السـلام عليكم
هناك كلام لابن الجوزي وابن عقيل رحمهما الله في أن الأسلم لعقيدة العوام هو مذهب الإثبات وليس التأويل، وأن التأويل يكون للعلماء
فليت الأشاعرة الذين ينقلون كلامهما مساندة لعقيدتهم الباطلة في تأويل وتفويض صفات الله عز وجل يأخذون بقولهم هذا أيضا فيكفوا شرهم عن العوام ، ولا يفسدوا دينهم !
قال ابن عقيل في " الفنون ": الاصلح لاعتقاد العوام ظواهر الآي، لانهم يأنسون بالاثبات، فمتى محونا ذلك من قلوبهم، زالت الحشمة.
قال: فتهافتهم في التشبيه أحب إلينا من إغراقهم في التنزيه، لان التشبيه يغمسهم في الاثبات، فيخافون ويرجون، والتنزيه يرمي بهم إلى النفي، فلا طمع ولا مخافة في النفي، ومن تدبر الشريعة، رآها غامسة للمكلفين في التشبيه بالالفاظ الظاهرة التي لا يعطي ظاهرها سواه، كقول الاعرابي: أو يضحك ربنا ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم (3)، فلم يكفهر لقوله، تركه وما وقع له. (المصدر: سير أعلام النبلاء 19/449)
تعليـق: قوله بأن الشريعة غامسة للمكلفين في التشبيه خطأ
فهو ليس بتشبيه، وسببه هو أن ابن عقيل رحمه الله كان لديه فهم خاطئ لمعنى التشبيه
ولمعرفة معنى التشبيه في صفات الله يُنظر هنــا
وقال ابن الجوزي في صيد الخاطر:
من أضر الأشياء على العوام كلام المتأولين، والنفاة للصفات والإضافات فإن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالغوا في الإثبات ليتقرر في أنفس العوام وجود الخالق، فإن النفوس تأنس بالإثبات، فإذا سمع العامي ما يوجب النفي، طرد عن قلبه الإثبات، فكأن أعظم ضرر عليه، وكان هذا المنزه من العلماء على زعمه، مقاما لإثبات الأنبياء عليهم الصلاة والسلام بالمحو وشارعا في إبطال ما يفتون به. وبيان هذا أن الله تعالى أخبر باستوائه على العرش، فأنست النفوس إلى إثبات الإله ووجوده، قال تعالى: ويبقى وجه ربك وقال تعالى: بل يداه مبسوطتان وقال غضب الله عليهم رضي الله عنهم وأخبر أنه ينزل إلى السماء الدنيا، وقال: [ قلوب العباد بين أصبعين، ] وقال: كتب التوراة بيده، وكتب كتابا فهو عنده فوق العرش، إلى غير ذلك مما يطول ذكره. فإذا امتلأ العامي والصبي من الإثبات، وكاد يأنس من الأوصاف بما يفهمه الحس، قيل له: ليس كمثله شيء فمحا من قلبه ما نقشه الخيال، وتبقى ألفاظ الإثبات متمكنة. ولهذا أقر الشرع مثل هذا، فسمع منشدا يقول: وفوق العرش رب العالمين، فضحك. وقال له آخر: أو يضحك ربنا؟ فقال: نعم. وقال: إنه على عرشه هكذا. كل هذا ليقرر الإثبات في النفوس. وأكثر الخلق لا يعرفون الإثبات إلا على ما يعلمون من الشاهد، فيقنع منهم بذلك إلى أن يفهموا التنزيه. فأما إذا ابتدئ بالعامي الفارغ من فهم الإثبات، فقلنا: ليس في السماء ولا على العرش، ولا يوصف بيد، وكلامه صفة قائمة بذاته، وليس عندنا منه شيء، ولا يتصور نزوله، انمحى من قلبه تعظيم المصحف، ولم يتحقق في سره إثبات إله. هذه جناية عظيمة على الأنبياء، توجب نقض ما تعبوا في بيانه، ولا يجوز لعالم أن يأتي إلى عقيدة عامي قد أنس بالإثبات فيهوشها، فإنه يفسده ويصعب صلاحه.
فأما العالم فإنا قد أمناه لأنه لا يخفي عليه استحالة تجدد صفة الله تعالى، وأنه لا يجوز أن يكون استوى كما يعلم، ولا يجوز أن يكون محمولا، ولا يوصف بملاصقة ومس، ولا أن ينتقل. لا يخفي عليه أن المراد بتقليب القلوب بين أصبعين الإعلام بالتحكم في القلوب فإن ما يديره الإنسان بين أصبعين هو متحكم فيه إلى الغاية... إلخ
-----
تعليـق: هذا الجزء الأخير (عن العلماء) خطأ ولكن المقصود من نقل ما قاله هو أنه كان يرى أن عقيدة الإثبات هي الأسلم والأصوب للعوام لأن عقيدة التأويل تفسد دينه وعقيدته ويصحب اصلاحها بعد ذلك، وليس لأنه هو يعتقد بأن هذا الاعتقاد هو الصواب وأن التأويل باطل.