الموضوع: يزعم أن أهل اللغة اليوم أعلم من الخليل و سيبويه و الأصمعي !

بعضهم يزعم أن أهل اللغة اليوم أعلم من الخليل و سيبويه و الأصمعي !
و حجته في ذلك أن علماء اليوم قد اطلعوا على مصادر لم يطلع عليها الأقدمون !
و أحاطوا بما لم يحط به الأقدمون
حتى أنه زعم أن أهل اللغة اليوم أفضل من امرئ القيس و النابغة و زهير و الأعشى !!
فبماذا تردون عليه ؟

إن كان يقصد أنهم أعلم منهم من بعض الجهات فهذا ممكن؛ لأنهم لم يحيطوا بكل علوم الدنيا.
أما إن كان يقصد أنهم أعلم منهم بإطلاق فهذا واضح الفساد؛ لأنهم علموا من كلام العرب ما لم نعلمه، ولا شك أنهم لم ينقلوا لنا كل علومهم.

بل يقصد أنه مع تقدم الزمان يصبح العلماء أفضل من سابقيهم لاطلاعهم على كتب غيرهم و إضافتهم عليها
في كل العلوم
حتى أنه ذكر أسماء بعض علمائنا المعاصرين و زعم أنهم أكثر علما من الشافعي و أحمد و البخاري !

وهل يمكن أن يلتفت إلى مثل هذا؟

صدقت يا أستاذي
جزاك الله عني خيرا

ولكن القول بأن علماء اليوم أفضل من علماء السلف لا سيما في اللغة وعلومها هو قول بعض الأساتذة المعاصرين أصحاب الشهرة كالدكتور علي أبو المكارم، ولما خالفناه في هذا احتج بمثل ما قال الأخ الكريم أبو عبد الله من أنه توافرت لدينا من مادة اللغة ما لم يتوافر لديهم، وهذا وإن كان صحيحا إلا أن الواقع يشهد بخلاف النتيجة التي استنتجها؛ فلا مقارنة بين المهتمين باللغة في عصرنا وبين من يذكر من أمثال الخليل وسيبويه، ونحن إن جعلنا كثرة التقسيم والتفاريع التي تولدت علما ليس عند أسلافنا منه أي أثر، فإننا بذلك جاعلون فقهاء العصر مقدمين على الصحابة الذين لا يعرفون مصطلحات اليوم، ولم يخطر ببال كثير منهم المسائل التي جدت واجتهد في الوقوف على حكمها علماء عصرها، وإنما العلم قطرة كثَّرها الجاهلون، والله المستعان!

لعل سبب الإشكال هو الخلل في مفهوم كلمة ( أعلم )
- لأن العلم عند بعض المعاصرين هو : ما كان موجودا في مكتبته ! أو لعله يشمل ما هو موجود في جميع المكتبات !
- أما العلم عند القدماء فهو ما حواه الصدر !

ولا شك أن المعاصرين أعلم بالمعنى الأول، وكذلك لا يختلف اثنان على أن المتقدمين أعلم بالمعنى الثاني.

بل أظنهم أعلم بالمعنى الأول أيضا
إذ لم يصلنا كل تراثهم

التراكم العلمي في مجمله قد يعطي إشارة خاطئة إلى ذلك ، ولكن إذا نظرنا إلى عدة عوامل نجد أن ظفر سيبويه والخليل وغيرهما من العلماء القدامى يفوق كثيرا ممن يدعون هذا الكلام اليوم , ومنها :
1- قول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( خير القرون قرني ثم الذي يليه ) .. أو كما قال صلى الله عليه وسلم
2- القدامى كانوا موسوعات علمية ولو تخصصوا في مجال .. بينما المعاصرون يغلب عليهم الانحسار العلمي في مجال ضيق محدود .. فكم من الباحثين اليوم قد صاروا ( علماء !!!!! ) وكل ما فعلوه أن الواحد منهم يغوص في صوتيات الخليل وعروضه ونحو سيبويه وعلله ولا يجدون لها نهاية
3- اعتماد القدامى على الذاكرة النابهة الصافية الخلاقة .. بينما اعتمد المعاصرون على المراجع والكتب والالكترونيات دون أن يعي العقل شيئا يذكر مقارنة بما وعاه المتقدمون
4- رغم هذا الكم من الباحثين المعاصرين والعلماء المتكبرين .. ورغم المؤسسات البحثية في الجامعات والمعاهد والتي يقف فيها صف طويل من الأساتذة المشرفين والباجثين النشطين إلا أننا ما زلنا نعيد ونكرر ما أسسه لنا هؤلاء العمالقة القدامى .. وعندما هممنا بأن نأتي بجديد .. وجدناه مستوردا من الغرب .. وعندما دققنا فيما اسنتوردناه من نظريات لغوية حديثة ... عدنا لنقرر أن كل تلك النظريات في مرحلة الطفولة بالمقارنة بما أنتجه الخليل وسيبويه والعباقرة القدامى !!!!!!!!!!!

لولا ما أصله هؤلاء العلماء القدامى لتهنا فى بحر لجى وربما لا نصل الى ما وصلوا اليه
و المسألة اليوم تعرض على ذهن المحدث فيجيب عليها فاذا عاد الى العلماء من ارباب هذه الفنون وجد الجواب الشافى االذى لم يخطر على باله ناهيك عن وفرة علومهم مع ايجازها ففى كل يوم يجد الباحث مجالا فى علمهم للبحث والدرس

أعجبتني التفاتة شيخ حيث قال حينما ذكر له كلام يشبه هذا الموضوع عن احتمالية ظهور علماء فطاحل من طينة السابقين، فقال: أظن هذا الشيء سيظهر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ثم تكون خلاف على منهاج النبوة.

و خلافة على منهاج النبوة لا تقوم إلا على أكتاف الفطاحل. انتهى.

حتى أن أعظم شهيد في هذه الأمة لم يظهر بعد، بل سيظهر في زمان خروج الدجال.

أما بالنسبة كون من سبقونا جمعوا بين علوم شتى كالشريعة و الطب و الكيمياء و الفيزياء، هذا ممكن لذا البعض. لكن الطب و الفيزياء في ذاك الزمان لا مجال لمقارنته بما وصل إليه في زماننا.

و في زماننا عباقرة، فعندك آنشتاين في الرياضيات و تشومسكي في اللسانيات و هلم جر.

نسأل الله أن يعود لنا عباقرتنا، فهذه الأمة كالغيث لا يدرى خيره أفي أوله أم آخره.

أترككم مع أحد عباقرة زماننا في الألسن، ففي هذا المقطع تم اختباره على المباشر في لغات آسيوية عدة، بغض النظر عن اللغات الأخرى التي يحسنها.



و هذه صفحته الخاصة:

http://stujay.com/