
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محرز الباجي
أما في خلاف داود وأبي ثور فقد نقله الحافظ في الفتح عند تعقيبه على دعوى الإجماع التي نقلها إبن بطال في شرحه على البخاري ونقل كذلك الصنعاني لنفس الإستدراك بلحمه وعظمه في السبل
يقول ابن رجب في الفتح : ((ومن حكى عن أبي ثور وداود : أن الحدث الأكبر لا يرتفع بدون الوضوء مع الغسل ، فالظاهر : أنه غالط عليهما .
وقد حكى ابن جرير وابن عبد البر وغيرهما الإجماع على خلاف ذلك )). انتهى
وقال أبو بكر بن العربي : إنه لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث وتقضي عليها لأن موانع الجنابة أكثر من موانع الحدث فدخل الأقل في نية الأكثر وأجزأت نية الأكبر عنه )) .انتهى
علمًا بأن ابن رجب قد حكى في المسألة خلافًا عن مالك وبعض الأصحاب وجعلها رواية عن أحمد, وابن العربي حكى الخلاف عن أبي ثور, ومع ذلك نقل عدم الخلاف بين العلماء كما تقدم, مما يعني أن في النقل إلتباس ما !
وقد نقل الشوكاني عن ابن سيد الناس تحرير الخطأ في النقل عن الظاهرية فقال رحمه الله في النيل : (( قال ابن سيد الناس : إن داود الظاهري أوجب الوضوء في غسل الجنابة لا أنه بعده لكن لا يخلو عنده من الوضوء وحكاه عنه الشيخ محي الدين النووي .
قال ابن سيد الناس : والذي رأيته عن أبي محمد بن حزم أن ذلك عنده ليس فرضا في الغسل وإنما هو كمذهب الجماعة )) .انتهى
وقال ابن رشد في البداية : (( أجمع العلماء على أن صفة الطهارة الواردة من حديث ميمونة وعائشة هي أكمل صفاتها وأن ما ورد في حديث أم سلمة من ذلك فهو من أركانها الواجبة وأن الوضوء في أول الطهر(الغُسل) ليس من شرط الطهر(رفع الجنابة) إلا خلافا شاذا روي عن الشافعي )) انتهى
ويقول ابن عبد البر في الاستذكار : (( فإن لم يتوضأ المغتسل للجنابة قبل الغسل ولكنه عم جسده ورأسه ويديه وجميع بدنه بالغسل بالماء وأسبغ ذلك فقد أدى ما عليه إذا قصد الغسل ونواه لأن الله تعالى إنما افترض على الجنب الغسل دون الوضوء بقوله ! ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ) ! [ النساء 43 ] وقوله ! ( وإن كنتم جنبا فاطهروا ) ! [ المائدة 6 ]
وهذا إجماع من العلماء لا خلاف بينهم فيه والحمد لله إلا أنهم مجمعون أيضا على استحباب الوضوء قبل الغسل للجنب تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه الأسوة الحسنة ولأنه أعون على الغسل وأما الوضوء بعد الغسل فلا وجه له عند أهل العلم )) . انتهى
وأخرج ابن المنذر في الأوسط بإسناده عن ابن عمر وجابر رضي الله عنهما ما معناه : (( أن الغسل من الجنابة يجزي صاحبه من الوضوء )) وقد قال الترمذي : وهذا قول غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم والتابعين أن لا يتوضأ بعد الغسل.
وأخرج ابن أبي شيبة في مصنفه : عَن حُذَيْفَةَ رضي الله عنه قَالَ : أَمَا يَكْفِي أَحَدُكُمْ أَنْ يَغْسِلَ مِنْ لَدُنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ ، حَتَّى يَتَوَضَّأ !
وله أيضًا في المصنف : حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ : أَرَأَيْت إذَا اغْتَسَلْت ، أَيَكْفِينِي الْغُسْلُ مِنَ الْجَنَابَةِ مِنَ الْوُضُوءِ ؟ قَالَ : نَعَمْ ، وَلَكِنِ اغْسِلْ قَدَمَيْك.
وله أيضًا : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَن مُطَرِّفٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الأَشْجَعِيِّ ، قَالَ : سَأَلْتُ ابْنَ عُمَرَ عَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ ؟ فَقَالَ : أَفِضْ عَلَيْك ، ثُمَّ تَنَحَّ فَاغْسِلْ رِجْلَيْك.
وبيّن النخعي الإمام سبب غسل الرجلين بقوله : إذَا كَانَ الْمَكَانُ الَّذِي يُغْتَسِلُ فِيهِ مِنَ الْجَنَابَةِ يَسْتَنْقِعُ فِيهِ الْمَاءُ ، فَلْيَغْسِلْ قَدَمَيْهِ إذَا فَرَغَ ، وَإِنْ كَانَ نَظِيفًا فَلاَ يَغْسِلْهُمَا إِنْ شَاءَ. وهو في المصنف أيضًا .
والذي يظهر لي بأن الخلاف إن وجد فهو شاذ في مسألة إجزاء الغُسل عن الوضوء, وإن وجد فهو واقع بعد عهد الصحابة رضي الله عنهم, وفي نسبته لبعض الأئمة نظر, ويشتبه الغلط من جهة أن في الباب مسألتان مختلفتان وقد تكون تداخلت النقول بينهما, وهما :
1- مسألتنا وهي إجزاء الغُسل عن الوضوء .
2- المسألة الثانية : هل يلزم التدليك أم يكفي إفاضة الماء وتعميم الجسد به . وقد عرضها الإمام ابن المنذر فاحسن العرض فقال رحمه الله في الأوسط : (( ذكر الجنب يغتمس في الماء ولا يمر يديه على بدنه :
اختلف أهل العلم في الجنب والمحدث حدثا يوجب الطهارة يغتمسان في الماء حتى تغمر أبدانهما ولا يمران أيديهما على أبدانهما فقالت طائفة : يجزيهما ذلك من الاغتسال والوضوء فممن قال أن الجنب يجزيه أن يغتمس في الماء اغتماسة الحسن وإبراهيم والشعبي وحماد الكوفي وبه قال الأوزاعي والثوري والشافعي وأحمد وإسحاق ، وقال أصحاب الرأي : إذا قام في المطر واغتسل بما أصابه من المطر وتمضمض واستنشق وغسل فرجه يجزيه غسله . وقالت طائفة : لا يجزيه حتى يمر يديه على جسده أو على مواضع الوضوء إن كان عليه الوضوء هذا قول مالك)).انتهى

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محرز الباجي
قد جاءك حديث النبي صلى الله عليه وسلم فحسبك به وهو محكم ونص في المسألة أما حديث أم سلمة فهو إجابة عن رفع الجنابة وما يجزئ فيها وهو مقيد بالحديث الذي ذكرت آنفا لإستباحة الصلاة وهو الأمر بالوضوء لمن كان محدثا
يا أخي بارك الله فيك, النص الذي تتمسك به, يفيد أمر من إثنين :
إما أن يكون فعل الوضوء وهو غسل أعضاء مخصوصة شرط لصحة الصلاة , وإما أن يكون رفع الحدث هو المطلوب وهو الشرط, وليس خصوص فعل الوضوء . فأيهما عندك شرط لصحة الصلاة ؟
فإن قلت : الفعل المخصوص وهو غسل تلك الأعضاء المخصوصة, فقد أبعدت النجعة, ولن تجد دليلا على ذلك, وإبداله بالتييم لمن لم يجد الماء ظاهر في رد هذا , فالتيمم قائم مقام الوضوء مع ترك بعض الأعضاء, فدل ذلك على أن الشرط هو رفع الحدث لا الفعل المخصوص.
ولذلك نقول : الشرط هو رفع الحدث, والحدث مرفوع بالغُسل بنص القرآن { وإن كنتم جنبا فاطهروا } { ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا } وحديث أم سلمة رضي الله عنها بيّن لنا أن الاغتسال الشرعي يصح بدون الفعل المخصوص التي تشترطه أنت سلمك الله.
والله تعالى أعلم