تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: { اقرأ ،،، أمرجليل ،، أين نحن منه ،،،،؟ } بقلم صلاح جاد سلام

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    مصر
    المشاركات
    21

    افتراضي { اقرأ ،،، أمرجليل ،، أين نحن منه ،،،،؟ } بقلم صلاح جاد سلام


    { اقــــرأ }
    هي أول كلمة مقدسة نزلت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ،، وفي علم النحو ( حيث : كلامنا لفظ مفيد كاستقم *** اسم وفعل وحرف الكلم ) ، تقع هذه الكلمة تحت باب الفعل ،، فإذا نظرنا فيها وجدناها فعل أمر ،،
    وإذن فأول أمر نزل من السماء هو الأمر بالقراءة ،، ولأننا مسلمون ،،،،،،،نشهد أن لاإله إلاالله وأن محمدا رسول الله ، ونأتمر بما في عقيدتنا الإسلامية من أوامر ،،،،، يلزمنا ،ويجب علينا تفعيل هذا الأمر تفعيلا حقيقيا هادفا ،، ولكن للأسف الشديد ، يطالعنا الواقع المحسوس بمصيبة باتت كالسوس تنخر في العظام ،
    إذ القراءة صارت في مجتمعاتنا الإسلامية وكأنها أحد أمرين اثنين ، إما بسبب الإضطرار الشديد الذي لا مندوحة عنه ، وإما بسبب الترف الشديد الذي لا احتياج إليه ،،
    أما الأول ( القراءة بسبب الإضطرار ) فهووظيفة طلبة المدارس والجامعات ومن في حكمهم ،، وهذا الصنف القاريء ( اضطرارا) ،لايقرأ مخلصا ، بل كل ما يلزمه من قراءته ، أو قراءاته إنما هو تحصيل قدر من المعرقة ، ليفرغها في كراسة الإجابة فى يوم الإمتحان ، بغية الحصول علي درجات النجاح ،للإنتهاء من هذه السنة الدراسية ، أو للحصول علي الشهادة النهائية ،، ثم سرعان ماتتبخر المعلومات من رأسه .
    وكأن القراءة بهذا الشكل أشبه ما يكون بالبنزين الذي يضعه أحدنا في سيارته ، إذا نفذ لايعمل محركها مطلقا ، بمعني أنه سريع النفاذ ، وقد ينفذ قبل الوصول إلي الغاية المستهدفة ،،،،،، هذا هو حال أبنائنا من التلاميذ والطلاب في مدارسنا وجامعاتنا ، إلا من رحم الله ، يقرءون ما هو مقرر عليهم من مناهج دراسية ، علي سبيل الحصر فقط ، أما غير ذلك من مطالعات أخري في غير المناهج الدراسية المقررة فلا ،،،، علي أن هذا الصنف ــ إن قرأ شيئا غير ذلك ـــ إنما يقرأ ما لافائدة منه ، ولا نفع فيه ،، وجل ما يمكن أن يقرأه ينحصر في أخبار أهل الفن ، أو رياضة كرةالقدم ، ونحن إذ لانتعرض لأصحاب هذين المجالين بسوء ، نبحث عن محصلة القراءة عنهم ،،،، النتيجة أن محصلة وجملة مايقرؤه هذا القاريء ( المضطر ) ، إما مقررات دراسية سرعان ما يتخلص منها في موسم الإمتحانات ، وإما أخبار الفنانين والفنانات ولاعبي كرةالقدم ، وجميعهم قد لاينتمي صاحبنا إلي مجاليهم ، لامن قريب ولامن بعيد ،، فهو لافنان ، ولا ناقد ، ولا رياضي ممارس ، ولا مدرب ، ولاوقت لديه لغير دراسته . ولك في الواقع المحسوس أن تسأل بعض الطلاب عقب فراغه من الإمتحانات في أي مجال درسه ، ستقف من فورك علي حجم كبير لمأساة يصعب قبولها ، بل ويؤذي التغاضي عنها . فإذا سألته عن نية الفنان الفلاني في الإرتباط بالفنانة الفلانية عاطفيا ، أو وظيفيا ، أو خطأ اللاعب الفلاني يوم كذا ، حيث كان سببا في خسارة فريقه الفلاني في المباراة الفلانية ،، سمعت إجابات تدعو إلي الذهول من فرط الإستقصاء ، وبالغ الإهتمام ، ولا أخفي أنني أتصبر كثيرا في أثناء طرحي مثل هذه الأسئلة علي بعضهم ، وبخاصة فيما يتعلق بأخبار الرياضة والفن ،، حتي ينتهي من إجاباته التي يعتبرها أطروحات قيمة ذات بال . ثم يفاجأ بسؤالي الخاتم ،،،، : إذا كان بعضنا لايهتم بالفن ولا بالرياضة تماما تماما ، ماالرأي فيه ؟
    بعضهم يقول : لا أثر له ، ولا تأثير عليه ، بمعني أنه لن يخسر شيئا ،ولن يضر شيئا .
    وبعضهم يقول منفعلا : كيف ذلك ؟ ألا يعيش ويتفاعل معنا ومع أحداثنا واهتماماتنا ؟ وبعضهم يفيق ، فيفهم علي الفور قصدي من سؤالي الذي غالبا ما أطرحه في النهاية وهو :
    ما هي الفائدة التي تعود علي شخص معين ، شغله الشاغل معرفة الأخبارالفنية أو الكروية ؟
    أية فائدة تعود علي شخصه ، مادية كانت أو معنوية ؟
    والإجابة في جل الأحوال ، إن لم يكن كلها ، حيرة واضحة تظهرعلي الوجه فورا ،،، لعلهاإفاقة ، لعلها إستغراب ، لعلها ولعلها ولعلها ،،،، إلا أنها في النهاية تجسد المأساة أمام بصيرته ،،،، علي أن أسلوب السؤال كما علمنا شيوخنا وأساتذتنا رحمنا الله وإياهم نطرحه بصورة مهذبة غير مباشرة ،، في إطار الهدي النبوي السديد ( ما بال أقوام،،،،،،، )،، تلك حال السواد الأعظم من أبنائنا من تلاميذ وطلاب المدارس والجامعات بصدد القراءة ، القراءة في إطارالإضطرار ، فإذا ابتعد قليلا قرأ ما لافائدة منه ، وأسباب هذه المأساة كثيرة متنوعة ،، تراكمت وتضافرت ،، وبات علاجها مسئولية الآباء وأولي الأمر جميعا ، وكأنها فرض كفاية ، إذا لم يتصد لها البعض ، أثم الكل والعياذ بالله .
    ولسنا في عجالتنا هذه في حل من التطرق إلي أسباب هذا السلوك ، أو ذاك ،ولكننا نجمل قبل أن تتشعب بنا التفاصيل التي ندع بابها في القابل مفتوحا لمختلف الرؤي والآراء ، تفصيلا وتحليلا وأطروحات علاج ،،
    ولاضير علينا قبل الحديث عن الصنف الثاني في وقت لاحق ،
    ذلك الذي يقرأ ترفا ، أن نطرح بعض التساؤلات ،،،، القراءة ديدن أهل الغرب وقلما تجد أحدا لايقرأ ، وكأنما كلمة ( اقرأ ) نزلت لهم من دوننا ،، فلماذا ؟
    مناهجنا الدراسية المقررة في مدارسنا وجامعاتنا ، هل تشجع علي مزيد من القراءة خارجها ؟
    أهي مناسبة ؟ أهي وافية ؟ أهي مؤثرة ؟
    وهل من اللازم أن يقتصر دور المدرسة أو الجامعة علي مقرر معين ومحدد يضعه أستاذ واحد أو مجموعة معينة ، قد تختلف أو تتفق اتجاهاته أو اتجاهاتهم مع متطلبات عصرنا ،، المتجددة ، والمتنوعة ،، واللازمة ،، و ،، و ،، ؟
    وما هي آثار هذه المناهج الدراسية علي سلوكيات هذا الجيل ؟ وما هو موقع الكتاب في مقابل غيره من روافد المعرفة الأخري ؟
    والأسئلة كثيرة ، والتساؤلات متلاحقة ،،،،تحتاج إلي مزيد إهتمام ، ودراسة متأنية ، جادة هادفة ، مخلصة ،، ويلزمها تعاون بناء في كل المراحل ،،، والدعوة مفتوحة للجميع ، ليطرح كل منا ما يراه ،، علي أمل الوصول إلي الهدف المنشود ،،
    فهل من مجيب ، وله الأجر والثواب ،، يا أولي الألباب ؟
    على أننا فى البداية ، نقرر حقيقة مؤكدة ، لايختلف عليها اثنان ،،،، ألا وهى (( نشأة المرء))، فالبيئة التى ينشا فيها من أهم العوامل المؤثرة فيه على وجهى العموم والخصوص معا ،هذا إذا لم نقل إنها أهم العوامل جميعها ،، والشواهد والأمثلة على هذا أكثر من أن تحصى . فمن نشأ فى بيئة زراعية غير من نشأ فى بيئة صناعية ، ومن نشأ فى بيت علم غيرمن نشأ فى بيت جهل ، ومن نِشأ فى بيت شهير غير من نشأ فى بيت خامل .
    وقد تأتى عوامل أخرى متوالية ، تؤصل ما غرسته هذه البيئة أو تلك فى المرء ، وقد تأتى بغير هذا من تهذيب أو تنويع أو ما إلى ذلك ،، إلا أن الجذور أقوى من أن تجتث تماما،،
    فمهما كثرت العوامل المهذبة المنوعة ،، ومهما تعاونت وتعاضدت ، فلن تمحو ما نشأ عليه المرء مطلقا .
    وينشأ ناشيء الفتيان منا **** على ماكان عوده أبوه
    وإن شئت فاقرأ فى علم النفس لتجد فيه تفصيل ذلك بتوسع لامزيد عليه .
    ومن هنا نبدأ ،فنقر بأن النشأة أساس مؤثر فى المرء تأثيرا عظيما ، فإذا ما بحثنا باعتبار الأساس ( النشأة ) فى قضيتنا ( القراءة ) وجدنا حقائق متداخلة من واقع الحال تثرى دراستنا كثيرا ،، كيف ذلك ؟
    لقد رأينا ولانزال نرى كثيرا من طلاب الجامعات الآن لايحسن كتابة رسالة إلى صديق له ، لاتتعدى ورقتين اثنتين ،، الأسلوب ضحل ، العامية غالبة ، الخط بلوى تكلفك جهدا ممحصا يضر العين ، الأخطاء الإملائية سمة واضحة ، أما عن قواعد النحو الملغاة فحدث ولا حرج . والأمر فى النهاية يدعو إلى الأسى ، فإن ذهبت تلعنه ،، فقد وقعت فى إثم ، وكيف تلعن من ليس له كبير ذنب فى هذه المأساة ؟ !!!
    وصحيح القول إنه مظلوم ، وليس بظالم ،،
    إن منظومة التعليم الآن قد فقدت جل مقوماتها ، ومن ثم فعاليتها ونتائجها ، وصارت وبالا واقعا محسوسا فى عالمنا العربى المعاصر ، والأسباب والعوامل المتداخلة المتراكمة لاتخفى على أحد ،،
    ولعل هذه المقدمة وإن كانت في غير صلب موضوعنا ( القراءة ) إلا أنها ـ لأهميتها ـ تمثل عنصراجذريا رئيسا ، قد تكون دراسته المخلصة مفتاحا لبدائل علاج كثيرة .
    والآن ،،
    نخاطب من يريد العلاج ،، نخاطب من لايقرأ لسبب أو لآخر ، ويود أن يكون من جملةالقراء ،،،،،
    فى الواقع أن كل انسان له تكوينه وامكاناته واتجاهاته وطموحاته ،وما إلى ذلك مما يتفق أو يختلف فيه مع غيره بنسب متفاوتة واضحة . وهى فى مجملها أدواتنا ومعطياتنا التى نعول عليها بخصوص ( اقرأ ) ..
    فعلى المستوى الإسلامى العام ، يجب أن نتنبه إلى أن هذه الكلمة الجليلة ـــ كما هو معلوم لكل مسلم ـــ هى أول كلمات القرآن الكريم تنزيلا ،،
    وهى ــ عند النحاة ــ فعل أمر ،،
    وكل انسان يعلم جيدا أن الله تعالى لايأمر بشيء إلا وفيه النفع ،، كل النفع للإنسان ــ علمنا أو جهلنا ــ هذا فضلا عن أهمية وجوب الإمتثال والطاعة تجاهِ كل أمر إلهى ،،
    ولا ينكر عاقل أن للقراءة فوائد ومنافع جمة كثيرة.
    ومن ثم فتنفيذ الأمر الإلهى ( اقرأ ) يحقق صورة من صور العبودية لله تعالى ،، ثم إنه يحقق فى ذات الوقت الإنتفاع بآثارها المتنوعة ،، ما علمنا منها وما لم نعلم ، وما به الله أعلم .
    هذه واحدة،،،
    وأما الثانية ،، فتتعلق بماذا اقرأ ؟
    والإجابة الوافية ، هي :
    اقرأ ما تحب ،حتى تحب ما تقرأ . المهم أن تقرأ ،،،،
    وليكن لك وقت طويل أو قصير ، تخصصه للقراءة ،، فى أي وقت ، وفى أى مكان ، وعلى أية حال ،، كل ذلك بما تراه مناسبا ،، فإذا كنت أبا فانتظر أسئلة من أبنائك ، خليق بك أن تجيب عليها ، وهى مسئوليتك تجاه أبنائك ، ولاعذر لك إلا بالقليل النادر المقبول من الأعذار، ، ، وإن كنت غير متزوج، فمآلك إلى ذلك .
    وإن كنت ممن يوصف بأنه قاريء عجول ، أو ملول ، فهب أنك مطالب بشرح وتفسير معلومة ما ،، وإذن ،، فليس أمامك إلا أن تجمع وتحصل ما فيه البلغة والكفاية ، وإلا فاللوم نصيبك ،،
    وإذن فالحل أن تقرأ ،
    إن دواعى القراءة كثيرة متعددة ومتنوعة . ولاحاجة بنا إلى الإطناب والإسهاب فى ذكرها . غير أننا نطلب منك أن تبدأ ،،
    فالبداية نصف النجاح ، وأول الغيث قطرة ، ثم إننا نطلب منك الإستمرار ، وعدم الإنقطاع عن القراءة . حتى يكون هذا ديدنك ، وراتبك اليومى . والنتيجة معروفة ، تكاد تتجسد ، فتنطق شاهدا محسوسا .
    ومن ضمن عناصر الإجابة عن ( ماذا أقرأ ؟ ( بروزعلوم وفنون وآداب جديرة بالقراءة فيها ، والإطلاع على بعض تفصيلاتها ، منها قصص الرسل والأنبياء سلام الله عليهم ، ولاسيما سيرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه ،وهى في مجملها وفي تفصيلاتها تحتوى على سير الصحابة رضوان الله عليهم ، وهم أصحاب خير القرون من لدن آدم عليه السلام إلى أن يقوم الناس لرب العالمين ،
    وهناك قصص وسير وتراجم التابعين والسلف الصالح من الأئمة والعلماء والفقهاء . وهى فى مجموعها ثروة غالية متنوعة كثيرة ومتشعبة جدا فى شتى العلوم والفنون والآداب الهامة لكل مسلم ،، فأنت فيها تتعرف من قريب على العادات والتقاليد والحروب والبطولات ، وتقف على الأنساب والأحساب ، وتعرف أماكن الأحداث وأزمانها ، وأقوال البلغاء ، وأشعارالشعراء ، وفقه الفقهاء ، وعلوم العلماء . وحكم الحكماء . وطب الأطباء . وطرائف الظرفاء ، ونوادر البخلاء ، وسخاء الكرماء، وأحوال الرجال مع النساء ،
    وهناك كتب التفسير، وهى متعددة ومتنوعة ، يمكنك أن تنهل من فيوضاتها خيرا كثيرا ، لاسيماحين تقرؤها أو تسمعها من إمام أو خطيب ،
    وهناك كتب اللغة ، والأدب ، و الفقه ،والعقيدة ، ومقارنة الأديان ، والسياسة ، والإقتصاد ، والطب ، والفلك ، والجغرافيا، وعلم النفس ، وغيرها من العلوم الإجتماعية .
    أنت حين تقرأ ،،،، كأنك في حديقة مثمرة غناء ، تقطف من ثمارها ماتستطيب كما تشاء ،
    أنت حين تقرأ ،،، تقف على حصيلة خبرات السابقين ، وقد كفيت عناء المشقة فى خوض التجارب ، وبذل الجهد فى التحصيل .
    أنت حين تقرأ ،،، تصقل عقلك وفكرك ووجدانك ، علما وحنكة ، وصلاحا وحكمة ، فتستقيم أمور حياتك ،
    أنت حين تقرأ ،،، تطور ذاتك بذاتك ، وتحكم على نفسك بنفسك ، فتتفادى بالقراءة مذلة الخطأ أمام الناقدين ، أو التقصير أمام الرقباء المحاسبين ، وهى نعمة لايستوعبها إلا القليل .
    أنت حين تقرأ ،،، تقي نفسك بنفسك من ضرر الجلوس إلى أهل السوء والشر من الآدميين ، وقبل ذلك ضرر الوقوع فى مصائدهم وشرورهم.
    أنت حين تقرا ،،، تسجل بمداد زكى عضويتك فى قافلة المثقفين ، من طلبة العلم والفقه والحكمة ، وأنعم بها من رفقة ، هذه صفاتها وسماتها ، تأخذ بيدك إلى خير الدارين .
    وإذا أردنا أن نتوغل في هذا المبحث من فوائد القراءة ، ومنافع الكتاب ، لطال بنا المقام ، ولتشعب بنا القول والحديث ، فإنه ذو شجون . وما أجمل أن تقرأ فى هذا الصدد ما كتبه أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ( ت 255 هـ ) ، فقد أطنب وأسهب ، فأجاد وأفاد . رحمة الله عليه .
    وصدق أبو الطيب أحمد بن الحسين المتنبى (ت 354 هـ ) رحمه الله حين قال فى شطرة بيت من حكمه الكثيرة ،،
    (وخير جليس فى الأنام كتاب )
    وطرق القراءة تتنوع بحسب الأشخاص والزمان والمكان والأحوال ، ولكل ظروفه المواتية ، أو المانعة ، ومن ثم فلا حاجة للنقاش فى هذا الأمر الواسع ، غيرأن الفرصة إذا ما سنحت ، وجب انتهازها بحسبها . فتأخيرها خسارة ، قد لاتعوض من بعد فواتها . وشواهد ذلك كثيرة فى واقع المرء يوميا .
    وأما عن تخزين المعلومات فى ذاكرة الإنسان ، فمن المؤكد أنها تختلف باختلاف الأشخاص ، فهناك من يستوعب سريعا ،وهناك من يحفظ سريعا ، وهناك من ينسى سريعا ، وهناك ، وهناك ، إلا أن القراءة وتحصيل المعارف يستلزم النية المخلصة والعزم الجاد ، ولاضير على القاريء من أن يسجل ما يروق له بين الحين والحين ، فالعلم صيد والكتابة قيده . والناس يقرءون أحسن ما يحبون ،ويكتبون أحسن ما يقرءون ، ويحفظون أحسن ما يستوعبون.
    ومن العوامل التى تساعد المرء على تخزين المعلومة تخزينا جيدا بما يسمح باستدعائها من الذاكرة ، دون إبطاء، وقتما يشاء ، أن يحصلها فى وقت فراغ البال ، وبلا انشغال ، وأن يستدعيها بين الحال والحال . حتى لاتبعد فى طيات الذاكرة .
    ومن نافلة القول وترصيع البيان أن يربط المرء بعض المعلومات ببعض ،، مما تقارب فى زمان أو فى مكان ، أو تشابه فى أحوال ، وهو أمرييسر استدعاء المعلومة سريعا ، فضلا عن استحالة نسيانها بشكل واضح كما فى حياتنا العادية .
    وأما عن أولادنا وبناتنا ممن يحوطهم دعاؤنا بصلاحهم وصلاح أحوالهم ، فقد بات معظمهم يكره من الأساتذة أن يطرحوا معلومات خارج مناهجهم ، بسبب كثرتها ،وحشوها ، وضرورة النجاح فيها للإنتقال إلى الصفوف الأعلى ، أو الحصول على الشهادة الدراسية .
    والأمر فى مجمله يدعو إلى الأسى لهم ، إذ كرهوا الموضوعية فى غالب أحوالهم ، وانصرفوا عنها إلى السطحية والهامشية فى جل الأمور ، حتى تدنى بهم الحال إلى ما نرى ونسمع فى عصرنا الراهن ،
    ولم يقف الأمر عند ضحالة المعلومات وهشاشة الثقافة لديهم ، بل صاحب هذه الطامة تدنى الأذواق ، وانحراف الإهتمامات ، مما انتشرعلي أيديهم من أغان لامعنى لها ولاطائل من تحتها ، فضلا عن الإهتمام المفرط بأخبارالفنانين ، وكذا تفصيلات مباريات كرة القدم وأخبار لاعبيها ،
    حتى إنك لو سألت ( ما هو اسم أم الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، ورضى عنها وارضاها ) لم تجبك إلاقلة نادرة ، فى حين لو كان سؤالك عن مارادونا وأخباره ، لوجدت إجابات مستفيضة تدعوإلى العجب العجاب .
    كره أبناؤنا القراءة لسبب أو لآخر ، أو لأسباب كثيرة متراكمة متضافرة معا ،،،،
    وكما أن المرض عضال ، فإن الدواء صعب مرير ، يحتاج إلى تصبر وتبصر وجهد شبه عسير .
    إذ كيف يمكن توجيه من تجاوز سن التربية والتعليم والتوجيه نصحا وإرشادا وتعليما وتربية ؟
    كيف يمكن لعقارب الساعة فى دنيا الزمن أن ترجع إلى الخلف ؟
    لقد فات الأوان منذ وقت بعيد ..
    وإذن فأمر إصلاح هذا الجيل أمر عسير ، قد يصل إلى وصفه بالمستحيل ،،
    أما إذا كانت الهمم المخلصة متجهة إلى العلاج الناجع الفعال ، فلتركز على الجيل الجديد ،
    نعم الجيل الجديد، فهم الأولى والأحق بالرعاية والتنشئة السليمة الصحيحة ،وهم الأجدر بتقبل التربية والتعليم والتوجيه والنصح والإرشاد بكل يسر وسهولة ،
    العلم فى الصغر كالنقش على الحجر ، والعلم في الكبر كالحرث في النهر .
    فلتوضع لهذا الجيل الوليد الجديد الخطط الدقيقة المحكمة المخلصة ، المصفاة من كل العوامل والمؤثرات السلبية ، بدءا من المعلم التربوى المتخصص ، المميز اجتماعيا وماديا ، وانتهاء بالمبانى والفصول المدرسية ، مرورا بمتابعة الأسرة فى المنزل ، والإعتناء بالتلميذ فى شتى النواحى ،
    وإنها لمنظومة متشابكة ، لايغنى إصلاح طرف فيها دون طرف . مما يستلزم الإخلاص والفهم والصبر والتعاون بين جميع الأطراف القائمة على منظومة التعليم كلها .
    على أنه قد يجدى التوجيه نحو القراءة فى ثلة ترغب فيها ، وذلك برفق يتناسب مع استعدادهم المشوش ، الذى عششت في بنيانه عوامل التسويس والخواء ،
    فينصح آحادهم بقراءة التاريخ فى القصص الهادفة والتراجم الميسرة ، ومراجعة استيعابها أولا باول ، ومناقشتهم في بعض التفاصيل ، وشرحها لهم ، والوقوف عند تذوق الأساليب العربية الرصينة ، بما فيها من بلاغة وأدب والتزام بقواعد النحو الأولية ، وكذا قواعد الإملاء ، ودروس الخط المتنوعة ، توطئة ميسرة لتعليمهم إياها ، مع التشجيع أولا بأول عند كل بادرة نجاح أوتقدم . وهكذا ،،، كأنه غرس جديد فى أرض جدب ليست ذات خصب .
    والله أعلي وأعلم ،،
    والحمد لله رب العالمين
    صلاح جاد سلام

  2. افتراضي رد: { اقرأ ،،، أمرجليل ،، أين نحن منه ،،،،؟ } بقلم صلاح جاد سلام

    جزاك الله أخي صلاح جاد سلام

    على هالموضوع المبارك

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •