هكذا روى أصحابُ حمّاد بن زيد هذا الحديثَ عنه .. وهم وإنْ اختلفوا في
إسنادِه ..-وهو اختلافٌ لا يضرّ صحته ولا يقدح في قبوله- قدْ اتّفقوا على
متنِه وسياقِه.. لم يذكروا عن الغلام اليهوديّ المُعَاد: سوى أنّه كان يخدمُ النبيَّ
..لم يأتِ في لفظ أحدٍ منهم أنه كان جاره.
وروى يزيدُ بن هارون نحو هذا الحديث عن حمّاد بن زيد، بالإسناد المذكور
دون ذكر الشّك، واختصره جدّاً، وفي حديثه أنّ اليهوديَّ الذي عاده كان
جاراً له ..
أخرجهُ ابنُ حبّان في "صحيحه" رقم( 4883- الإحسان) قال : أخبرنا
محمّد بن يعقوب الخطيب بالأهواز، قال:حدّثنا عبدة بن عبد الله الخزاعيّ
قال:حدّثنا يزيد بن هارون، قال:حدثنا حمّاد بن زيد، عن ثابت عن أنس
قال:"عاد النبيّ صلّى الله عليه وسلّم[جاراً له] يهوديّا."
قلت:وهذا إسنادٌ جيّد إلى يزيد بن هارون:
* عبدة بن عبد الله الخزاعيّ: ثقةٌ روى عنه الجماعة سوى مسلم.
* وشيخُ ابن حبان: صدوق إن شاء الله.(1)
· التنبيه على حدوث سقط في كتاب الإحسان:
سقطَ من المطبوع جملة (جاراً له) وأثبتُّها من"نصب الراية" 4/271
للزّيلعي ، ومختصره "الدراية" للحافظ ص238-239 فقد عزياه
إلى ابن حبان بذكرها:
- قال الزّيلعي:"..وليس في ألفاظهم أنه كان جاره لكن رواه ابن حبان
في "صحيحه" في النوع الأول، من القسم الرابع، بالإسناد المذكور(2)
أن النبيَّ عاد جارا له يهودياً."انتهى.
- وقال ابن حجر: "وروى ابنُ حبّان من حديث أنس، أن النّبي عاد
جاراً له يهوديا" وأصل هذا عند البخاريّ وأحمد، والحاكم مطوّلاً وليس
فيه أنه كان جاره." انتهى
* قلتُ: ونقلُ مثلِ هذين الحافظيْن ممّا يُوثق به فإنهما قد اعتنا بهذا الشّأن و
هما من المعروفين بالتّحري ، وينقلان عادةً من أصولٍ صحيحة و مسموعة
ومعارضة خاصة وأنهما هنا كانا ينقلان مباشرةً من أصل صحيح ابن حبان
المسمّى: بـ "التقاسيم والأنواع" لا ترتيبه الذي صنعه ابن بلبان.
* ومما يبيّنُ سقوط هذه اللّفظة من كتاب الإحسان المطبوع:ذكر ابن حبان
لها في ترجمة الحديث.. فإنه لما ذكره بوّب له بقوله:ذكر إباحة قضاء حقوق
أهل الذّمة إذا كانوا مجاورين له فطمع في إسلامهم" (3).
ومجيئها في رواية أخرى عن يزيد بن هارون أيضاً؛ وهي ما أخرجه:
(ترقبها في المشاركة الآتية)
________
(1) محمّد بن يعقوب الخطيب،أبو العبّاس الأهوازي لم يُذكر بجرح ولا
تعديل..لكن ابن حبّان انتقى شيوخه الذين روى عنهم في "الصحيح"
انتقاءا جيّدا.
(2) يعني :حمّاد بن زيد، عن ثابت، عن أنس.
(3) تراجم كتاب "الإحسان" مأخوذة من أصله.