تعدد الزوجات , رؤية شرعية معاصرة
بقلم/ أحمد زكريا
ahmed1698@gmail.com
كثرت في هذه الأيام دعوة الرجال عامة لتعدد الزوجات من بعض علماء المسلمين ومشايخهم.. حتى ظن البعض أن قضية التعدد من أصول الديانة، وأن تارك التعدد ناقص الإيمان أو اليقين .
أقول تسرب هذا الشعور إلى الكثير من المسلمين والمسلمات.. حتى رأينا الكثير من الإسلاميين أول ما يفكر فيه لخدمة الدين ليس تحرير فلسطين، أو محاولة تطبيق الشريعة.. بل الزوجة الثانية والثالثة والرابعة وهو بعد ما تزوج الأولى.
وإذا سألته لماذا؟
قال: لأن الشيخ فلان متزوج من أربعة، والشيخ فلان متزوج من ثلاثة.
وقد أثارني للكتابة في هذا الموضوع ما رأيته من استهجان

واضح لطريقة تناول هذه القضية من بعض الدعاة، وتصويرهم لها على أنها قضية الأمة الأولى.
وقد رأيت الصحفي الكبير الأستاذ سيد أبو داود.. ونحن نجري معه حوارا ً مستاءً جدا ً من هذا الخطاب الدعوي الإعلامي.. لما له من أثر سلبي على قضايا الأمة المصيرية، واستفراغ الطاقة في أمر محسوم منذ القدم.. لذلك نبدأ بهذا السؤال.
هل التعدد أصل أم فرع (رخصة)؟
يري البعض أن الأصل في الزواج هو التعدد وأن الإفراد استثناء، وأنا لست موافقا لهذا الرأي.. وأستند في ذلك إلي بعض العبادات مثل الصلاة والصوم.
فالصلاةُ تامةً والصومُ فرضٌ أصلٌ، والقصرُ والفطرُ رخصةٌ مسببة.. ومن لا يؤدي الصلاة تامة ويصوم رمضان كاملاً بدون عذر يبيح الرخصة يعاقب علي ذلك.
ومن يمتلك أسباب الرخصة فله أن يأخذ بها.. لأن الله يحب أن تؤتي رخصه كما تؤتي عزائمه.. ومن يتم الصلاة والصيام فلن يعاقب بل يؤجر.. قال تعالى: " وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ".
وبناء علي ذلك لو كان التعدد هو الأصل لصار واجبا ً علي كل مسلم قادر لا يمتلك أسباب الرخصة والاستثناء ليكتفي بواحدة، ويأثم إن فعل ذلك.
وهذا أمر غير مقبول لا شرعاً ولا عرفاً، مما يجعلنا نقرر أن التعدد رخصة مسببة من الله تعالى للرجل.
وهذا ما يميل إليه قلبي أن الأصل الواحدة.. لأن الله بدأ بها، وأظن أن (80%) من الأمة المحمدية على واحدة، والتعدد يأتي لضرورات، ويأتي لمسببات.
فالذي يظهر لا ينبغي علينا أن نقف للناس واعظين نقول: عددوا وتزوجوا وأكثروا، كما يفعل بعض الدعاة في الفضائيات.. وكأن إسلام المسلم لن يكتمل إلا إذا تزوج بأكثر من امرأة.
والحقيقة أن لكل إنسان ظروفا وملابسات واحتياطات.. فتقول لإنسان يصدقك وعنده علم بسيط، عليك بالتعدد، فيتزوج أربعاً لا ماله ولا جسمه ولا بيته يكفيه.. ثم يضيع ويضيع الأربع.
لكن اترك هذه المسألة كما تركها الرسول (صلى الله عليه وسلم) فإنه عدد.. وما أتى يوم الجمعة فقال: يا أيها الناس عليكم بالتعداد.. هذا متروك لكل مسلم على حدا لأن ظروف الإنسان تحكمه.
لكن لماذا التعدد؟
من المؤكد أن هناك أسبابا ودواعي راعاها الإسلام في ذلك، ولعل من أهمها:
عقم المرأة أو عدم قدرتها علي الإنجاب، مما يُحرِم الرجل من الذرية.
استمرار فترة الإخصاب عند الرجل أكثر منها عند المرأة، حيث تصل عنده إلي سن السبعين.. في حين أنها لا تتعدي سن الخمسين عند المرأة.
فهناك حوالي عشرين سنة خصوبة عند الرجل ليس لها مقابل عند المرأة، فمعالجتها بتعدد الزوجات أفضل من الكبت للشهوة أو الانحراف عند بعض الرجال.
زيادة عدد النساء الصالحات للزواج عن عدد الرجال الصالحين للزواج في حدود أربع نسوة كحد أقصى، ومعالجة هذا الأمر تكون بإحدى ثلاث:
أولا ً:- أن يتزوج الرجل من امرأة واحدة ويبقي الباقي عوانس بدون زواج، وبالتالي تحرم حقاً من حقوقها البشرية الفطرية.
وهنا نجد بعض النساء العازبات منكبّات علي العمل والكسب في محاولة منهن للحوق بالرجل وإثبات الذات، غير أن هذا لا يغنيها عن وظيفتها الأولي وهي أن تكون زوجا وأمّا.
ثانياً:- أن يتزوج الرجل من امرأة زواجا ً شرعيا ً، ويعاشر أخريات معاشرة غير شرعية؛ حتى تستمتع المرأة بالغريزة الجنسية، مما يؤدي إلي تدمير المجتمع.
ثالثا ً:- أن يتزوج الرجل بأكثر من امرأة في حدود أربع، وهذا هو الحل الإسلامي لحصول كل من الرجل والمرأة علي حقوقهما الفطرية الغريزية كاملة كما أراد الله.
تعدد مقيّد
التعدد رخصة تلبّي مقتضيات الفطرة البشرية للرجل والمرأة، وتحمي المجتمع من الوقوع في الرذائل والانحلال الاجتماعي.
ومن ثم فالتعدد ليس مطلوبا لهوي في نفس الرجل.. وإنما هو ضرورة توجبها ضرورة، غير أن هذه الرخصة مقيدة بتحقيق العدل بين الزوجات، قال تعالى: " فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً" فالرجل إذا فَقَدَ تحقيق العدل فَقَدَ الرخصة.
وهذا القيد يحمي الحياة الزوجية من الفوضى والاختلال.. كما يحمي الزوجة من الظلم والجور، ويحمي كرامتها من امتهان الرجل لها بتفضيله غيرَها عليها.
وقد قرر الله أن الإفراد أفضل من التعدد المقيد بتحقيق العدل فقال: " ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ".. أي ألا تجوروا ولا تظلموا.
العدل المطلوب
نود أن ننبّه إلي أمر مهم، وهو أن العدل المطلوب تحقيقه هو العدل المادي في الأشياء الملموسة من نوم ومأكل ومشرب وملبس وتقدير واحترام.
أما العدل في الحب والمشاعر فذلك صعب بل مستحيل, قال الله تعالي عنه: "وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَة ِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً".
وهذا الأمر الإلهي يتوافق مع طبيعة العقل البشرى.. فلو كان الرجل يمتلك العدل في الحب بين زوجته الأولي والثانية أو الثالثة ـ مثلاًـ لما أقدم علي التعدد في الزواج..
ولذلك كان رسول الله يدعو فيقول كما في حديث عائشة – رضي الله عنها -: أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقسم بين نسائه فيعدل ويقول : "اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك ".. رواه الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارمي.. وقال الألباني :إسناده جيد.
ومن نماذج عدله المادي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه وزع دينارا علي كل زوجة سراً ودون علم الأخريات ثم جمعهن وقال لهن:
"أفضلكم عندي من أعطيتها الدينار"
وإذا وصل الخلاف بين الزوجين ذروته فالأفضل لهما الطلاق.. لأن الحياة الزوجية قائمة علي السكن والمودة والرحمة.. فإن فقدت ثلاثتها فلا معني للحياة ولا قيمة، ولذا قال تعالى: "وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعاً حَكِيماً".
ملاحظات هامة
مسألة تعدد الزوجات قضية ينبغي أن نتحدث عنها بشيء من التفصيل.. لأن قراء الموقع من الطرفين الرجال والنساء.. فنحن ينبغي أن نقول الحق دون أن نداهن طرفاً على حساب الطرف الآخر.. لكن ينبغي أيضاً أن يقال الحق كله لا يقال بعضه.
أولاً: إذا كان الإنسان يعيش مع أهله في سعادة وارتياح، وليس هناك ما يدعوه إلى تعدد الزوجات.. فلماذا يتزوج بأخرى؟
ولماذا يسارع في ذلك؟!
أقول هذا ليس تنفيراً عن أمر أباحه الله عز وجل، ولكن لأنني أرى أن بعض الشباب قد يتعجلون في هذا الأمر وظروفهم المادية والنفسية والمنزلية والاجتماعية, لا تسمح بذلك.. هذا جانب.
ثانياً: إن الذي يريد أن يتزوج بأخرى -غالباً- سوف تكون شروطه أقل, لأنه يقول: أنا معي زوجة، فأعلم أن الفتاة الجميلة – مثلاً - لن تقبلني، وأن الصغيرة لن تقبلني.. إذاً هو سوف يتنازل عن بعض الشروط ويتزوج بمن تكون أوصافها في نظره أقل، وهذه مقاييس كثير من الناس.. مقاييس شكلية.. وإلا فالواجب أن ننظر إلى مجمل المقاييس الشكلية والمعنوية وهي: الأخلاق والدين والعلم والعقل وغير ذلك.
المهم أن بعض هؤلاء ينظرون هذه النظرة، فإذا تزوج الأخرى لم تعجبه, لأن الأولى أفضل منها, أو أجمل منها, أو أحسن منها.
وربما عاش معها فترة أول الزواج لأنها جديدة, وكل جديد له لذة, ثم أعرض عنها وطلقها، وكانت بعد ذلك مشكلة ترتب عليها ضياع ماله عليه، وثقل الديون على ظهره.
أنه ربما حطَّم مستقبل هذه المرأة، ربما حملت منه وأنجبت، وترتب على ذلك مشاكل عديدة كان في غنى عنها, لو أنه درس قرار الزواج الثاني دراسة وافية.
إذاً أنا لا أقول: لا تتزوج.. فالله تعالى يقول وقوله الحق: "فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" [النساء:3].
لكنني أقول بوضوح: ادْرِس قرار الزوجة الثانية دراسة متأنية قبل أن تقدم عليه.. وإذا كنت درست قرار الزواج من الأولى شهراً.. فادرس قرار الزواج من الثانية سنة.. ولا يضرك أن تتأخر.. فأنت لا زلت شاباً في مقتبل العمر.
ثالثا ً: إذا تزوجت بالأخرى فعليك بالعدل مع الزوجتين, فلا تنس الأولى أو أولادها, أو تأخذ من حقها, أو تنشغل بالثانية، أو حتى تنشغل بالأولى وأولادها, وأنك تسعى إلى تطييب خاطرها وتقصر في حق الثانية.
رابعا ً: على الإنسان إذا هم بالزواج وصدق عزمه في ذلك, ألا يميت زوجته الأولى مرات ومرات, كلما دخل عليها قال:
يا فلانة! أريد أن أتزوج, أنا خطبت, أنا فعلت, أنا قلت.
إن كان ولا بد فمرة واحدة.. ولا داعي لأن يصفق قلبها صباحاً ومساءً بهذا الخبر الذي بالتأكيد لن يكون ساراً لها.
مسألة التعدد وصور الظلم فيه
أولا ً: التهديد الدائم بالزواج بالأخرى:
تهديد بعض الأزواج الدائم بالزواج بأخرى، حتى لو كان على سبيل المزاح، وهذا لا شك يؤثر على نفسية المرأة فتجد الرجل دائماً وأبداً يقول لها ذلك.
حتى أنني أعلم أزواجاً في ليلة العرس دخل على زوجته، وبعد ساعة أو ساعتين كان يحدثها عن الزوجة القادمة.
فلا داعي للتهديد، إذا اتخذت قراراً بالزوجة الثانية بعد دراسة وتأمل ونظر، فلا تظن أن القضية مجرد تنويع، بل لابد أن تدرس الموضوع دراسة صحيحة وسليمة ومضبوطة.
فإذا اتخذت القرار بعد الاستخارة والنظر والاستشارة، فبإمكانك أن تنفذ دون حاجة أن تروع قلب زوجتك صباح مساء بالزوجة الثانية.
ثانياً: سرعة اتخاذ القرار للزواج الثاني:
سرعة اتخاذ قرار الزواج الثاني دون أن يكون الإنسان مرشحاً لذلك، إما من الناحية العاطفية، أو من الناحية الجسمية، أو من الناحية المالية، أو من النواحي جميعها.
إنني أعرف الكثير حتى من الصالحين والملتزمين.. قد يسارع الواحد منهم بالزواج بالأخرى دون تأمل ولا دراسة ولا نظر ولا استشارة، بل يَسْتَبِدُّ برأيه.
وسرعان ما تكون الأمور على خلاف ما يريد! ويفاجأ بأشياء لم تكن له في حساب.
وبحسب ما نظرت ورأيت وقدرت، فإنني أجد أن الفشل والإخفاق في الزواج الثاني أكثر منه بكثير في الزواج الأول.
خاصة أن الزوج الذي يتزوج ثانية قد تنازل عن بعض الشروط؛ لأنه يدرك أنه معدد وعنده زوجة.. فلن يحصل على الشروط التي يريدها تماماً، فهو متنازل عن بعض الشروط.
ونتيجة لذلك سيجد في زواجه الثاني بعض المكدرات وبعض المنغصات، التي قد تجعله يندم على هذا القرار المتسرع.
ثالثاً: الميل إلى إحدى الزوجتين:-
الميل إلى إحدى الزوجتين، فوجهه إلى فلانة، وضحكه معها، ونكته إليها، وبصره إليها، إذا كانت الزوجتان في مجلس واحد.
ولأولادها من العناية والرعاية وشراء الهدايا واللعب ما ليس للأخرى، وأنت تجده وَلاَجاً خَرَّاجَاً على فلانة.. في يومها وفي غير يومها.
أما الأخرى فقد يهملها ولا يأتيها، وقد يتشاغل عنها، وقد يجعل المواعيد كلها في يومها.. حتى يتعلل بكافة العلل عن دخول المنزل، أو النظر إليها، أو الجلوس معها، أو مداعبتها أو مداعبة أولادها.
وربما مال بعضهم مع المرأة الجديدة وترك أولاده.. لا يرعاهم ولا يربيهم ولا يشملهم ولا يضمهم.
وقد قال النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث المتفق عليه عن النعمان بن بشير "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" .. فكما تحب أن يكونوا لك في البر سواء، فينبغي أن تكون لهم في العناية والرعاية سواء، ومن أعظم أسباب الخصومات بين الأولاد والأحقاد، ألا يعدل الأب بينهم.
وربما يسافر الزوج بإحداهما ويترك الأخرى، وقد يجود على تلك بالمال ولا يعطي ضرتها.
والله تعالى يقول كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال:
قال الله تعالى: " يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلت بينكم محرماً فلا تظالموا"
ويقول النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث الذي رواه مسلم أيضاً عن جابر: "اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك من كان قبلكم".
عاقبة الظلم والظالمين
إن العالم يشهد مظالم شنيعة اليوم إهدار لكرامة شعوب بأكملها، خاصة الشعوب الإسلامية، وتسليط الأعداء عليها، وتسليط الحكام الجائرين الذين سلبوا خياراتها، ونهبوا ثرواتها، وأهدروا حقوقها، وأودعوها في السجون، وساموا شعوبهم سوء العذاب.
وما يدريك أن يكون هذا الظلم العظيم الذي يلقاه المسلمون عقاباً من الله تعالى؟!
فإن الله يعاقب الظالمين بالظالمين، قال الله تعالى ووعد، ووعده الحق، قال: "وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ" [الأنعام:129]
ومعنى نولي: نجعلهم أولياء، فيجعل الله تعالى عقوبة الظالم أن يسلط عليه من هو أظلم منه.. وما من يد إلا يد الله فوقها.. وما ظالمٌ إلا سيبلى بأظلم .
وفي حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- وهو حديث صحيح رواه الترمذي و أبو داود و أحمد في مسنده وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره من العذاب في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".
ندم البغاة ولات ساعة مندم والبغي مرتع مبتغيه وخيم .
إن هذه المشكلات في ظلم المرأة، أو الإحجاف بحقها، أو الجور عليها أو بخسها، إنه لا تَحلُّه القوانين والأنظمة، ولا تحله المحاكم ذهاباً وإياباً، فالحيل كثيرة، وإمكانية المكايدة والتلاعب في الحياة الزوجية قائمة ولكن يُحلُّه التذكير بعقوبة الله عز وجل، قال الله تعالى: "يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ" [آل عمران:30].
أيها الأحبة والله الذي لا إله غيره إنني أعلم اليوم أن كثيراً من البيوت تغلق على مظالم، ومفاسد، وجور، وإيذاء، وعسف، وعلى اضطهاد، فعلينا أن نتقي الله تعالى في من ولانا أمرهم.
وفي الحديث الذي رواه أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه، وهو حديث صحيح، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق إلا أتى الله تعالى مغلولة يده إلى عنقه، فَكَّهُ بِرُّه، أو أوبقه إثمه".. قد يكون مجموع أهلك عشرة أو أكثر، لكن لنفترض أنهم أقل، لنفترض أنه ليس لديك إلا زوجتان أو زوجة واحدة فقط، ففي حديث ابن عمر المتفق عليه: "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته"
وفي حديث أبي هريرة وهو حديث صحيح، رواه أحمد و أبو داود و النسائي والطيالسي وغيرهم، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كانت له امرأتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقه مائل".
أخي الكريم
إن المرأة مخلوق له شخصيته، وله كرامته، وله عاطفته، له مطالب للجسد، ومطالب للروح، ومطالب للوجدان، فليس كل مراد المرأة فقط توفير الأكل والشرب واللباس والسكن.
لا!هذا لا يكفي.
ولا كل مرادها أيضاً اللقاء الجسدي في الفراش فحسب، هذا أيضاً لا يكفي.
بل الأمر يتطلب أوسع من ذلك حسن الخلق الإمساك بمعروف حسن المعاشرة.. والصبر على أخطاء المرأة والتسامح معها.. بل ما يقدر الرجل عليه في ذلك، وهو يقدر على الكثير والكثير.
"رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَ ا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا"