جمعني مجلس مع أحد الفقهاء من دكاترة آخر الزمان فذكرنا الغناء، فسألته عن الجديع وعن مذهبه في آلات الطرب، وهل هو متابع لابن حزم، أم بينهما خلاف. كل هذا لأني لم يتيسر لي الاطلاع على كتاب الشيخ المذكور، ولآ أعرف عنه إلا أنه عراقي.
الشاهد أننا ذكرنا أم كلثوم وعبدالحليم حافظ و عبدالوهاب، ولم أنس المقارنة بين محمد فوزي وسيد درويش وطيور الجنة التي سطت على تراثهما – وهي سرقة طبعا - وأخذت في مقارنة فنية بين الغناء القديم وغناء آخر الزمان الخليع الراقص، الذي يعتمد الصورة لا الصوت. ففوجئت بالشيخ يترحم عليهم! فتعجبت! وقبل أي شيء أعترف بأني أتقل المعنى لا اللفظ؛ لبعد العهد بهذا، وأقول هذا حتى لاأتهم بالتدليس، فضلا عن الكذب، خاصة أني – والحمد لله- لا أهم، ولم أختلط بعد.
والمهم أنه دار بيننا الحوار التالي
- دكتور: هل تجيز الترحم على الفنانين؟
- متنهدا - وقد اكتست وجهه نظرة أسى، وعلاه سيما الخشوع – الرحمة يا أخي تجوز لكل مسلم!
- فهل كانوا على الإسلام؟ أم هل يدرون أصلا ما الإسلام؟
- الله أعلم!
- عجبا لك! ما حكم تارك الصلاة عندك؟
- بصراحة: أنا ألباني المذهب فيها!
- طيب، فماذا عن مدمن الخمر، أتجيز الترحم عليه؟
- نعم وماذا في ذلك؟ إلا إذا كان يستحلها.-
كيف يعني؟
- إذا كان يقول الخمر حلال طيب فهو كافر لا شك.
- لكن إذا كان يشربها ويجاهر بها، ألا يدل هذا على استحلال؟
- لا يلزم ذلك.
- طيب الألباني الذي تصفه بالتساهل يكفر من حلق لحيته مستحلا، فكيف بالصلاة والخمر؟ والحويني يكفر المصر على المعصية ويلزم من هذا عدم الترحم، ونقطة أخرى: أحد زملائنا يتندر على العميد – وتعلم أنه سكير خمير - فيقول: العميد بهذلنا أمام الطلاب أمام الحرس حتى الفراشين! كلنا نشرب يا أخي بس بعقل. هذا الإنسان عندك مسلم؟
- لا شك! هل رأيته يصلي؟
- الحق أنه مواظب عليها، ولكنه مثلا لا يصلي الفجر إلا بين محاضرتي الثامنة والعاشرة. هذا للأمانة يعني.
- خلاص .. الصلاة هي الأصل.
- طيب وماذا عمن يسخر من الدين؟
- كيف يعني؟
- يعني ذلك الذي يقول: الذي يقول بالخلوة ضعيف و لايملك نفسه أمام الشهوات، وتلك التي قالت: مين الأهبل الي قال المرأة ناقصة عقل؟
- هؤلاء صحفيون لاقيمة لكلامهم.
- أنا أريد حكما شرعيا، فتوى منك.-
خلنا في الموضوع.
- أحسنت نعود الآن إلى الفن، أنا رأيي أن ثمة فرقا بين الإعجاب والحب، فأنا مثلا معجب جدا جدا بشعر نزار السياسي لا النسوي، ولكن الرجل كان يسخر من الدين وأهله كما تعلم، فهل إذا ذكرته أترحم عليه؟ وكذلك عندما أدرس علم الأصوات والعروض، ربما استعنت بالمقامات الموسيقية، وشيء من تطبيقات من الأغاني، خاصة عبدالوهاب فأنا معجب به فهو فعلا أستاذ دكتور، لكن لا أترحم عليه، فهذا موقف شرعي.
- بلاش فلسفة.
- يعني أترحم؟
- نعم وما المانع؟
- طيب وماذا عن ترحم على البابا في الجزيرة؟
- رأيه، نحترم علمه وفقهه وسنه وجهاده، لكن هذي مسألة لا نوافقه عليها.
- جميل، فما تقول في الدكتورة زميلتنا لما تحدتك أن تأتيها بدليل قاطع على تحريم الخمر، وقولها إنها مكروهة لا محرمة. هل هذه مسلمة عندك؟ فإذا ماتت ترحمت عليها؟
- الدكتورة الفاضلة أستاذة في مجالها، لكنها ليست فقيهة، فهي تعذر بجهلها؟
- وهل الخمر مما يسع الخلاف فيه، أليست من المعلوم من الدين بالضرورة؟
- صحيح لكن لاتنس أنها قضت نصف عمرها في روسيا، لقد كانت ملحدة، الحمد لله أنها وصلت إلى هذا المستوى، بفضل الحكمة والموعظة الحسنة، وليس بأسلوبك البدائي المنقرض.
- وهل رأيتني أرفع عليها العصا، تمد يدها فلا أصافحها، إحراج نعم لكن سبق أن نبهتها، وقلت لها، عفوا أنا لا أصافح النساء! تدري ما كان جوابها؟ أنا مش نساء أنا دكتورة. وعلى فكرة إذا سلمت أيضا لا أرد السلام عليها، خاصة إذا قالت صباح الخير، فهي عندي كافرة، ولا يجوز رد السلام على الكافر كما تعلم.
- ما علينا سمعت أنك ستقدم لمجلس تأديبي؟
- نعم صحيح، تدري لماذا؟
- نعم وبصراحة أنت الغلطان، لا يليق بك أن تتلفظ بهذي الألفاظ في الحرم الجامعي، وقاعة الدرس.-
ولا يهمك الموضوع بسيط، لكن أنت ماذا تقترح؟
- أقترح أن تعتذر، وإلا واجهت المشاكل ولا تنس أنها واصلة.
- يا شيخ أنا لم أخطئ.
- بل أخطأت قلت الكلبة البقرة. هذي ليست ألفاظا لائقة بمقامك عيب. ونسيت السافلة، هذي فيها قذف انتبه.
- يا شيخ امرأة تؤلف كتابا يكفيك عنوانه تشم فيه رسول الله، وتدافع عنها؟
- أنا أدافع عنك، لا عنها. أما هي طز فيها.
- طيب مشكور، نعود إلى الموضوع.
- ما رأيك في الدكتور فلان، فهو سني في كل شيء، إلا أنه يلعن معاوية، ويقول: إذا كان معاوية سيدخل الجنة، فلا نريدها.
- يضحك، هذا مجنون، وليس على المجنون حرج.
- طيب ولماذا تحرص على توطيد علاقتك بالمجانين؟
- ماذا تقصد؟-
يعني لو دخل الآن ستنتفض من كرسيك، وتهب لمصافحته ومعانقته ويا شيخنا، ويا أستاذنا، أليس هذا من النفاق؟
- هذي سياسة ودبلوماسية يا قفل، لا تنس أن الرجل واصل.
- طيب ليس من الضروري أن تعانقه اكتف بالمصافحة مثلي.
- أنت ليس عندك طموح، أما أنا فأحلم بالوزارة.
- طيب ما رأيك في كلامه؟
- ماعلينا منه، هو حر.
- أنا الآن أستفتيك، ما تقول فيمن يقول بقوله؟
- يا أخي الجنة والنار ليست إلينا.
- صحيح لكن معاوية صحابي أم لا؟
- نعم لكنه ليس من الأكابر.
- طيب من الأصاغر، هو في الجنة؟
- الله أعلم.- عجبا لك! صحابي تقول الله أعلم.
- ليس عندي مفتاح الجنة، وليست إليّ.
- طيب عبدالحليم حافظ هل يمكن أن يدخل الجنة؟
- إذا طبقت حديث الشفاعة نعم ممكن
- عبدالحليم ممكن، أما معاوية الله أعلم. همممممممم- طيب ماذا عن الخميني؟
- رحمة الله عليه.
-وبشار بن برد، وابن المقفع، والجعد بن درهم، الجهم بن صفوان؟
- كل مسلم تجوز عليه الرحمة؟- طيب لو فرضنا أن الحاجة فيفي عبده ماتت، فهل تترحم عليها؟
- الأصل فيها الإسلام، ولم يقم عندي دليل على كفرها، ولا تنس أنها تحج وتعتمر وتبني المساجد، وأعمال الخير.
- طيب وما رأيك فيمن يترحم على مايكل جاكسون؟ طبعا لابأس به عندك. بصراحة يا شيخ، أقول لك ما قال العثيمين: من اتهم الألباني بالإرجاء فإما لا يعرف الألباني، وإما لا يعرف الإرجاء. شكلك مشغول ممكن آخر سؤال؟
-دوختني دماغي صدعت يا أخي ارحمني ، أنا مشغول عندي محاضرة، أستأذنك، مع السلامة.