مؤرخ العراق العلامة عمادعبدالسلام رؤوف-الباحث جمال الدين فالح الكيلاني
الدكتور عماد عبدالسلام رؤوف، أربعون سنة في دراسة التاريخ وكتابته
الكتاب صادر عن دار الاندلس للنشرهذا العام, يلخص مؤلفه الدكتور احمد ناجي الغريري لظروف نشأة الدكتور عماد عبدالسلام رؤوف موضوع البحث الى جانب بيان ظروف انجازه لمجمل مؤلفاته. ففي موضوع الكتاب الأول, تناول نشأته الأولى وبيان سيرته العلمية, والكشف عن المؤثرات الفكرية التي هيأت لبروز شخصيته العلمية مع بيان الفترة التي برز فيها عبد السلام مؤرخاً. اما الموضوع الثاني, فكان دراسة في اغراضه الكتابية , بما فيها التاريخ الاجتماعي, لا سيما, وانه كان قد عني بما عرف بالتحولات التحتية في التاريخ أي التاريخ الداخلي للمجتمعات وتطور العلاقات المركبة بين القوى الاجتماعية وانعكاس ذلك على العلاقات السياسية.



ويبدو انه كان يعتقد ومن خلال اهتمامه بهذا الجانب المهم من التاريخ, بأن الكشف عن التاريخ الاجتماعي, انما هو كشف عن روح المدينة, بما فيها مجموع القيم والمفاهيم التاريخية عن المصالح المشتركة والعلاقات المتبادلة بين طبقات وشرائح المدينة الواحدة. اما الموضوع الآخر الذي تناوله, فهو التاريخ العسكري الذي شغل جزءاً من اهتمامات الدكتور عبد السلام, تأملاً وتفكيراً ومحاضرة واشرافاً . وفي تناوله هذا الجانب الحيوي من تاريخ العراق, افصح المؤلف, عن إن عبد السلام قد زاوج بين منهج الدراسة العسكرية للمعارك, وبين منهج البحث التاريخي.
اذا يرى مؤلف الكتاب انه اختار الكتابة بهذا الاتجاه, بعد إن تأكد إن احداً لم يتصد بصورة حقيقية لهذا التوجه. ومن خلال هذا البحث, حاول تفسير حالة العجز والشلل التي اصابت المؤسسة العسكرية في العراق, اواخر العهد العباسي. ولم يغفل ان يكشف النقاب عن معارك
العراق ضد الغزاة, ابان القرنين الثامن والتاسع عشر, حين انتخب عدداً من المعارك التي جرت بين القوى القبلية والنظامية العراقية, وبين القوى المحتلة للعراق في ذلك العصر, ليكون نموذجاً لدور القوى المحلية وطرق قتالها وطبيعة تكوينها الاجتماعي. اما الموضوع الثالث, فكان بيان لخطط بغداد, إذ كانت دراسته تلك بيان لطرق ومرافق وشوارع وآثار بغداد ومؤسساتها في العصر العباسي, بما فيها مدارسها ومساجدها ومارستاناتها. وتناول في موضوع الكتاب الرابع, وضمن ما انجزه الدكتور عبدالسلام رؤوف من مؤلفات, بيان ودراسة اشكال الادارة والقوى التي مارستها والعلاقات بين السلطات الأدارية المختلفة في تاريخ العراق , خلال القرون التي اعقبت الاحتلال المغولي, وحتى الاحتلال البريطاني. اما التاريخ السياسي , فقد تطرق اليه مؤلف الكتاب, ضمن الموضوع الخامس من الكتاب, إذ انتقى جملة مؤلفات لعبد السلام, كشف فيها عن رؤيته للتفاعلات السياسية التي شهدها العراق, ضمن مراحله المختلفة, وتأثير القوى المحلية في هذا المجال, في حين تناول في موضوع كتابه السادس, التاريخ الثقافي, لاسيما وان الدكتور عبدالسلام, لم يكن في دراساته التاريخية ببعيد عن التاريخ الثقافي, وبخاصة في العصور الممتدة من نهاية العصر العباسي وحتى نهاية العصر العثماني, على انه يرى إن التاريخ الثقافي, هو الزبدة الأخيرة لمجمل النشاطات الانسانية, ومن ذلك وجدناه يرتاد خزائن الكتب والمخطوطات, كما اشار مؤلف هذا الكتاب, لغرض البحث ونبش المتراكم من احداث تاريخ هذه البلاد ووقائعها. وفي موضوع آخر, عرج المؤلف على تاريخ التراجم, إذ عول على ترجمة اشخاص, اثروا التاريخ بانجازاتهم وعطاءاتهم, بيد انهم كانوا يعملون في الخفاء , فلم يعلن عنهم. ومن خلال ذلك, وجد عبد السلام ضرورة الاهتمام بهم, والعناية بانجازاتهم, بوصف ذلك حفظ لتراث البلاد. وتطرق المؤلف في مبحث آخر الى عناية عبد السلام بفهرسة المخطوطات, حين لقي الكتاب المخطوط هوىً عجيباً في نفسه, فعمد الى فهرسة مكتبة جده محمد رؤوف العطار, سنة 1965 ومكتبة جامع سيد سلطان علي ببغداد ونشر فهرسة لمجموعة المخطوطات التي كانت تحتفظ بها مكتبة كلية بغداد وغير ذلك الكثير مما يندرج في هذا السياق.
اما في باب التحقيق فقد كان له باع طويل تطرق مؤلف الكتاب لمجمل ما عمد اليه عبد السلام من تحقيق للمخطوطات, في حين وجدنا المؤلف يهتم كثيراً بما انجزه عبد السلام في باب التراث العلمي العربي, بعدما تبين له اهتمامه بهذا الجانب, فتطرق الى اهتمامه بالنقود الأسلامية وبعلم الأحجار الكريمة. وتناول بعد ذلك اهتمام عبد السلام بالدراسات الوثائقية, حين اهتم بالوثيقة كثيراً وما بذل من جهد وسعي لأنقاذ مجموعات وثائقية بما فيها سجلات المحكمة الشرعية في الرصافة وسجلات الاوقاف في بغداد, ومخطوطات المكتبة القادرية في جامع الشيخ عبد القادر الكيلاني وغير ذلك من الأهتمامات بالوثيقة وبحفظها. وتطرق بعد ذلك الى بيان منهج عبد السلام في كتابة التاريخ, حين اكد انه يرى إن المنهج, هو طريقة تمكن الباحث من البحث في التاريخ, فأسهب في بيان هذا المنهج. فضلاً عن بيان نظرة عبد السلام لحركة التاريخ. والتطرق الى اسلوبه في الصياغة التاريخية, وكيفية ابرازه لمادته التاريخة امام القارئ ويؤكد الباحث جمال الدين فالح الكيلاني ان الدكتور رؤوف وريث
العلامة مصطفى جواد وكل من درس على يديه يعلم من هو وماعلمية الدكتور رؤوف.