تاريخ العلوم الشرعية

1- تعريف التاريخ :
التاريخ في اللغة: التوقيت، يقال: أرخ الكتاب ليوم كذا، أي وقته.
تاريخ العلوم الشرعية في الاصطلاح:
الكلام على نشأه العلوم الشرعية وتطورها، ودراسة لمصادرها ومؤلفيها.

2- العلوم الشرعية:
جمع العلم الشرعي: وهو المراد بالعلم في أكثر النصوص .
قال الحافظ: والمراد بالعلم: العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينيه في عباداته ومعاملاته والعمل بالله وصفاته ومدار ذلك على التفسير والحديث والفقه.

3- تعريف التفسير:
التفسير في اللغة: الإيضاح والتبيين، ومنه قوله تعالى (ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً)
التفسير اصطلاحاً: علم يبحث فيه عن أحوال القرآن المجيد من حيث دلالته على مراد الله بقدر الطاقة البشرية.

4- مراحل تدوين علم التفسير:
يمكن أن نجمل تلك المراحل في أربع مراحل:
بدأ ظهور تدوين التفسير في أواخر عهد بني أمية وأول العباسيين.

المرحلة الأولى:
هي تدوين التفسير على أنه باب من أبوب الحديث، حيث لم يفرد للتفسير، تأليف خاص.
ومن أشهر المؤلفين في هذه المرحلة:
1-الامام يزيد بن هارون السلمي (ت 117ه)
2-شعبة بن الحجاج (ت160ه)
3-وكيع بن الجراح (ت 197ه)

المرحلة الثانية:
هي مرحلة الاستقلال، حيث انفصل التفسير عن الحديث في التأليف فأصبح علماً قائماً بنفسه.
ومن أشهر المؤلفين في هذه المرحلة:
1-الامام ابن ماجه (ت 273ه)
2-الامام ابن جرير الطبري (ت310ه)
3-الامام عبدالرحمن ابن ابي حاتم (ت 327ه)



المرحلة الثالثة:
لم تتجاوز المرحلة الثانية في كونها من التفسير بالمأثور ، إلا أنها اختصرت الأسانيد، واكثرت من النقول دون نسبة الى اصحاب، مثل:
ومن أشهر المؤلفين في هذه المرحلة:
1-تفسير الخازن المسمى (لباب التأويل في معاني التنزيل)
2-تفسير ابي الليث السمرقندي المسمى (بحر العلوم)

5- مناهج المفسرين:

تعريف المنهج في اللغة:
الطريق الواضح، ومثله النهج والمنهاج، قال تعالى: ( لكل جعلنا منكم شرعةً ومنهاجاً ). أي: طريقاً واضحاَ.

منهاج المفسرين جمع منهج المفسر:
وهو الخطة المحددة التي وضعها المفسر عند تفسيره للقرآن الكريم، والتي انعكست على تفسيره، وصارت واضحةً فيه.

6- اتجاهات المفسرين:
تعدد اتجاهات المفسرين في تفسير القرآن الكريم، حيث تأثر كثير منهم بالعلوم التي تخصص فيها.
1-الاتجاه الأثري:
أن يغلب على التفسير إيرادُ الأقوال المأثورة المأثورة من أحدايث وآثار، كتفسير القرآن القرآن العظيم للإمام عبدالرحمن بن أبي حاتم الرازي (ت327ه)

2-الاتجاه الجامع بين الأثر والرأي:
كتفسير معالم التنزيل للإمام الحسين بن مسعود البغوي (ت516ه)

3-الاتجاه اللغوي:
كتفسير الامام السمين الحلبي (ت756ه)

4-الاتجاه الفقهي:
كتفسير الامام أبي عبدالله القرطبي (ت671ه)

5-الاتجاه العقلي:
أن يغلب على التفسير المباحث العقلية، والمسائل الكلامية، كتفسير الفخر الرازي (ت606ه)

6-الاتجاه المعتزلي:
كتفسير جار الله محمود بن عمر الزمخشري (ت538ه)

7-الاتجاه العلمي:
يمثله كتاب الجواهر في تفسير القرآن لطنطاوي جوهري (ت1358ه)

8-الاتجاه الحركي الدعوي:
وهو أن يغلب على التفسير الاتجاه الدعوي الذي يسلكه المفسر، بحيث يتأثر بالحركة التي ينتمي اليها، ويمثل هذا النوع من التفسير كتاب:

9-الاتجاه الإشاري:
هو تأويل آيات القرآن الكريم على خلاف ما يظهر منها، بناءاً على اشارات خفية تظهر لأرباب السلوك.
والتفسير الإشاري منه ما هو مقبول ومنه ما هو مردود، فلا يقبل إلا بشروط:-
1-أن لايكون التفسير الإشاري منافياً للظاهر من النظم القرآني.
2-أن يكون له شاهد شرعي يؤيده.
3-أن لايكون له معارض شرعي أو عقلي.
وإذا كان التفسير الإشاري مطبوع بطابع التصوف نطلق عليه التفسير الإشاري الصوفي: كتفسير حقائق التفسير لأبي عبدالرحمن السلمي محمد بن الحسين (ت412ه)

10-الاتجاه الرافضي:
كتفسير الصافي الكاساني (ت1091ه) وتفسير محمد بن مسعود العياشي (ت320ه) .



تاريخ علم العقيدة

1- تعريف العقيدة :
العقيدة لغةً : من العقد ، وهو نقيض الحلِّ ، وعقْد الحبل : شد بعضِه ببعض ، ومادة "عقد" في اللغة مدارها على اللزوم والتأكد والاستيثاق ، قال تعالى : (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان) ، وتعقيد الأيمان إنما يكون بقصد القلب وعزمه ، بخلاف لغو اليمين التي تجري على اللسان بدون قصد .
والعقيدة في الإسلام تقابل الشريعة ، فالإسلام عقيدة وشريعة ، وإذا كانت الشريعة تعني التكاليف العملية التي جاء بها الإسلام في العبادات والمعاملات ، فإن العقيدة تعني في الإسلام : المسائل العلمية التي صح بها الخبر عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والتي يجب أن ينعقد عليها قلب المسلم تصديقاً لله ورسوله .
وأصول العقيدة الإسلامية جاءت في القرآن والسنة ، فنجد في القرآن قوله تعالى : ژ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ?? ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥژ .
ونجد في السنة حديث جبريل : ((فأخبرني عن الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره)) .
فائدة : علم العقيدة كمصطلح لم يرد في القرآن والسنة ، إلا أنه معروف ومقرر لدى العلماء قاطبة : فنجد مثلاً كتاب الإمام الصابوني (449هـ) بعنوان "عقيدة السلف أصحاب الحديث" ، وكتاب الإمام أبي القاسم اللالكائي (ت 418هـ) بعنوان "شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة" .
وعلم العقيدة له أسماء أخرى : حيث يسمى بالفقه الأكبر ، ككتاب الفقه الأكبر المنسوب للإمام أبي حنيفة ، ويسمى أيضاً بأصول الدين ككتاب الإمام أبي الحسن الأشعري (ت 324هـ) بعنوان "الإبانة عن أصول الديانة" .
2- أهمية دراسة العقيدة :
العقيدة الإسلامية ضرورية للإنسان ضرورة الماء والحياة ، فهو بدونها ضائع وتائه لا يعرف ربه وخالقه ، ولا واجبه تجاه ربه ، ولا يعرف لم خلق في هذا الكون ... الخ .
فالعقيدة الإسلامية هي الحل الوحيد للإجابة على هذه التساؤلات التي لا تزال تشغل فكر الإنسان وتحيِّره .
وإلا يكون الإنسان ضائعاً تائهاً كما حصل للشاعر النصراني إلياء أبو ماضي حين يقول :
جئت ، لا أعلم من أين ، ولكني أتيت .
ولقد أبصرت قدامي طريقاً فمشيت .
وسأبقى سائراً ، إن شئتُ هذا أم أبيت .
كيف جئت ؟ كيف أبصرت طريقي ؟
ثم يقول :
أوراء القبر بعد الموت بعث ونشور ؟
فحياة ، فخلود ، أم فناء فدثور ؟
أكلام الناس صدق أم كلام الناس زور ؟
أصحيح أن بعض الناس يدري ؟
3- تدوين علم العقيدة : التدوين في العقيدة ظهر في القرن الثاني الهجري ، ويمكن تقسيم المراحل التي مر بها التدوين في علم العقيدة إلى مرحلتين :
أ- تدوين العقيدة باعتبارها باباً من أبواب كتب السنة : كأبواب الإيمان والتوحيد في كتب السنة .
ب- مرحلة الاستقلال ، حيث استقل علم العقيدة في التدوين ، وخاصة بعد ظهور الفرق المخالفة لعقيدة أهل السنة والجماعة .

نماذج من الكتب المصنفة في عقيدة أهل السنة والجماعة :
1- كتاب الإيمان ، لأبي عبيد القاسم بن سلام (ت 224هـ) .
2- كتاب الرد على الزنادقة والجهمية ، للإمام أحمد (241هـ) .
3- الشريعة ، للإمام الآجري (ت 360هـ) .
4- شرح أصول اعتقاد أهل السنة ، للالكائي (418هـ) .
5- عقيدة السلف وأصحاب الحديث ، للصابوني (449هـ) .
6- الحجة في بيان المحجة ، لأبي القاسم الأصبهاني (535هـ) .
7- لمعة الاعتقاد ، لابن قدامة (ت 620هـ) .
8- العقيدة الواسطية (ت 728هـ) .
9- تجريد التوحيد المفيد ، للمقريزي (845) .

تاريخ الفقه الإسلامي

1- الفقه : لغةً : يقول الإمام ابن فارس في معجم مقاييس اللغة : (الفاء والقاف والهاء أصلٌ واحد صحيح، يدلُّ على إدراكِ الشَّيء والعِلْمِ به) . وقال صاحب مختار الصحاح : (الفقه : الفهم) . وجاء في تاج العروس : ( وفقُه ككرُم فقاهةً صار الفقه له سجية ، وفقِه مثل فرح فِقْهاً مثل عَلِمَ علماً زنة ومعنى) .
واصطلاحاً : العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية . وقولنا : (العملية) أخرج المسائل العلمية كمسائل العقيدة ، والمكتسبة معناه : المستنبطة بالنظر والاجتهاد(1) .
2- المراحل التي مرَّ بها الفقه الإسلامي : لقد مرَّ الفقه الإسلامي بمراحل وعصور قبل ظهور المذاهب الفقهية الأربعة([2]) :
أ- عصر النبوة : ويشمل هذا العصر العهد المكي ، والعهد المدني .
أما العهد المكي : فقد كانت التشريعات قليلةً في هذه المرحلة التي عاشتها الدعوة الإسلامية في مكة , فالملاحظ أن جهود الدعوة تركزت في المرحلة المكية على بيان أصول الدين والدعوة إليها .
والمتأمل في الأحكام التشريعية التفصيلية التي أنزلت في المرحلة المكية يلاحظ أنها تتعلق بالأصول العقائدية كتحريم ماذبح لغير الله ، كقوله تعالى في سورة الأنعام : (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) ، ومن المعلوم أن سورة الأنعام مكية باتفاق العلماء .
وأما العهد المدني : فتميَّز بتوضيح الأحكام الشرعية بالتفصيل الذي يتناسب مع احتياجات المسلمين في عباداتهم ومعاملاتهم كقوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ...) الآية .
([1]) انظر : المدخل إلى علم الفقه الإسلامي ، للدكتور سليمان أبا الخيل .
([2]) انظر : تاريخ الفقه الإسلامي ، للدكتور عمر الأشقر .
وكقوله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر : (إنما كان يكفيك هكذا فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما ثم مسح بهما وجهه وكفيه) .
و قد استـمرت هذه الفتـرة عشر سنين ، و انتهت بوفاة النبي صلى الله عليه و سلم .
ونختم هذا الدرس بالكلام على الفرق بين مصطلحين مرتبطين بالفقه : وهما (أصول الفقه) و(قواعد الفقه) .

______________________________ __________
فعلم أصول الفقه : هو القانون الذي يلتزمه الفقيه ليكون استنباطه للأحكام من الكتاب والسنة على طريقة صحيـحة . مثل قاعدة : الأمر يقتضي الوجوب .
وأما قواعد الفقه : فهي مجموعة من الأحكام المتشابهة التي ترجع إلى قياس واحد يجمعها ، أو إلى ضبط فقهي يجمعها ، مثل: إذا تعارض المانع والمقتضي يقدم المانع ، مثل لو أن رجلاً لو ضم ما لا يحل بيعه كالخنزير إلى ما يحل في صفقةواحدة يفسد البيع .