ومن ثم فينبغي على المتحاورين على الفضائيات وعلى صفحات الجرائد والمجلات
أن يعلموا فيما يتحاورون وأن يقفوا عند حدود النقاش والحوار
فللحوار وللنقاش حدود
لا ينبغي لأحد مهما علا كعبه ومهما كبر قدره وقيمته وعلمه أن يتجاوز هذه الحدود
ليجعل من القرآن أو من السنة الصحيحة للنبي عليه الصلاة والسلام أو بركن من أركان الدين أو من الثوابت والأصول في ديننا أن يجعل من هذا كله قضية مطروحة للأخذ والرد وللقيل والقال وللنقاش
فالمسلمون على وجه الأرض عامة وفي مصر خاصة
لن يقبلوا أبداً أن يُطرح كتاب ربهم وأن تطرح سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم
للحوار وللنقاش
مهما علا قدر المتحاورين والمناقشين
هذا أصل لابد أن يكون واضحاً جلياً راسخاً في القلوب والعقول
وها أنا ذا أخاطب به الآن النخبة في مصر ليعلم كل أحد في ما يحاور
وليقف على حدود الحوار والنقاش
أول أدب أن نصحح النية وأن نحدد الهدف
أنا أسأل الآن المتحاورين على شاشات الفضائيات ممن يريدون أن يزعزعوا أمن هذا البلد واستقراره بهذه الشائعات والشكوك وإثارة الفتن باسم النقاش وباسم الحوار وباسم الحرية
لا ينكر أحد أننا نعيش الآن عصر من عصور الحرية لم نتنفس شذاها بهذا العبير من قبل
ولكن!
هل معنى ذلك أيها العقلاء وأيها الأوفياء وأيها السادة من المثقفين
هل معنى ذلك أن تكون حريتنا حرية متفلتة من الضوابط الشرعية ومن القيم المنهجية والأخلاقية؟
هل معنى ذلك أن تكون حريتنا حرية منفلتة من كل قيمنا لمجتمعنا المسلم؟
هل هذه هي حقيقة الحرية التي ناديتم وتنادون بها ؟
بئس الحرية إذن!!
أن يقول كل واحد منا ما يشاء وما يريد حتى ولو كان ذلك على حساب الآخرين وعلى حساب المصلحة العليا لهذا البلد والوطن
بئس الحرية إذن!!
هذه ليست حرية شرعية
وليست حرية منضبطة بضوابط القرءان والسنة
فالإنسان حر في قوله وفعله ما لم يؤذي الآخرين
فضلا عن أن يكون ضرره واقعاً على المجتمع بأسره
ألم يقل نبينا الصادق: [لا ضرر ولا ضرار]
[لا ضرر ولا ضرار]
والحديث رواه احمد وابن ماجة والحاكم وغيرهم بسند حسن
بل وهناك من أهل العلم من صححه بمجموع طرقه
لا ضرر : والضرر هو ما لك فيه نفع وعلى غيرك فيه ضرر
هذا هو معنى الضرر
لي مصلحة
فأنا أريد أن أحقق هذه المصلحة حتى ولو وقع الضرر على الآخرين من الجيران أو من الزملاء أو من الأصدقاء أو من البلد والوطن
هذا هو معنى الضرر
والنبي يقول: [لا ضرر ولا ضرار]
[الضرار] هو ما ليس لي فيه مصلحة ويقع الضرر كله على الغير
فرسول الله يقول: [لا ضرر ولا ضرار]
بل يجب أن تقبل الضرر الأقل لتدفع الضرر الأعلى
بل ينبغي أن نقبل المفسدة الأقل لندرأ المفسدة الأعظم
هذه الحالة من الفوضى
يتكلم كل إنسان بما يريد ويضع على مواقع النت ما يريد
ضع وتكلم لكن!!
بعدل لكن بحق بإنصاف بصدق بأمانة برجولة بحرص على مصلحة هذا البلد
بعد نصرتك لدينك ولقرءان ربك وسنة نبيك
إن ترك الألسنة تُلقي التهم جزافا دون بينة أو دليل
يترك المجال فسيحاً لكل من شاء أن يقول ما شاء في أي وقت شاء
ثم يمضي أمنا مطمئنا فتصبح الجماعة المسلمة وتُمسي وأعراضها مجرحة وسمعتها ملوثة
وإذا كل فرد فيها متهم ومشكوك فيه
فأنا أرى أن الشعار المرفوع الآن الشعب يريد إسقاط الشعب
الشعب يشكك في الشعب حتى أصبحنا نشك في كل أحد
ولا نثق في أي أحد وإذا تكلم أي إنسان
ها عاوز إيه؟
قصده إيه؟
نيته إيه؟
لأ دا نيته كذا
وصار الاتهام للنيات وللمقاصد
فأنا اقول أول أدب ينبغي أن نتحلى به جميعاً
أن نصدق النية وأن نحسن النية وأن نطهر السريرة والقلوب والطوية
لنحدد الهدف من هذه الحوارات
ما الهدف من هذه الحوارات؟
هل الهدف إثارة الفتنة؟ إثارة البلبلة؟
هل الهدف أن يتمنى الناس مرة أخرى يوماً من الأيام الماضية أو يوماً من الأيام الفائتة؟
ما الهدف من الحوار عند الصادقين أن يقدموا مصلحة الدين ثم مصلحة هذا البلد ثم مصلحة هذا الوطن وأن نقدم الأولى فالأولى
لابد من فقه للأولويات
ما الذي يحتاجه بلدنا الآن؟
وما الذي ينبغي أن نطرحه الآن للحوار؟
وما الذي يجب أن يركز عليه الصادقون المخلصون لتدور عجلة الإنتاج وليترك اقتصاد هذا البلد
لا نريد أبداً لهذا البلد الأبي أن يمد يده لا لصندوق النقد المراد الأكبر على وجه الأرض
ولا نريد لهذا البلد أن يمد شعبه الأبي يده لأي دولة من الدول
بل ولا ينبغي أن ينتظر أهل مصر معونة أمريكية أو معونة أوربية
لأن مصر زاخرة بالطاقات ومليئة بالإمكانيات والقدرات الهائلة
لكن!
يجب على الجميع أن يقدم مصلحة الدين ثم مصلحة البلد
على مصلحته الشخصية وعلى مصلحته الفئوية الضيقة
حتى ولو كان ما يُطالب به الآن حق مشروع
لكن الأوليات ينبغي أن تقدم الآن لتنهض بلدنا من كبوتها
ولتستفيق مصرنا من رقدتها
لأن البلد يمر الآن بأزمة حقيقية
يجب على العقلاء الصادقين أن يعرفوا خطر هذه الأزمة
وأن يساهم كل صادق بكلمة طيبة وبجهد صادق وبعمل مخلص بناء
لتدور عجلة التنمية وعجلة الاقتصاد
لأنه لن تكون كلمتنا من رأسنا إلا إذا كانت لقمتنا من فأسنا
يتبع بإذن الله