الحديث الثاني عشر:
َ بَابُ يُهَرِيقُ الْمَاءَ عَلَى الْبَوْلِ
222=حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ قَالَ وَحَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ قَالَ سَمِعْتُ اَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ جَاءَ اَعْرَابِيٌّ فَبَالَ فِي طَائِفَةِ الْمَسْجِدِ فَزَجَرَهُ النَّاسُ فَنَهَاهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمَّا قَضَى بَوْلَهُ اَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَنُوبٍ مِنْ مَاءٍ فَاُهْرِيقَ عَلَيْهِ
وفي هذا الحديث من الفوائد:
ان الاحتراز من النجاسة كان مقررا في نفوس الصحابة، ولهذا بادروا الى الانكار بحضرته صلى الله عليه وسلم قبل استئذانه،
ولما تقرر عندهم ايضا من طلب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر.
واستدل به على جواز التمسك بالعموم الى ان يظهر الخصوص، قال ابن دقيق العيد: والذي يظهر ان التمسك يتحتم عند احتمال التخصيص عند المجتهد، ولا يجب التوقف عن العمل بالعموم لذلك، لان علماء الامصار ما برحوا يفتون بما بلغهم من غير توقف على البحث عن التخصيص، ولهذه القصة ايضا اذ لم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم على الصحابة ولم يقل لهم لم نهيتم الاعرابي؟ بل امرهم بالكف عنه للمصلحة الراجحة، وهو دفع اعظم المفسدين باحتمال ايسرهما.
وتحصيل اعظم المصلحتين بترك ايسرهما.
وفيه المبادرة الى ازالة المفاسد عند زوال المانع لامرهم عند فراغه بصب الماء.
وفيه تعيين الماء لازالة النجاسة، لان الجفاف بالريح او الشمس لو كان يكفي لما حصل التكليف بطلب الدلو.
وفيه ان غسالة النجاسة الواقعة على الارض طاهرة، ويلتحق به غير الواقعة، لان البلة الباقية على الارض غسالة نجاسة فاذا لم يثبت ان التراب نقل وعلمنا ان المقصود التطهير تعين الحكم بطهارة البلة، واذا كانت طاهرة فالمنفصلة ايضا مثلها لعدم الفارق،
ويستدل به ايضا على عدم اشتراط نضوب الماء لانه لو اشترط لتوقفت طهارة الارض على الجفاف.
و لا يشترط عصر الثوب اذ لا فارق.
وفيه الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزمه من غير تعنيف اذا لم يكن ذلك منه عنادا، ولا سيما ان كان ممن يحتاج الى استئلافه.
وفيه رافة النبي صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه،.
وفيه تعظيم المسجد وتنزيهه عن الاقذار،
وظاهر الحصر من سياق مسلم في حديث انس انه لا يجوز في المسجد شيء غير ما ذكر من الصلاة والقران والذكر، لكن الاجماع على ان مفهوم الحصر منه غير معمول به، ولا ريب ان فعل غير المذكورات وما في معناها خلاف الاولى والله اعلم.
وفيه ان الارض تطهر بصب الماء عليها ولا يشترط حفرها، خلافا للحنفية :
الحديث الثالث عشر:
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ اَيُّوبَ عَنْ اَبِي قِلَابَةَ عَنْ اَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَدِمَ اُنَاسٌ مِنْ عُكْلٍ اَوْ عُرَيْنَةَ فَاجْتَوَوْا الْمَدِينَةَ فَاَمَرَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلِقَاحٍ وَاَنْ يَشْرَبُوا مِنْ اَبْوَالِهَا وَاَلْبَانِهَا فَانْطَلَقُوا فَلَمَّا صَحُّوا قَتَلُوا رَاعِيَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ فَجَاءَ الْخَبَرُ فِي اَوَّلِ النَّهَارِ فَبَعَثَ فِي اثَارِهِمْ فَلَمَّا ارْتَفَعَ النَّهَارُ جِيءَ بِهِمْ فَاَمَرَ فَقَطَعَ اَيْدِيَهُمْ وَاَرْجُلَهُمْ وَسُمِرَتْ اَعْيُنُهُمْ وَاُلْقُوا فِي الْحَرَّةِ يَسْتَسْقُونَ فَلَا يُسْقَوْنَ قَالَ اَبُو قِلَابَةَ فَهَؤُلَاءِ سَرَقُوا وَقَتَلُوا وَكَفَرُوا بَعْدَ اِيمَانِهِمْ وَحَارَبُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ
وفي هذا الحديث من الفوائد :
قدوم الوفود على الامام، ونظره في مصالحهم،
وفيه مشروعية الطب والتداوي بالبان الابل وابوالها،
وفيه ان كل جسد يطب بما اعتاده،
وفيه قتل الجماعة بالواحد سواء قتلوه غيلة او حرابة ان قلنا ان قتلهم كان قصاصا،
وفيه المماثلة في القصاص وليس ذلك من المثلة المنهي عنها،
وثبوت حكم المحاربة في الصحراء، واما في القرى ففيه خلاف،
وفيه جواز استعمال ابناء السبيل ابل الصدقة في الشرب وفي غيره قياسا عليه باذن الامام،
وفيه العمل بقول القائف، وللعرب في ذلك المعرفة التامة.