بعض التجار قدم المدينة و معه حمل من الخمر( جمع خمار) السود فلم يجد لها طالبا فكسدت عليه و ضاق صدره فقيل له : ما ينفقها لك الا مسكين الدارمي و هو من مجيدي الشعراء الموصوفين بالظرف و الخلاعة فقصده فوجده تزهد و انقطع في المسجد فاتاه و قص عليه القصة فقال و كيف اعمل و انا تركت الشعر و عكفت على هذه الحال ? فقال له التاجر انا رجل غريب و ليس لي بضاعة سوى هذا الحمل و تضرع اليه فخرج من المسجد و اعاد لباسه الاول و عمل هذين البيتين :
قل للمليحة في الخمار الاسود ماذا عملت بناسك متعبد
قد كان شمر للصلاة ثيابه حتى قعدت له بباب المسجد
فشاع بين الناس ان مسكين الدارمي قد رجع الى ما كان عليه و احب واحدة ذات خمار اسود فلم يبقى بالمدينة ظريفة الا و طلبت خمارا اسود فباع التاجر الحمل الذي كان معه باثمان مضاعفة فلما فرغ منه عاد مسكين الدارمي الى تعبده و انقطاعه