تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: تقريب لمفهوم التحريرات

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2008
    المشاركات
    2,225

    افتراضي تقريب لمفهوم التحريرات

    طُرح سؤال عن مفهوم "التحريرات"، وهي فرع من علم القراءات، على منتدى شبكة القراءات القرآنية، فكان هذا الرد الأدبي الذي حاز إعجاب كثير من المشاركين:

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حفيدة الشاطبي مشاهدة المشاركة
    التحريرات
    الصفحة الأولى:
    (تمهيد)

    إنما نحن بشر..
    نخطئ ونصيب!
    يجتهد الإنسان، فيزلُّ في ثورة حماسه!
    ليس ذلك إلا لأننا... بشر!
    إنما الكمال لله وحده!

    كيف حُفظ القرآن الكريم إذن... بين أيدي هؤلاء الخطَّائين؟!
    كيف حُفظ بين أيدي من يسهون وينسون؟!
    إنما كان حفظه بحفظ الله- تعالى-!
    نعم.. الكامل العليُّ هو من حفظه... فسلم من جملة ما أصاب غيره من الكتب والعلوم، وسيسلم... حتى يرفعه الله تعالى من الصدور!

    فماذا عن تيكَ العلوم؟
    لدينا جملةٌ من العلوم... بعضها كونية، وبعضها شرعية...
    وهاهنا علم القراءات... علمٌ متصلٌ بهذا الكلام المحفوظ... بالقرآن!
    فهل سلم علم القراءات من الزلات؟

    جرة قلم:
    ( استطراد)
    ما هو علم القراءات؟
    علم القراءات... أو ما يُسمى عادة بالقراءات السبعة أو العشرة...فهو علمٌ متصلٌ بكتاب الله تعالى، يحصر لنا الكيفيات المتواترة التي قرأ بها النبي- صلى الله عليه وسلم-..
    نستطيع أن نتأكد إذن... أن جمع هذه الكيفيات وتقعيد قواعدٍ لها.. كان باجتهادٍ من البشر.. فهو مجالٌ حتميٌّ ... للزلل!
    عودة:
    إذن وقد صدرتْ بعض الأخطاء في علم القراءات... فكان لابد من أناسٍ يقومون بتوفيقٍ من الله- تعالى- بالتصويب والتدقيق، ومعالجة هذه الأخطاء!
    ومن هنا كان.. علم التحريرات

    ********************
    تعارف:
    ( التعريف اللغوي والاصطلاحي)
    دعنا نغص في المعاني.. ونتأمّل..
    لمَ أسموكَ علم التحريرات؟!
    في بطون كتب اللغة، نجد التحرير بمعنى: التقويم، والتدقيق والإحكام!
    أنتَ علمٌ إذن.. فيكَ هذه المعاني مجتمعة..!
    أوَ ليس لكلٍ من اسمه نصيب؟!
    فما نصيبك من معاني اسمك؟
    الجواب في اصطلاح هذا العلم.. فالعلماء أطلقوا اسم علم التحرير على: تنقيح القراءة من أي خطأ أو خلل كالتركيب مثلا, ويقال له التلفيق، فقد قال السخاوى في كتابه جمال القراء: إن خلط هذه القراءات بعضها ببعض خطأ.

    فهذا الخلط هو التركيب..
    وكنتَ أيها العلم الجليل الفاصل بين الخطأ والصواب!
    ألا تسمع قول الشيخ محمد بن يا لوشة التونسى : التحرير هو إتقان الشيء وإمعان النظر فيه من غير زيادة أو نقصان.
    فهذا أنتَ أيها العلم العظيم!

    فالتدقيق في القراءات وتقويمها والعمل على تمييز كل رواية على حده من طرقها الصحيحة، وعدم خلطها برواية أخرى ، هو معناكَ وفائدتك، وفيه محافظة على كلام الله من أن يتطرق إليه أي محرم أو معيب.

    قد عرفناكَ يا علم التحريرات!
    جرة قلم:
    (استطراد)
    قال القسطلاني شارح البخاري في لطائفه:
    يجب على القارئ الاحتراز من التركيب في الطرق وتمييز بعضها من بعض، وإلا وقع فيما لا يجوز، وقراءةِ ما لم ينزل..
    وقال الشيخ مصطفى الأزميري: التركيب حرام في القرآن على سبيل الرواية، ومكروه كراهة تحريم على ما حقَّقه أهل الدراية.

    **************
    رجع الماضي:
    (نشأة علم التحريرات)
    في الزمن الأول.. كانت عادة السلف- رحمهم الله تعالى- في إقراء القراءات المتواترة، أن يعمد الطالب إلى إفراد كل روايةٍ بختمة... حتى ينتهي الطالب من جميع القراءات في فترةٍ طويلةٍ من الزمن..
    الزمن الأول.. كان زمن نشاطٍ وهمَّة... ولم يكن الزمن قد تقاصر بعد!
    حينما تأخر الزمن.. وبدأ المتعلمون يستصعبون طول المدة.. وقصرتْ هممهم عن هذا العلم الجليل الذي هو فرض كفاية... خِيف أن يُتركَ هذا العلم للنسيان إذ مالت الأنفس للراحة، وفوَّض كلٌ غيره ليتعلمه..

    وإن حصل ذلك، وتُرك العلم من الجميع أثم الجميع!!

    فانبرى العلماء، ورتَّبوا للناس طريقة جمع القراءات في ختمةٍ واحدة، وجعلوا لها شروطاً معتبرة، فصار العلم أكثر خفَّةً وسهولة.. فتتابع الناس شرقاً وغرباً على تعلم القراءات بهذه الكيفية الميسَّرة!
    الوقتُ إذ ذاك كان في دفاتر الأربعمائة الهجرية!

    وأسباب جمع القراءات إذن: سرعة التلقي وقصور الهمم وانتشار القرآن..
    وقد توقف بعض أئمة العلماء فيه لمخالفته لمنهج السلف، كما توقف كثيرٌ من أئمة التابعين وتابعيهم، في نقط المصحف وشكله وكتب أعشاره وفواتح سوره، ولكنهم اتفقوا عليه لما فيه من المصلحة العظيمة، والخير العميم!

    ولا يُسمح بجمع القراءات إلا في حال التلقي فقط بشروطه، فالجمع للتعلُّم لا للتعبِّد بذاته!
    وإذن فقد تلقَّى الناس الجمع بالقبول، وقرأ به العلماء وغيرهم مشتملاً على شروطه وقواعده الدقيقةِ التي تمنع تركيب القراءات وخلط بعضها ببعض..

    وإذ أقبل الناس من كل حدبٍ وصوبٍ إلى تعلم القراءات بالجمع، تشعَّبتِ الطرق، وكثرت الأوجه، واحتاج الناس إلى ميزانٍ دقيق يزن لهم القراءات، ويُنبِّه على الممنوع منها، ويميِّز كل قراءةٍ عن الأخرى!
    من هنا كانت نشأة التحريرات في القرن الخامس الهجري في عصر الأئمة الداني وابن شريحٍ ومكِّي القيسي والأهوازي وأبي القاسم الهذليّ، وغيرهم...

    إنها أمة الإسلام.. أمة الجسد الواحد..
    كلٌّ يسدُّ ثغرة، وكلٌّ يدفع خطراً!

    التحريرات كانت كصمام أمانٍ لجمع القراءات... قام به علماءٌ أفذاذٌ، صنفوا فيها نظماً، ونثراً، فحصروا الآيات القرآنية التي تحتاج إلى تحرير، وبيَّنوا ما فيها من الأوجه الجائزة والممنوعة، استناداً إلى الروايات الصحيحة المتواترة!

    تلك الروايات كان الحافظ ابن الجزريّ قد جمعها في كتابٍ واحدٍ من عدة أصولٍ تبلغ سبعةً وخمسين كتاباً في القراءات المتواترة إسناداً ومتناً مع إضافة ستة شروحٍ للشاطبية، فتحرَّر له من طرق الروايات ألف طريق، قال عنها: (هي أصح ما وجد في الدنيا وأعلاه ولم نذكر فيها إلا ما ثبت عندنا أو عند من تقدمنا من أئمتنا عدالته متحقق لقيه لمن أخذ عنه وصحت معاصرته ، وهذا التزام لم يقع لغيرنا ممن ألف فى هذا العلم. )

    كان محقِّقاً عظيماً، بذل جهده؛ ليصون القراءات القرآنية عن الخطأ...
    فها هي عشرة قراءاتٍ متواترة بطرقٍ تبلغ الألف.. مصححة، منقحة، متواترة إلى معلم البشرية صلى الله عليه وسلم.

    جرة قلم:
    حرص ابن الجزرى على تحقق اللقيا بين الشيخ وتلميذه وليس إمكانها كما عند البخارى فى صحيحه يدل على صحة ما نقله من القراءات ، فرغم تحوط أهل الحديث الشديد إلا أن ابن الجزرى كان أكثر احتياطا ولا غرو فى ذلك فإنه الرواية عن الله عز وجل وتلك نعمة من الله للقراء ..

    عودة:
    أتى الآن دور المحررون، وقد وجدوا الناس قد ركَّبوا القراءات، وقرؤوا بأوجهٍ لم تتواتر بهذه الكيفية، فانبروا إلى تحرير الآيات القرآنية، مراعين في ذلك كتاب النشر للحافظ ابن الجزري، مع أصوله..

    فقابلوا كل روايةٍ وكل طريقٍ في النشر بأصله، وردُّوا كل خلافٍ إلى أصله كذلك جزئيةً جزئية..
    كان عملهم من الإتقان بمكان!
    لذلك كان اسم عملهم هو التحرير!

    *************************
    أهمية التحريرات:
    في ثنايا كتب القراءات المتواترة( الشاطبية والدرة والطيِّبة) نجد نبضاتٍ سريعة، وأكيدة، تشير إلى ضرورة التحريرات..
    في تلك الأبيات الراقية( نظم الطيبة)، كان الحافظ ابن الجزريّ إمام الفنّ وأحد شيوخ الإقراء القدامى، قد قال في باب الإدغام الكبير:
    ( لكن بوجه الهمز والمد امنعا)

    كان يقصد ألا يُقر بالإدغام الكبير على الهمز لأبي عمرو، في مثل قوله تعالى:" ولمَّا يأتهم تأويله كذلك كذب الذين من قبلهم"، وكذلك منعه على المد له، في مثل قوله تعالى:" قل لا أقول لكم"..
    وفي حين ترى أن الإمام الشاطبيّ (ت590) في ألفيته وفي باب الإدغام تحديداً قد قال:

    (وقطبه أبو عمرو)

    فإنكَ تجد تلميذه السخاويّ في شرحه على الأبيات ينبِّه إلى أن الإدغام للسوسيِّ فقط..
    نعلم إذن أننا قد علمنا بذلك عن طريق هذا العلم الجليل..علم التحريرات!

    والكثير كمثل هذين المثالين يؤكِّد لنا أهمية هذا العلم الجليل.. وعِظَم إتقانه!
    *********************
    افتتاح ديوان الإتقان:
    ( أول من دوَّن في التحريرات)
    إن أردنا التحريرات كعلمٍ مستقلٍ، فإن المفتتح لديوانه بشكلٍ تقريبيّ هو الحافظ ابن الجزري.. إذ ألَّف كتاباً باسم( المسائل التبريزية)، جُلها في التحريرات، وقد نظم الحافظ في اجتماع البدل وذات الياء، فقال:

    كآتي لورشِ افتح بمدٍ وقصره :: وقلِّل مع التوسيط والمد مكملا

    لحرزٍ وفي التلخيصِ فافتح ووسِّطنْ:: وقصرٌ مع التقليل لم يكُ للملا
    فلعلهما من هذه المسائل!
    وله العديد من الأبيات التي يُتحف بها علم التحريرات كأبيات ءالآن وسوءات، وغيرهما..
    تبعه بعد ذلك الشيخ شحاذة اليمني، والمنصوري، والطباخ، ويوسف زاده، والمتوليِّ، وغيرهم، وكتبهم مشهورةٌ عند القراء، ومتداولة..
    بعضها مطبوع، وجلُّها مخطوطٌ مفرقٌ على البلدان الإسلامية، في أقسام مخطوطاتها..
    وأما التحريرات بمعنى عدم التركيب، فتجده مبثوثاً في ثنايا كتابات القراء الأقدمين منذ القرن الخامس الهجري، دون استقلال!


    لعلك تستفيد من هذه المعلومات من موقع شيخي الدكتور ناصر القثامي ....حفظه الله وأعتقد بأن هذا الكلام من أسلوبه حفظه الله ورعاه

    http://alq10.com/mk/

    هذا رابط الموقع للدكتور ناصر القثامي ان احببتم الاستفادة منه ...
    صورة إجازتي في القراءات العشر من الشيخ مصباح الدسوقي

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Dec 2009
    المشاركات
    218

    افتراضي رد: تقريب لمفهوم التحريرات

    فعلا رد جميل
    بارك الله فيك وفي كاتبه

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •