تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: ما تعليقكم على هذا الكلام؟

  1. #1

    افتراضي ما تعليقكم على هذا الكلام؟

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

    أثناء تصفحي للشبكة وقفت على هذا التساؤل، فأحببت أن أنقله إليكم، وأن نتناقش في الجواب عنه.

    يقول السائل:

    "كان بشر المريسي من كبار فقهاء أهل الرأي، وكان غيره كابن الثلجي أيضاً من فقهائهم، فلم يمنع هذا السلف من تضليلهم، وكذلك الكرابيسي كان من أوعية العلم، ومع ذلك بدّعه الإمام أحمد عندما قال ما قال، والأمثلة كثيرة، الذهبي في (ميزان الاعتدال) حطّ على ابن كرّام بشدة، وجاء ابن حجر بعده لينقل عن أحدهم تكفير الكرّامية، مع أنّهم أهدى سبيلاً في الأسماء والصفات من الأشاعرة، ولا يقل تعفيس الأشاعرة في الإيمان عن تخبيط الكرامية، فهل الكرامية كلأ مباح والأشاعرة من محميات السلاطين؟! الذهبي أثنى على الملك محمود الغزنوي، وقال عنه: ولكنه على مذهب ابن كرام المبتدع، ولم يقل عن صلاح الدين: ولكنه على منهج متأخري الأشاعرة المبتدعة. الذهبي رمى ابن عقيل بالابتداع، وحطّ بشدة على أستاذه المعتزلي ابن الوليد، ولكنه لم يضلّل ابن حزم مع أنّه يثبت الأسماء وينفي الصفات كلها، ولكنّه بعد سرده لعقيدة الغزالي (الجهمية القحّة)، قال: "هذا المعتقد أغلبه صحيح"، مع أن الذهبي أعلم مني بمدى البلاوي التي اشتملها اعتقاد حجة الأشاعرة والصوفية هذا، ومن ثم قال عن الغزالي: وأين مثله؟ نعم، أين مثله في البعد عن الإسلام! كتب الجرح والتعديل عند السلف مليئة بالحطّ على أبي حنيفة، بل والتحذير ممن يتقلّد مذهبه، بينما تُعدم هذه الأمور في الكتب الخلفية، مع أن المذهب الحنفي والأحناف لم يزيدوا إلا بعداً عن السنة حتى وصلوا الآن إلى حالة الكوثري والتهانوي. سؤالي الآن: لماذا لم يعامل أحد من السلف - فيما أعلم - المبتدعة - على أنّهم مجتهدين مخطئين، بينما نجد معاملة عامة أهل السنة للمبتدعة -بعد- ليست هذه المعاملة، بل يذكر شيخ الإسلام أبو حنيفة من ضمن من يمكن الشهادة له بالجنة في أحد المذهبين! السلف يقولون عنه: ما ولد على الإسلام أشأم منه، ونحن نشهد له بالجنة! هل يجب علي ألا أثق بكتب الجرح والتعديل المتأخرة، وأن أتّبع قواعد السلف في الجرح والتعديل؟ وأنا أعلم - كما أظنك تعلم - أن الديّن لا يحرَّف بأمثال الرازي والآمدي ونحوه من المتكلمين، وإنما يحرّفه أمثال النووي وابن حجر الذين يتعاملان مع القواعد التي يضعها المتكلمون على أنّها مسلّمات، وبالتالي يتم التلبيس على المسلمين وتُطمس آثار السنة".

    فما تعليقكم إخواني الكرام على هذا الكلام؟

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2006
    المشاركات
    7,156

    افتراضي رد: ما تعليقكم على هذا الكلام؟

    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    هذا الكلام فيه صواب وخطأ، وفيه تعميم في غير محله أدى إلى استشكال السائل، وكثيرا ما يُؤتى طالب العلم من قصر نظره في كلام العلماء، وظنه السيء بهم، فيحسب أنهم متناقضون في كلامهم، أو أنهم جهلة وحمقى في فهمهم، وهذا الظن وحده يكفي في بيان فساد هذا المنهج من أساسه.
    فإن قوله عن أبي حنيفة ( إن السلف يقولون عنه ما ولد في الإسلام أشأم منه ) يوهم أن السلف لم يختلفوا في هذا، وهو كلام واضح البطلان.
    والذي اتضح للمتأخرين بعد جمع وتمحيص كلام المتقدمين أن الذين مدحوا أبا حنيفة من السلف لا يقلون قدرا عن الذين قدحوا فيه، وأن الذين قدحوا فيه كان كثير منهم بعيدا عنه يحكم بناء على ما ينقل إليه من كلام مغير، وهذا فضلا عن أن الناس أحيانا تنسب إلى أبي حنيفة ما لم يقل به بناء على أنه قول الحنفية، فيظن السامع أن هذا قول أبي حنيفة.

    ولكي يتضح لطالب العلم وجه الصواب في هذه المسألة فعليه أن يقرأ الكتب المصنفة في مناقب أبي حنيفة ولا يكتفي بالكتب التي فيها القدح فيه؛ لأنه بذلك يكون أشبه بالأعور الذي لا يرى إلا بعين واحدة، أو أشبه بمن يستمع إلى أحد الشاهدين مع ترك الآخر.
    بل إن علماء السلف المعروفين المشهورين لا تعدم أن تجد في كتب الجرح والتعديل قدحا فيهم أحيانا، ومع هذا اتفق المتأخرون على أن هذا القدح لا قيمة له لقوة ما يخالفه.
    وقد قال الذهبي: (ما زال يمر بي الرجل الثبت وفيه مقال من لا يعبأ به، ولو فتحنا هذا الباب على نفوسنا لدخل فيه عدة من الصحابة والتابعين والأئمة).
    ونقل ابن حجر عن ابن جرير قوله: (لو كان كل من ادعي عليه مذهب من المذاهب الرديئة ثبت عليه ما ادعي به وسقطت عدالته وبطلت شهادته بذلك للزم ترك أكثر محدثي الأمصار؛ لأنه ما منهم إلا وقد نسبه قوم إلى ما يرغب به عنه).
    فالمقصود أنه ليس مجرد وجود قدح في بعض الكتب عن بعض الأئمة بكاف في الحكم عليهم.
    وقد ذكرني هذا الكلام بمقال قرأته لأحد الشيعة ذكر فيه أن جميع علماء أهل السنة مطعون فيهم، وهذا الكلام لو نظرنا فيه على طريقة صاحب السؤال لكان حقا لا شك فيه !!

    ومن أخطاء هذا السائل أيضا أنه يجعل السكوت بإطلاقه حكما، وهذا غلط؛ لأن السكوت له أسباب مختلفة، فلا يلزم من سكوت الذهبي أو غيره عن وصف أحد الأعلام بالبدعة أن يكون بذلك من أهل السنة، وقد يعكس هذا على السائل فيقال: إذن فلتجعل وصف الذهبي لأحد العلماء بأنه من أهل السنة دليلا على أن سكوته عن غيره يجعله من علماء البدعة.
    وهذا لا يقول به أحد.

    وأما مسألة التضليل والتكفير ففيها نقاش طويل وخلاف عظيم، ولا ينبغي أن يأتي طالب العلم المعاصر فيتعلق بكلمة قالها أحد العلماء المتقدمين ويجعلها هي المقياس الأعظم الذي يرد إليه كل شيء مع إهمال كل ما عداها من أقوال سلفية وقواعد شرعية؛ فإن العصمة إنما هي لجماعة العلماء واتفاقهم لا لكل فرد فرد منهم، وما اختلفوا فيه يُرد إلى ما اتفقوا عليه، ولا سيما مع بعد العهد عن فهم كلام هؤلاء المتقدمين ووضعه موضعه.

    هذا ما حضرني الآن من التعليق، وأسأل الله أن يهدينا ويهدي الأخ السائل إلى سواء الصراط.
    صفحتي في تويتر : أبو مالك العوضي

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •