تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    342

    افتراضي رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

    رسالة رد على ما تفوه به البابا عن رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم

    الحمد لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. وما أرسله إلا رحمة للعالمين فهو رسول الله إلى جميع الناس من الكتابيين والأميين وأنزل إليه الكتاب ليخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد فصلوات الله وسلامه عليه وعلى آل وصحابته والتابعين ،،،

    أما بعد فإن الله بعث رسوله محمداً r على حين فترة من الرسل بشيراً ونذيراً وقد طبق الأرض الجهل والشرك والكفر والظلم كما قال r : "إن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب". وقد بعثه الله بدين الإسلام الذي هو دين الله الذي لا يقبل من أحد دينا سواه كما بعث به من قبله من النبيين والمرسلين فإن دين الرسل هو الإسلام الذي أساسه عبادة الله وحده لا شريك له وطاعته وطاعة رسله قال الله تعالى : )وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ( [الأنبياء–25]. وقال : )وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ([النحل-36]. وقال تعالى عن نوح عليه السلام : )يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ( [الأعراف-59] . وقال عن إبراهيم : )وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ * إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ( [الزخرف-26:27]. وقال عن موسى عليه السلام ) إِنَّ هَـؤُلاء مُتَبَّرٌ مَّا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَـهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ( [الأعراف-139: 140]. وقال عن عيسى عليه السلام )لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ( [المائدة-72]

    وقد كفَّر سبحانه كل من أشرك به ودعا معه إلهاً آخر فقال تعالى : )وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ( [المؤمنون-117]

    وقال في النصارى : )لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ إِلَـهٌ وَاحِدٌ وَإِن لَّمْ يَنتَهُواْ عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ( [المائدة-73]

    وقد ختم الله النبوة ببعثة محمد r فلا نبي بعده كما قال تعالى : )مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً( [الأحزاب-40] . وكان المسيح عليه السلام آخر الرسل قبل محمد r فهو آخر من بشر به ومحمد r هو المصدق له، قال تعالى : ) مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ( [المائدة-75]

    وقال : )وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ( [الصف-6]

    وقال r : " إنا معاشر الأنبياء ديننا واحد ، والأنبياء أخوة لعلات ، وإن أولى الناس بابن مريم لأنا ، إنه ليس بيني ونبيه نبي "

    وقد أقام الله البراهين على صدق محمد r كما أقامها على صدق المسيح عليه السلام ومن قبله من المرسلين عليهم السلام وسيرته r قبل البعثة وبعدها من أدل دليل على صدق ما جاء به . وأعظم برهان على نبوته r هذا القرآن الذي تحدى الله به الثقلين أن يأتوا بمثله وأخبر أنهم لن يأتوا بمثله وإن اجتمعوا على ذلك وتظاهروا وقد جاء r بهذا القرآن وهو أمي لا يكتب ولا يقرأ المكتوب وقد تضمن القرآن وسنة الرسول r من أنواع العلوم والمعارف وتفاصيلها ما لم يأت بمثله نبي قبله ولا كتاب قبل كتابه .

    ولهذا كانت شريعته r شريعة كاملة من جميع الوجوه ففيها :

    1- تعريف العباد بربهم بأسمائه وصفاته وما يجب له وما يجوز عليه وما يمتنع عليه .

    2- وتعريفهم بالمبدأ والمعاد من خلق السموات والأرض وخلق مبدأ البشرية أبيهم آدم عليه السلام وما ينتهون إليه بعد الممات من البعث والنشور والحساب والجزاء من الثواب والعقاب والجنة والنار .

    3- تعريفهم بالطريق الموصل إلى الله وبالطرق المبعدة لهم وذلك ببيان ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة وبيان ما يسخطه ويبغضه ليهلك من هلك عن بينه ويحيي من حي عن بينه قال تعالى : )وَأَنَّ هَـذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( [الأنعام-153]

    وعلى هذه المعارف الثلاث يقوم منهج حياة المسلم في عبادته لربه وفي معاملته للخلق فهو يعبد ربه بما أمره به على بصيرة مخلصاً له الدين ويعامل عباده بالعدل والإحسان ، قال الله تعالى )وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَي ْنِ إِحْسَاناً( [النساء-36] . وقال تعالى : )إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ( [النحل-90]

    وتفاصيل هذا المنهج وهذه المعارف إنما تُستمد من الكتاب والسنة، وقد اختصت هذه الشريعة بالكمال والشمول والمعقولية في عقائدها وشرائعها فالفطر السليمة والعقول المستقيمة تشهد بذلك ولذلك لا يكذب بها إلا مقلد متعصب أو معرض لم يستعمل عقله . وأما من نظر فيها وعرفها على حقيقتها ثم كذب بها فهو في الحقيقة جاحد لا مكذب كما قال تعالى : )َفإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ ( [الأنعام-33] . وهذا أكثر ما ينطبق على أمتي اليهود والنصارى فعوامهم مقلدون متعصبون لساداتهم وكبرائهم فالحق عندهم ما يقوله لهم القسيسون والرهبان وأصحاب صكوك الغفران الذين يبيعونها لأولئك الطغام بطائل الأثمان .

    وأما كبراؤهم من الأحبار والرهبان والحاخامات والباباوات ونحوهم من المثقفين كالرؤساء والمستشرقين فالغالب عليهم هو الجحد وإظهار التكذيب بنبوة محمد r وبما جاء به وإن كانوا مصدقين به بالباطن وقد يصدق به بعضهم ظاهراً وباطناً دون أن يستجيب لدعوته كبراً أو تعصباً أو إيثاراً لمصالح دنيوية من رئاسة أو مال ولا يكون بهذا التصديق مؤمناً فإن التصديق لا يكون إيماناً إلا إذا كان معه الانقياد والقبول للحق .

    فهذا أبو طالب كان مصدقاً للرسول r ظاهراً وباطناً ولم ينفعه ذلك لأنه لم يجب لما دعاه إليه الرسول r من قول لا إله إلا الله منعه التعصب للأسلاف ومات وهو يقول هو على ملة عبد المطلب .

    فالحجة على هذا المصدق أظهر والجاحد المصدق بالباطن أكفر .

    ولكن من الكفرة الجاحدين من يكون عاقلاً لا يجهر بجحده لما فيه من الشناعة عليه فإن جحد نبوة محمد r مع كمال شريعته كجحد الشمس في رابعة النهار وذلك لا يصدر عن سوي العقل وسليم الإحساس .

    ومن الجاحدين من يظهر جحده مكابراً للحقائق ومغالطاً في البديهيات وأكثر ما يصدر مثل هذا من الكفرة المتبوعين استخفافاً للإتباع فإنهم يسمعون ويطيعون كما قص الله علينا عن فرعون مع قومه قال تعالى : )وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ( [غافر-26] . وقال عنه : )مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ( [غافر-29] . وقال تعالى : )وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْ هَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً( [النمل-14] . وقال تعالى : )فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ( [الزخرف-54]

    ولا يزال منهج الجحد والمكابرة والتكبر الذي واجه به فرعون وقومه دعوة موسى وهارون عليهما السلام لا يزال سبيلاً مسلوكاً لأئمة الكفر في مواجهة دعوة الحق ومن ذلك الجحد والمغالطة والتلبيس الذي تضمنه خطاب البابا بنديكتوس السادس عشر حين تحدث عن الإسلام وعن النبي محمد عليه الصلاة والسلام فقد استشهد بما أراد تقريره في أذهان مستمعيه بقول الإمبراطور البيزنطي في حواره مع مسلم ( ما الجديد الذي جاء به محمد ؟ لن تجد إلا أشياء شريرة وغير إنسانية مثل أمره بنشر الدين الذي كان يبشر به بحد السيف ) ومعنى هذا أن البابا يوافق الإمبراطور على ما قال فقد استشهد به مستدلاً ومقرراً .

    وهذه المقولة الباطلة فرية تتضمن دعوى أن محمداً r ليس نبياً وإنما هو ملك ظالم ما جاء الناس إلا بالشر وهذا جحد ظهر لأعلام نبوته r التي منها بشارة المسيح عليه الصلاة والسلام به وجحد ما تضمنته شريعته من الشرائع القويمة والأحكام الحكيمة في شؤون الإنسان في حاضره ومستقبله .

    فهذا النصراني بما تفوه به عن الإسلام أمره دائر بين الجهل والجحد وكلاهما فضيحة وعار كما قيل:

    فإن كنت لا تدري فتلك مصيبةُ وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم

    ومن المستبعد أن يكون البابا وهو بهذه المنزلة جاهلاً بحال النبي r ودعوته وشريعته، فيتعين أن يكون جاحداً مموهاً على أتباعه من جهله النصارى وأما عقلاؤهم المنصفون فلا يوافقونه على هذا الجحد الظاهر والافتراء السافر .

    وأما الإمبراطور البيزنطي فقد تكون مقالته في النبي r ودعوته صادرة من جهل لأنه ملك لا عناية له إلا بالسياسة وقد يكون جاحداً وليس هذا بمستبعد . وقد تضمنت مقالة الإمبراطور التي استشهد بها البابا استشهادً مقرراً فريتين على النبي r :

    إحداهما : أن النبي r إنما نشر دينه بالسيف أي بالإكراه .

    والأخرى : أن النبي r ما جاء بجديد من الخير ما جاء إلا بالشر .



    فأما الفرية الأولى فيظهر بطلانها من وجوه :

    1- قوله تعالى )لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ( [البقرة-256] . أي لا تُكرهوا أحداً على الدخول في دين الإسلام فإنه بين واضح جلي دلائله وبراهينه لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته دخل فيه على بينة ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره فإنه لا يصيره الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً من المؤمنين بل يكون حينئذ منافقاً . ويشبه معنى هذه الآية قوله تعالى : )وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ( [يونس-99] . أي إن أمر الهدى والضلال إلى الله وليس للرسول ولا عليه أن يكره أحد على الدخول في الإسلام .

    2- قوله تعالى : )فَإِنْ أَعْرَضُوا فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ( [الشورى-48] . وقال : )مَّا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاَغُ وَاللّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ( [المائدة-99] . وقال في عموم المرسلين : )فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ( [النحل-35] . فدلت هذه الآيات على أن مهمة الرسول تقتصر على تبليغ الدعوة وإقامة الحجة .

    3- قوله تعالى : )ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ( [النحل-125] . وقال تعالى )وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ( [العنكبوت-46] .

    وقال تعالى )قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ( [يوسف-108] . والدعاء إلى الله هو الدعاء إلى سبيله وهو سبيل رسوله والمؤمنين وهو دينه وسبيله الذي لا يقبل ديناً سواه وهو الإسلام وحقيقته عبادة الله وحده لا شريك له وطاعته وطاعة رسوله والبراءة من كل معبود سواه .

    وهذه الحقيقة هي دين الرسل كلهم من نوح إلى المسيح إلى محمد عليهم الصلاة والسلام فكلهم دينهم الإسلام كما قال تعالى عن نوح عليه السلام : )وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ( [يونس-72] . وعن الحواريين أصحاب المسيح )وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ( [آل عمران-52] . وهذا الدين الذي بعث الله به رسله يقوم على الإيمان بالله واليوم الآخر والعمل الصالح كما قال تعالى : )إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ( [البقرة-62] . والدعوة إلى الله تكون بتعريف العباد بربهم وبحقه عليهم وبالحجج والبينات وبتبليغ أوامر الله ونواهيه ووعده ووعيده ومن أبى قبول الدعوة لشبهات فقد أمر الله بمجادلته بالتي هي أحسن .

    4- قوله تعالى : )فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ( [الزخرف-89] . وقال تعالى : )وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّن بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ( [البقرة-109]. وقال تعالى : )وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ( [النحل-127] . وقال تعالى : )لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ ( [آل عمران-186] . فأمر الله نبيه r والمؤمنين بالعفو والصفح والصبر على أذى الكافرين من أهل الكتاب والمشركين وقد مكث النبي r ومن معه من المسلمين بمكة ثلاثة عشرة سنة وهو يدعو إلى الله ويبلغ رسالاته ويصبر على ما يلقاه هو وأصحابه من أذى المشركين حتى كان r يمر ببعض أصحابه وهو يعذب فيقول ( صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة ) . ولما شكا إليه بعض أصحابه ما يلقون من الأذى قال : " إن من كان قبلكم يمشطون بأمشاط الحديد ما بين اللحم والعظم فلا يصدهم ذلك عن دينهم وليتمن الله هذا الأمر ولكنكم تستعجلون " فلم يؤذن لهم في هذه المدة بدفع الظلم عن أنفسهم مما اضطر فريق منهم إلى الهجرة إلى الحبشة إذ كان ملك النصارى في الحبشة عادلاً لا يظلم أحد في أرضه وقد دخل في الإسلام بمجرد الدعوة في هذه المدة من شاء الله من أهل مكة وما حولها ومن أهل المدينة . وانتشر الإسلام في المدينة ولهذا صارت مأمنا للمسلمين يهاجرون إليها . فأمر الله بالهجرة إلى المدينة وأذن الله لنبيه r بالهجرة فهاجر وفي صحبته أبو بكر فخرجا من مكة مستخفيين وقد نجاهما الله من طلب عدوهما فوصلا إلى المدينة. وبهذه الهجرة بدأ النصر على الأعداء كما قال تعالى : )إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ( [التوبة-40] . فلما استقر النبي r في المدينة كان أول ما شرع الله له قتال من قاتله ومن أخرجه كما قال تعالى : )أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ( [الحج-39: 40] . وقال تعالى : )وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُم ْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبِّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ( [البقرة-190 :191]

    ومما قام به r بعد هجرته أن وادع طوائف اليهود الثلاث التي كانت حول المدينة بني النضير وبني قينقاع وبني قريظة ولم يقاتلهم حتى نقضوا العهد فغزاهم وأجلى بني النضير ونبي قينقاع وقتل بني قريظة لأنهم مالئوا الأعداء ، ولم يقاتل r في جميع غزواته إلا من قالته أو نقض عهده أو جمع لقتاله أو حرض على قتاله كما في وقعة أحد والأحزاب والفتح وغزوة حنين وغزوة تبوك .

    ثم أمر الله في السنة التاسعة بقتال المشركين أهل الأوثان ممن ليس لهم عهد وقتال أهل الكتاب اليهود والنصارى كما في سورة براءة وجعل لذلك القتال إحدى غايتين إما الإسلام وإما أداء الجزية قال تعالى : )فَإِذَا انسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ( [التوبة-5] . وقال تعالى : )قَاتِلُواْ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلاَ بِالْيَوْمِ الآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ( [التوبة-29] . وفي الحديث الذي رواه مسلم عن بريده أن النبي r كان إذا أمر أميراً على جيش أو سرية يقول له : " إذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال ادعهم إلى الإسلام فإن هم أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فأسألهم الجزية فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم " . وينبغي أن يعلم أنه لا يقاتل من الكفار ولا يقتل إلا من قاتل المسلمين أو أعان على قتالهم فلا يقتل وليداً ولا امرأة ولا شيخاً فانياً ولا راهباً في صومعته فعلم بذلك أن الغاية من القتال أن تكون كلمة الله هي العليا ودينه هو الظاهر على كل دين وذلك إما بدخول المقاتلة في الإسلام أو بذلهم الجزية أو الصلح معهم فظهر أنه ليس من غاية الجهاد أن يكره أحد على الدخول في الإسلام بل الغاية تحقيق سيادة الإسلام الذي هو الدين الحق وسيادة دولته .

    وعلى هذا جرى عمل المسلمين في جهادهم وفيما فتحوه من البلاد عنوة أو صلحاً فكانت البلاد ثلاثة أصناف :

    1- أرض عنوة : وهو ما فتحه المسلمون بالقوة فهذه تكون تحت إدارتهم وتصرفهم وجزء من دولتهم .

    2- أرض صلح : وهي نوعان :

    *أ- وهي ما فتحه المسلمون صلحاً فهذه يقر أهلها عليها وتكون تحت إدارة المسلمين حسب شروط الصلح.

    *ب- ما لم يفتحه المسلمون ولكن صالحوا أهلها على ترك القتال مدة محدودة أو مطلقة فهذه تكون إدارتها لأهلها وعليهم وعلى المسلمين أن يفوا بالعهد الذي جرى بينهم وبشروطه .

    3- أرض الحرب : وتسمى أرض العدو وهي التي لا عهد ولا صلح بين أهلها وبين المسلمين فهؤلاء يباح للمسلمين غزوهم بعد دعوتهم إلى الإسلام إن لم يكونوا قد دعوا قبل ذلك فيقاتلون حتى يسلموا أو يعطوا الجزية أو يجنحوا إلى المصالحة والعهد كما قال تعالى : )وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا( [الأنفال-61] . وأما قوله سبحانه : )فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ( [التوبة-5] . وقوله : )وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً( [التوبة-36] . وقوله r "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " فالمراد بهم المشركون المحاربون فإن أسلموا أو بذلوا الجزية أو دعَوا إلى الصلح ورأى الإمام في ذلك مصلحة للإسلام والمسلمين وجب الكف عنهم ومن دخل منهم أرض المسلمين رسولاً من دولته أو مستأمنا لتجارة أو لمعرفة الإسلام لم يجز التعرض له ووجبت حمايته حتى يبلغ مأمنه كما قال تعالى : )وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ( [التوبة-6]



    وأما الفرية الثانية وهي قوله أن النبي r ما جاء بجديد من الخير ما جاء إلا بالشر فهي باطلة وكذلك يظهر بطلانها من وجوه :

    1- أنه r جاء بالدعوة إلى توحيد الله وهي عبادته وحده لا شريك له وهذه دعوة جميع الأنبياء قبله وهو نفس ما أمر به المسيح عليه السلام بني إسرائيل قال تعالى : )وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ( [المائدة-72] .

    وأخبر تعالى عن المسيح أنه يقول يوم القيامة لربه : )مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ( [المائدة-117] . وقال تعالى عن عموم الأنبياء )وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ( [النحل-36] . وقال : )وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ( [الأنبياء-25] . وأخبر تعالى عن نوح وهود وصالح وشعيب أنهم قالوا لقومهم )اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ( [هود-61] . فرسول الله محمد r سبيله سبيل الرسل قبله ودعوته دعوتهم فدينهم واحد وهو الإسلام وإن اختلفت شرائعهم .

    وهذا الأصل وهو توحيد الله في العبادة هو أعظم وأفضل ما جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو أوجب الواجبات وأحسن الحسنات وضده الشرك وهو أظلم الظلم وأعظم الذنوب وأقبح السيئات وهو تسوية المخلوق بالخالق باتخاذه إلهاً مع الله وتسوية المخلوق بالخالق باطل بالفطرة والعقول وهو أسفه السفه وأعظم الجهل )أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ( [النحل-17] . )أَيُشْرِكُونَ مَا لاَ يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ( [الأعراف-191] . )أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ( [يوسف-39] .

    2- لقد جاء رسول الله محمد r بالشرائع العظيمة التي هي من جنس ما جاءت به الرسل قبله كإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب وموسى وعيسى عليهم الصلاة والسلام وهذه الشرائع أعظم ما يتعبد به الله وهي الصلاة والزكاة والصوم وحج بيت الله الحرام . قال تعالى )وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ( [البينة-5] . وقال )الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ( [البقرة-1 :3] . )حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ( [البقرة-238] . وقال تعالى عن إبراهيم عليه السلام : )رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي( [إبراهيم-40] . وقال )وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ( [الأنبياء-72 :73]. وقال في إسماعيل عليه السلام: )وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيّاً( [مريم-55] . وقال لموسى عليه السلام : )وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي( [طه-13 :14] . وقال تعالى في عيسى عليه السلام : )قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً * وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّاً( [مريم-30 :31] . وقال تعالى في الصوم )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ( [البقرة-183] . وقال تعالى في الحج : )وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ( [آل عمران-97] . وأخبر تعالى عن قصة بناء هذه الكعبة ومن بناها ودعوة الناس للحج إليه فقال تعالى : )وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ( [البقرة-125] . وقال )وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ( [البقرة-127] . وقال تعالى )وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئاً وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ( [الحج-26] . وقال : )وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ( [الحج-27] . وقد دلت هذه الآيات على أن حج البيت الحرام من ملة إبراهيم عليه السلام وقد قال تعالى : )وَمَن يَرْغَبُ عَن مِّلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلاَّ مَن سَفِهَ نَفْسَهُ( [البقرة-130] . فاليهود والنصارى الذين خالفوا ما جاءت به أنبياؤهم ليسوا على ملة إبراهيم ولا إبراهيم منهم كما زعموا فأكذبهم الله بقوله : )مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً مُّسْلِماً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ( [آل عمران-67] . وقال تعالى : )وَقَالُواْ كُونُواْ هُوداً أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُواْ قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ( [البقرة-135] .

    3- إن الدين الذي جاء به محمد r يتميز بالكمال والشمول واليسر والعدل والإحسان قال الله تعالى : )الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً( [المائدة-3]. وقال تعالى: )وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ( [النحل-89] . وقال تعالى : )يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ( [البقرة-185] . وقال تعالى: )إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ( [النحل-90] .



    ويظهر كمال هذا الدين بأمور :

    أولاً : اشتماله على العلوم والعقائد الصحيحة والأحكام القويمة قال تعالى : )إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ( [الإسراء-9] .

    ثانياً : وسطيته في كل مسائله العلمية والعملية فلا غلو ولا تقصير قال تعالى : )يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحَرِّمُواْ طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُواْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ( [المائدة-87] . وقال )قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ( [المائدة-77] . وقال )وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً( [الفرقان-67] .

    ثالثاً : تضمنه لكل ما يحتاج البشر إلى بيانه ومعرفته مما به صلاح دينهم ودنياهم وأخراهم من تعريفهم بربهم وبالطريق الموصل إليه وبالمصير الأخير تعريفاً مفصلاً لم يأت بمثله نبي قبله r وعلى هذه المعارف بتفصيلها قد تضمنها القرآن مع بيان سنة الرسول r ، قال تعالى : )وَلَقَدْ جِئْنَاهُم بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ( [الأعراف-52] . وقال تعالى : )وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ( [النحل-89] .

    رابعاً : اشتماله على كل نظم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية الداخلية والخارجية وكل الأخلاق الكريمة كالصدق والصبر والعفو والعفاف وصلة الأرحام وأنواع الإحسان وتفاصيل هذه العلوم والأحكام قد اشتملت عليها نصوص القرآن وسنة الرسول r القولية والفعلية والتقرير به وقد استنبط علماء المسلمين هذه العلوم والأحكام والنظم ودونوها بأدلتها في مؤلفات ورتبوها وقربوها مما ظهر به شمول هذه الشريعة وكمال هذه الرسالة فالمنكر لها والطاعن فيها كجاحد الشمس في الظهيرة فحجة الله على عباده برسالة محمد r قائمة إلى يوم القيامة . فمن اهتدى فإنما يهدتي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها ومن عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وما ربك بظلام للعبيد والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .



    وقد رأيت أن أرفق بهذا البيان كتاب رسول الله r إلى هرقل

    " بسم الله الرحمن الرحيم . من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم . سلام على من اتبع الهدى . أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام ، أسلم تسلم ، يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين و ) قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُون)
    رواه البخاري

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    749

    افتراضي رد: رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

    بيض الله وجه شيخنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه
    كلمة حق ورد لعرض نبينا صلى الله عليه وسلم
    وكلنا فداء رسولنا صلى الله عليه وسلم
    بارك الله فيك يا ابن رشد

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

    بيض الله وجه شيخنا يوم تبيض وجوه وتسود وجوه
    كلمة حق ورد لعرض نبينا صلى الله عليه وسلم
    وكلنا فداء رسولنا صلى الله عليه وسلم
    بارك الله فيك يا ابن رشد
    وفيك أيضا..

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المشاركات
    39

    افتراضي رد: رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

    جزى الله الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك خير الجزاء وحفظه الله ونفع به

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    المشاركات
    342

    افتراضي رد: رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

    جزى الله الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك خير الجزاء وحفظه الله ونفع به

    شكرا لك ... بارك الله فيك ...

  6. #6

    افتراضي رد: رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

    بارك الله في شيخنا العلامة الشيخ عبد الرحمن البراك .
    واسأل الله ان يغفر له , وان يمد في عمره على الخير .
    يقول ابن المبارك - رحمه الله -(( اترك فضول الكلام توفق للحكمة ))

  7. #7

    افتراضي رد: رد العلامة البراك _حفظه الله_على بابا الفاتيكان(بنديك وس السادس عشر)

    شكرا لك ... بارك الله فيك ... يا شيخنا البراك
    اوصيك بتقوى الله واتباع محمداخي ادعي الله ان يشفيني ويتوب علي اسأل الله ان يدخلك الجنةغيرحسابhttp://www.livequran.org/
    مفيد جدا لطالب علمhttp://majles.alukah.net/showthread....755#post324755

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •