بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه وبعد:
فقد هالني جدا وأحزنني ما سمعته من بعض إخواننا أن الأخوة في أحد مؤتمرات حزب النور استضافوا قسا نصرانيًا وسمحوا له بالكلام ، وبدأ كلامه بقوله" بسم الإله الذي نعبده جميعا" فكيف بحزب يزعم مؤسسوه أن مرجعيته الإسلام يبدأ في ساعاته الأولي بتضييع الولاء والبراء كما حصل في هذا المؤتمر؟!!!! ، مع ما في كلمة القس من مخالفات شركية وعقدية، ومما راعني أيضًا الفتوى التي وقفت عليها على موقع " صوت السلف" وفيها دفاع عن مقولة القس " بسم الإله الذي نعبده جميعا" وذهب المفتي إلى تمريرها وإباحتها واستدل بقوله تعالى: {وإلهنا وإلهكم وَاحِد} وأقول مستعينًا بالله تعالى : ليس المعنى في الآية أن معبود أهل التوحيد وأهل الكتاب واحد فعلى هذا فهم موحدون في الألوهية كالمسلمين !!!!!! ، كلا فالله تعالى أخبر عنهم أنهم يشركون في الألوهية ، فيعبدون المسيح ويتخذ بعضهم بعضا أربابًا من دون الله ، قال الله تعالى: {لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ} (المائدة:72)، وقال تعالى: {لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ}(المائ دة:73).
ودعا الله تعالى أهل الكتاب إلى توحيده وإخلاص العبادة له ، قال الله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ}(آل عمران:64)، والآيات في هذا كثيرة جداً.
إذن فما تأويل قوله تعالى : {وإلهنا وإلهكم وَاحِد}(العنكبوت :46) ؟
قال الشوكاني رحمه الله : { وإلهنا وإلهكم وَاحِدٌ } لا شريك له ولا ضدّ ولا ندّ { وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } أي ونحن معاشر أمة محمد مطيعون له خاصة ، لم نقل : عزير ابن الله ، ولا المسيح ابن الله ، ولا اتخذنا أحبارنا ورهباننا أرباباً من دون الله .ا.هـ فتح القدير .
إذن فالمعنى نفي الشريك عن الله، وليس أن النصارى مقرون بالتوحيد، إذ الأصل فيهم الشرك.
ومثلها قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) } (الأنبياء/108)
وقوله تعالى : { فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا } (الحج/34)
وفي المعنى أيضـًا بلفظ "الاستقامة" بدل "الإسلام" قوله تعالى : { قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوه ُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ } (فصلت/6).
ومعنى آخر وهو أنهم يؤمنون بوجود الله كالمسلمين قال ابن عاشور: قوله : {وإلهنا وإلهكم وَاحِد} تذكير بأن المؤمنين واليهود يؤمنون بإله واحد .انتهى من التحرير والتنوير(12 /8).
وقيل أن الآية تتحدث باعتبار التوحيد الأصلي عند النصارى قبل التحريف والتبديل والتغيير، ولو كان الأمر كما قال صاحب الفتوى لحق لهم اتخاذ الآية دليلاً على صحة كتبهم وعدم تحريفها .
والله يقول :{ وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } فقوله تعالى: " إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا " أي الذين بدلوا وحرفوا وأشركوا ، أما أتباع المسيح حقاً فهم والمسلمون يعبدون إلهًا واحدًا وهو الله سبحانه.
وكتب ذلك / أبو عاصم البركاتي المصري
هاتف/ 01064763195