تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: في يوم مولده : حقيقة الوقوف المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم

  1. #1

    Lightbulb في يوم مولده : حقيقة الوقوف المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أما آن الأوان أن ننفي عن نبينا – صلى الله عليه وسلم – ما نسب إليه من أنه كان يقف على مواضع معينة في القرآن الكريم – من غير رءوس الآي - ، لا يتجاوزها ، ثم يبتدئ بما بعدها ، أو أن جبريل كان يقف عليها ، والرسول يتبعه ، وكذا ما نسب إليه – وصححه بعضهم - من أنه قال : ((من ضمن أن يقف في عشرة مواضع في القرآن ، ضمنت له الجنة )) ، وهي الوقوف المعروفة بـ ( وقوف الغفران ) ، وكذا تلك الوقوف المسماة بالوقوف ( المنزلة ، أو المفروضة ) ، قالوا : إن جبريل – عليه السلام – لما نزل بهذه الآيات من الله تعالى على النبي – صلى الله عليه وسلم – توقف فيها قبل انقطاع الوحي.
    أليس من المؤسف أن نجد هذه العبارات تتردد في كتب علمائنا ؛ من نحو : إن الوقوف على هذه المواضع من السنة ، وأن العلم بها من العلم اللدني ، وأنها منقولة إلينا بالتواتر ، أو التلقي والمشافهة ، وأنه لا يشترط صحة الأحاديث الواردة فيها ، وأن يقوم مجمع الملك فهد بطباعة بعض المصاحف بها ، وأن يردد كثير من علمائنا هذه العبارات في كتبهم ، ومدارسهم ، ومعاهدهم ، وجامعاتهم ، على الرغم من ادعائنا محاربة البدع والأهواء ؟
    وهنا نتساءل أين كان أرباب الوقوف الذين وصلت إلينا كتبهم : ابن سعدان ، والأنباري ، وابن أوس ، والنحاس ، والخزاعي ، والداني ، والعماني ، والغزال ، وتلميذ أبي الفضل الرازي ، وأبو العلاء الهمذاني ... ، وجلهم من المحدثين من هذه الوقوف ، وهم الحريصون على ذكر كل وقف مأثور ، حتى ولو كان في طرقه ضعف ؛ كذكرهم الوقوف المروية عن ابن عباس وغيره من الصحابة ، والوقوف المروية عن التابعين ؛ الضحاك ، وابن جبير ، ومجاهد ، والشعبي ، وأبي عبد الرحمن السلمي ، والمكيين ، وعاصم ، وشيبة بن نصاح ، وحمزة ، ونافع ، وحتى الوقوف المروية عن تابعي التابعين ، وعد الوقف على رءوس الآي من السنة ، حتى قال جمهورهم : إن الوقف على رءوس الآي : تام ، أو كاف ، أو حسن ، إلا الشيء بعد الشيء ؟
    هل ظلت هذه الوقوف مختفية طيلة هذه القرون حتى عثر عليها علماء القرن العاشر وما بعده من المتصوفة والشيعة ، وسار في ركبهم ثلة من أهل السنة والجماعة ، وذكروا في ذلك أحاديث عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، قال بعضهم : إن رجالها ثقات ؟
    أما آن الأوان أن نبين حقيقة تلك الوقوف : وقوف النبي – صلى الله عليه والسلام - ، ووقوف جبريل – عليه السلام - ، ووقوف الغفران ، والوقوف المنزلة أو المفروضة ؟
    أقول : والله لقد آن ، ورحم الله المغفور له فضيلة الشيخ محمود خليل الحصري يوم قال : (( مع التنقيب البالغ ، والبحث الفاحص ، في شتى الأسفار ، ومختلف المراجع ، من أمهات الكتب ؛ في علوم القرآن ، والتفسير ، والسنة ، والشمائل ، والآثار ، لم أعثر على أثر صحيح ، أو ضعيف يدل على أن الوقف على جميع هذه المواضع ، أو بعضها من السنة العملية ، أو القولية.
    ولعلنا بعد هذا نظفر بما يبدد القلق ، ويريح الضمير )).

    بفضل الله ورحمته توصل العبد الفقير إلى ما بدد القلق ، وأراح الضمير ، فلقد انتهيت في أطروحتي إلى حقيقة تلك الوقوف ، وأن من تولى كبرها جلهم من علماء الشيعة والمتصوفة ، وذلك بعد أن تتبعت جميع النصوص الواردة فيها ، ثم عرضت هذه المواضع على كتب أرباب الوقوف.

    أما الوقوف المنسوبة إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – فقد نسب البعض جمعها – خطأ - إلى محمد بن عيسى الأصفهاني ( ت 253 هـ ) ، صاحب المصنفات في القراءات ورسم المصحف ، والبعض نسبها إلى ابنه عبد الله ( ت 306 هـ ) ، والبعض الآخر إلى محمد بن عيسى البريلي ( ت 400 هـ ) ، وليس هناك أي دليل يؤكد صحة هذه النسبة ، وقد فندت هذه المزاعم.
    وأقدم من نسب وقفاً للنبي – صلى الله عليه وسلم - ، فيما وقف عليه البحث ، هو مكي بن أبي طالب ( ت 437 هـ ) في تفسيره " الهداية " ، وفي موضع واحد ، وبصيغة التضعيف ( روي ) ، وتبعه أبو حيان في " البحر " ، والسمين في " الدر " ، وابن عادل في " اللباب " ، ثم جاء جامع العلوم الباقولي ( ت 543 هـ ) فنسب ثلاثة منها في كتابه " الوقف والابتداء " إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ، وبصيغة التضعيف أيضاً ( مروي ) ، ثم جاء السمين الحلبي فنسب وقفاً إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وأيضاً بصيغة التضعيف ( روي ) ، وتبعه ابن عادل ، وسليمان الجمل ، ومحمد الأمين الهرري ، ثم يأتي الصوفي المالكي أبو عبد الله محمد بن عيسى المغربي ( ق 10 هـ ) ليجمعها في رسالة صغيرة ، أوردها حاجي خليفة ( ت 1067 هـ ) في كشفه ، ثم يأتي ابن الديبع الشيباني ( ت 1074 هـ ) ليملي على تلميذه أبي سالم العياشي ( ت 1090 هـ ) عشرة أبيات من حفظه في هذه الوقوف ، ينقلها لنا في رحلته ، وهي أيضاً – كما قال العياشي – (( لم ينسبها )) !
    ويأتي معاصرهما أحمد بن عبد الكريم الأشموني الصوفي المقرئ ( ق 11 هـ ) لينقل عن السخاوي ؟! بعض هذه الوقوف ، وأي سخاوي يريد ؟ هل هو العلم المقرئ ، أم الشمس المحدث ، أم غيرهما ؟
    وليقول بالحرف : (( فكان - e - يتعمَّدُ الوقفَ على تلك الوقوف، وغالبُها ليس رأسَ آية ، وما ذلك إلا لعلم لدُنيٍّ , عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ ، وجَهلهُ مَنْ جَهلِهُ.
    فاتباعُهُ سُنة في جميع أقواله وأفعاله )).
    ويتبعه على ذلك مختصر كتابه ، ومختصر المختصر ، وكثير من علمائنا.

    ثم يأتي دور الشيعة ، فينسبون كثيراً من هذه الوقوف إلى رسول الله – صلى الله عليه وسلم - ؛ أذكر منهم : مصطفى التبريزي ( ت بعد 1088 هـ ) ، ومحمد الكاظمي ( ت بعد 1106 هـ )

    ثم يأتي شيخ الجامع الأزهر شمس الدين البقري الصوفي ( ت 1111 ) ليقول بالحرف الواحد (( ذكرَ بعضُ العلماء عن مشايخه حديثاً أسنده عن رجال ثقاتٍ إلى النبي - e - أنه كان يقفُ على ستة عشرَ موضعاً ، ويحبُ ( أو يجب ) الوقف عليها ، والابتداء بما بعدها.... )). ويتبعه الشيخ عطية الأجهوري ( ت 1190 هـ ).
    فمن هو هذا البعض ، ومن هم مشايخه ، ومن هم هؤلاء الرجال الثقات ، ومن الذي وثقهم ؟

    ثم يأتي تلميذه علي بن سليمان المنصوري ( ت 1138 هـ ) فينظمها في أبيات ، لم أقف إلا على البيت الأول منها ، وعند الشيخ العقرباوي في مرشده ، ولم يذكر مرجعه ، وهو :
    إليكَ وقوفَ المُصْطفى أفضَلِ الوَرَى ** وَعِدَّتُهَا : عَشْرٌ وَسَبْعٌ لدَى المَلا.
    وأرجو من أخواني أن يخبروني إن كانوا قد وقفوا على هذا البيت ، أو على غيره للمنصوري في هذه الوقوف في أي مرجع.

    ويسير في الطريق الشائك كثيرون ؛ منهم : شيخ الجامع الأزهر السمنودي المنير ( ت 1199 ) ، وأبو مصلح الغمريني ( ت بعد 1196 هـ ) الصوفيان ، ومن القرن الثالث عشر : إبراهيم السكندري ، ومحمد الصادق الهندي ، ومن القرن الرابع عشر : وهبة بن سرور المحلي ، وهادي السقاف ، والشيخ أحمد ياسين الخياري ، وكذا الشيخ محمد الطاهر بن عاشور ، الذي نسب وقفاً واحداً في " تحريره " إلى النبي – صلى الله عليه وسلم - ، وبصيغة التضعيف أيضاً ( روي ).

    ثم يأتي دور المجهولين ، الذين جمع بعضهم هذه الوقوف في رسائل ، لا تتعدى الصفحة الواحدة ، أو جزءاً منها في بعض المجاميع.
    وكذا بعض النساخ ، الذين درج بعضهم على وضعها في أواخر بعض الكتب التي ينسخونها في القراءات ، أو التجويد ، أو الوقف ، أو حتى غيرها ، وهي لا تتجاوز القرن الحادي عشر ، وبعضهم درج على وضعها في هوامش وحواش بعض كتب الوقف ، وخاصة كتاب السجاوندي ، والكتب التي سارت على دربه.

    ويأتي دور علمائنا المعاصرين ؛ الأحياء منهم والأموات ، أذكر منهم : المغفور لهم الشيوخ/ محمود خليل الحصري ، وعبد الفتاح المرصفي ، وإبراهيم السمنودي ، وحسني شيخ عثمان ، والدكاترة/ عبد الله عليوة البرقيني ، وخالد البوريني ، وخديجة مفتي ، ومحمد المختار المهدي ، والشيخان جمال القرش ، وأحمد الطويل ، وجل من صنف كتاباً في التجويد ، أو الوقف ، أو حتى علوم القرآن.

    وأما الوقوف المنسوبة إلى جبريل – عليه السلام – فإن أول من نسبها إليه هو الأشموني الصوفي المقرئ ، نقلاً عن السخاوي ، وتبعه مختصر كتابه ، ومختصر المختصر ، وهادي السقاف ، والشيوخ/ الحصري ، والمرصفي ، وشيخ عثمان ، وإبراهيم السمنودي ... وغيرهم كثيرون.
    ثم بعض الرسائل التي لم يعرف جامعوها ، والتي لم يتجاوز تاريخ نسخها القرن الثاني عشر الهجري.

    أما وقف الغفران فقد ذكروا فيه حديثاً مروياً عن النبي – صلى الله عليه وسلم - ، صححه بعضهم ، وهو : (( من ضمن أن يقف في عشرة مواضع في القرآن ، ضمنت له الجنة )) ، وقالوا : إن من وقف على هذه المواضع العشرة فقد وعد الله تعالى أن يغفر له ذنوبه.
    وأول من نص عليه هو حافظ كلان البخاري ( ق 10 هـ ) ، ومحمد نبي السجستاني ( ق 10 هـ ) في رسالتين لهما في التجويد باللغة الفارسية ، وهما من علماء الشيعة ، ثم كل بن محمد الزاهدي الحنفي ، من وراء نهر جيحون ( ق 11 هـ ) في رسالته في تجويد الفاتحة ، وحكيم زاده البغدادي ( ت بعد 1066 هـ ) ، المتهم بالتشيع ، وقد نظمها في سبعة أبيات.
    وتبعهم الشيعيان مصطفى التبريزي ، وتلميذ حكيم زاده محمد الكاظمي ، ثم كثير من علمائنا المعاصرين ؛ الأحياء منهم والأموات.

    وأما الوقوف المنزلة فإن أول من ذكرها – فيما وقف عليه البحث – هو كل بن محمد الزاهدي ( ق 11 هـ ) ، نقلها عن بعضهم ، ولم يعينهم ، ثم رسائل لمجاهيل يرقى بعضها إلى القرن الحادي عشر الهجري ، ونسب إلى جعفر بن صادق النقشبندي ( ت 1170 هـ ) رسالة في الوقوف المفروضة.

    وأخيراً .. أتوجه بهذه الأسئلة إلى أساتذتي وإخواني ، وأرجو أن أجد هذه المرة جواباً :
    1- هذا البيت ذكره الشيخ زيدان العقرباوي في المرشد في علم التجويد صـ 193 ، نقلاً عن المنصوري ، ولم يذكر مرجعه ، وهو :
    إليكَ وقوفَ المُصْطفى أفضَلِ الوَرَى ** وَعِدَّتُهَا : عَشْرٌ وَسَبْعٌ لدَى المَلا.
    فليخبرني من وقف عليه وحده ، أو على المنظومة كلها ، أو كانت له علاقة بالشيخ زيدان العقرباوي فليسأله عن مرجعه.
    2- وقفت على هذه الأبيات في ملتقى أهل الحديث ، ولم أعرف قائلها ، ولا المرجع الذي ذكرت فيه :
    (( وقد نظمها بعضهم ، فقال :
    ضمنت الجنة لا مراء ** لمن يقف عشراً من القراء
    أن أنذر الناس الذين يسمعون ** وأولياؤه فاسقاً لا يستوون
    آثارهم مرقدنا على العباد ** أن اعبدوني مثلهم تم المراد )).
    3- هذه الرسالة " فائدة في أوقاف النبي – e – في القرآن " ، نسبت لمحمد بن عيسى المغربي ، يوجد منها نسخة خطية محفوظة في المكتبة القادرية ، في ( بغداد ) ، تحت رقم : ( 107 ) ، ضمن مجموع ، في ورقة واحدة ، وهي الرسالة رقم : ( 14 ) في هذا المجموع ، نسخت في سنة ( 1249 هـ ).
    فمن يتحفني بتصويرها ؟
    4- هل وقف أحد على غير من ذكرت نص على هذه الوقوف ، من غير المعاصرين ؟
    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أبو يوسف السنهوري الكفراوي ، محمد توفيق حديد
    مدرس مساعد في جامعة الأزهر.
    mthadeed@yahoo.com
    تجدون المشاركة كاملة على منتدى شبكة القراءات القرآنية – منتدى الكتب والمخطوطات.
    وعلى ملتقى أهل التفسير – ملتقى القراءات والتجويد ورسم المصحف وضبطه.

  2. #2

    افتراضي رد: في يوم مولده : حقيقة الوقوف المنسوبة إليه صلى الله عليه وسلم

    جزاكم الله خيرا على بحثكم القيم
    ولا تحرمنا من جديدكم
    تَصْفُو الحَياةُ لجَاهِلٍ أوْ غافِلٍ ... عَمّا مَضَى فيها وَمَا يُتَوَقّعُ

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •