بسم الله الرحمن الرحيم
تأملت التحاسد بين العلماء ، فرأيت منشأه من حب الدنيا ، فإن علماء الآخرة يتوادون ولايتحاسدون ، كما قال عز وجل (ولايجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا).
وقال الله تعالى (والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولاتجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا) .
وقدكان أبو الدرداء ( يدعو كل ليلة لأخوانه ) .
و قال الإمام أحمد بن حنبل لولد الشافعي (أبوك من الستة الذين أدعو لهم كل ليلة وقت السحر) .
والأمر الفارق بين الفئتين : أن علماء الدنيا ينظرون إلى الرياسة فيها ، ويحبون كثرة الجمع والثناء . وعلماء الآخرة ، بمعزل من إيثار ذلك ، وقد كانوا يتخوفونه ، ويرحمون من بلي به .
وكان النخعي ، لايستند إلى سارية . وقال علقمة (أكره أن يوطأ عقبي ويقال علقمة). و كان بعضهم إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام عنهم . وكانوا يتدافعون الفتوى ، ويحبون الخمول ، مثل القوم كمثل راكب البحر وقد خب فعنده شغل إلى أن يوقن بالنجاة .
وإنما كان بعضهم يدعوا لبعض ، ويستفيد منه لأنهم ركب تصاحبوا فتوادوا ، فالأيام والليالي مراحلهم إلى سفر الجنة .اه
كتاب صيد الخاطر _ ابن الجوزي