تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 42

الموضوع: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    و الصلاة و السلام على رسول الله و على صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد





    هذه نصائح و وصايا من كتب العلماء لطلبة العلم , أسأل الله أن ينفع بها



    ==========

    1 -كيف يدبر طالب العلم وقته , و لا ينفقه إلا في أهم العلوم



    ابن الجوزي/ صيد الخاطر:



    ينبغي لطالب العلم أن يكون جل همته مصروفًا إلى الحفظ والإعادة؛ فلو صح صرف الزمان إلى ذلك، كان الأولى

    غير أن البدن مطية، وإجهاد السير مظنة الانقطاع،
    ولما كانت القوى تكل، فتحتاج إلى تجديد، وكان النسخ والمطالعة والتصنيف لا بد منه، مع أن المهم الحفظ، وجب تقسيم الزمان على الأمرين:
    فيكون الحفظ في طرفي النهار، وطرفي الليل،
    ويوزع بالباقي بين عمل بالنسخ، والمطالعة، وبين راحة للبدن، وأخذ لحظة.


    ولا ينبغي أن يقع الغبن بين الشركاء: فإنه متى أخذ أحدهم فوق حقه، أثر الغبن، وبان أثره.


    وإن النفس لتهرب إلى النسخ والمطالعة والتصنيف عن الإعادة والتكرار؛ لأن ذلك أشهى وأخف عليها.


    فليحذر الراكب من إهمال الناقة، ولا يجوز له أن يحمل عليها ما لا تطيق.


    ومع العدل والإنصاف يتأتى كل مراد، ومن انحرف عن الجادة، طالت طريقه، ومن طوى منازل في منزل، أوشك أن يفوته ما جد لأجله.
    على أن الإنسان إلى التحريض أحوج؛ لأن الفتور ألصق به من الجد.
    وبعد، فاللازم في العلم طلب المهم، فرب صاحب حديث حفظ مثلًا لحديث: "من أتى الجمعة، فليغتسل" عشرين طريقًا، والحديث قد ثبت من طريق واحد، فشغله ذلك عن معرفة آداب الغسل،
    والعمر أقصر وأنفس من أن يفرط منه في نفس،
    وكفى بالعقل مرشدًا إلى الصواب. وبالله التوفيق.
    ====
    سير أعلام النبلاء/ الذهبي:


    قَالَ أَبُو عُمَرَ بنُ عَبْدِ البَرِّ:سَمِعْت عَبْدَ اللهِ بنَ مُحَمَّدِ بنِ أَسَدٍ، سَمِعْتُ حَمْزَةَ الكِنَانِيَّ يَقُوْلُ:
    خرَّجْتُ حَدِيْثاً وَاحِداً عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ نَحْوِ مِائَتي طَرِيْقٍ، فَدَاخَلَنِي لِذَلِكَ مِنَ الفَرحِ غَيْرُ قَلِيْلٍ، وَأُعْجِبْتُ بِذَلِكَ، فرَأَيْتُ يَحْيَى بنَ مَعِيْنٍ فِي المَنَامِ، فَقُلْتُ:
    يَا أَبا زَكَرِيَّا، خرَّجْتُ حَدِيْثاً مِنْ مائتَي طَرِيْقٍ، فَسَكَتَ عَنِّي سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ:أَخْشَى أَنْ تَدْخُلَ هَذِهِ تَحْتَ {أَلهَاكُمُ التَّكَاثُرُ}
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    2 - حفظ القرآن قبل طلب العلوم



    أَنْبَأَنِي المُسَلَّمُ بنُ عَلاَّنَ، أَخْبَرَنَا الكِنْدِيُّ، أَخْبَرَنَا الشَّيْبَانِيُّ ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الخَطِيْبُ، أَخْبَرْنَا ابْنُ رِزْقٍ، وَأَبُو الفَرَجِ أَحْمَدُ بنُ مُحَمَّدٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ الحَسَنِ، قَالُوا:

    أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بنُ كَامِلٍ القَاضِي، حَدَّثَنَا أَبُو العَيْنَاءِ، قَالَ:
    أَتَيْتُ عَبْدَ اللهِ بنَ دَاوُدَ، فَقَالَ: مَا جَاءَ بِكَ؟
    قُلْتُ: الحَدِيْثُ.
    قَالَ: اذْهَبْ، فَتَحفظ القُرْآنَ.
    قُلْتُ: قَدْ حَفِظْتُ القُرْآنَ.
    قَالَ: اقْرَأَ: {وَاتْلُ عَلَيْهِم نَبَأَ نُوْحٍ...} [يُوْنُسُ: 71].
    فَقَرَأْتُ العشْرَ حَتَّى أَنْفَذْتُهُ، فَقَالَ لِي: اذْهَبِ الآنَ، فَتَعَلَّمِ الفَرَائِضَ.
    قُلْتُ: قَدْ تَعَلَّمتُ الصُّلْبَ وَالجدَّ وَالكبرَ .
    قَالَ: فَأَيُّمَا أَقْرَبُ إِلَيْكَ: ابْنُ أَخِيْكَ، أَوْ عَمُّكَ؟
    قُلْتُ: ابْنُ أَخِي.
    قَالَ: وَلِمَ؟
    قُلْتُ: لأَنَّ أَخِي مِنْ أَبِي، وَعَمِّي مِنْ جَدِّي.
    قَالَ: اذْهَبِ الآنَ، فَتَعَلَّمِ العَرَبِيَّةَ.
    قَالَ: قَدْ عَلِمْتُهَا قَبْلَ هَذَيْنِ.
    قَالَ: فَلِمَ قَالَ عُمَرُ -يَعْنِي حِيْنَ طُعِنَ-: يَا لَلَّهِ، يَا لِلْمُسْلِمِيْن َ، لِمَ فَتَحَ تِلْكَ، وَكَسَرَ هَذِهِ؟
    قُلْتُ: فَتَحَ تِلْكَ اللاَّمَ عَلَى الدُّعَاءِ، وَكَسَرَ هَذِهِ عَلَى الاسْتِغَاثَةِ وَالاسْتِنْصَار ِ.
    فَقَالَ: لَوْ حدَّثْتُ أَحَداً، لَحَدَّثْتُكَ
    سير أعلام النبلاء/ سيرة الخُرَيْبِيُّ عَبْدُ اللهِ بنُ دَاوُدَ بنِ عَامِرِ بنِ رَبِيْعٍ
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    3- و صية علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

    يَا كُمَيْلُ بْنَ زِيَادٍ ، الْقُلُوبُ أَوْعِيَةٌ خَيْرُهَا أَوْعَاهَا ، احْفَظْ عَنِّي مَا أَقُولُ لَكَ ، النَّاسُ ثَلَاثَةٌ :

    فَعَالِمٌ رَبَّانِيٌّ
    وَ مُتَعَلِّمٌ عَلَى سَبِيلِ النَّجَاةِ
    وَهَمَجٌ رِعَاعٌ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ يَمِيلُونَ مَعَ كُلِّ رِيحٍ لَمْ يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ الْعِلْمِ ، وَلَمْ يَلْجَئُوا إِلَى رُكْنٍ وَثِيقٍ
    الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَالِ ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأَنْتَ تَحْرُسُ الْمَالَ
    الْعِلْمُ يَزْكُو عَلَى الْعَمَلِ وَالْمَالُ يَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ ، وَمَحَبَّةُ الْعَالِمِ دِينٌ يُدَانُ بِهِ ، يَكْسِبُهُ الطَّاعَةَ فِي حَيَاتِهِ وَجَمِيلَ الْأُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفَاتِهِ
    الْعِلْمُ حَاكِمٌ وَالْمَالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ ، وَصَنَعَةُ الْأَمْوَالِ تَزُولُ بِزَوَالِهِ
    مَاتَ خُزَّانُ الْأَمْوَالِ وَهُمْ أَحْيَاءٌ ، وَالْعُلَمَاءُ بَاقُونَ مَا بَقِيَ الدَّهْرُ ، أَعْيَانُهُمْ مَفْقُودَةٌ ، وَأَمْثَالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ
    هَاهْ إِنَّ هَا هُنَا وَأَشَارَ إِلَى صَدْرِهِ عِلْمًا لَوْ أَصَبْتُ حَمَلَةً
    بَلْ أَصَبْتُ لَقِنًا لِأَهْلِ الْحَقِّ لَا بَصِيرَةَ لَهُ فِي حَيَاتِهِ ، يَقْتَدِحُ الشَّكُّ فِي قَلْبِهِ بِأَوَّلِ عَارِضٍ مِنْ شُبْهَةٍ
    لَا ذَا وَلَا ذَا فَمِنْ مَهْمُومٍ بِاللَّذَّةِ سَلِسِ الْقِيَادِ لِلشَّهَوَاتِ ، أَوْ مُغْرًى بِجَمْعِ الْأَمْوَالِ ، لَيْسَا مِنْ دُعَاةِ الدِّينِ أَقْرَبُ شَبَهًا بِهِمُ الْأَنْعَامُ السَّائِمَةُ ، كَذَلِكَ يَمُوتُ الْعِلْمُ بِمَوْتِ حَامِلِيهِ
    اللَّهُمَّ بَلَى لَنْ تَخْلُوَ الْأَرْضُ مِنْ قَائِمٍ بِحُجَّةٍ ، لِكَيْلَا تَبْطُلَ حُجَجُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبَيِّنَاتُهُ ، أُولَئِكَ الْأَقَلُّونَ عَدَدًا ، الْأَعْظَمُونَ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرًا ، بِهِمْ يَدْفَعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ حُجَجِهِ يُؤَدُّونَهَا إِلَى نُظَرَائِهِمْ ، وَيَزْرَعُونَهَ ا فِي قُلُوبِ أَشْبَاهِهِمْ
    هَجَمَ بِهِمُ الْعِلْمُ عَلَى حَقِيقَةِ الْأَمْرِ ، فَاسْتَلَانُوا مَا اسْتَوْعَرَ مِنْهُ الْمُتْرَفُونَ
    وَ أَنِسُوا مِنْهُ مَا اسْتَوحَشَ مِنْهُ الْجَاهِلُونَ ، صَحِبُوا الدُّنْيَا بِأَبْدَانٍ أَرْوَاحُهَا مُعَلَّقَةٌ بِالْمَحَلِّ الْأَعْلَى ، أُولَئِكَ خُلَفَاءُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي بِلَادِهِ وَالدُّعَاةُ إِلَى دِينِهِ ،
    هَاهْ هَاهْ ، شَوْقًا إِلَي رُؤْيَتِهِمْ وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكَ إِذَا شِئْتَ فَقُمْ .
    ذكره ابو نعيم في الحلية وغيره قال ابو بكر الخطيب هذا حديث حسن من احسن الاحاديث معنى واشرفها لفظا


    مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة/ محمد بن أبي بكر أيوب الزرعي أبو عبد الله
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    وصية شيخ الإسلام لابن القيم

    وقال لي شيخ الاسلام رضى الله عنه وقد جعلت اورد عليه ايردا بعد إيراد:

    ( لاتجعل قلبك للايرادات والشبهات مثل السفنجة فيتشربها فلا ينضح الا بها ,
    ولكن اجعله كالزجاجة المصمتة تمر الشبهات بظاهرها ولا تستقر فيها فيراها بصفائه ويدفعها بصلابته,
    وإلا فاذا اشربت قلبك كل شبهة تمر عليها صار مقرا للشبهات او كما قال).
    فما اعلم اني انتفعت بوصية في دفع الشبهات كانتفاعي بذلك




    ابن القيم/ مفتاح دار السعادة
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    5- لا تجعل الخلاف في مسألة يسوغ فيه الإجتهاد وسلية للخلاف



    و لما صَلَّى عثمانُ رضي الله عنه في مِنَى في الحَجِّ الرُّباعية أربعاً ولم يقصر بعد أنْ مَضى مِنْ خِلافته ثماني سنوات، وأنكرَ النَّاسُ عليه، وقالوا: قَصَرَ النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم وأبو بكر وعُمرُ ، يعني: وأنت في أول خِلافتك، لكنه رضي الله عنه تأوَّل، فكان الصَّحابة الذين ينكرون عليه يصلُّون خلفَه أربعاً ، وهم ينكرون عليه، مع أنَّ هذه زيادة متَّصلة بالصَّلاة مُنكرَة عندهم، ولكن تابعوا الإمام فيها إيثاراً للاتِّفاق.



    فما بالك بزيادة منفصلة، لو تعمَّدها الإنسان لا تؤثِّر على بطلان الصَّلاة؟ ثم يقول: إننا متمسِّكون بالسُّنَّة ومتَّبعون لآثار الصَّحابة. مع مخالفته في هذه المسألة.


    فإني أقول: إنَّ كلَّ إنسان يقول: إنه متَّبعٌ للسُّنَّة متَّبعٌ لهدي السَّلف؛ فإنه لا يسعه أن يدعَ الإمامَ إذا صَلَّى ثلاثاً وعشرين ويقول: أنا سأَتَّبعُ السُّنَّةَ وأصلِّي إحدى عشرة؛ لأنك مأمورٌ بمتابعة إمامك منهيٌّ عن المخالفة، ولست منهيًّا عن الزيادة عن إحدى عشرة.
    فيجب على طَلَبَةِ العِلم خاصَّة، وعلى النَّاس عامَّة أن يَحْرِصُوا على الاتفاق مهما أمكن؛ لأن مُنْيَةَ أهل الفِسقِ وأهلِ الإلحاد أنْ يختلفَ أصحابُ الخير، لأنه لا يوجد سلاحٌ أشدُّ فتكاً مِن الاختلاف، وقد قال موسى للسَّحرة: {وَيْلَكُمْ لاَ تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى}{فَتَنَ ازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ} [طه:61 ـ 62] ، فلما تنازعوا فَشِلوا وذهبت ريحُهم.
    فهذا الاختلاف الذي نجده من بعض الإخوة الحريصين على اتِّباع السُّنَّة في هذه المسألة وفي غيرها، أرى أنه خِلاف السُّنَّةِ، وخِلافُ ما تقصده الشَّريعة مِن توحّدِ الكلمة واجتماعِ الأمَّة، لأنَّ هذا ـ ولله الحمد ـ ليس أمراً محرَّماً ولا منكراً، بل هو أمْرٌ يسوغ فيه الاجتهادُ، فكوننا نولِّد الخِلافَ ونشحنُ القلوبَ بالعداوة والبغضاء والاستهزاء بمن يخالفنا في الرَّأي، مع أنه سائغٌ ولا يخالف السُّنَّة، فالواجب على الإنسان أنْ يَحْرِصَ على اجتماع الكلمة ما أمكن.


    العثيمين/ الشرح الممتع على زاد المستقنع/ الوتر في رمضان
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    6- كيف يداوي طالب العلم العجب

    الأخلاق و السير/ ابن حزم:

    إذا أعجبت بعلمك ,فاعلم أنه لا خصلة لك فيه و أنه موهبة من الله مجردة وهبك إياها ربك تعالى ,فلا تقابلها بما يسخطه فلعله ينسيك ذلك بعلة ,يمتحنك بها تولد عليك نسيان ما علمت وحفظت.





    ولقد أخبرني عبد الملك بن طريف وهو من أهل الْعِلْم والذكاء واعتدال الأحوال وصحة البحث أنه كان ذا حظ من الحفظ عظيم لا يكاد يمر على سمعه شيء يحتاج إلى استعادته ,
    وأنه ركب البحر فمر به فيه هول شديد أنساه أكثر ما كان يحفظ و أخل بقوة حفظه إخلالاً شديداً لم يعاوده ذلك الذكاء بعد.
    و أنا أصابتني علة فأفقت منها وقد ذهب ما كنت أحفظ إلا ما لا قدر له فما عاودته إلا بعد أعوام.


    واعلم أن كثيراً من أهل الحرص على الْعِلْم يجدون في القراءة و الإكباب على الدروس والطلب, ثم لا يرزقون منه حظاً.!!
    فليعلم ذو الْعِلْم أنه لو كان بالإكباب وحده لكان غيره فوقه فصح أنه موهبة من الله تعالى
    فأي مكان للعجب ها هنا!
    ما هذا إلا موضع تواضع وشكر لله تعالى واستزادة من نعمه واستعاذة من سلبها.
    ثم تفكر أيضاً في أن ما خفي عليك وجهلته من أنواع الْعِلْم ثم من أصناف علمك الذي تختص به.
    فالذي أعجبت بنفاذك فيه أكثر مما تعلم من ذلك فاجعل مكان الْعُجْب استنقاصاً لنفسك واستقصاراً لها فهو أولى
    و تفكر فيمن كان أعلم منك تجدهم كثيراً
    فلتهن نفسك عندك حينئذ وتفكر في إخلالك بعلمك وأنك لا تعمل بما علمت منه
    فلعلمك عليك حجة حينئذ ولقد كان أسلم لك لو لم تكن عالماً.
    واعلم أن الجاهل حينئذ أعقل منك وأحسن حالاً وأعذر فليسقط عجبك بالكلية.
    ثم لعل علمك الذي تعجب بنفاذك فيه من العلوم المتأخرة التي لا كبير خصلة فيها كالشعر و ما جرى مجراه فانظر حينئذ إلى من علمه أجل من علمك في مراتب الدنيا والآخرة فتهون نفسك عليك.
    ====
    صيد الخاطر/ جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى : 597هـ)


    ولقد حكي لي عن ابن عقيل: أنه كان يقول عن نفسه: أنا عملت في قارب ثم كسر وهذا غلط، فمن أين له؟!
    فكم من معجب بنفسه كشف له من غيره ما عاد يحقر نفسه على ذلك!!
    وكم من متأخر سبق متقدمًا!!
    وقد قيل:
    إنَّ اللَّيالِيَ وَالأَيَّامَ حَامِلَةٌ ... وَلَيْسَ يَعْلَمُ غَيْرُ اللهِ مَا تَلِدُ
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    7 -حاجة طالب العلم إلى كل العلوم



    صيد الخاطر/جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى : 597هـ)

    ينبغي للفقيه أن يطالع من كل فن طرفًا: من تاريخ، وحديث، ولغة، وغير ذلك؛ فإن الفقه يحتاج إلى جميع العلوم، فليأخذ من كل شيء منها مهما.

    ولقد رأيت بعض الفقهاء يقول: اجتمع الشبلي وشريك القاضي فاستعجبت له! كيف لا يدري بُعد ما بينهما؟!
    و قال آخر في مناظرة: كانت الزوجية بين فاطمة وعلي رضي الله عنهما غير منقطعة الحكم؛ فلهذا غسلها!
    فقلت له: ويحك! فقد تزوج أمامة بنت زينب، وهي ابنة أختها! فانقطع
    ورأيت في كتاب "إحياء علوم الدين" للغزالي من هذا ما يدهش من التخليط في الأحاديث والتواريخ، فجمعت من أغاليطه كتابا
    وقد ذكر في كتاب له سماه "المستظهري" وعرضه على المستظهر بالله : أن سلميان بن عبد الملك بعث إلى أبي حازم؛ فقال له: ابعث لي من فطورك!
    فبعث إليه نخالة مقلوة، فأفطر عليها، ثم جامع زوجته، فجاءت بعبد العزيز ، ثم ولد له عمر!!
    و هذا تخليط قبيح، فإنه جعل عمر بن عبد العزيز بن سليمان بن عبد الملك! فجعل سليمان جده؛ وإنما هو ابن عمه.


    وقد ذكر أبو المعالي الجويني، في أواخر كتاب "الشامل في الأصول"، قال: قد ذكرت طائفة من الثقات المعتنين بالبحث عن البواطن أن الحلاج والجبائي القرمطي و ابن المقفع تواصوا على قلب الدول، وإفساد المملكة، واستعطاف القلوب، وارتاد كل منهم قطرًا،
    فقطن الجبائي في الأحساء،
    وتوغل ابن المقفع في أطراف بلاد الترك،
    وقطن الحلاج ببغداد،
    فحكم عليه صاحباه بالهلكة والقصور عن بلوغ الأمنية، لبعد أهل بغداد عن الانخداع، وتوفر فطنتهم، وصدق فراستهم.
    قلت: و لو أن هذا الرجل أو من حكى عنه عرف التاريخ، لعلم أن الحلاج لم يدرك ابن المقنع؛ فإن ابن المقنع أمر بقتله المنصور، فقتل في سنة أربع وأربعين ومائة،
    وأبو سعيد الجبائي القرمطي ظهر في سنة ست وثمانين ومائتين،
    و الحلاج قتل سنة تسع وثلاثمائة،
    فزمان القرمطي والحلاج متقاربان، فأما ابن المقفع؛ فكلا.


    فينبغي لكل ذي علم أن يساهم بباقي العلوم، فيطالع منها طرفًا؛ إذ لكل علم بعلم تعلق.
    وأقبح بمحدث يسأل عن حادثة فلا يدري، وقد شغله منها جمع الأحاديث.
    وقبيح بالفقيه أن يقال له: ما معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا؟
    فلا يدري صحة الحديث ولا معناه!
    نسأل الله عز وجل همة عالية، لا ترضى بالنقائص بمنه ولطفه.


    =========


    الأذكياء/ جمال الدين عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى : 597هـ)


    ... قال سهل بن محمد السجستاني :و فد علينا عامل من أهل الكوفة لم أر في عمال السلطان بالبصرة أبرع منه، فدخلت مسلماً عليه، فقال يا سجستاني من أعلمكم بالبصرة
    قلت: الزيادي أعلمنا بعلم الأصمعي ,و المازني أعلمنا بالنحو ,و هلال الرأي أفقهنا ,و الشاذكوني أعلمنا بالحديث ,و أنا رحمك الله أنسب إلى علم القرآن ,و ابن الكلبي من أكتبنا للشروط
    قال :فقال لكاتبه إذا كان غد فاجمعهم إلي
    قال :فجمعنا
    قال: أيكم المازني قال أبو عثمان ها أنذا يرحمك الله
    قال : هل يجزئ في كفارة الظهار عتق عبد أعور؟
    فقال: المازني لست صاحب فقه، أنا صاحب عربية
    فقال :يا زيادي كيف تكتب بين بعل وامرأة خالعها زوجها على الثلث من صداقها؟
    قال: ليس هذا من علمي هذا من علم هلال الرأي
    قال: يا هلال كم أسند ابن عون عن الحسن ؟
    قال: ليس هذا من علمي هذا من علم الشاذكوني
    قال يا شاذكوني من قرأ : (ألا إنهم يثنون صدورهم)
    قال: ليس هذا من علمي هذا من علم أبي حاتم
    فقال :يا أبا حاتم كيف تكتب كتاباً إلى أمير المؤمنين تصف فيه خصاصة أهل البصرة ,و ما أصابهم في الثمرة ,وتسأله لهم النظر والنظرة ؟
    قال :لست رحمك الله صاحب بلاغة وكتابة ,أنا صاحب قرآن


    قال: ما اقبح بالرجل يتعاطى بالعلم خمسين سنة لا يعرف إلا فنا واحداً إذا سئل عن غيره لم يجل فيه ، ولم يمر ، و لكن عالمنا بالكوفة الكسائي لو سئل عن كل هذا لأجاب.
    =======
    تلبيس إبليس/ جمال الدين أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد الجوزي (المتوفى : 597هـ)
    قال الخطابي :و كان بعض مشايخنا يروي الحديث أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نهى عن الحلق قبل الصلاة يوم الجمعة بإسكان اللام
    قال :وأخبرني أنه بقي أربعين سنة لا يحلق رأسه قبل الصلاة !!
    قال :فقلت له إنما هو الحلق جمع حلقة وإنما كره الاجتماع قبل الصلاة للعلم و المذاكرة و أمر أن يشتغل بالصلاة وينصت للخطبة
    فقال :قد فرجت علي وكان من الصالحين
    و قد كان ابن صاعد كبير القدر في المحدثين, لكنه لما قلت مخالطته للفقهاء كان لا يفهم جواب فتوى حتى أنه قد
    ....قال أبو بكر الأبهري الفقيه قال:
    كنت عند يحيى بن محمد بن صاعد فجاءته امرأة فقالت أيها الشيخ ما تقول في بئر سقطت فيه دجاجة فماتت فهل الماء طاهر أو نجس ؟
    فقال: يحيى ويحك كيف سقطت الدجاجة في البئر؟
    قالت: لم تكن البئر مغطاة
    فقال يحيى: ألا غطيتها حتى لا يقع فيها شيء؟!
    قال الأبهري :فقلت يا هذه إن كان الماء تغير فهو نجس وإلا فهو طاهر.


    و قد سئل بعضهم عن مسألة من الفرائض فكتب في الفتوى:
    تقسم على فرائض الله سبحانه وتعالى.!!
    .... قال إبراهيم الحربي : بلغني أن امرأة جاءت إلى علي بن داود و هو يحدث ,و بين يديه مقدار ألف نفس, فقالت له: حلفت بصدقة إزاري
    فقال لها :بكم اشتريتيه ؟
    قالت :باثنين وعشرين درهما
    قال: اذهبي فصومي اثنين وعشرين يوما !!
    فلما مرت جعل يقول آه آه غلطنا والله أمرناها بكفارة الظهار.
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    8- اشتغال طالب العلم بما ينفعه من العلم و تركه تعقيد المسائل و الأغلوطات



    أخلاق العلماء/ أبو بكر محمد بن الحسين بن عبد الله الآجُرِّيُّ البغدادي (المتوفى : 360هـ)



    قال محمد بن الحسين : وأما ما ذكرنا في الأغلوطات ، وتعقيد المسائل مما ينبغي للعالم أن ينزه نفسه عن البحث عنهما مما لم يكن ، ولعلها لا تكون أبدا ، فيشغلون نفوسهم بالنظر ، والجدل ، والمراء فيهما ، حتى يشتغلوا بها عما هو أولى بهم ، ويغالط بعضهم بعضا ، ويطلب بعضهم زلل بعض ، ويسأل بعضهم بعضا ، هذا كله مكروه منهي عنه ، لا يعود على من أراد هذا منفعة في دينه ، وليس هذا طريق من تقدم من السلف الصالح ، ما كان يطلب بعضهم غلط بعض ، ولا مرادهم أن يخطئ بعضهم بعضا ، بل كانوا علماء عقلاء ، يتكلمون في العلم مناصحة ، وقد نفعهم الله بالعلم
    ********
    ...قال مسروق : كنت أمشي مع أبي بن كعب رضي الله عنه ، فقال له رجل : « يا عماه ، كذا وكذا ،
    فقال : يا ابن أخي ، أكان هذا ؟
    قال : لا ،
    قال : فاعفنا حتى يكون »
    *******
    قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوما : « سلوني عما شئتم ،
    فقال ابن الكواء : ما السواد في القمر ؟
    قال : قاتلك الله ، ألا سألت عما ينفعك في دنياك وآخرتك ؟ ذاك محو آية الليل »
    *******


    ... قال الفضل بن زياد: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل - رحمه الله - يقول لرجل ألح عليه في تعقيد المسائل : فقال أحمد : « تسأل عن عبدين رجلين ؟ سل عن الصلاة ، والزكاة شيئا تنتفع به ، ونحو هذا ، ما تقول في صائم احتلم ؟
    فقال الرجل : لا أدري
    فقال أبو عبد الله : تترك ما تنتفع به ، وتسأل عن عبدين رجلين ؟ »
    ==========
    سير أعلام النبلاء /الذهبي (المتوفى : 748هـ)/ سيرة الشافعي




    ... قَالَ المُزَنِيُّ،: قُلْتُ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُخْرِجُ مَا فِي ضَمِيرِي، وَمَا تَعَلَّقَ بِهِ خَاطِرِي مِنْ أَمْرِ التَّوْحِيْدِ فَالشَّافِعِيُّ ، فَصِرْتُ إِلَيْهِ، وَهُوَ فِي مَسْجِدِ مِصْرَ، فَلَمَّا جَثَوْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، قُلْتُ: هَجَسَ فِي ضَمِيرِي مَسْأَلَةٌ فِي التَّوْحِيْدِ، فَعَلِمْتُ أَنَّ أَحَداً لاَ يَعْلَمُ عِلْمَكَ، فَمَا الَّذِي عِنْدَكَ؟
    فَغَضِبَ، ثُمَّ قَالَ: أتَدْرِي أَيْنَ أَنْتَ؟
    قُلْتُ: نَعَمْ.
    قَالَ: هَذَا المَوْضِعُ الَّذِي أَغْرَقَ اللهُ فِيْهِ فِرْعَوْنَ.
    أَبَلَغَكَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ؟
    قُلْتُ: لاَ.
    قَالَ: هَلْ تَكَلَّمَ فِيْهِ الصَّحَابَةُ؟
    قُلْتُ: لاَ.
    قَالَ: تَدْرِي كَمْ نَجْماً فِي السَّمَاءِ؟
    قُلْتُ: لاَ.
    قَالَ: فَكَوْكَبٌ مِنْهَا: تَعْرِفُ جِنْسَهُ، طُلُوْعَهُ، أُفُولَهُ، مِمَّ خُلِقَ؟
    قُلْتُ: لاَ.
    قَالَ: فَشَيْءٌ تَرَاهُ بِعَيْنِكَ مِنَ الخَلْقِ لَسْتَ تَعْرِفُهُ، تَتَكَلَّمُ فِي عِلْمِ خَالِقِهِ؟!
    ثُمَّ سَأَلَنِي عَنْ مَسْأَلَةٍ فِي الوُضُوْءِ، فَأَخْطَأْتُ فِيْهَا، فَفَرَّعَهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ، فَلَمْ أُصِبْ فِي شَيْء مِنْهُ.
    فَقَالَ: شَيْءٌ تَحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي اليَوْمِ خَمْسَ مَرَّاتٍ، تَدَعُ عِلْمَهُ، وَتَتَكَلَّفُ عِلْمَ الخَالِقِ، إِذَا هَجَسَ فِي ضَمِيرِكَ ذَلِكَ، فَارْجِعْ إِلَى اللهِ، وَإِلَى قَوْلِهِ تعَالَى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيْم ... إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ...} الآيَةَ [البَقَرَةُ: 163 و164] فَاسْتَدِلَّ بِالمَخْلُوْقِ عَلَى الخَالِقِ، وَلاَ تَتَكَلَّفْ عِلْمَ مَا لَمْ يَبْلُغْهُ عَقْلُكَ.
    =========
    عيون الأخبار/ابن قتيبة الدينوري
    قال أبو الحسن : كان غلام يُقعَر في كلامه، فأتى أبا الأسود الدُّؤلي يلتمس ما عنده؛
    فقال له أبو الأسود: ما فعل أبوك؟
    قال: أخذته الحُمى فَطَبَخَتْه طَبْخاً وفَضَخَتْه فَضْخاً وفنخته فَنْخاً فتركته فَرْخا "
    قال أبو الأسود: فما فعلت امرأته التي كانت تُجارُه وتُشَاره وتُزارُه وتهارُّه؛
    قال: طلقها فتزوٌجت غيره فرَضِيت وحَظِيَت وبَظِيَت.
    قال أبو الأسود: قد عرفنا حَظِيت؛ فما بِظيَت؟
    قال: حرف من الغريب لم يبلغك.
    قال أبو الأسود: يا ابن أخي، كل حرف من الغريب لم يبلغ عمك فاستُره كما تستر السنًوْرُ خُراها.
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    الإهتمام بكتب المتقدمين ومن سار على نهجهم

    عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ:"لا يُقَلِّدَنَّ أَحَدُكُمْ دِينَهُ رَجُلا، فَإِنَ آمَنَ آمَنَ وَإِنْ كَفَرَ كَفَرَ، وَإِنْ كُنْتُمْ لا بُدَّ مُقْتَدِينَ فَاقْتَدُوا بِالْمَيِّتِ، فَإِنَ الْحَيَّ لا يُؤْمَنُ عَلَيْهِ الْفِتْنَةُ".

    (مَن كانَ مُسْتَنًّا ، فَلْيَسْتَنَّ بمن قد ماتَ ، فإنَّ الحيَّ لا تُؤمَنُ عليه الفِتْنَةُ ، أولئك أصحابُ محمد - صلى الله عليه وسلم - ، كانوا أفضلَ هذه الأمة : أبرَّها قلوبًا ، وأعمقَها علمًا ، وأقلَّها تكلُّفًا ، اختارهم الله لصحبة نبيِّه ، ولإقامة دِينه ، فاعرِفوا لهم فضلَهم ، واتبعُوهم على أثرهم ، وتمسَّكوا بما استَطَعْتُم من أخلاقِهم وسيَرِهم ، فإنهم كانوا على الهُدَى المستقيم )
    ===


    قاله ابن القيم / مدارج السالكين :
    (كلام المتقدمين قليل كثير البركة ، وكلام المتأخرين كثير قليل البركة)


    ===
    قال ابن رجب/ فضل علم السلف على الخلف


    ففي كلام السلف والأئمة كمالك والشافعي وأحمد وإسحاق التنبيه على مأخذ الفقه ومدارك الأحكام بكلام وجيز مختصر يفهم به المقصود من غير إطالة ولا إسهاب: وفي كلامهم من رد الأقوال المخالفة للسنة بألطف إشارة وأحسن عبارة بحيث يغني ذلك من فهمه عن إطالة المتكلمين في ذلك بعدهم بل ربما لم يتضمن تطويل كلام من بعدهم من الصواب في ذلك ما تضمنه كلام السلف والأئمة مع اختصاره وإيجازه فما سكت من سكت من كثرة الخصام والجدال من سلف الأمة جهلا ولا عجزاً ولكن سكتوا عن علم وخشية للَّه.
    وما تكلم من تكلم وتوسع من توسع بعدهم لاختصاصه بعلم دونهم ولكن حباً للكلام وقلة ورع كما قال الحسن وسمع قوما يتجادلون هؤلاء قوم ملوا العبادة وخف عليهم القول وقل ورعهم فتكلموا.
    ===
    سئل فضيلة الشيخ- رحمه الله-: يعتقد البعض - وفقهم الله- بان كتب المتقدمين صمَّاء وصعبة العبارة والمعاني، وأنها لا تصلح لوقتنا المعاصر الذي كثرت فيه المعاصي، وأن الحاجة لكتب الرقائق وغيرها أكثر من كتب العقيدة والفقه، فما قولكم؟


    فأجاب بقوله: من خلال طلبي للعلم وجدت الخير كل الخير في كلام من سلف، ولهذا تجد العلماء السابقين يتكلم أحدهم بنحو
    سطرين أو ثلاثة فتحصل منها على خير كثير، بينما كتب المتأخرين تقرأ فيها الصفحة أو الصفحتين فلا تحصل على شيء، فهي كالإسفنج لا تثبت أمام الحقائق.
    لذلك النصيحة لطلبة العلم أولاً: بتدبُّر كلام الله عز وجل، فهو والله كل الخير (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا) . وهو- أي تدبر القرآن والعمل به- الذي من أجله أنزل الله القرآن (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ)
    ثانياً: ما صح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - السنة القولية والفعلية والتقريرية، لا سيما سيرة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وتاريخ حياته فإنها تحيي القلب وتزيد في الإيمان، والمسلم مأمور باتباع النبي - صلى الله عليه وسلم - ، ولا يمكن أن يتبع هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام إلا بعد معرفة سنته.
    ثالثاً: كتب السلف الصالح، التي جمعت من الآثار الواردة عن الصحابة- رضي الله عنهم- وعن التابعين- رحمهم الله-.
    أما كتب المتأخرين فغالبها كلام طويل لا يُستفاد منها إلا فائدة قليلة، وإن كانت لا تخلو من معالجة الأمور المستجدة وما يحصل في العصر الحاضر، مع العلم أن ما يحصل في العصر الحاضر إذا وفق الله الإنسان إلى فهم قوي؛ أمكنه أن يأخذ معالجته وبيان ما يتعلق به من الكتاب والسنة وأقوال السلف الصالح.
    ===
    قال الشيخ بكر رحمه الله / ابن القيم حياته آثاره موارده


    .....على ما شحنت به دور العرض و مكتبات التسويق من كثير من مؤلفات المعاصرين التي هي بحق كثيرة الحركة قليلة البركة
    إذ يجد القارئ اسما جذابا فياخذ الكتاب بلهف و شدة و لكن ما يلبث إذ أخذ في قراءته أن ينتهي في معالجة القضية إلى لا شيء
    أو إلى نتيجة هزيلة لا تناسب ضخامة الكتاب و كبر حجمه
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم


    وصايا في الحفظ


    قال الشافعي:
    شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأرشدني إلى ترك المعاصي
    وقال: اعلم بأن العلم نورٌ ... ونور الله لا يؤتى لعاصي!
    ===
    قال ابن الجوزي/ صيد الخاطر
    اعلم أن المتعلم يفتقر إلى دوام الدراسة، ومن الغلط الانهماك في الإعادة ليلًا ونهار؛ فإنه لا يلبث صاحب هذه الحال إلا أيامًا، ثم يفتر أو يمرض.
    و قد روينا أن الطبيب دخل على أبي بكر بن الأنباري في مرض موته، فنظر إلى مائه، وقال: قد كنت تفعل شيئًا لا يفعله أحد! ثم خرج فقال: ما يجيء منه شيء
    ، فقيل له: ما الذي كنت تفعل؟
    قال: كنت أعيد كل أسبوع عشرة آلاف ورقة؟
    ومن الغلط تحميل القلب حفظ الكثير أو الحفظ من فنون شتى، فإن القلب جارحة من الجوارح، و كما أن من الناس من يحمل المائة رطل، ومنهم من يعجز عن عشرين رطلًا، فكذلك القلوب. فيأخذ الإنسان على قدر قوته ودونها، فإنه إذا استنفدها في وقتٍ، ضاعت منها أوقات
    كما أن الشره يأكل فضل لقيماتٍ، فيكون سببًا إلى منع أكلاتٍ!
    و الصواب أن يأخذ قدر ما يطيق، ويعيده في وقتين من النهار و الليل، و يرفه القوى في بقية الزمان.
    والدوام أصل عظيم، فكم ممن ترك الاستذكار بعد الحفظ، فضاع زمن طويل في استرجاع محفوظ قد نسي.


    وللحفظ أوقات من العمر، فأفضلها الصبا، وما يقاربه من أوقات الزمان، وأفضلها عادة الأسحار، وأنصاف النهار، والغدوات خير من العشيات، وأوقات الجوع خير من أوقات الشبع.


    ولا يحمد الحفظ بحضرة خضرة، وعلى شاطئ نهر؛ لأن ذلك يلهي، والأماكن العالية للحفظ خير من السوافل.


    والخلوة أصل. وجمع الهم أصل الأصول، وترفيه النفس من الإعادة يومًا في الأسبوع: ليثبت المحفوظ، وتأخذ النفس قوة، كالبنيان يترك أيامًا حتى يستقر، ثم يبنى عليه.


    وتقليل المحفوظ مع الدوام أصل عظيم. وألا يشرع في فن حتى يحكم ما قبله. ومن لم يجد نشاطًا للحفظ، فليتركه، فإن مكابرة النفس لا تصلح.


    و إصلاح المزاج من الأصول العظيمة، فإن للمأكولات أثرًا في الحفظ
    قال الزهري: ما أكلت خلًّا منذ عالجت الحفظ. وقيل لأبي حنيفة: بم يستعان على حفظ الفقه؟ قال: بجمع الهم. وقال حماد بن سلمة: بقلة الغَمِّ.
    و قال مكحول: من نظف ثوبه، قَلَّ هَمُّهُ، ومن طابت ريحه، زاد عقله، ومن جمع بينهما: زادت مروءته.


    و أختار للمبتدئ في طلب العلم أن يدافع النكاح مهما أمكن، فإن أحمد بن حنبل لم يتزوج حتى تمت له أربعون سنة، وهذا لأجل جمع الهم، فإن غلب عليه الأمر، تزوج، واجتهد في المدافعة بالفعل، لتتوفر القوة على إعادة العلم.


    ثم لينظر ما يحفظ من العلم، فإن العمر عزيز، والعلم غزير، وإن أقوامًا يصرفون الزمان إلى حفظ ما غيره أولى منه، وإن كان كل العلوم حسنًا؛ ولكن الأولى تقديم الأهم والأفضل. وأفضل ما تشوغل به حفظ القرآن، ثم الفقه، وما بعد هذا بمنزلة تابع.
    و من رزق يقظة، دلته يقظته، فلم يحتج إلى دليل. ومن قصد وجه الله تعالى بالعلم، دله المقصود على الأحسن: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 282].
    ===
    قال صاحب الموضوع: أما أوقات الحفظ و اماكننه فتختلف حسب الأشخاص
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم




    حاجة طالب العلم إلى تدبير معيشته




    قال الله تعالى:
    وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ




    قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ


    ====
    قَالَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - « مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلاَّ رَعَى الْغَنَمَ » .
    فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ « نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لأَهْلِ مَكَّةَ »/ البخاري
    ====
    قال سفيان الثوري: إذا حصلت قوت شهر، فتعبد.


    وخلف سفيان الثوري مالًا، وقال: لولاك لتمندلوا بي
    قال سفيان بن عيينة: منذ أخذت من مال فلان الأمير، منعت ما كان وهب لي من فهم القرآن.
    ====
    ابن الجوزي/ صيد الخاطر
    من نظر في سير الرجال ونبلائهم، وتأمل صحاح الأحاديث عن رؤسائهم، علم أن الخليل عليه الصلاة والسلام كان كثير المال حتى ضاقت بلدته بمواشيه، وكذلك لوط عليه الصلاة والسلام، وكثير من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والجم الغفير من الصحابة.
    وإنما صبروا عند العدم، ولم يمتنعوا عن كسب ما يصلحه، ولا من تناول المباح عند الوجود.
    وكان أبو بكر رضي الله عنه يخرج للتجارة والرسول صلى الله عليه وسلم حي، وكان أكثرهم يخرج فاضل ما يأخذ من بيت المال، ويسلم من ذل الحاجة إلى الإخوان.
    وقد كان ابن عمر لا يرد شيئًا، ولا يسأل.
    وإني تأملت على أكثر أهل الدين والعلم هذه الحال، فوجدت العلم شغلهم عن المكاسب في بداياتهم، فلما احتاجوا إلى قوام نفوسهم ذلوا، وهم أحق بالعز.
    وقد كانوا قديمًا يكفيهم بيت المال فضلات الإخوان، فلما عدمت في هذا الأوان، لم يقدر متدين على شيءٍ إلا ببذل شيء من دينه، وليته قدر، فربما تلف الدين، ولم يحصل له شيء.
    فالواجب على العاقل أن يحفظ ما معه، وأن يجتهد في الكسب ليربح مداراة ظالم أو مداهنة جاهل، ولا يلتفت إلى ترهات المتصوفة، الذين يدعون في الفقر ما يدعون، فما الفقر إلا مرض العجزة، وللصابر على الفقر ثواب الصابر على المرض، اللهم! إلا أن يكون جبانًا عن التصرف، مقتنعًا بالكفاف؛ فليس ذلك من مراتب الأبطال، بل هو من مقامات الجبناء الزهاد.
    وأما الكاسب ليكون المعْطِيَ لا المُعْطَى، والمتصدق لا المتصدق عليه، فهي من مراتب الشجعان الفضلاء، ومن تأمل هذا، علم شرف الغنى، ومخاطرة الفقر.
    ====




    رأيت الشره في تحصيل الأشياء يفوِّت لأعلى الشره مقصوده، وقد رأينا من كان شرهًا في جمع المال، فحصل له الكثير منه، وهو مع ذلك حريص على الازدياد، ولو فهم
    علم أن المراد من المال إنفاقه في العمر؛ فإذا أنق العمر في تحصيله، فات المقصودان جميعًا
    ====
    طلب فضول الدينا عقوبة عاقب الله بها أهل التوحيد
    ====
    لا يُدْرِكُ الحِكْمةَ مَنْ عُمْرُهُ ** يكدحُ في مصلحةِ الأهلِ
    وَلاَ يَنالُ العِلْمَ إلاَّ فَتًى ** خالٍ من الأفكارِ والشغلِ
    لَوْ أَنَّ لُقْمَانَ الْحَكِيم الذي ** سارت به الرُّكبانُ بالفضلِ
    بُلِي بِفقْرٍ وَعِيالٍ لمَا ** فرَّقَ بَيْنَ التِّبنِ والبَقْلِ
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  12. #12
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم


    طالب العلم و الوسائل الحديثة لتحصيل العلم
    قال الشيخ الخضير حفظه الله/المنهجية في قراءة الكتب وجرد المطولات
    في أول الأمر كتبت السنة، ثم كتبت الآثار عن الصحابة والتابعين، ثم دونت أقوال الرجال، وصار لها أثر على حفظ السنة.
    دونت العلوم وصنفت الكتب فمنها الغايات ومنها الوسائل، ومنها ما يتوصل به إلى المطلوب، ويكون مطلوباً لا لذاته، ثم بعد ذلكم جاءت المطابع، فصارت الكتب متيسرة أكثر مما كان عليه الأمر قبل، تيسر الحصول على الكتاب بعد المطابع.
    في السابق قبل وجود هذه المطابع، إذا احتجت إلى كتاب: إما أن تستعيره وتحرص على قراءته والفراغ منه وتعيده إلى صاحبه، أو تنسخ الكتاب، وكتابة الكتاب ونسخه أفضل من قراءته عشر مرات، ويستفيد الطالب بهذه الكتابة كما أنه يستفيد إذا استعار الكتاب؛ لأن يوماً من الأيام لا بد أن يُرد على صاحبه، بخلاف ما إذا اقتناه الإنسان، والاقتناء غير متيسر للسواد الأعظم من طلاب العلم، يصعب على طلاب العلم اقتناء الكتب قبل وجود هذه المطابع، فأوجدت هذه المطابع، وهي بقدر ما هي نعمة من نعم الله -جل وعلا- إلا أن لها من الأثر على الحفظ ودراسة هذه الكتب ما يشاهده كل أحد.
    في أول الأمر، في بداية الطباعة أفتى بعض شيوخ الأزهر بتحريم طباعة الكتب الشرعية، وأجازوا طباعة كتب التواريخ والأدب واللغة وما أشبهها، ولا شك أن هذه -لا سيما في أول الأمر- نظرة طبيعية؛ لأن هذه الكتب توجد ريبة في قلوب العلماء؛ لأنهم يعرفون من آثارها ما يعرفون، فإذا كان الأمر قبل الكتابة الاعتماد كله على الحفظ، ثم بعد ذلك لما انتشرت الكتابة صار الاعتماد على الكتابة، والكتابة تحتاج إلى معاناة، وبالمعاناة يثبت العلم، ثم بعد الطباعة ما الذي حصل؟ حصل أن طالب العلم يجمع من الكتب أضعاف ما كان عند شيوخه، ومع ذلكم لا يعرف عنها شيئاً.
    يعني طالب العلم الحريص المجتهد الذي إذا اشترى الكتاب قرأ المقدمة وصار عنده تصور عن الكتاب، أما أن يُقرأ الكتاب من أوله إلى آخره، -مع كثرة المطبوعات- لا شك أن دونه خرط القتاد.
    ثم استمر الأمر بعد الطباعة إلى أن ظهرت هذه الحواسب، هذه الحواسب التي يسرت كثيراً على المتعلمين، وبضغطة زر في ثواني تحصل على ما تريد، لكن القاعدة: أن ما أخذ بسهولة يفقد بسهولة.
    يعني تضغط زر وتستخرج ما تريد من النصوص من الكتاب، من السنة، بالطرق بالأسانيد، تستخرج ما تريد من أقوال أهل العلم بسهولة، لكن ما الذي يثبت من هذا العلم الذي يؤخذ بسهولة، إذا فقد الكهرباء عاد طالب العلم عامياً، نعم هذا هو الواقع؛ لأن العلم متين يحتاج إلى معاناة، ويحتاج إلى حفر في القلوب، ما يحتاج أن يمر مرور السراب، ومثلنا لذلك: بمن يمشي على رجليه بشارع من الشوارع، وهذا الشارع فيه محلات تجارية، وينظر في هذه العناوين الموضوعة على هذه المحلات، إذا انتهى من الشارع يكون قد حفظ شيئاً كثيراً، وعرف ما في هذا الشارع من المحلات، لكن إذا مر بهذا الشارع بسيارة، هل يحفظ منها شيء؟ أو يعرف المحلات؟ ما يعرف شيء.
    فالذي يمر بسرعة لا شك أنه لا يثبت في القلب منه شيء، وقد يقول قائل: إذا كان الأمر كذلك، فهل نكتب الكتب ولا نعتمد على الطباعة؟
    نقول: لا يا أخي؛ الآن الطباعة فرضت نفسها، وهل نترك هذه الحواسب؟
    نقول: لا يا أخي.
    إذاً كيف يتفق هذا مع ما ذكرت؟
    نقول: الكتب يقتنى منها ما يحتاج إليه؛ لأن كثرة التصانيف -كما قال ابن خلدون- مشغلة عن التحصيل.
    وأما بالنسبة لهذه الحواسب فلا يعتمد عليها، ولا يعول عليها في بناء طالب علم أبداً، فطالب العلم لا يعتمد عليها البتة في بناءه العلمي، إنما يتعلم على الجادة على طريقة من سبق بحفظ المتون، ومجالسة الشيوخ وملازمتهم، وبمطالعة الشروح والحواشي، ثم بعد ذلك يستفيد من هذه الآلات، إذا أراد أن يخرج حديث يخرجه بنفسه من الكتب، وإن استطاع أن يخدم نفسه بنفسه دون الفهارس فهو أولى.
    قد يقول قائل: إن في هذا إضاعة وقت؟ نقول: نعم فيه إضاعة وقت، لكن وقت في سبيل من؟ في سبيل التحصيل، وأنت تريد حديثاً من الأحاديث -في طريقك إلى الوقوف على هذا الحديث- تمر بأحاديث كثيرة، أنت قد تكون بحاجة إليها أشد من الحديث الذي تنشده وتطلبه.
    إذا أردت أن تقف على مسألة من مسائل العلم، وتوصلت إليها بنفسك، ما توصلت إلا بعد أن مررت على مسائل كثيرة.
    كثير من الناس من طلاب العلم مع الأسف يقول: الناس في عصر السرعة، وتعدو هذا الكلام وتخطوه، الآن بلحظة تأخذ ما تريد؟ فنقول: نعم بلحظه، لكن ما النتيجة؟
    إذا أردت تخريج حديث فاتعب عليه، ويش المانع أن تتعب على الحديث؟
    إتعب على جمعه -جمع طرقه وألفاظه-، وقد تقف على عشرين طريقاً بنفسك، ثم بعد ذلك لا مانع من أن ترجع إلى هذه الآلات فتختبر العمل، علك أن تقف على طرق لم تقف عليها بنفسك، وحينئذ تثبت هذه الطرق التي أخذتها من الآلات في قلبك؛ لأنها قدر زائد على ما جمعت، تتشوف إليه.
    فهذه يستفاد منها في اختبار العمل، يستفاد منها –أيضاً- عند ضيق الوقت، إذا ضاق الوقت عندك خطبة جمعة، وما بقي إلا ربع ساعة، وأنت محتاج إلى حديث ما تدري ماذا قال فيه أهل العلم؟ لا مانع من أن تطلع على درجته من خلال هذه الآلات، أما أن تعول عليها في مبتدأ أمرك فلا.
    فلا بد أن يكون طلب العلم على الجادة، وأن يتعب في تحصيله، وأن يسلك السبل والطرق التي سلكها من تقدم، لنحصل على ما حصلوا عليه، ولذلكم مع هذه التيسيرات وهذه التسهيلات، كم في الأمة من الحفاظ؟ -أعني حفاظ السنة- وإن كانت البوادر -ولله الحمد- قد ظهرت وتبشر بخير، وبعثت آمال، وكانت الطريقة عند أهل العلم حفظ المختصرات الصغيرة اليسيرة، مثل: الأربعين، ثم العمدة، ثم البلوغ. ومن يتطاول على المنتقى فضلاً عن أن يحفظ الكتب المسندة؟ لكن مع ذلك الآمال -ولله الحمد- وجدت، ففي الشباب من يحفظ آلاف الأحاديث، وهذا يبشر بخير، لكن لا يكفي هذا، لا يكفي أبداً، بل لا بد من معرفة الفقه، والاستنباط من هذه الأحاديث، ومعرفة ثبوت هذه الأحاديث من عدم ثبوتها، فلا بد أن نتحقق من ثبوتها بمعرفة الأسانيد والطرق؛ لأن الإخوان يحفظون أحاديث مجردة بدون تكرار، لكن لا بد من التكرار، لا بد من الأسانيد، لا بد من النظر في المتون.
    قد يقول قائل: إنهم في هذه المرحلة في مرحلة تخزين، تخزين للمتون؟
    نعم صحيح، لكن لا بد أن يعود إلى هذا العلم مرة أخرى ليتفقه فيه على طريقة شرحناها مراراً، وإن كان الآن بدأنا ندخل في السنة، والأصل أن نتحدث عن القرآن


    للمزيد




    .
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Sep 2010
    الدولة
    نجد
    المشاركات
    1,082

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    احسن الله اليكم
    نظرت في دواوين السنة والأثر فلا أعلم امرأة صحابية ولا تابعية حُرّة ذكرت باسمها فلانة بنت فلان ثبت السند عنها صريحا أنها تَكشف وجهها للأجانبد.عبد العزيز الطريفي

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم


    تقييد الفوائد


    عن أبي حاتم السختياني أنه كان يكتب عن الأصمعي كل شيء تلفظ به من فوائد العلم حتى قال فيه : أنت شبيه الحفظة تكتب لغظ اللفظة فقال أبو حاتم : وهذا أيضاً مما يكتب.
    ===
    قال ابن الجوزي/ صيد الخاطر
    لما كانت الخواطر تجول في تصفح أشياء تعرض لها، ثم تعرض عنها فتذهب، كان من أولى الأمور حفظ ما يخطر، لكي لا ينسى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: "قيدو العلم بالكتابة". وكم قد خطر لي شيء، فأتشاغل عن إثباته، فيذهب، فأتأسف عليه!


    قال ابن القيم / مفتاح دار السعادة
    ولولا الكتابة لانقطعت اخبار بعض الازمنة عن بعض ودرست السنن وتخبطت الاحكام ولم يعرف الخلف مذاهب السلف وكان معظم الخلل الداخل على الناس في دينهم ودنياهم إنمايعتريهم من النسيان الذي يمحو صور العلم من قلوبهم فجعل لهم الكتاب وعاء حافظا للعلم من الضياع كالأوعية التي تحفظ الامتعة من الذهاب والبطلان فنعمة الله عن وجل بتعليم القلم بعد القرآن من اجل النعم


    وقال الشيخ بكر أبوزيد
    ابذل الجهد في حفظ العلم، لأن تقييد العلم بالكتابة أمان من الضياع ، وقصر لمسافة البحث عند الاحتياج ، لا سيما في مسائل العلم التي تكون في غير مظانها ، ومن أجل فوائدها أنه عند كبر السن وضعف القوى يكون لديك مادة تستجر منها مادة تكتب فيها بلا عناء في البحث والتقصي
    قال العثيمين/ شرح مقدمة المجموع


    و من المهم بالنسبة للطالب أن يعتني بالكتابة - كتابة الأشياء النفيسة-التي ربما تغيب عن باله فيما يستقبل و يعجز عن إدراكها


    و لهذا يقال:
    العلم صيد و الكتابة قيد.. قيد صيودك بالحبال الواثقه
    فمن الحماقة ان تصيد غزالة.. و تتركها بين الخلائق طالقة




    كيفية تقييد العلم
    قال الشيخ بكر ابو زيد
    اجعل لك كناشاً أو مذكرة لتقييد الفوائد والفرائد والأبحاث المنثورة في غير مظانها ، وإن استعملت غلاف الكتاب لتقييد ما فيه من ذلك فحسن ، ثم تنقل ما يجتمع لك بعد في مذكرة ، مرتباً له على الموضوعات ، مقيداً رأس المسألة ، واسم الكتاب ، ورقم الصفحة والمجلد ، ثم اكتب على ما قيدته " نقل " ، حتى لا يختلط بما لم ينقل ، كما تكتب : بلغ صفحة كذا فيما وصلت إليه من قراءة الكتاب حتى لا يفوتك ما لم تبلغه قراءة
    قال العثيمين:
    ..لكن التعليق أين يكون ؟ يكون على الهامش , يكون في الحاشية اسفل, أما ما يفعله بعض الناس يعلق بين الاسطر و هي ضيقة فهذا يوجب التشويش تلخبط الأسطر و لا يعرف بعده ماذا كتب و ولهذا أردت أن تكتب فراعي غيرك قبل ان تراعي نفسك
    ====
    جاء في الآداب الشرعية:
    قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ : وَيَنْبَغِي تَجْوِيدُ الْخَطِّ وَتَحْقِيقُهُ دُونَ الْمَشْقِ وَالتَّعْلِيقِ ، وَيُكْرَهُ تَضْيِيقُ السُّطُورِ ، وَتَدْقِيقُ الْقَلَمِ فَإِنَّ النَّظَرَ إلَى الْخَطِّ الدَّقِيقِ يُؤْذِي
    قَالَ حَنْبَلُ بْنُ إِسْحَاقَ رَآنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَأَنَا أَكْتُبُ خَطًّا دَقِيقًا فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إلَيْهِ يَخُونُك
    قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَقَدْ كَانَ بَعْضُهُمْ يُضَيِّقُ السُّطُورَ لِعَدَمِ الْكَاغِدِ .
    وَقَدْ رَأَيْتُ فِي وِجْهَةٍ مِنْ خَطِّ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الصُّورِيِّ أَحَدًا وَثَمَانِينَ سَطْرًا .
    ==========
    وَقَالَتْ الْعَرَبُ : الْقَلَمُ أَحَدُ اللِّسَانَيْنِ ، وَقَالُوا : الْخَطُّ الْحَسَنُ يَزِيدُ الْحَقَّ وُضُوحًا .
    وَقَالَ الْمَأْمُونُ : الْخَطُّ لِسَانُ السَّيِّدِ وَهُوَ أَفْضَلُ أَجْزَاءِ الْيَدِ


    فائدة
    جاء في ترجمة/أبو عبد الله الصوري محمد بن علي بن عبد الله بن رحيم الساحلي الحافظ
    وكان دقيق الخط يكتب ثمانين سطرا في ثمن الكاغد الخراساني ........
    وكان خطه دقيقا مع التحرير والمعرفة الزائدة كتب صحيح البخاري في سبعة أطباق من الورق البغدادي
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم


    ---حاجة طالب العلم للمذاكرة---


    قال الإمام النووي/ شرح مسلم
    و ليس المراد من هذا العلم مجرد السماع و لا الإسماع و لا الكتابة بل الاعتناء بتحقيقه و البحث عن خفى معانى المتون و الاسانيد و الفكر في ذلك و دوام الاعتناء به و مراجعة أهل المعرفة به و مطالعة كتب أهل التحقيق فيه و تقييد ما حصل من نفائسه و غيرها فيحفظها الطالب بقلبه ويقيدها بالكتابة ثم يديم مطالعة ما كتبه ويتحرى التحقيق فيما يكتبه ويتثبت فيه ,فانه فيما بعد ذلك يصير معتمدا عليه .
    و يذاكر بمحفوظاته من ذلك من يشتغل بهذا الفن سواء كان مثله في المرتبة أو فوقه أو تحته فان بالمذاكرة يثبت المحفوظ و يتحرر ويتأكد و يتقرر و يزداد بحسب كثرة المذاكرة
    و مذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياما
    و ليكن في مذاكراته متحريا الانصاف قاصدا الاستفادة أو الافادة غير مترفع على صاحبه بقلبه ولا بكلامه ولا بغير ذلك من حاله مخاطبا له بالعبارة الجميلة اللينة فبهذا ينمو علمه وتزكو محفوظاته
    -------
    قال ابن الجوزي/صيد الخاطر


    أفضل الأشياء التزيد من العلم، فإنه من اقتصر على ما يعلمه، فظنه كافيًا؛ استبد برأيه، وصار تعظيمه لنفسه مانعًا له من الاستفادة، والمذاكرة تبين له خطأه، وربما كان معظمًا في النفوس، فلم يتجاسر على الرد عليه، ولو أنه أظهر الاستفادة، لأهديت إليه مساوئه، فعاد عنها.
    -----------
    ابن عبد البر/ جامع بيان العلم وفضله
    قال الحسن غائلة العلم النسيان وترك المذاكرة


    وقال الخليل رحمه الله ما سمعت شيئا إلا كتبته
    ولا كتبته إلا حفظته
    وما حفظته إلا نفعني
    من أكثر من مذاكرة العلماء لم ينس ما علم واستفاد مالم يعلم
    =====
    ابن القيم/ مفتاح دار السعادة
    الوجه المائة: ما رواه الخطيب عن ابي الدرداء انه قال :
    مذاكرة العلم ساعة خير من قيام ليلة
    و قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه :
    لولا ثلاث في الدنيا لما احببت البقاء فيها
    لولا أن احمل أو أجهز جيشا في سبيل الله
    و لولا مكابدة هذا الليل
    ولولا مجالسة أقوام ينتقون اطايب الكلام كما ينتقى أطايب التمر لما أحببت البقاء.
    فالاول الجهاد والثاني قيام الليل والثالث مذاكرة


    قال الحسن :ما زال اهل العلم يعودون بالتذكر على التفكر وبالتفكر على التذكر ويناطقون القلوب حتى نطقت بالحكمة .
    فالتفكر والتذكر بذار العلم
    وسقيه مطارحته
    ومذاكرته تلقيحه
    كما قال بعض السلف ملاقاة الرجال تلقيح لالبابها
    فالمذاكرة بها لقاح العقل
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  16. #16
    تاريخ التسجيل
    Nov 2012
    المشاركات
    13,804

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    بارك الله فيك .

  17. #17
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم




    وصية الخطيب البغدادي/اقْتِضَاءُ الْعِلْمِ الْعَمَلَ


    إِنِّي مُوصِيكَ يَا طَالِبَ الْعِلْمِ بِإِخْلَاصِ النِّيَّةِ فِي طَلَبِهِ ، وَ إِجْهَادِ النَّفْسِ عَلَى الْعَمَلِ بِمُوجَبِهِ ،


    فَإِنَّ الْعِلْمَ شَجَرَةٌ وَالْعَمَلَ ثَمَرَةٌ ، وَلَيْسَ يُعَدُّ عَالِمًا مَنْ لَمْ يَكُنْ بِعِلْمِهِ عَامِلًا


    وَ قِيلَ : الْعِلْمُ وَالِدٌ وَالْعَمَلُ مَوْلُودٌ ، وَالْعِلْمُ مَعَ الْعَمَلِ ، وَالرِّوَايَةُ مَعَ الدِّرَايَةِ


    فَلَا تَأْنَسْ بِالْعَمَلِ مَا دُمْتَ مُسْتَوْحِشًا مِنَ الْعِلْمِ ، وَ لَا تَأْنَسْ بِالْعِلْمِ مَا كُنْتَ مُقَصِّرًا فِي الْعَمَلِ
    وَ لَكِنِ اجْمَعْ بَيْنَهُمَا ، وَإِنْ قَلَّ نَصِيبُكَ مِنْهُمَا


    وَ مَا شَيْءٌ أَضْعَفُ مِنْ عَالِمٍ تَرَكَ النَّاسُ عِلْمَهُ لِفَسَادِ طَرِيقَتِهِ ، وَجَاهِلٍ أَخَذَ النَّاسُ بِجَهْلِهِ لِنَظَرِهِمْ إِلَى عِبَادَتِهِ .
    وَ الْقَلِيلُ مِنْ هَذَا مَعَ الْقَلِيلِ مِنْ هَذَا أَنْجَى فِي الْعَاقِبَةِ إِذَا تَفَضَّلَ اللَّهُ بِالرَّحْمَةِ ، وَ تَمَّمَ عَلَى عَبْدِهِ النِّعْمَةَ ، فَأَمَّا الْمُدَافَعَةُ وَ الْإِهْمَالُ وَحُبُّ الْهُوَيْنَى وَ الِاسْتِرْسَالُ ، وَ إِيثَارُ الْخَفْضِ وَالدَّعَةِ وَالْمَيْلِ مَعَ الرَّاحَةِ وَالسَّعَةِ ، فَإِنَّ خَوَاتِمَ هَذِهِ الْخِصَالِ ذَمِيمَةٌ ، وَ عُقْبَاهَا كَرِيهَةٌ وَخِيمَةٌ ،


    وَ الْعِلْمُ يُرَادُ لِلْعَمَلِ كَمَا الْعَمَلُ يُرَادُ لِلنَّجَاةِ ، فَإِذَا كَانَ الْعَمَلُ قَاصِرًا عَنِ الْعِلْمِ ، كَانَ الْعِلْمُ كَلًّا عَلَى الْعَالِمِ ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ عِلْمٍ عَادَ كَلًّا ، وَأَوْرَثَ ذلًّا ، وَ صَارَ فِي رَقَبَةِ صَاحِبِهِ غَلًّا


    قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ : الْعِلْمُ خَادِمُ الْعَمَلِ ، وَالْعَمَلُ غَايَةُ الْعِلْمِ ، فَلَوْلَا الْعَمَلُ لَمْ يُطْلَبْ عِلْمٌ وَ لَوْلَا الْعِلْمُ لَمْ يُطْلَبْ عَمَلٌ ، وَلَأَنْ أَدَعَ الْحَقَّ جَهْلًا بِهِ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَدَعَهُ زُهْدًا فِيهِ


    وَ قَالَ سَهْلُ بْنُ مُزَاحِمٍ : الْأَمْرُ أَضْيَقُ عَلَى الْعَالِمِ مِنْ عَقْدِ التِّسْعِينَ ، مَعَ أَنَّ الْجَاهِلَ لَا يُعْذَرُ بِجَهَالَتِهِ ، لَكِنَّ الْعَالِمَ أَشَدُّ عَذَابًا إِذَا تَرَكَ مَا عَلِمَ فَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ


    قَالَ الشَّيْخُ : وَهَلْ أَدْرَكَ مِنَ السَّلَفِ الْمَاضِينَ الدَّرَجَاتِ الْعُلَى إِلَّا بِإِخْلَاصِ الْمُعْتَقَدِ ، وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ ، وَ الزُّهْدِ الْغَالِبِ فِي كُلِّ مَا رَاقَ مِنَ الدُّنْيَا .؟


    وَ هَلْ وَصَلَ الْحُكَمَاءُ إِلَى السَّعَادَةِ الْعُظْمَى إِلَّا بِالتَّشْمِيرِ فِي السَّعْيِ ، وَ الرِّضَى بِالْمَيْسُورِ ، وَ بَذْلِ مَا فَضَلَ عَنِ الْحَاجَةِ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ؟


    وَ هَلْ جَامِعُ كُتُبِ الْعِلْمِ إِلَّا كَجَامِعِ الْفِضَّةِ وَالذَّهَبِ ؟


    وَهَلِ الْمَنْهُومُ بِهَا إِلَّا كَالْحَرِيصِ الْجَشِعِ عَلَيْهِمَا ؟


    وَ هَلِ الْمُغْرَمُ بِحُبِّهَا إِلَّا كَكَانِزِهُمَا ؟


    وَ كَمَا لَا تَنْفَعُ الْأَمْوَالُ إِلَّا بِإِنْفَاقِهَا ، كَذَلِكَ لَا تَنْفَعُ الْعُلُومُ إِلَّا لِمَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَ رَاعَى وَاجِبَاتِهَا


    فَلْيَنْظُرِ امْرُؤٌ لِنَفْسِهِ ، وَلْيَغْتَنِمْ وَقْتَهُ ، فَإِنَّ الثَّوَاءَ قَلِيلٌ وَالرَّحِيلَ قَرِيبٌ ، وَالطَّرِيقَ مَخُوفٌ ، وَ الِاغْتِرَارَ غَالِبٌ ، وَ الْخَطَرَ عَظِيمٌ ، وَ النَّاقِدَ بَصِيرٌ ، وَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْمِرْصَادِ ، وَإِلَيْهِ الْمَرْجِعُ وَالْمَعَادُ
    ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ)
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  18. #18
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم




    و صية ابن حزم لمن حضر مجالس العلم


    قال ابن حزم/ السير و الأخلاق:


    إذا حضرت مَجْلِس علم فلا يكن حُضُوْرك إلا حُضُوْر مستزيد علماً وأجراً لا حُضُوْر مستغن بما عندك طالباً عثرة تشيعها أو غريبة تشنعها فهذه أفعال الأرذال الذين لا يفلحون في الْعِلْم أبداً.
    فإذا حضرتها على هذه النية فقد حصلت خيراً على كل حال وإن لم تحضرها على هذه النية فجلوسك في منزلك أروح لبدنك وأكرم لخلقك وأسلم لدينك.
    فإذا حضرتها كما ذكرنا فالتزم أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها وهي:
    إما أن تسكت سكوت الجهال فتحصل على أجر النية في المشاهدة وعلى الثناء عليك بقلة الفضول وعلى كرم المجالسة ومودة من تجالس.
    فإن لم تفعل ذلك فاسأل سؤال المتعلم فتحصل على هذه الأربع محاسن وعلى خامسة وهي استزادة العلم.
    وصفة سؤال المتعلم أن تسأل عما لا تدري لا عما تدري فإن السؤال عما تدريه سخف وقلة عقل وشغل لكلامك وقطع لزمانك بما لا فائدة فيه لا لك ولا لغيرك وربما أدى إلى اكتساب العداوات وهو بعد عين الفضول.
    فيجب عليك أن لا تكون فضولياً فإنها صفة سوء فإن أجابك الذي سألت بما فيه كفاية لك فاقطع الكلام وإن لم يجبك بما فيه كفاية أو أجابك بما لم تفهم فقل له لم أفهم واستزده فإن لم يزدك بياناً وسكت أو أعاد عليك الكلام الأول ولا مزيد فأمسك عنه. وإلا حصلت على الشر والعداوة ولم تحصل على ما تريد من الزيادة.


    والوجه الثالث: أن تراجع مراجعة العالم وصفة ذلك: أن تعارض جوابه بما ينقضه نقضاً بيناً فإن لم يكن ذلك عندك ولم يكن عندك إلا تكرار قولك أو المعارضة بما لا يراه خصمك معارضة فأمسك فإنك لا تحصل بتكرار ذلك على أجر ولا على تعليم ولا على تعلم بل على الغيظ لك ولخصمك والعداوة التي ربما أدت إلى المضرات.
    وإياك وسؤال المعنت ومراجعة المكابر الذي يطلب الغلبة بغير علم فهما خلقا سوء دليلان على قلة الدين وكثرة الفضول وضعف العقل وقوة السخف وحسبنا الله ونعم الوكيل.
    وإذا ورد عليك خطاب بلسان أو هجمت على كلام في كتاب فإياك أن تقابله مقابلة المغاضبة الباعثة على المغالبة قبل أن تتبين بطلانه بِبُرْهَانٍ قاطع.
    وأيضاً فلا تقبل عليه إقبال المصدق به المستحسن إياه قبل علمك بصحته ببُرْهَان قاطع فتظلم في كلا الوجهين نفسك وتبعد عن إدراك الحقيقة.
    و لكن أقبل عليه إقبال سالم القلب عن النزاع عنه والنزوع إليه إقبال من يريد حظ نفسه في فهم ما سمع ورأى فتزيد به علماً وقبوله إن كان حسناً أو رده إن كان خطأ فمضمون لك إن فعلت ذلك الأجر الجزيل والحمد الكثير والفضل العميم.
    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

  19. #19
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    480

    افتراضي رد: نصائح و وصايا العلماء لطلبة العلم

    موضوع جيد،واختيارات موفقة،غير أن إغفال توثيق النصوص يصعب عملية البحث والمراجعة عند الاستشهاد بها وقت الحاجة.
    أرجو أن يعيد الأستاذ طارق حفظه الله النظر في الموضوع تصنيفا وتوثيقا؛لأن الموضوع مفيد وممتع.

  20. #20
    تاريخ التسجيل
    Nov 2010
    الدولة
    المغرب/الدار البيضاء
    المشاركات
    1,504

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمدالمرنيسي مشاهدة المشاركة
    موضوع جيد،واختيارات موفقة،غير أن إغفال توثيق النصوص يصعب عملية البحث والمراجعة عند الاستشهاد بها وقت الحاجة.
    أرجو أن يعيد الأستاذ طارق حفظه الله النظر في الموضوع تصنيفا وتوثيقا؛لأن الموضوع مفيد وممتع.
    جزاك الله خيرا سأعمل بنصائحك إن شاء الله

    -------------




    طرق أخذ العلم


    ...........و إذا ثبت أنه لا بد من أخذ العلم عن أهله فلذلك طريقان:
    أحدهما :المشافهة و هى أنفع الطريقين و أسلمهما لوجهين:


    الأول :خاصية جعلها الله تعالى بين المعلم والمتعلم يشهدها كل من زاول العلم والعلماء فكم من مسألة يقرؤها المتعلم فى كتاب ويحفظها ويرددها على قلبه فلا يفهمها فإذا ألقاها إليه المعلم فهمها بغتة و حصل له العلم بها بالحضرة؟
    و هذا الفهم يحصل إما بأمر عادى من قرائن أحوال و إيضاح موضع إشكال لم يخطر للمتعلم ببال و قد يحصل بأمر غير معتاد ولكن بأمر يهبه الله لمتعلم ! عند مثوله بين يدى المعلم ظاهر الفقر بادى الحاجة إلى ما يلقى إليه
    و هذا ليس ينكر فقد نبه عليه الحديث الذى جاء أن الصحابة أنكروا أنفسهم عند ما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم
    و حديث حنظلة الأسيدى حين شكا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهم إذا كانوا عنده وفى مجلسه كانوا على حالة يرضونها فإذا فارقوا مجلسه زال ذلك عنهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
    لو أنكم تكونون كما تكونون عندى لأظلتكم الملائكة بأجنحتها
    وقد قال عمر بن الخطاب: (وافقت ربى فى ثلاث)و هى من فوائد مجالسة العلماء إذ يفتح للمتعلم بين أيديهم مالا يفتح له دونهم ويبقى ذلك النور لهم بمقدار ما بقوا فى متابعة معلمهم وتأدبهم معه واقتدائهم به فهذا الطريق نافع على كل تقدير
    و قد كان المتقدمون لا يكتب منهم إلا القليل وكانوا يكرهون ذلك وقد كرهه مالك فقيل له فما نصنع قال تحفظون وتفهمون حتى تستنير قلوبكم ثم لا تحتاجون إلى الكتابة
    و حكى عن عمر بن الخطاب كراهية الكتابة وإنما ترخص الناس فى ذلك عندما حدث النسيان وخيف على الشريعة الاندراس
    الوجه الثاني: لم يذكره الشاطبي
    الطريق الثانى :مطالعة كتب المصنفين ومدوني الدواوين وهو أيضا نافع في بابه بشرطين :
    الأول :أن يحصل له من فهم مقاصد ذلك العلم المطلوب و معرفة اصطلاحات أهله ما يتم له به النظر في الكتب و ذلك يحصل بالطريق الأول من مشافهة العلماء أو مما هو راجع إليه وهو معنى قول من قال كان العلم في صدور الرجال ثم انتقل إلى الكتب ومفاتحه بأيدي الرجال
    والكتب وحدها لا تفيد الطالب منها شيئا دون فتح العلماء و هو مشاهد معتاد


    والشرط الثاني أن يتحرى كتب المتقدمين من أهل العلم المراد فإنهم أقعد به من غيرهم من المتأخرين و أصل ذلك التجربة والخبر
    أما التجربة فهو أمر مشاهد في أي علم كان فالمتأخر لا يبلغ من الرسوخ في علم ما ما بلغه المتقدم
    وحسبك من ذلك أهل كل علم عملي أو نظري فأعمال المتقدمين في إصلاح دنياهم ودينهم على خلاف أعمال المتأخرين وعلومهم في التحقيق أقعد فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ليس كتحقق التابعين والتابعون ليسوا كتابعيهم وهكذا إلى الآن ومن طالع سيرهم وأقوالهم وحكاياتهم أبصر العجب في هذا المعنى وأما الخبر ففي الحديث
    خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع ما بعده
    الموافقات / الشاطبي


    اللهم ارحم والدي كما ربياني صغيرا، رب اغفر لي ولوالدي و للمومنين يوم يقوم الحساب

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •