نفع الله بكم.
ما زال الأمر -فيما يظهر لي- متجاذبًا، وأدلة المذهبين وجيهة.
* ومما يشكل على تحميل البخاري إثبات السماع إذا قال: (سمع):
1- أن بعض السماعات جاءت بأسانيد لا يخفى على البخاري وهاؤها وعدم الاعتماد عليها.
ويمكن الجواب عن هذا: بأنه ربما لم تكن تلك الأسانيد عمدةَ البخاري في إثبات السماع.
ويناقش: بأنه ربما غلب ذلك على الظن لقرائن ودلائل.
2- أن البخاري ربما جزم في التاريخ بالسماع، وجزم بنفيه في موضع آخر، ويتبيَّن بعد البحث أنه قد ورد السماع صريحًا في بعض الأسانيد.
وهذا فيه المثال الأخير الذي ذكرتُه أعلاه (ابن الفراسي، عن النبي -صلى الله عليه وسلم-).
ويلاحظ فيه: أن البخاري ذكر أن مسلم بن مخشي روى عن ابن الفراسي، ومسلمٌ هو الذي روى الإسناد الذي فيه السماع، مما يشير إلى أن البخاري وقف على ذلك الإسناد، واعتمد على ما فيه.
وأما في حال الحكم على الحديث (لمَّا سأله الترمذي عنه)؛ فقد نفى البخاري السماعَ جزمًا.
* والدليل الذي ساقه الشيخ عدنان في التفريق بين (سمع) و(عن)= أراه أقوى أدلة المذهب الثاني.
والمسألة تفتقر إلى بحثٍ استقرائيٍّ موسَّعٍ خاصٍّ بها.
والله أعلم.