تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مقال: (فضح جهالات الغامدي)، للشيخ سمير المالكي.

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2010
    المشاركات
    253

    افتراضي مقال: (فضح جهالات الغامدي)، للشيخ سمير المالكي.

    فضح جهالات الغامدي
    الحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه .

    أما بعد ، فإن من أعظم بلاء المسلمين تصدر أهل الجهل والهوى للعلم والفتوى ، ولا أضر على البشرية كلها من ظهور أولئك الشرذمة المتعالمين ، الذين نصبوا أنفسهم للكلام في مسائل الدين ، ويحسبون أنهم مهتدون ، وأنهم يحسنون صنعا بما يقولون وبما يكتبون .

    * إن لكل علم و فن ضوابط و قواعد وأسسا يبنى عليها ، لا يستقيم إلا بها ،
    فإذا ما و هنت قاعدة من قواعده ، تداعت لها سائر القواعد بالوهن والسقوط .

    وإن أعظم العلوم وأشرفها ، العلم الشرعي المستمد من الوحي الإلهي ، وهو _ بلا شك _ أكثر العلوم انضباطا وتقعيدا و تأصيلا .

    ولهذا فإنه لا يصلح لآحاد الناس ، مهما بلغت عقولهم من الفطنة والذكاء و الدهاء ، ومهما عظمت ثقافاتهم و تنوعت في علوم شتى ، أن يتقحموا هذا العلم العظيم المتين ، حتى لو كان الكلام في فروعه ، لأنها مقيدة بأصولها لا تنفك عنها ، و إنما اختص بالكلام فيه ، أهله الراسخون فيه ، الذين مرسوا عليه ، وتلقوه من ينابيعه وإخاذاته ، كابرا عن كابر ، أخذ كف بكف ، ونقل خلف عن سلف .


    **********

    " قرن الشيطان "

    لقد طلع علينا دعي من أدعياء العلم ، وما هو من أهل العلم ، بل هو من دعاة الفتنة والضلالة ، يريد أن ينشر فتنته وضلالاته في هذه الأمة ، ويزعم أنه يبتغي الإصلاح ، وأنه يريد أن يرفع عن الناس في هذه البلاد الإصر والأغلال التي كانت عليهم ، والتي فرضها علماء وشيوخ و قضاة هذه البلاد من عشرات السنين !

    ومقتضى كلامه ، أن عامة الناس في هذه البلاد ، على اختلاف ثقافاتهم ومعارفهم ، وعلى رأسهم ولاة السلطة والحكم ، كانوا كلهم على جهل وتقليد أعمى لأولئك العلماء ، حيث قلدوهم في تحريم الاختلاط ومنعه في ميادين العمل والتعليم .

    وقلدوهم كذلك في تحريم الخلوة بالأجنبية ، ومصافحتها ، وملاصقتها ، وجعلوا ذلك كله من الجرائم التي يعاقب عليها بأنواع من التعزير .

    وقلدوهم أيضا في الإلزام بإغلاق المحلات التجارية ونحوها أوقات الصلوات ، حتى يتسنى للناس أداؤها جماعة في بيوت الله .

    إلى غير ذلك مما زعمه ذلك الجاهل الدعي ، الذي أظهر للأمة شذوذه وتخليطه في الحكم و الرأي .

    * ولقد انبرى له بعض الفضلاء ، ودحضوا شبهاته وفضحوا جهالاته ، ولكنه أبى إلا العناد والمكابرة .

    وقد ظننت في أول الأمر أنه من جملة الباحثين من طلبة العلم ، الذين اشتبهت عليهم بعض المسائل ، لكني تيقنت بعد ، أنه داعية للفتنة ، وأنه يقصد إضلال الناس والتلبيس عليهم ، ونشر الرذائل بينهم و إبعادهم عن الفضائل التي تقربهم إلى ربهم .

    *********

    " تخليط .. وتخبيط "

    طلع علينا أولا بمقالاته العرجاء عن الاختلاط ، لكنه أوغل في الإضلال ، حين أباح ما هو أعظم من الاختلاط !

    لدرجة أدهشت إخوانه من دعاة الشهوات ، وجعلتهم يعرضون عن ذكر تلك الترهات الشاذة ، التي اجترأ على ذكرها و نشرها وإذاعتها بين العامة .

    ولم نكد نفرغ من الجدال معه في تلك المسائل " المختلطة " ، حتى طلع علينا بتخبيط آخر .

    قال _ ولبئس ما قال _ إن إلزام البائعين بإقفال محلاتهم ودكاكينهم و مؤسساتهم أوقات الصلوات ، ضرب من التشدد والتعنت ، من قبل ولاة الأمر ، لأن صلاة الجماعة في حق كل الرجال سنة ، وليست فرضا من فروض الأعيان ، وأن الواجب هو : تغيير تلك السياسة التي ما أنزل الله بها من سلطان !

    * و كالعادة ، بدأ أولا بإثارة القضية في مقابلة صحفية ، ثم أشار إلى بحث " لفضيلته " !

    من كذا صفحة ، وقد بلغت 200 ، كبحثه السابق عن الاختلاط !

    ( ولا أدري ما سر الرقم 200 في بحوث الأستاذ " العلامة " )؟

    وكما حصل من لغط في السابق عن الاختلاط ، حصل في هذه بلبلة أيضا في وسائل الإعلام ، التي تحرص على نشر كل ما فيه إثارة ، حتى لو "بالسباحة ضد التيار " !

    وليس " الخلط و التخبيط " في مقالاته لمجرد ذكره الخلاف في حكم " الاختلاط " أو حكم " صلاة الجماعة " ، فإن الخلاف في ذلك يظل خلافا فرعيا ، لو التزم فيه بآداب الخلاف ، وروعيت فيه القواعد العامة الشرعية والأصول المرعية ، وهذا لا يتأتى إلا بالعلم الشرعي المبني على أسس صحيحة .

    وهذا المتطفل لا حظ له من العلم بتلك الأصول وإدراكها إلا الثرثرة ، ولا قدرة له على الجدال فيها إلا بالمكابرة .

    ولهذا تراه منفلت الزمام ، يتلون عند كل مسألة بلون ، و يثبت هنا ما ينفيه هناك ، وينقض هنا ما يبنيه هناك ، في سلسلة لا تنتهي من الجهالات ، والضلالات والتناقضات .

    * زعم أن له قدرة على استنباط الأحكام من نصوص الكتاب و السنة ، دون الحاجة إلى النظر في فقه من سبق من أهل العلم .

    كان هذا شأنه في مقالات الاختلاط ، وقد اعترض على كل ما ذكره أئمة الفقه والتفسير و شراح الأحاديث ، من توجيه لتلك النصوص التي أوردها وشبه بها .

    وصرح بأن كلامهم لا حجة فيه ، وأنه مجرد تحكم لا دليل عليه !

    * مثال ذلك :
    قصة دخول النبي صلى الله عليه وسلم على أم حرام ، فقد اتفقت كلمة الأئمة و شراح الحديث على أن تلك كانت حادثة عين لا يصلح أن تعمم في الحكم ، واختلفوا في توجيه القصة ، فالأكثرون قالوا بأن هناك محرمية بينهما ، وبعضهم ذهب إلى أن ذلك من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم .

    وإنما قال الأئمة ذلك لما تقرر عندهم من قواعد كلية في حكم مخالطة الأجنبية ، والخلوة بها ، والنوم عندها ، وملامستها ، ونحو ذلك .

    وأعرض "الجهول" عن ذلك التوجيه ، ولم يرفع به رأسا ، ووصف قائليه بالتعنت والتحكم ، ومنهم الأئمة الحفاظ : ابن عبدالبر ، والنووي ، وابن حجر العسقلاني ، شراح الموطأ
    والصحيحين .

    * وقد أجاب الأئمة على بعض الحوادث الأخرى ، بأنها كانت قبل الحجاب ، فاعترض " المتعالم " على ذلك ، بأن الحجاب خاص بأمهات المؤمنين !

    ومقتضى كلامه أنه لا يوجد حجاب عام فرض على المؤمنات ، وإنما الحجاب كله خاص بأمهات المؤمنين .

    ومعلوم _ قطعا _ أن الحجاب منه ما هو مفروض على سائر المؤمنات باتفاق الأمة ، كآية النور { وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن .. } الآية .

    قالت عائشة رضي الله عنها " يرحم الله نساء المهاجرات الأول ، لما أنزل الله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن مروطهن فاختمرن بها " .
    رواه البخاري [ 4758 ] .

    فدل الحديث على اختلاف حال النساء
    بعد نزول الآية ، عن حالهن قبلها .

    قال الحافظ ( " فاختمرن " أي : غطين وجوههن ، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها ، وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر ، وهو التقنع ) .انظر الفتح [ 8/ 490] .

    * وكذلك آية الأحزاب { يدنين عليهن من جلابيبهن } ، هي عامة في النساء المؤمنات بالنص والإجماع .

    قال ابن رجب " وقد فسر عبيدة السلماني قول الله عز و جل { يدنين عليهن من جلابيبهن } ، بأنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها ، وهذا كان بعد نزول الحجاب ، وقد كن قبل الحجاب يظهرن بغير جلباب ، ويرى من المرأة وجهها و كفاها .. ثم أمرت بستر وجهها وكفيها .." انتهى باختصار، من فتح الباري لابن رجب [ 2 / 346 ] .

    قال سمير : و المقصود أن قول شراح الأحاديث عن حكم منسوخ بالحجاب يقصد به أحيانا الحجاب العام في كل النساء .

    * وأما آية الحجاب الثالثة ، وهي قوله تعالى { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } ، فهذا حجاب آخر ، وهو الذي اختلف في كونه خاصا بأمهات المؤمنين ، أو عاما لكل المؤمنات .

    فعلى فرض أن الحجاب في هذه الآية الأخيرة كان خاصا ، فإن هناك حجابا عاما مشتركا في الحكم ، قد نسخ ما كان قبله من أحكام ، في اللباس و الصلاة ، وفي المخالطة مع الرجال أيضا .

    * وفي حكم " مصافحة النساء " ، لم يأت بحديث واحد يبيح المصافحة ، وقد خطأ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وكذب روايتها الصحيحة الصريحة في نفي مصافحة النبي صلى الله عليه وسلم للنساء ، دون أي مستند ، سوى الهوى والرأي المجرد !

    * لكنه في مسألة صلاة الجماعة نحى منحى آخر ، و عكس القضية رأسا على عقب ، وأكثر من النقول من كتب المذاهب ، و طعن في دلالة النصوص الصريحة على فرضية صلاة الجماعة ، و طعن في صحة بعض الأحاديث ، مع ورودها في أحد الصحيحين ، مخالفا بذلك إجماع الأمة على قبول أحاديثهما !

    فكان في مسألة " الاختلاط " ، "ظاهريا " صرفا ، يقف عند ظاهر النصوص دون تقييد ، ويرفض كل متابعة أو تقليد .

    وفي مسألة " صلاة الجماعة " ، كان " مقلدا " متعصبا أعمى للرأي والهوى ، وليته تعصب لمذهب معين ، بل جعل يتنقل في الكتب ، و يتقلب في التعصب ، لأن ظاهر النصوص في هذه المسألة لا يتمشى مع مراده وهواه !

    * ومما يدلك على تخبطه وتناقضه وكيله بمكيالين في القضيتين ، أنه جعل أحاديث الاختلاط وتوابعه دالة على العموم ، مع كونها حوادث أعيان لا عموم لها ، كقصة أم حرام ، والمصافحة وقت البيعة ( مع عدم ثبوتها ) ، وقصة الإرداف ، وغيرها ، وهي محتملة للخصوصية والنسخ والتقييد .

    لكنه عكس الأمر في أحاديث صلاة الجماعة ، فخصص عمومها من غير دليل ، كحديث الهم بإحراق البيوت على المتخلفين عنها ، حيث خصها بالمنافقين !!

    وطعن في حديث ابن أم مكتوم ، مع إخراج مسلم له في صحيحه ، ومع ورود ما يشهد له من أحاديث أخرى ، ولم يسبقه أحد ممن يعتد بقوله إلى ذلك التضعيف ، لكنه أعمل عقله في شيئ لا يحتمله ، وتقحم علما لا يحسنه .

    وسيأتي مزيد بيان لخلطه وتخبيطه في الأصول بعد قليل إن شاء الله .

    **********

    " استغلال المنصب "

    زعم ذلك النكرة أنه لا يتحدث بصفته الرسمية ، بل بصفته الشخصية وبشهرته العلمية فقط !

    وقد كذب في دعواه ، فإنه لولا منصبه الرفيع في هيئة الأمر بالمعروف ، لما التفت إليه أحد ، ولوجد نفسه مضطرا إلى عرض مقالاته و بحوثه (المئوية) المختلطة ، في " حراج الخردوات " ، أو فرشها أمام المساجد عقيب الصلوات ، وأظنه سيضطر حينها لتغيير فتواه في حكم صلاة الجماعة ، لينفق بضاعته المزجاة على أكبر عدد من المصلين .

    * لقد ناح قبل هذا " المخبول " ، مئات من دعاة التغرير والفتنة ، ممن هو أكثر منه علما و شهرة ، و أفصح منه لسانا ، وألحن منه حجة ، و لم تلق دعواتهم المنكرة مثل ذلك "الصدى" الإعلامي ، ولا الاحتفاء الصحفي ، الذي حصل له لأجل منصبه .

    ولا ريب أن هذا المتشبع بما لم يعط من العلم والفهم ، لو كان في منصبه اللائق به والمناسب لتخصصه في الإدارة أو المحاسبة ، لما حصل على تلك المزية .

    وغاية ما يقال حينذاك : إن في مؤسسة ( كذا ) ، محاسبا " مخبولا " متطفلا على العلم ، يرى إباحة ملامسة النساء ، وترك صلاة الجماعة في المساجد ، وينكر على كل من يخالفه من العلماء والقضاة والأمراء ويعترض على السياسة الموافقة لنصوص الشريعة ، المعمول بها من عقود عديدة !

    **********

    " الافتئات على الأنظمة "

    لا ريب أن كل مؤسسات الدولة التي وضعت لها أنظمة وقوانين لسياسة العباد والبلاد ، لم يرد فيها نص يصرح باستحبابها ، فضلا عن إيجابها .

    فلو طلع علينا من ينادي بإلغائها ، لأنه لا يوجد نص صريح يدل على وجوبها ، أو يحرم مخالفتها ، لعد ذلك شذوذا وتنطعا من ذلك القائل .

    وأشد منه شذوذا ، و أكثر غرابة ، لو صدر ذلك الاعتراض من رؤساء تلك الإدارات الذين وكل إليهم أمر تنفيذها !

    * ومعلوم أن نظام " الهيئة " ، قائم في الأصل على الحسبة في أمور الدين والأخلاق ، ورأسها : إقامة الصلاة ، وحفظ الأعراض .

    فأراد هذا الفتان المضل ، بنشره لتلك المقالات ( المعارضة ) ، أن يسعى لتقويض ذلك النظام ، الذي وكل بحفظ ذينك الأصلين .

    *إن الاختلاط بالنساء ، وأكبر منه الخلوة ، وأكبر منها الملامسة والملاصقة ، من أعظم أسباب الفتنة ، لا يشك في هذا عاقل ، فلو فرض أنه لم توجد نصوص تحرمها ، لكان الواجب منعها ، حفظا للأعراض وسدا لذريعة الفساد .

    وإن إغلاق المحلات أوقات الصلوات ، والأمر بإقامتها في الجماعات ، لو فرض أنه ليس من الواجبات ، فإنه من أعظم المندوبات ، لا خلاف في ذلك عند كل العقلاء ، و هو من تعظيم شعائر الله ، وفيه من المصالح العامة للعباد والبلاد ، وفي تركه من المفاسد ما قد يترتب عليه تضييع الصلاة بالكلية ، أو تأخيرها عن أوقاتها .

    فالعمل بمثل ذلك النظام ، في حفظ الصلاة والأعراض ، يعد طاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم ، وفيه متابعة للسياسة الشرعية التي رسمها ولاة الأمور من العلماء ووافقهم عليها الملوك و الأمراء ، وقام عليها نظام الحسبة منذ تأسيسه ، وهو أولى بالطاعة و الاتباع من كثير من أنظمة الدولة .

    * ويقال لهذا " المفتئت " ، لماذا لم تعترض على سياسة إغلاق المساجد في غير أوقات الصلوات ، مع أن السنة إبقاؤها مفتوحة طوال الليل و النهار ؟

    ولماذا لا تعترض كذلك ، على منع الناس من المقيل و النوم ، بل حتى السكن في المساجد ، مع أنها مباحة في الأصل ، ولا توجد نصوص تمنعها أو تحرمها ؟

    بل وجدت نصوص تدل على إباحتها ، فقد صح عن ابن عمر وغيره أنهم كانوا ينامون في المسجد النبوي .

    وبوب البخاري لذلك بقوله : باب نوم الرجال في المسجد .

    وذكر الحافظ في شرح الباب أن الجمهور قد أجازوا ذلك .

    وقد بوب قبل ذلك البخاري ب : باب نوم المرأة في المسجد .

    وساق قصة الوليدة السوداء التي كان لها خباء دائم في المسجد تسكن فيه .

    قال الحافظ < وفي الحديث إباحة المبيت والمقيل في المسجد لمن لا مسكن له من المسلمين ، رجلا كان أو امرأة ، عند أمن الفتنة > .
    الفتح [ 1 / 535 ] .

    فإذا كانت الأنظمة و السياسة ، أو العرف ، قد فرضت إغلاق المساجد ، ومنع النوم والسكنى فيها ، صيانة لها ، ودرءا لمفاسد محتملة ، ولم يعترض على ذلك أحد، ولا ذاك "المعترض" ، فلأن تقفل المحلات ، أوقات الصلوات ، محافظة على أدائها في أوقاتها ، وتعظيما لها و لشعائر الدين ، من باب أولى .

    والمقصود : أن الذي أشاعه ذلك الجاهل في مقالاته ، يعد افتئاتا سافرا على ولاة الأمر ، ومعارضة صريحة ، بل ومعاكسة لنظام " الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ، الذي ( كلف ) بإدارته و تطبيقه ، لا بالسعي لهدمه و تقويضه .

    **********

    " دعاة على أبواب جهنم "

    لقد تأملت كثيرا في تحليل مثل تلك الظاهرة ، فألفيتها لا تختلف كثيرا عن مثيلاتها من الظواهر الشاذة في الأمة في كل زمان .

    * فدعاة السوء يعمدون في بادئ الأمر إلى إثارة الشبهات في المسائل المتعلقة بالعفة و الاخلاق ، ولا يكادون يفرغون من مسألة حتى يخوضوا في غيرها ، وقد اتخذوا من إشاعة الخلاف واتباع المتشابه ، وسيلة للتشكيك في أصل الدين .

    ومعلوم قطعا ، أن مسائل الفروع قد حصل فيها خلاف كثير ، بعضه سائغ معتبر ، وبعضه شاذ خارج عن القواعد ، لا حظ له من النظر .

    @وليس كل خلاف جاء معتبرا *** إلا خلاف له حظ من النظر @

    لكن دعاة الفتنة اتخذوا من ذلك الخلاف في مسائل الفروع ، ذريعة للتشكيك في أصل الدين ، وسبيلا لإشاعة الفتنة والبلبلة في المسلمين ، واختاروا مسائل معينة يدندنون حولها في كل حين .

    * وقد وجد دعاة الفتنة والشهوات في المرأة غايتهم ، فاخترعوا لها قضية ، واحتسبوا في الدفاع عنها ، لا صونا لها ، ولا حفظا لعرضها ، بل لإشاعة الفتنة بها .

    بدأوا بقضية الحجاب أولا ، لأنها أكبر عائق يعترض طريق دعوتهم ، كما حصل في مصر ، إذ انبعث أشقاها يدعوهم إلى السفور ، حتى قامت تلك المظاهرة المشهورة التي أحرقت فيها "حمالة الحطب" الحجاب أمام الشعب !

    وحصل عندنا هنا في بلاد الحرمين موقف مشابه قبل نحو عقدين ، و قام دعاة الفتنة ، و دعاة تحرير ( بل تجرير ) المرأة ، ودعاة التغريب والتغرير بالأمة ، بحملة شرسة على الدين والعفة ، لنشر كل رذيلة وقمع كل فضيلة .

    لكن فضل الله عظيم ورحمته واسعة ، فقد قمعت كثير من تلك التيارات التغريبية وأسكتت وأرغمت على الدخول في جحورها :

    @ وإن رغمت أنوف من أناس *** فقل يا رب لا ترغم سواها @

    ثم طلع علينا مثل هذا "النكرة" ، يريد أن يعيدها جذعة ، و أن يتزعم الفتنة ، فبدأ دعوته بنفس القضية ، "قضية المرأة" ، لكنه ارتكب حماقة كبرى ، حين جعل "بيضه" كله في سلة واحدة ، وأفصح عن مكنون قصده من أول مرة ، في أول ظهور له على "مسرح القضية" ، و لم يسلك طريقة من سبقه من دعاة الفتنة ، في التدرج في الدعوة إلى الانحلال ، بل رمى بكل ما في نخالة فكره من فتنة و شبهة ، ففضح نفسه في الحال ، وكشف عن سوء نيته من أول مقال .

    لم يأت بجديد ، فقد اعتمد في مقالاته عن الاختلاط ، على بحوث سابقة كتبها أمثاله من المجاهيل النكرات ، و أعاد هو صياغتها و نشرها .

    **********

    " خطوات الشياطين "

    ربما كان بعض الشياطين من دعاة "تجرير" !

    المرأة ، أشد امتعاضا من نشر مقالات ذلك المتعالم ، وإن أظهروا تأييدها واحتفوا بها ، لأنه فضح _ من حيث لا يشعر _ ذلك المخطط الدنيئ الذي رسموه من عقود عدة ، والذي كاد يؤتي ثماره الفجة في هذه البلاد المباركة ، التي هي معقل الدين وقبلة جموع المسلمين .

    لم تتجاوز دعوة أكثر المستغربين فتنة ، و أخبثهم طريقة ، أمورا يمكن أن يتقبلها عامة الناس ، و يستجيب لهم فيها "صناع القرار" ، كالاختلاط ، و نزع "بعض" الحجاب ، و قيادة النساء للسيارات ، ونحو ذلك .

    * أما الدعوة إلى إباحة :
    1 _ وضوء الرجال والنساء جماعة ، و لو اقتضى النظر إلى مواضع الوضوء الأربعة وملامستها !
    2 _ و الخلوة الكاملة ، بالجلوس والنوم ، ولو في البيوت المغلقة !
    3 _ وملامسة الأيدي بالمصافحة ، والشعور بالتفلية !
    4 _ وملاصقة الأبدان بالإرداف في وسائل النقل المختلفة !

    إلى غير ذلك مما دعا إليه ذلك "المتهوك" ، فقد ترفع عن إشهاره والدعوة إليه عتاة المفسدين في هذه البلاد !

    * وقد عهد من صنيع شيخهم الأكبر ، "أبي مرة" ، التدرج في إضلال بني آدم بخطواته المنظمة المرتبة .

    لكن "التلميذ" قد فاق شيخه هذه المرة :
    @وكنت امرءا من جند إبليس فارتقى بي الحال حتى صار إبليس من جندي
    فإن مات قبلي كنت أحسن بعده طرائق فسق ليس يحسنها بعدي @ **********
    " فلما أدركه الغرق .. "
    في برنامج "البينة" ، عقدت مناظرة بين بعض الفضلاء ، وبين هذا المتطفل على العلم ، واقتصر على ذكر إباحة الاختلاط ، و جبن عن التصريح بإباحة بقية المسائل ( الخلوة والنوم والملامسة والملاصقة .. ) ، التي أيدها بقوة في مقالاته السابقة !

    ولما قرئت عليه بعض تلك العبارات الواردة في تلك المقالات ، ارتبك ارتباكا ظهر على وجهه الكالح ، وسقط في يده ، فبادر إلى نفي القول ، وأصر على تكذيبه !!

    فإما أنه لا يعرف ماذا كتب في تلك المقالات من خرافات ومجازفات ، أو أنه فضل أن يكذب نفسه ويتبرأ من مقاله لظهور شناعته ونكارته .

    ولهذا فإنه أخذ يتلجلج في الكلام ، ولم يجد بدا ، بعد أن وجه له سؤال صريح : هل ترى إباحة تلك الأمور ؟

    إلا أن يتناقض ، فكذب بعضها ، و قيد إباحة بعضها بقيود ( سبق أن أنكر مثلها على مخالفيه ) ، وأقر بأخرى على تخوف ، حتى لا يفتضح على الملأ ، لأن الكلام من وراء الكواليس أو في المجالس "الخاصة " ، ليس كمواجهة الجماهير الغفيرة أمام "الشاشة" !

    وقد سئل هذا المتناقض : هل يبيح من أهله وكرائمه ، شيئا مما أباحه من نساء المؤمنين ، من خدمة الضيوف من الرجال ، والخلوة بهم ، والوضوء معهم ، ومصافحتهم ، وملاصقتهم ...الخ ؟

    فاضطرب جدا ، واسود وجهه من سوء ما سمعه ، لأنه لم يجد جوابا لمثل ذلك السؤال ، ولا زلنا حتى هذه الساعة ، وإلى أن يعلن توبته مما قاله و نشره ، نطالبه بالجواب الواضح الصريح بدون حيدة ولا لجلجة !

    ولا يحل لمؤمن ، ولو كان أميا ، أن يستبيح من أعراض المؤمنات ما لا يرضاه هو لأهله ، فكيف بمن تصدر للمشيخة والإفتاء و حشر نفسه في زمرة الفقهاء و العلماء ؟

    **********

    " المقاصد و الوسائل "

    إن هذا الدين قد شرع لمصالح العباد في الدارين ، وقد انتظمت أحكامه التكليفية على أصلين عظيمين : الأمر والنهي .

    وقسم الأصلان إلى قسمين : مقاصد و وسائل .

    فلما نهى الله عن الزنا ، نهى عن وسائله وأسبابه المفضية إليه ، كالنظر ، والخضوع في القول ، والخلوة ، والسفر بغير محرم .. إلخ. وقد تفاوتت درجات النهي بحسب خطرها وقربها من مقارفة المقصد الأعظم .

    فالاختلاط ، مثلا ، لما غلب على الظن إفضاؤه إلى الوقوع في المناهي التي هي وسائل أقرب ، وربما جر ذلك إلى الوقوع في المنهي الأكبر ، منع .

    واستثني منه ما كان خطره أقل ، وكان لحاجة ، كالاختلاط العابر في الأسواق وغيرها .

    ومن هنا يعلم خطأ من يطالب بنص شرعي صريح في منع الاختلاط المتنازع فيه ، ولا يفطن أن الوسائل لا يشترط أن يرد فيها أدلة تنص على عينها ، وإلا لانخرم عقد الدين كله ، وقانون السياسة الشرعية ، لأن كل مقاصده مناطة بوسائله و أسبابه ، ولا يتم تحصيل هذه ، أو تكميلها ، إلا بتلك .

    وعليه ، فإننا نحن من يطالب هذا الجاهل وأضرابه بالدليل على الإباحة وليس عندهم إلا التشبيه بنصوص ، أكثرها إنما وردت في أحوال خاصة لا يصلح تعميمها ، و لا دليل فيها على إباحة الاختلاط المتنازع فيه .

    فأين النصوص الواردة في إباحة الاختلاط المرتب ، في أوقات معينة يلتقي فيها الرجال والنساء ( وأكثرهم في سن الشباب ) ، ويحصل بينهم من الألفة والمحادثة و الملاطفة ، بحكم "الزمالة" ، التي قد تتطور إلى صداقة ، ثم هي قابلة لأن تتطور ، ( أو تتدهور ) إلى شيئ آخر ، بحسب ما فطرت عليه طبائع البشر ؟

    نحن نتحداهم أن يوردوا نصا واحدا يبيح جلوس الرجال والنساء في مكان واحد يختلطون بالكلام والنظر ويتلاطفون ويتمازحون .. إلى غير ذلك ، مما يحصل غالبا في الاختلاط المرتب المنظم ، وربما حصل فيه تجاوزات أكبر من ذلك .

    فالعبرة إذا في قضية " الاختلاط " ، إباحة ومنعا ، هي في نوعه وحاله ، وما يترتب عليه غالبا من مفاسد ، وما يتحصل من وجوده من مصالح .

    * وليس ضابط المنع والإباحة في الاختلاط يكون بمجرد الاشتراك في العمل الظاهر ، ولا بتقييده بالزمان أو بالمكان ، كما قد يظن بعض الجهال ، وإنما يكون بحسب النوع والحال .

    فوجود الاختلاط في الأسواق ، مثلا ، إن كان عابرا ، وليس فيه إلا وجود رجال ونساء أجانب ، كل يسعى في حاجته ومصلحته ، وإن حصل كلام ، أو حتى نظر ، أثناء البيع أو الشراء ، فإنه عادة ما يكون عابرا من غير قصد ، ثم يقف الأمر عند ذلك ، لا يتعداه إلى غيره ، ويمضي بعدها كل إلى وجهته .

    لكنه لو تطور فصار اختلاطا منظما ، متكررا ، وأفراده من الجنسين في حكم الأصحاب أو الأصدقاء ، قد اتفقوا على الإتيان إلى تلك الأسواق بشكل منتظم ، فإن ذلك حينئذ يأخذ حكم الاختلاط المحرم .

    *وهذا يرد على من يتكلف فيقول : ما الفرق بين الاختلاط الواقع في التعليم و الوظائف ، وبين الاختلاط الحاصل في السفر بالطائرة إلى بلاد بعيدة كأستراليا ، مثلا ، وهو يستغرق وقتا أطول من ذاك ؟

    والجواب على ذلك بأن نسأل : هل هذا السفر المختلط ، سيجلس فيه الرجال والنساء الأجانب ويحصل بينهم من الكلام و النظر والخلوة والملاطفة التي ستجر إلى أعلى منها ، وسيتكرر ذلك في أوقات مرتبة ، فتنقلب من مخالطة عابرة إلى زمالة ، فصداقة ...الخ ، كما هو المظنون والمتوقع في اختلاط التعليم والعمل ونحوهما ؟

    ولهذا نقول : لو اتفق مجموعة من الفتيان والفتيات على السفر سويا في رحلات منظمة للعمل أو السياحة ، أو حتى لأداء النسك ، أو لو تواعدوا للطواف بالبيت ، كل فتاة بصحبة شاب ( وقد يمسك بعضهم بأيدي بعض على مذهب الإمام الغامدي ) !

    مما قد يفضي إلى أمور كثيرة منكرة ، فإن ذلك يخرجه من دائرة المباح إلى حيز المنع .

    * وشريعة أحكم الحاكمين تأبى أن تحرم شيئا ( قصدا أو وسيلة ) ، ثم تبيح ما هو مثله أو أشد منه .

    فكيف تحرم النظر والخضوع في القول .. الخ ، منفردة ، ثم تبيحها وهي مجتمعة ( أغلب الظن ) في حال الاختلاط المنظم ؟

    بل كيف تبيح ما هو أشد من ذلك مما زعمه ذلك " المنحرف " من ملامسة وملاصقة ؟!

    * وكذلك أيضا ، لما أمر الله بالصلاة وعظم قدرها ، كانت وسائل المحافظة عليها مأمورا بها ، ووسائل تضييعها والسهو عنها منهيا عنها ، ولو لم ينص عليها بعينها .

    وقد كره النوم قبل العشاء ، لئلا يفضي إلى تضييعها ، وكره الحديث بعدها محافظة على صلاة الفجر .

    ولما كان الاشتغال بالبيع والشراء والتجارة مما قد يفضي إلى السهو عن الصلاة وتفويت وقتها ، ناسب أن يمنع نظاما و سياسة ، ولا يفتقر إلى نص بعينه ، يقول : أغلقوا المحلات أوقات الصلوات ، بل يكتفى بورود النصوص العامة في الأمر بإقامتها في أوقاتها ، لأن " مالا يتم الواجب إلا به فهو واجب " .

    فالمسألة إذا ليست مسألة بحث في الخلاف الفقهي ( الفرعي ) في حكم صلاة الجماعة في المساجد ، بل هي سياسة ونظام عام للأمة لحفظ الصلاة وتعظيمها ، وحض الرجال على أدائها في أوقاتها على وجه الكمال ، ولهذا فإن هذه السياسة الحسنة متبعة في كل المؤسسات الحكومية والأهلية ، ولم ينكرها أحد ، حتى جاء مثل هذا "المتخلف " ، يريد أن يعترض على ذلك المعروف ، كما اعترض على سابقه في منع الاختلاط وتوابعه ، ويشغل الأمة بإشاعة الخلاف في مسائل فرعية قد أشبعت بحثا وجدالا من قبل أن يولد هو بقرون ( ! ) .
    **********

    " الخلاف في الأصول "

    وليس خلافنا مع أمثال هؤلاء الجهال في الفروع فقط ، بل هو خلاف في الأصول كبير .

    وهناك فرق شاسع بين اختلاف أهل العلم في مسائل الفروع ، مهما كثرت ، وبين ما يشغب به دعاة الفتنة والشبهات من مسائل ، يريدون بها هدم الدين من أصله .

    و إن من سنة أهل الزيغ والفتنة ، اتباع المتشابه من نصوص الكتاب والسنة ، والتلبيس على العوام بها ، ولهذا فقد حذرت نصوص الكتاب والسنة من أولئك ، الذين هم أعظم الناس فتنة وإضلالا للأمة ، وأشدهم هدما للدين و الملة .

    قال الله عز وجل { .. فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله } .

    وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذروهم". رواه البخاري [ 4547 ] .

    وقال عمر بن الخطاب " ثلاث يهدمن الدين ، زلة عالم ، وجدال منافق بالقرآن ، وأئمة مضلون " .
    رواه الدارمي في السنن [ 1 / 71 ] .

    قال الشاطبي " وهذه الأمور حقيق أن تهدم الدين .. " إلى أن قال " وأما الجدال بالقرآن ، فإنه _ من اللسن الألد _ من أعظم الفتن ، لأن القرآن مهيب جدا ، فإن جادل به منافق على باطل أحاله حقا ، وصار مظنة للاتباع على تأويل ذلك المجادل .. " .
    انظر الموافقات [ 4 / 90 ] .

    و دعاة الفتنة لا يرجعون في أقوالهم إلى أصول العلم ، ولا يضبطون مسائل الخلاف بالضوابط المعتبرة عند أهله ، ولهذا تجدهم يتخبطون في تقرير المسائل ، ولا يحسنون فهم الأدلة ولا الطريقة الصحيحة في الاستدلال بها ، لأنهم لا يريدون ذلك ، أو ليسوا أهلا لذلك ، بخلاف أهل العلم والفهم .

    * ولهذا تجد في كلام فقهاء المذاهب عبارة ، ترد كثيرا في مسائل الخلاف ، وهي " هذا القول لا يستقيم في مذهبنا ، وإنما يصح في مذهب كذا " .

    وذلك لأن مسائل الفروع عندهم منضبطة ، واختلافاتهم مؤصلة ، ليست بالتشهي والهوى ، بخلاف طريقة أهل الجهل و العمى .

    * ومن أظهر سمات أهل الزيغ والضلال ، الاحتجاج برخص العلماء ، والتنقل من قول لآخر بالتشهي لا بتحري الصواب .

    وقد أطال الشاطبي في الموافقات الكلام عن هذه الخصلة ، التي هي بريد إلى الزندقة ، ونقل عن ابن حزم الإجماع على فسق من تتبع الرخص.

    و قال سليمان التيمي " إن أخذت برخصة كل عالم اجتمع فيك الشر كله " . [ الموافقات 5 / 135 ] .

    وذكر الشاطبي أن ذلك يفضي إلى إسقاط التكليف في كل مسألة مختلف فيها . [ الموافقات 5 / 83 ] .

    وذكر من مفاسده أيضا إفضاءه إلى الانسلاخ من الدين بترك اتباع الدليل إلى اتباع الخلاف ، إذ يصير بهذا الاعتبار سيالا لا ينضبط ، وانخرام قانون السياسة الشرعية بترك الانضباط إلى أمر معروف ، وإفضائه إلى القول بتلفيق المذاهب على وجه يخرق إجماعهم .
    انظر الموافقات [ 5 / 102 ] .

    قال الشاطبي " وقد زاد هذا الأمر على قدر الكفاية ، حتى صار الخلاف في المسائل معدودا في حجج الإباحة .. فيجعل الخلاف حجة في الجواز لمجرد كونها مختلفا فيها ، لا لدليل يدل على صحة مذهب الجواز ، ولا لتقليد من هو أولى بالتقليد من القائل بالمنع ، وهو عين الخطأ على الشريعة حيث جعل ما ليس بمعتمد معتمدا ، وما ليس بحجة حجة " .
    [ الموافقات 5 / 92 _ 93 ] .

    * ومن أعظم أسباب التخبط في الأحكام ، الجهل بمقاصد الدين الكلية والعلل الشرعية التي أنيطت بها تلك الأحكام .

    فالمحرمات ، مثلا ، إنما منع تعاطيها لعلل وأسباب ، قد تظهر كلها أو بعضها ، وقد يعارضها ما هو أرجح منها وأولى .

    وفقه المصالح والمفاسد وتعارضها والترجيح بينها ، وقاعدة سد الذرائع ، لا يفهمها إلا الراسخون في العلم .

    *وأما عن تقحم هذا الجاهل وتكلفه في نقد الروايات ، فإنه من العجب العجاب ، لأنه لا يحسن فهم أبتثيات هذا العلم المتين ، ويحشر نفسه في عداد جهابذته والمبرزين فيه، فيضعف ويصحح بجهل فاضح .

    وقد غلط كثير من الناس ، ومنهم هذا " المتكلف " ، حين ظنوا أن نقد الروايات يتأتى لكل باحث في كتب الرجال ، وربما اقتصر أكثرهم على المختصرات ، كتقريب ابن حجر ، فيقرأ عبارة مجملة في الراوي ثم ينقد بها الروايات ، ويضعف بها أحاديث الصحاح والسنن المشهورة !!

    وهذه بدعة محدثة قد انتشرت في كثير من مؤلفات طلبة العلم وأبحاثهم في هذا الزمان ، وقلما يتنبه لها أو يحذر منها .

    *إن طريقة أئمة الحديث في تصحيح الروايات و نقدها ، مبنية على السبر والانتقاء ، فليس كل روايات الثقات مقبولة ، ولا كل روايات الضعفاء مردودة .

    يقول المعلمي اليماني في مقدمة تحقيقه لكتاب " الجرح والتعديل "
    < ليس نقد الرواة بالأمر الهين ، فإن الناقد لا بد أن يكون واسع الاطلاع على الأخبار المروية .. خبيرا بعوائد الرواة ومقاصدهم وأغراضهم .. > إلى أن قال < وهذه المرتبة بعيدة المرام عزيزة المنال لم يبلغها إلا الأفذاذ > .

    وقد نقل ابن أبي حاتم في مقدمة كتابه" العلل " قول ابن مهدي
    < معرفة الحديث إلهام > .

    وقوله < إنكارنا الحديث عند الجهال كهانة > .

    وقول أحمد بن صالح < معرفة الحديث بمنزلة معرفة الذهب > .

    * ومن الجهل والعبث أن يأتي الباحث إلى أسانيد الصحيحين ، مثلا ، ثم ينقدها بما حكاه ابن حجر في التقريب ، فيجد في الراوي مقالا ، فيحكم على الحديث بالضعف ، وكأن صاحبي الصحيحين يجهلان أحوال الرواة ، عجبي !

    ومن أين أخذ ابن حجر وغيره أحوال الرجال إلا من كلام المتقدمين من أئمة الجرح و التعديل ، ومنهم أصحاب الصحاح والسنن ونحوهم ؟

    وليس معنى ذلك أن ابن حجر وغيره قصدوا تضعيف الروايات بذكرهم لذلك الوصف المختصر في الرواة ، وإنما هو " تهذيب " ، و " تقريب " ، و" اختصار " لما قيل فيهم فقط .

    و المقصود أن المعول عليهم في نقد الروايات والتصحيح والتضعيف هم أولئك الأئمة ، و لا يصلح أن يقحم الجهال أنفسهم في هذا الأمر .

    والكلام في تفصيل ذلك وشرحه يحتاج إلى مجلدات .

    * فقد تبين إذا ، أن خلافنا مع أولئك المتعالمين من أمثال هذا المتعالم ، ليس في فروع العلم وحدها ، بل في أصوله ، و لهذا أغلظت في العبارة في هذا الرد ، لأن صنيع هؤلاء من أعظم الفتن والإفساد في الأرض .

    **********

    " الخاتمة "

    لم يكن هذا " المتكلف " بدعا ممن سبقه من دعاة الفتنة والضلالة ، ولن يكون آخرهم ، ولن يقف عند هذا الحد من الإفساد ، والله أعلم .

    فإن أمثال هؤلاء لا ينفكون عن إحداث البدع في الأمة ، إذ كل همهم إثارة البلبلة والتلبيس على العامة ، لا النصح لهم في دينهم و دنياهم .

    * هذا وأسأل الله العظيم أن يهدينا جميعا لما يحبه ويرضاه من القول والعمل ، وأن يجنبنا الفتن ، ما ظهر منها وما بطن ... والحمد لله أولا وآخرا .

    وكتب : سمير المالكي
    3 / 6 / 1431
    0591114011
    لا إله إلا أنت سبحـــانك إني كنت من الظالمين

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Jun 2009
    الدولة
    الجزائر - باتنة -
    المشاركات
    486

    افتراضي رد: فضح جهالات الغامدي

    استفسار:
    هل الغامدي هو الدكتور الذي تابعنا لقاءه مع تركي الدخيل في حصة إضاءات على قناة العربية ؟؟!!
    قال الإمام الشاطبي:
    "خذ من العلم لبه، ولا تستكثر من ملحه، وإياك وأغاليطه".

  3. #3

    افتراضي رد: فضح جهالات الغامدي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو سعيد الباتني مشاهدة المشاركة
    استفسار:
    هل الغامدي هو الدكتور الذي تابعنا لقاءه مع تركي الدخيل في حصة إضاءات على قناة العربية ؟؟!!
    نعم هو نفسه أخي الحبيب.
    هذا الرجل شاهدته في حلقات البينة موضوع الإختلاط ولاحظت أن عنده جهل شديد حتى أن الرجل أتى بنصوص قبل الحجاب ولما بين له المشايخ هذا تخبط وظهر تعالمه والله المستعان.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •