المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الشجري
نسأل الله أن يبلغك من مرادك مافيه خيرلك في دنياك وعاقبة أمرك.
كان خيرا لك أخي الكريم لو وحدت الله بالنظر والقصد ، وجمعت قلبك في توجهك إليه وتركت الناس كل الناس ، فوعزة الله ما قصده أحد فرده ، وما توجه إليه عبد فخيبه ، فأحسن الظن بمولاك ، واستصحب اليأس من الناس ، فهم أعجز الخلق عن حاجاتهم فكيف بحاجتك ، ولو في أمر الدعاء ، فمن توكل على الله حق التوكل لم يحج بقلبه إلى أي واد من أودية الدنيا.
وعليك بالقديم من أمر المسلمين فلم يكن هذا دأبهم في التعامل مع ربهم ، ولست أزعم أن مثل هذا محرم بنص الدليل ، إلا أنه مناف لكمال التوحيد ، فمتى محص المرء التوحيد في قلبه ، وجد بغيته وانحلت عقدته ، وسار في الحياة وهو في حياة وحده ، فاملأ قلبك توكلا وحسن ظن وأمل ورجاء ، حينها لن يقضي الله لك إلا بالخير ، وستستوي عندك الأمور ولن تبالي بما تصبح عليه من خير وشر ، إن خيرا حمدت الله وإن شرا صبرت ورضيت ، لأنك قد فوضت أمرك كله لله وسلمته زمام حياتك ومماتك ، وهل يخذل الله عبدا كانت هذه حاله ، لا والله وهو الحكم العدل الكريم الرحمن الرحيم .
فاصبر وأمل خيرا ، فإنك لا تدري ماعساه أن تكون عاقبة ماتدعو به من خير وشر ، واستعن على قضاء حوائجك بكثرة السجود ودموع السحر وصدقة السر ، وانس الخلق كلهم برهم وفاجرهم ، واعلم بأن لهم مثلك حاجات عند مولاهم ومولاك ، فلو هتف الخلق كلهم بحاجتك ثم لم يردها الله لما قضيت ، ولكن عليك بقلبك ، قلبك وحدك ، فادع الله بقلبك ولسانك وناجه مناجاة القريب وأبشر وبشرنا .
مع أني لا أرى وجوب الاستجابة لمثل سؤالك ، بل أظن فيه تكلفا وتعنيتا لأخيك المسلم ـ وخروجا عن منهج السلف وعادتهم ـ إلا أني كتبت نصحا لي ولك ولمن مر من هاهنا .