بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربي العالمين والصلاة والسلام على اشرف المرسلين محمد وعلى أله وصحبه أجمعين وبعد.....

فلقد رأيت أن كثيرين لا يفرقون بين زواج المسيار والزواج المتعارف عليه القائم على كتاب الله وسنة رسوله فهم يرون أن زواج المسيار تتوفر فيه كل أركان وواجبات النكاح وبهذا يكون الزواج صحيح وهذا خطأ لان الخلاف ليس في الأركان أو الواجبات انما في الشروط هل شرط عدم النفقة والسكنة وغيرها تنافي مقتضى العقد أم لا وسأوضح ذلك بإذن الله.

أولا/ لا يكفي في صحة عقد النكاح مجرد توافر الأركان والشروط الظاهرة، بل
لابد من انتفاء الموانع والمفسدات، ولذلك حكم المحققون من الفقهاء ببطلان
نكاح التحليل ولو لم يذكر فيه شرط التحليل، وأجمعوا على بطلانه إذا ذكر
الشرط في ا لعقد نفسه.

ثانيا/الاستدلال بما كان من أمر أم المؤمنين سودة بنت زمعة ، وما جاء
من خبر خولة بنت محمد بن مسلمة زوجة رافع بن خديج من أﻧﻬما تنازلتا عن
حقهما من المبيت فهذا كان بعد الزواج لا قبله . روى البخاري عن عائشة
رضي الله عنها { وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا}
قالت : الرجل تكون عنده المرأة ليس بمستكثر منها يريد أن يفارقها فتقول :
أجعلك من شأني في حل؛ فنزلت هذه الآية . وأخرج ابن جرير عن عمر أن
رجلا سأله عن آية، فكره ذلك وضربه بالدرة، فسأله آخر عن هذه الآية
{ وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا} فقال : عن مثل هذا فسلوا، ثم
قال: هذه المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها، فيتزوج المرأة الثانية يلتمس
ولدها، فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز . فليس في هذا الأمر دليل على
جواز التنازل قبل الزواج فأنت ترى أن هناك أكثر من فارق عند القياس
وذلك: فالتنازل هنا يكون بعد الزوا ج لا قبله : فهناك فرق بين شرط التنازل
عن الحقوق في العقد، أو بعده ولقد فرق الفقهاء بين اشتراط شروط تخالف
مقتضى العقد فتجعله فاسدا، وبين أن يتم العقد ثم تتنازل المرأة عن حقها
كاملا من النفقة، أو المبيت، أو هي تنفق، ومثال ذلك المهر فقد ذهب
الجمهور إلى بطلان العقد المشروط فيه نفي المهر، وبين أن يتم العقد ثم
تطيب نفس المرأة بالمهر ،و من اشترط شرطا يخالف مقتضى العقد فإن العقد باطل.

ثالثا/النفقة والسكنى من حقوق الزوجة بنص الكتاب قال تعالى { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف} وقوله تعالى { لينفق ذو سعه من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما آتاه لله} وقوله تعا لى { أسكنو هن من حيث سكنتم من و جد كم و لا تضا ر و ?ن لتضيقوا عليهن} وقوله تعالى في حق المطلقات { لا تخرجو?ن من بيوت?ن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود لله ومن يتعد حدود لله فقد ظلم نفسه} فقد أثبت الله تعالى للمرأة حق النفقة والسكنى بصيغ متعددة آمرًا ﺑﻬما، وجعل ذلك من حدود الله تعالى التي لايجوز تجاوزها، ومن تعدّاها فقد ظلم نفسه بارتكاب هذا المنكر .
ولذلك قال
الفقهاء بأن من مقتضيات عقد الزواج الحِلال : الاستمتاع والمبيت والنفقة والمهر ونحو ذلك .

رابعا/ أقوال العلماء في زواج المسيار

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن الفرق بين الزواج المسيار والزواج الشرعي والشروط الواجب توافرها لزواج المسيار في مجلة الدعوة عدد1693 في 12 / 2 / 1420 هـ
فأجاب رحمه الله: الواجب على كل مسلم أن يتزوج الزواج الشرعي وأن يحذر ما يخالف ذلك سواء سمي زواج مسيار أو غير ذلك . ومن شرط الزواج الشرعي الإعلان فإذا كتمه الزوجان لم يصح ، لأنه والحال ما ذكر أشبه بالزنا ، والله ولي التوفيق . ا.هـ وقد نشر في مجموع فتاوى ومقالات الجزء 20 ص431
وفي محاضرة عنوانها (صفات المؤمنين) وفي بعض التسجيلات (لتكن كذلك) قال السائل: ماحكم زواج مايسمى بزواج المسيار؟
فأجاب الشيخ ابن باز رحمه الله: المسيار مايجوز زواج المسيار مايجوز لابد أن يكون الزواج شرعي يشتمل على الشروط والأركان والإعلان لابد من كونه زواجاً معلناً ليس فيه خفاء وأن يكون مشتمل على الشروط والأركان, أما زواج يسمى مسيار أو غير مسيار يكون فيه خلل ويكون فيه خفاء وسريه يشبه الزنا مايجوز هذا,,, انتهى الوجه ب من شريط (لتكن كذلك)
وقد سئل الشيخ عدة أسئلة غير مرة عن حكم المسيار في دروس كتاب النكاح من بلوغ المرام فتوقف في ذلك.
وقد سئل الشيخ عمر العيد عن إختيار الشيخ في ذلك آخر حياته فقال الشيخ: أن من مفاسده في وقتنا هذا - وهذا ما يعلمه أهل الحسبة - أن المرأة كلما دخل عليه مشبوه ولاحظ الجيران ذلك أجابت بأنه مسيار!
--------------------------------------------------------------------------------
وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله عنه فأفتى بحرمته وذلك لسببين:
أ. تخلف القصد الأعظم من النكاح وهو السكن والمودة.
ب. ضياع الأولاد في حال تقدير الله لذلك.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الشيخ عبد العزيز المسند، المستشار بوزارة التعليم العالي بالمملكة العربية السعودية والداعية المعروف بالمملكة. وحمل عليه بشدة وأوضح أنه ضحكة ولعبة ومهانة للمرأة، ولا يقبل عليه إلا الرجال الجبناء، فيقول: "زواج المسيار ضحكة ولعبة.. فزواج المسيار لا حقيقة له، وزواج المسيار هو إهانة للمرأة، ولعب بها..، فلو أبيح أو وجد زواج المسيار لكان للفاسق أن يلعب على اثنتين وثلات وأربع وخمس.. وهو وسيلة من وسائل الفساد للفساق... وأستطيع أن أقول: إن الرجال الجبناء هم الذين يتنطعون الآن بزواج المسيار.

--------------------------------------------------------------------------------
ومن الذين قالوا بعدم إباحة هذا الزواج أيضاً: الدكتور عجيل جاسم النشمي، عميد كلية الشريعة بالكويت سابقاً فهو يرى أن زواج المسيار عقد باطل وان لم يكن باطلاً فهو عقد فاسد. واستدل على ذلك بستة أدلة:
1) أن هذا الزواج فيه استهانة بعقد الزواج، وإن الفقهاء القدامى لم يتطرقوا إلى هذا النوع، وأنه لا يوجد فيه أدنى ملمس من الصحة.
2) أن هذا العقد قد يتخذ ذريعة إلى الفساد، بمعنى أنه ممكن أن يتخذه أصحاب المآرب شعارا لهم، فتقول المرأة أن هذا الرجل الذي يطرق الباب هو زوجي مسيار وهو ليس كذلك. وسد هذا الباب يعتبر من أصول الدين.
3) أن عقد زواج المسيار يخالف مقاصد الشريعة الإسلامية التي تتمثل في تكوين أسرة مستقرة.
4) أن عقد زواج المسيار يتم بالسر في الغالب، وهذا يحمل من المساوئ ما يكفي لمنعه.
5) أن المرأة في هذا الزواج عرضة للطلاق إذا طالبت بالنفقة وقد تنازلت عنها من قبل.
6) أن هذا الزواج يترتب عليه الإثم بالنسبة للزوج لوقوع الضرر على الزوجة الأولى، لأنه سيذهب إلى الزوجة الثانية دون علمها وسيقضي وقتاً ويعاشر هذه الزوجة على حساب وقت وحق الزوجة الأولى في المعاشرة.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الدكتور محمد الزحيلي، وساق أدلته لهذا الرأي فيقول: أرى منع هذا الزواج وتحريمه لأمرين: أولهما أنه يقترن ببعض الشروط التي تخالف مقتضى العقد وتنافي مقاصد الشريعة الإسلامية في الزواج، من السكن والمودة ورعاية الزوجة أولاً، والأسرة ثانياً، والإنجاب وتربية الأولاد، ووجوب العدل بين الزوجات، كما يتضمن عقد الزواج تنازل المرأة عن حق الوطء، والإنفاق وغير ذلك.. وثانيهما أنه يترتب على هذا الزواج كثير من المفاسد والنتائج المنافية لحكمة الزواج في المودة والسكن والعفاف والطهر، مع ضياع الأولاد والسرية في الحياة الزوجية والعائلية وعدم إعلان ذلك، وقد يراهم أحد الجيران أو الأقارب فيظن بهما الظنون.. ويضاف إلى ذلك أن زواج المسيار هو استغلال لظروف المرأة، فلو تحقق لها الزواج العادي لما قبلت بالأول، وفيه شيء من المهانة للمرأة.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً: الدكتور محمد عبد الغفار الشريف، عميد كلية الشريعة الإسلامية والدراسات الإسلامية بالكويت، وفي ذلك يقول: "زواج المسيار بدعة جديدة، ابتدعها بعض ضعاف النفوس، الذين يريدون أن يتحللوا من كل مسئوليات الأسرة، ومقتضيات الحياة الزوجية، فالزواج عندهم ليس إلا قضاء الحاجة الجنسية، ولكن تحت مظلة شرعية ظاهريا، فهذا لا يجوز عندي- والله أعلم- وإن عقد على صورة مشروعة".
واستدل على رأيه هذا بأمور منها:
أن هذا الزواج يتنافى ومقاصد الزواج، قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} (الروم:21).
وتساءل: فأين السكن بالنسبة للمرأة القلقة، التي لا تعلم متى سيطلقها هذا الزوج بعد قضاء شهواته ونزواته معها؟
علاوة على ما فيه من سرية -تعود بالبطلان على العقد عند بعض الفقهاء- وهذه السرية تضع الإنسان في موضع ريبة، وقد تكون وسيلة لبعض ضعيفات النفوس أن يقعن في المحرمات، ثم إن سئلن عن جرمهن ادعين زواج المسيار.
--------------------------------------------------------------------------------
ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضا الدكتور إبراهيم فاضل الدبو الأستاذ بكلية الشريعة والقانون بسلطنة عمان، وساق أدلته على عدم الإباحة وفي ذلك يقول: "أميل إلى القول بحرمة زواج المسيار لأنه لا يحقق الغرض الذي يقصده الشارع من تشريع الزواج، كما أنه ينطوي على الكثير من المحاذير إذ قد تتخذه بعض النسوة وسيلة لارتكاب الفاحشة بدعوى أنها متزوجة مسيار، وإذا قيل بأن زواج المسيار عقد استكمل أركانه وشروطه فلماذا يحرم؟ فإنه يجاب على ذلك بأن نكاح المحلل والمحلل له قد استكمل العقد فيه أركانه وشروطه أيضاً، إلا أن الفقهاء أفتوا بحرمته سدا للذرائع، وسد الذريعة أصل من أصول الشريعة قال به كثير من الفقهاء".
--------------------------------------------------------------------------------
وكذلك قال بعدم إباحته الدكتور جبر الفضيلات، والدكتور علي القرة داغي ويرى كل من الدكتور عبد الله الجبوري والدكتور عمر سليمان الأشقر عدم قبوله شرعاً. ومن الذين قالوا بعدم إباحته أيضاً الدكتور محمد الراوي- عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. وفي ذلك يقول: "المسيار هذا.. ليس من الزواج في شيء!!! لأن الزواج: السكن، والمودة، والرحمة، تقوم به الأسرة، ويحفظ به العرض، وتصان به الحقوق والواجبات.
--------------------------------------------------------------------------------


وفي الخاتمة أرجو قرأة الموضوع بتمعن واستدراك جميع الأدلة والرد عليها ان كان هنالك رد

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته