يرى أن هذا التحول الجديد ضعف في الالتزام , أو ضعف في الإيمان , وأن هذا الضعف لا يعني التدليس على العامة بتشويه الحقائق ولي النصوص , إنما هو اعتراف بالواقع , بتصوير حقيقي للحالة , وهؤلاء نسأل الله لهم الهداية والتوفيق ليسوا مقصودنا من هذه الأسطر .

    هذه تجربة مرت مع بعض طلبة العلم وبعض الأخوة , وما لنا إلا الظاهر , أما البواطن فقد ذكر لنا منها سبحانه وتعالى علما بين لنا فيه حقيقة وضع هؤلاء المنتكسين ردهم الله إلى رشدهم , وقد قال سبحانه ( فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ) و قال ( في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ) , وغير ذلك كثير في كتاب الله , في مقابل قوله سبحانه ( والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) , ومن تأمل كلام الله سبحانه علم أنه لا يمكن أن يبصّر الإنسانَ على طريق الهداية ثم يضله سبحانه إلا أن يكون السبب من هذا الشخص كما في الآيات السابقة .

    والله اعلم .

    عبدالرحمن بن عبدالعزيز الجفن
    بريدة
    ooo50@hotmail.com
    الملفات المرفقة الملفات المرفقة

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2007
    الدولة
    ~ المــرِّيـْـخ ~
    المشاركات
    1,261

    افتراضي رد: الليبرالييون و المنتكسون تناصر في وقت الهزيمة

    كثيرا ما كنت أقول لبعض الأخوة إن من هؤلاء الذين انتكسوا في الأخير - نسأل الله لنا ولهم الهداية - لم يكونوا بذاك المستوى العلمي بقدر ما كان عندهم من آلة التكلم مع بعض الشكوك والشبهات , وقد وجُدت تلك الآلة من كثرة المخاصمة واللجاج نسأل الله العافية , وهذه مقالاتهم ومقابلاتهم تشهد لذلك , أين هي المادة العلمية سوى ما يطرحون بين الفينة والأخرى مما يدور في خلجاتهم من تلك الشكوك أو الشبهات أو ذاك التاريخ المليء بالمتناقضات , أو حتى قصصهم ومواقفهم مع مشايخهم أو إخوانهم , أين هي المادة العلمية لهؤلاء وقد رأينا اصغر طويلب علم يكفيهم ليكشف للجميع ضحالة فكرهم و مستوى جهلهم , أو شبهاتهم وشكوكهم , وقد اتضح ذلك أكثر مع مرور الأيام وما صرحوا به في الأخير من تلك الشبهات .
    صدقت بارك الله فيك

    مقالتك رائعة ذكرتني بفقيه زمانه خالد الغنامي الذي ملأ الدنيا عويلا وصراخا على حرية المرأة وخلاف العلماء حول حكم حجاب المرأة وصلاة الجماعة ويا ليته على كذا يقدر يصف له كلمتين موزونة بل يردد كالببغاء ما يمليه عليه أسياده الخبثاء.

    وانظر إلى ما يذكر في منتدياتهم من مواقف وهمية وأحداث غير حقيقية لمعلمي القرآن مع تلاميذهم بل ويذكرون أسماء لدعاة معروفين يتهمونهم ب تهم أخلاقية فظيعة، وإني أستغرب صمت الدعاة إزاء هذه التهم.

    أخزاهم الله هؤلاء الملاعين ورد كيدهم في نحورهم.
    يا ربِّ : إنَّ لكلِّ جُرْحٍ ساحلاً ..
    وأنا جراحاتي بغير سواحِلِ !..
    كُل المَنافي لا تبدد وحشتي ..
    ما دامَ منفايَ الكبيرُ.. بداخلي !

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    120

    افتراضي رد: الليبرالييون و المنتكسون تناصر في وقت الهزيمة

    جزاك الله خيرا اختي الكريمة , ولعل مثل هؤلاء اتضح امرهم لكل مطلع , وقد كشفت بضاعتهم , قال تعالى عن امثالهم لما اخرجوا ما عندهم ( لو خرجوا فيكم ما زادوكم الا خبلا ولاوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة , وفيكم سماعون لهم ) .هاهم اليوم يوضعون ويفرقون بين المسلمين بشبهاتهم وشهواتهم يريدون ان يفتنوا الناس وهم قد فتنوا انفسهم , وقد استمع لهم من اراد لنفسه الفتنة نسأل الله السلامة والعافية .

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    214

    افتراضي رد: الليبرالييون و المنتكسون تناصر في وقت الهزيمة

    بسم الله

    بيض الله وجهك شخينا الفاضل ،،

    فقد كشفت أقنعة القوم - أخزاهم الله - الذين هم أخطر على الأمة وعلى دينها من الليبراليين الملاحدة .

    ونسألك المزيد من مثل هذا المقال الجامع المانع ، الذي وضع النقاط على الحروف في أسلوب سهل ومنساب ، وفقك الله وجزاك خيرا .

    أبها / الخميس 1/1/1429

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2007
    المشاركات
    120

    افتراضي رد: الليبرالييون و المنتكسون تناصر في وقت الهزيمة

    الله المستعان ..!

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •