تأملت في القلب فخرج لي هذا الكلام الذي أحسب أنه تشبيه.

القلب حالته مع بقية الأعضاء شبيه بقائد المعركة مع الجُنْدِ،
فالقائد المُحنَّك يعرف متى الإقدام ومتى الإحجام في ساحة العِراك، وتجده منشغلاً بسد ثغرات الميمنة والميسرة، وفي أُهبةِ الاستعداد واليقظة، ومُفاجَأةِ العدو الأرعن،
معتقدا أن جنده سيغلب كل معاد له ومجابه، لِملَاكِهِ الزاد والعتاد الذي يُعينه ويشد من عضده،
ولم يكن ليتأتى له ذلك إلا بالتخطيط المسبق قبل البدء؛ لأنه إن لم يفعل ذلك دب الخور وتسللت الهزيمة إلى النفوس، فجبنت واندحرت العزيمة، وبعدها سيخسر الخسران المبين، ويخرج من الميدان صِفْرَ اليدين لم يظفر بمغنم.

كذا القلب بما أنه بصلاحه صلاح الأعضاء فيحتاج إلى معرفة طرق الشيطان ومداخل الضعف والهوى إلى النفس، ويعلم أن للنفس إقدام فلا يعسرها، ولها إدبار فلا يتركها، مستعينا على إصلاحها بالتخطط والعلم والدعاء والتوجه للمولى الكريم قبل أي عمل قلبي كان أو دعوي . .
فإذا ما حلَّ الظلام أخذ بتجهيز نفسه والنظر في زوايا مدينته النفسية، وعمد إلى بري سهام العبادة والذكر وتلاوة القرآن وطول التهجد والنظر في ملكوت المالك سبحانه وتعالى، متفقدا عتاده دوما من الصبر و المصابرة والتفاؤل والتوبة وتجديد العزم بالله ...
مدرعا بلباس التقوى والتوكل عليه سبحانه، فإذا ما بدأ القتال وحمي الوطيس في ساحات الأعمال والمنافسات، وتطرق خلل وطُعن في غير مقتل فلا يستكين ولا يستسلم، بل يجبره بالاستغفار والتذلل والخضوع لله تعالى طالبا من الكريم سبحانه أن يعود إلى ما كان عليه من القوة والثبات وجبران النقص الذي حدث له ، وهمته دوما اقتحام ميادين الأعمال يفتحها ويزيل عنها الران الذي طالما أفقدها وظيفتها، لتكون تحت ولايته وإمرته، واضعا عليها بصمته وشعاره، موليا على تلك الأبراج وأسورة الأعمال جنده للمراقبة ودحر الأعداء مع تجهيزه للجند بأقوى العتاد من التسبيح والتهليل والتحميد ليقذف به الباطل حتى

يكون القلب سيف مسلول على كل عدو لدود .
......
...