أخي الشاب:إن لهذا الدين أعباء ولمهمته تكاليف،قال تعالى( إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً ) وعلى هذا فلا بد من القيام بأمر الدين بحزم وجد ( يايحيى خذ الكتاب بقوة ) ولن يحمل هذا الدين ويصمد له ويتغلب على العقبات ،ولن يعيش و ويتحرك له حركة المؤمن الواعي للتكاليف إلا الرجال الأشداء الأقوياء ،ولذلك فلابد من أن يكون هؤلاء أصحاب بدايات صحيحة قال شيخ الإسلام ابن تيمية (من صحت بدايته صحت نهايته) وقالوا قديماً ( من كانت له بداية محرقة كانت له نهاية مشرقة ).
إنها الخطوات الأولى على الطريق إلى الله تكون صحيحة فيرتقي بها صاحبها بلا فتور ولا نكوص، وإذا فتر فبمقدار لايتعدى سنة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
صحة البداية .. خطوات أولى على الطريق من جعلها ـ بإذن الله ـ متقنة ثبتت قدمه بما يشاء الله ومن تركها مضطربة الخطو فقد أعطى لشيطانه الطريق حبل الحماسة، قال أحد الصالحين (إنما تتولد الدعاوي من فساد الابتداء فمن صحة بدايته صحة نهايته،ومن فسدت فربما هلك) فمن حرم من صحة البداية فإن بنيانه يظل مهتزاً مهما شمخ عالياً ، بل الخشية عليه السقوط من العلو وقد قيل :( من لم يصح في مبدأ إرادته لا يسلم في منتهى عاقبته ) فحري بمن صحة بدايته أن ينتبه لأمرين مهمين :النية الصالحة ،والهمة العالية، وهي التى عناها البحتري بقوله(نفس تضئ وهمة تتوقد) فالنفس المذكورة يقصد بها النية الصالحة الحرة التي لم يستعبدها درهم ولا دينار ولم تكن رقيقة لمنصب أو شهوة، فصاحب صحة البداية لا يصدر من شهوة ولا يطلب مصلحة، وإنما له في حركة وسكنة تطلع إلى الأجر.قال أحد السلف(صلاح العمل بصلاح القلب ، وصلاح القلب بصلاح النية،ومن صفا صفِّي له، ومن خلط خلَّط عليه) واعلم يامن صحت بدايته أن سياسة النفس عسيرة فأتقن التعامل معها.
الثاني:الهمة وهي قرينة النية ، ومن كسب الهمة عند الخطوات الأول فقد ضمن الاستمرار بإذن الله وقد قيل (همتك احفظها فإنها مقدمة الأشياء ، واسمع إلى النابغة الجعدي وهو يقول بحضرة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ
بلغنا السماء مجداً وسؤدداً وإنا لنرجوا فوق ذلك مظهراً
فقال النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى أين ياأبا الوليد؟ قال: إلى الجنة يارسول الله.
هذه الهمة التي ينبغي توقدها ورسوخها فمتى صلحت النية واتقدت الهمة سمت النفوس وتعلقت بالعرش ورأت أن راحتها في القيام بواجب الدين والعمل بهدي سنة سيد المرسلين رائدها قول عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ (الراحة للرجال غفلة).