يا أختي الفاضلة إن كنت صادقة مع الله تعالى، وصادقة مع نفسك
فلن يرضى الله تعالى لك الضلال والغفلة
واعلمي أنك يقيناً حينئذ ستتعذبين (بالمُحصِّلة) بأية مشاعر محُرّمة –وإن مجرد إعجاب- تنبض في قلبك
جراء تلك الخلوة، في تلك الغرفة !
جراء ما كسبت يداك
وما الله بظلّام للعبيد، سبحانه وتعالى.
لن تهنأي بصلاة ولا تهجد ولا بقيام
قد تثقل عليك تلاوة القرآن الكريم
وسيخبو نور الذِّكر في قلبك، مع الأيام، وكيف لا!
أيجتمع أختاه النور والظلام !
بل تغشى ظلمةُ الليل الشمس فيرحل ضحاها
تلك قوانين النفس
سبحان من سوّاها
وستخسرين أجمل ما في الحياة ؛ الشعور بالقرب الحق ممن يستحق وحده القرب!
القرب من الله تبارك وتعالى.
لن يحصل هذا فجأة ومرة واحدة
وقد لا يحصل كله، قد يحصل بعضه، أو غيره
واعلمي
أنّ الشيطان لن يتدافع عليكِ (وعليه) مرة واحدة
لا
هو أفطن وأخبث
ولكن، خطوة خطوة
رويداً رويداً لكي لا تشعري ولا هو يشعر !!
لن تشعري
لأنك ستكونين مشغولة وفرِحة بالنفع الجديد (الفعلي) الذي حصّلتيه
من الأخ الفاضل الداعية إلى الله.
ولن تنتبهي أنّ فرحتك مختلطة
وأنّ هناك في قلبك شيء آخر
مشاعر ليست واضحة المعالم بعد
مشاعر لا تملكين ترجمتها بعد لأفكار واضحة
مشاعر فقط تجذبك وشيطان يقودك
مشاعر طبيعية جداً تتسلل بخفة
تجذبك بتلقائية ورقّة
وتدفعك للبقاء في فلك تلك الخلوة
والاقتراب من مصدر الجذب أكثر وأكثر
ليس على إبليس أن يجهد نفسه كثيراً
كل ما عليكما أن تجتمعا
أن تكونا
قلبين في خلوة
والأمور ستسير عندئذ بشكلها الطبيعي
وسيقود إبليس (شريك خلوتكما) معزوفة تلك الرقصة
التي يعرف ألحانها جيداً
سيزيّن لكما الخطوات ويغرّ كل منكما بنفسه
نعم، صحيح قد لا يجذبك هذا الرجل تحديداً
كما قد لا تجذبيه أنتِ مُطلقاً كأنثى
ولكن لمَ المخاطرة ؟!!!
لمَ لا يباح لمن يملك إربه القليل من الخمر إذن ، ليسترخي فقط، ويلقي عنه بعضاً من عناء اليوم، دون أن يسكر ؟
ألأنه قد يمر بظرف انفعالي إنساني عاطفي
يمر بحالة بشرية مُتعثرة، يضطرب بها فكره وتثور مشاعره، فيختل نظامه، فيشرب زيادة ويَسكر في تلك المرة!!
فيقع ما لا تحمد عقباه!
معزوفة إبليسية أخرى
قد تكون تلك حكمة ! والله أعلم.
أنا لا أتحدث الآن مع أخت تتنقّل في الحديث بين الإخوة وطلبة العلم
معاذ الله
(وتلك أخت لا أرجمها ولها علاج من نوع آخر)
بل أتحدث معك أنت أيتها الأخت العفيفة
التي أردتِ بصدق أن تسألي في العلم
أو احتجت بشدة –لسبب أو لآخر- وللضرورة مساعدة من أخ
أتفهّم تماماً
ومن غيري سيتفهّم!!
وأدري أنّ علم الإخوة أوسع وأشمل وأدق ومنضبط أكثر
وأن توجيهاتهم عملية وعقلانية وقاطعة أكثر
إنما احذري ولا تغتري بنفسك وتحفّظك وتقواك!
ولا تطمئني لعلمهم وتقواهم!
لأنك من حيث لا تشعري، ولأنك غير معتادة
على هذا الجو الغامض والمتحفّظ والساحر
ستجدي أنك في لحظة ما تتباسطي دون أن تنتبهي
أو تتفاعلي مع تباسطه هو، ببساطة !!
ثم تعودي ويعود للتحفظ مرة أخرى
لحظة!
ماذا كان ذلك؟!!
تلك كانت خطوة صغيرة أشار عليك بها إبليس ودعاك إليها –ببراءة-، مُجرد دعوة !
فاستجبتِ وتابعتِ الخطرة
قد تعجبي من علم هذا الأخ (الشيخ) فتتجرأي وتسأليه عن عمره !
أو قد يفعل هو كذلك، بطريق مباشر أو غير مباشر
قد تنطلقي بعفوية في الكلام والشرح وضرب الأمثلة
من حياتك الواقعية
وتستفيضي
لأنك مهتمة في الموضوع المطروح
ولأنك تبحثين فعلاً عن حلول
ولأنّ الأخ عنده علم وحكمة وخبرة
وتلك فرصة!
ولأنك لست معتادة ولا مستعدة
واغتررت بتلك الشاشة!!
ولأنك...
لأنك ارتحت له فعلاً
كلها خطوات، كلها خطوات
تقتربي منه خطوة صغيرة ويقترب منك كذا خطوة
هكذا هي أصول الرقص الثنائي
تشعري بالألفة والقرب والطمأنينة تجاهه أكثر فأكثر
ويشعر مثلك هو
كل خطوة تمهِّد لأختها التي تليها
وقياسك (وقياسه) قبل أخذ أي خطوة تالية جديدة
سيكون وفق آخر خطوة
وليس وفق الخطوة الأولى
تلك.. أتذكريها ؟!
هكذا خطوة خطوة
ورويداً رويداً
ينزع عنكما إبليس (لعنه الواحد القهار) لباس التقوى.
.........
ستطردي في البداية أي خاطر يقول لك أنت معجبة به
نفسك ستتصدر لتردد بغرور:
(مَن؟!)
(أنا؟!!)
(لا!!)
(أعوذ بالله!)
(لم أقع من قبل، الحمد لله، أفأقع وأنا متحفظة –كما تظنين- ومحفوظة بشاشة)
!!!
أوَلستِ يا أنثى بـَشر؟!
أوَلستِ يا أختي مؤمنة مسلمة تريدين الآخرة بكل كيانك
أوَليست لا تحلو لك جلسات إلا مع أهل الله عز وجل
ولا يحلو لك إلا الكلام عن الله تبارك وتعالى وهذا الدين العظيم
ومن جهة أخرى،،،
أوَليس هذا الأخ بـِرَجُل!
أوَليس بمسلم مؤمن أديب وقور، متّبِّع.. وصاحب حضور
يملك البضاعة الأغلى التي تتمنين، من العلم والحكمة والدين !
وقد يكون في الواقع الأمر مُختلف
فنحن عندما يُعجبنا شيء أبعاده ليست كلها حاضرة –أو لا يعجبنا- نبدأ في تخيل صورة، قد تخالف الواقع تماماً
إنما
ستقعين ويقع.. وتقعان.
فإن ليس في هذه المرة
ففي مرة أخرى
مع غيره
ومع غيرك
ستقعان!!
فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْءَاتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ
(22) سورة الأعراف
لأنّه يفيدك حقاً وبات قريباً منك أكثر
ستطلقين –بشكل عفوي- لسانك بالشكر والدعاء والثناء
وتترفقين معه تعبيراً –إنسانياً- صادقاً وحقيقياً عن الشكر والامتنان
وقد تفتنينه بهذا وأنت تظنين أنك تحسنين صنعاً
أم تظنين أن قلوب عباد الله مخلوقة من حَجَر
بل قلوبهم وقلبك من طين
لأنك لست معتادة للتفاعل مع "أخ" من وراء الشاشة ستقعي
فلا تظني أنّ الأمر كما في الواقع، أبداً
في الواقع أؤكد لك لن يحدث –بإذن الله- شيء من هذا!
فأنت تعرفين كيف تتصرفي، معتادة، تملكين زمام أمرك
وتلقائياً ما أن تتواجهي مع رجل أجنبي تتصرفين بشكل متّزن منضبط
وجوده البدني الحقيقي –لا المعنوي- يجمع وعيك كله على الموقف الذي أمامك
وجوده البدني الحقيقي ينبـِّه حياءك ونظام تحفظك فوراً وطوال الوقت
أما أمر تلك الشاشة مختلف
أمرها جداً مختلف
مخادع جداً!
ونحن ما زلنا لا نعرف كيف نتعاطى معها بفعالية وضمن ضوابطنا الشرعية
في آن معاً
وهذا متوقّع حقيقةً
ولا داعي لأن ننكر
لأنّها شاشة معاصرة وحديثة
تفرض أبعاداً جديدة
والمشكلة أننا بدل أن نلجأ للنظر العقلاني والدراسة الشرعية والتحليل الموضوعي والهادئ
والاقتراحات والحلول
نلجأ للحكم والرّجم من ناحية الرافضين!!
وللإنكار والعناد والإدعاء من ناحية المؤيدين!!
قد تجدي مقالاً يشجب ويندِّد ويتوعَّد
بالإخوة والأخوات
ولكن لا تجدي فيه تحليلاً علمياً واقعياً
ولا تجدي اقتراحاً واحداً عملياً!!
نحن لسنا كأهل الغرب ولا الشرق
لسنا كأحد من حيث المنهج القويم الذي ننتمي له
والحمد لله رب العالمين
نحن لا نتلقى الأفكار ولا الآلات كما هي
فإما نغرق في أوحالها أو نعتزلها مطلقاً
يا إخوتي وأخواتي
لا نريد أن نجرح –اندفاعاً وانفعالاً- لننتقص من غيرنا
ونُظهِر أننا أفضل وأنقى وأطهر
فنزاود، لتشعر أنفسنا بالرضى والزهو، متناسين أننا –أيضاً- بشر
هذا وَهم وادّعاء كاذب، لست أيها المنتقِص أنقى ولا أطهر.
ولكن نريد أن نَجرح جُرحَ الطبيب الشفيق الماهر
الذي يجرح –اضطراراً ووعياً- ليطبب، يداوي ويعالج
والصلاة والسلام على خير الخلق سيدنا مُحمّد
هذه الشاشة ليست شريرة!
والشبكة العنكبوتية ليست شارعاً واحداً
ولا بالضروروة أن تقوم أنساقها الاجتماعية على نمط واحد من القوانين والقواعد
بل نستطيع أن ننشئ أنماطاً جديدة بمشيئة الله تعالى وبعونه
تناسب رسالتنا، غايتنا وأهدافنا (هذا إن كانت واضحة ومحددة)
هذه الشاشة ممكن أن تكون نافعة جداً –بحسب موضوعنا- إن شاء الله للأخوات المستورات
اللاتي اخترن أن يقرن في بيوتهن
ويردن أن يتفقهن ويتعلمن أمور دينهن
ويتعلمن كيف يقمن بحل مشاكلهن
التي تواجههن، ويتأهّلن للقيام بأدوارهنّ
ليكنّ جزءا فعّالاً –في مواقعهن- في نهضة الأمة من غيبوبتها
لكنا –ببساطة- ما زلنا غير مهيئين بعد، ومشتتين
بالعموم لسنا مخلصين كما يجب
(لا تنزعجوا, هذه قناعتي، ولكل منا قناعته الشخصية، ولعلي أقيس الأمر على نفسي)
ولا يخلو الأمر قطعاً
يوجد حركة ويوجد جهد وسعي
إنما
نحتاج أن ننتقل من مرحلة التطرف بين الإفراط والتفريط
نحتاج أن ننتقل من مرحلة التقليد(سواء تقليد الغرب أو حتى تقليد بعضنا البعض) إلى التجديـد
نحتاج الانتقال إلى مرحلة الاستهداف والتخصّص والتأهيل والمتابعة
مرحلة الاهتمام بالنوع، والاشتغال على النوع، وتطوير النوع
فالعبرة لم تكن يوماً بالكَمّ!
الإعداد الفعّـال المنضبط بميزان الإيمان والشرع، والذي يحقق الأهداف.
الذي يحدد الغاية ومستلزمات تحقيقها، ويحدد وجهة الطريق، والأهداف المرحلية جميعها.
ويجيد قياسها
نتدارس الأمر، ننظر للصورة ككل، ونخطط
ونتوكل على الله تبارك وتعالى
من قال أنّ كل المجتمعات الإلكترونية يجب أن تقام وفق نمط محدّد، الجميع يتبعه، حتى إن لم يكن فعّالاً، أو لم يكن يلبي جميع احتياجاتنا، ويحقق الأهداف المرجوة، ويوصلنا بالنتيجة إلى غايتنا!
أعود لك يا أختي ولن أملّ أكرّر
صدقيني لستِ معتادة أنت على هذه الحوارات الفورية والرسائل الخاصة
قد تكونين في محيطك صامتة، قليلة التعبير عن نفسك، فتجدي متنفّساً عبر هذه الشاشة، من حيث لا تشعري، لتعبّري وتنطلقي، مع شخص –خبير- ارتحت له !
بل أنت تغرّين نفسك ويغرّك الغَرور
وعندما ستستيقظي، وتنتبهي بإذن الله تعالى كم ستمقتي عندئذ نفسك
كم سيعذبك جحيم تلك النار، فرفقاً بنفسك، أشفق عليك!.
ولا أريد لك هذا!
لا توهمنَّ نفسك نفسك
لا تدّعي القوة في غير موضعها
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم
ولا تتبعي خطوات إبليس –عدوك- يترصد بك
إفهمي
أنت بشر، أنت رقيقة، حتى وإن لم تنتبهي وتعي بعد
فأنت أنثى
أنت قلب
مشاعر تنفعل وتفيض طبيعياً بوجود شقك الآخر
الرجل
إلا إن كنتِ تعانين من خلل !
مهما كنت ملتزمة بدينك وحجابك وعباداتك
وإن كنت من أكثر النساء تحفظاً وعفة وقوة في محيطك
لا تجعلي هذا كله يغرّك، بل هذا هو عين مقتلك!
وأنتِ المعرضة أكثر من غيرك للسقوط والتخبّط والزلل
لأنك الأرض المحميـَّة -بفضل الله- بالنور والتقوى والذِّّكر
لذا فأنت هي الأرض العطشى
فلا تقبلي بماء يصيب قلبك إلا من السماء... طاهر
وإلا فإنّ عذابك عندما تستيقظين سيكون أليـم ومُهيـن
عذابك أنت بالذات سيكون أكبر
وأتحدّث يا أختي عن مشاعر
إن كنت صادقة مع ربك عز وجل ومع نفسك
ويريد الله تعالى أن يرحمك ويرفعك
ستتعثرين كثيراً أثناء غفلتك وغيابك
وتفقدين من حيث لا تشعري اتزانك
-هذا لازم تنبيهك وإيقاظك-
وستتخبطين أثناء استيقاظك كمن يتخبطه الشيطان من المس
لن تصدقي!
سيصيبك الغمّ والحزن
وما أكبر حسرتك وما أشدّ خزيك وعارك
وقد تجدين مشقة في إغلاق الباب
تروحين وتجيئين
تارة تحاولي أن تلملمي أشلاء تقواكِ وبقايا حيائك
وتارة أخرى تحاولي أن تنقذي كبرياءك وتدّعي أنّ الأمور بخير
كل شيء تحت السيطرة
ولم يحصل شيء
لا تدرين، أتبتسمي، أتبكي، أتصرخي، أتتظاهري بالاتزان أم ماذا تقولي
وأنت تغادري
فتتعثرين بالذل والهوان أكثر
وليتك لم تقولي شيئاً وليتك في ذلك الموقف كله لم تكوني
وأعدك
بأنك ستكرهي نفسك أكثر وأكثر!
فلا تلجي أختاه هذا الباب
والكيِّس الفطن الذي يفقه المعنى ويتعلّم من تجربة غيره
وإن لم تكوني يا أختي صادقة مع ربك، ومع نفسك
وأصررت على اتباع غرورك وهواكِ
وبرّرتِ وتلوت الأعذار، وأبيتِ واستكبرتِ
وقلتِ أنا لستُ مثلك
أنا ما زلت متحفظة الحمد لله
وسأبقى كذلك
سأعدّ كلماتي عدّاً ولن أستفيض، ولن أسأل
وسأتمنّع
إن قلت ِلنفسك شيئاً من هذا
ورضيتِ بالمشاعر الحرام التي تنبض في قلبك
ولم تثوري على نفسك وعلى حالك
ورضيت أن ينظر الله تعالى إليكِ
فيراكِ جالسة في خلوتك معه بتحفِّظ مُتقَن وظاهر
ودقات قلبك حقيقةً تتسارع
وتكتمين خلف الشاشة تنهيدة وابتسامة
مشغولة به حقيقةً
تَظهري اليوم، ثم تخططي وتدبِّري
أن تغيبي عنه فترة لتضمني تعلقه بك وانشغاله!!
تماماً تماماً
كما تفعل الفاسقات والكافرات اللاتي يـُتقِنَّ طُرق التمنُّع المصطَنع
ويُردن بهذا الكيد ضمان زوج أو عشيق
عندئذٍ
قد تضمني فعلاً باستمرارك على هذا النهج المتقَن قلبه وتعلقه وانشغال باله
ولكنك ستقطعين بينك وبين ربك عز وجل الطريق
تبارك وتعالى العزيز المتعال
ولست عندئذ بأكثر من مُدّعية
رَضِيَت لأجل متاعٍ زائل ولذة فانية
أن تكون مُنافقة... أحسَنَت التمثيل.
فيا أيها الإخوة الأفاضل ويا أيتها الأخوات الفضليات
: