تابعونا على المجلس العلمي على Facebook المجلس العلمي على Twitter
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد


النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: نظرات في آية الكرسي - النظرة الأولى

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    12

    Post نظرات في آية الكرسي - النظرة الأولى

    نظرات في آية الكرسي- النظرة الأولى

    ﮩﮪﮯﮰﯘﯙﯠﯡﯧﯨﯰﯱﯵﯶﯹﯺ[البقرة: ٢٥٥].
    هذه آية عظيمة، هي أعظم آية في كتاب الله.(سأل النبي ^ أبي بن كعب ط: أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: يا رسول الله، آية الكرسي ﴿ª!$#Iwtm»s9Î)žwÎ)uqèdysø9$#. فضرب النبي ^ على صدره، وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر»([1]). وإنما ضرب على صدره لأن الصدر محل القلب، والقلب محل الوعي.
    وهذه الآية لها خصائص، منها:

    1ـ أنها أعظم آية في كتاب الله.
    2ـ أن فيها اسم الله الأعظم «الحي القيوم» ([2]).
    3ـ أنها اشتملت على جمل عظيمة، كل جملة تحمل أسفارًا.
    4ـ أن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. جاء ذلك في حديث أبي هريرة ط فإن النبي ^ استحفظه على زكاة الفطر، فجاء شخص بصورة إنسان فقير، فأخذ من الطعام، فأمسكه أبو هريرة ط، وقال: لأرفعنك إلى رسول الله ^، فادعى هذا الشخص أنه فقير وذو عائلة، فرقَّ له أبو هريرة، وتركَه. فلما أصبح أبو هريرة ط ذهب إلى النبي ^ فقال له ـ أي النبي ^:«ما فعلَ أسيرك البارحة؟» لأن أبا هريرة ط أمسكه ـ أي: أسره ـ. قال: يا رسول الله، ادَّعى أنه فقيرٌ وذو عيال فأطلقتُه. قال: «إنه كذبَك وسيعود». يقول أبو هريرة ط: فعلمت أنه سيعود؛ لأن النبي ^ قال: سيعود، فعاد في الليلة الثانية، وصارت الليلة الثانية كالأولى، ولم يأت به أبو هريرة إلى النبي ^، لأن النبي ^ لما أخبره أنه سيعود لم يقل له: إن عاد فأتِ به. فعلم أبو هريرة أن الأمر واسعٌ، فأطلقه الليلة الثانية.
    وفي الليلة الثالثة ـ والعادة أن الثلاث يثبت بها الأمر ـ أمسكه أبو هريرة ط وقال: لا بد أن أرفعك إلى النبي ^. فقال له الشيطان: ألا أدلك على آية تقرؤها فلا يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح؟ قال: بلى. قال: آية الكرسي ﴿ª!$#Iwtm»s9Î)žwÎ)uqèdysø9$#ãPqs)ø9$#4 فلما أصبح أبو هريرة ط أتى النبي ^ فأخبره أبو هريرة ط بما جرى، فقال له النبي ^: «أما إنه صدقك وهو كذوب»([3])؛ أي: أخبرك بالصدق، وليس من عادته الصدق، لكن الله ـ تعالى ـ أنطقه به وهو كذوب.
    ففي هذا دليلٌ على أن الإنسان إذا قرأ هذه الآية لم يزل عليه من الله حافظٌ، ولا يقربُه شيطان، وليت الناس انتبهوا لهذا واستمروا في قراءتها حتى يكون عليهم من الله حافظ، ولا يقربهم الشيطان حتى يصبحوا.
    [يقول شيخ الإسلام ابن تيمية /: «فقد جرَّب المجربون الذين لا يُحْصَون كثرة أن لها من التأثير في دفع الشياطين وإبطال أحوالهم مالا ينضبط من كثرته وقوته فإنّ لها تأثيراً عظيماً في دفع الشيطان عن نفس الإنسان وعن المصروع وعن من تعينه الشياطين...و إذا قرئت عليهم بصدق دفعت الشياطين وبطلت الأمور التي يخيلها الشيطان ويبطل ما عند إخوان الشياطين من مكاشفة شيطانية وتصرف شيطاني» ([4]).
    وقال ابن كثير /: «وكذلك قراءة آية الكرسي فإنها مطردة للشيطان» ([5]).
    وقال ابن قيم الجوزية / عن شيخه ابن تيمية /: «وكان يعالج بآية الكرسي وكان يأمر بكثرة قراءتها المصروع ومن يعالجه بها » ([6]).]

    ([1]) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، رقم (810).

    ([2]) ثبت عن النبي ﷺ أنه جعل «الحي القيوم» هو اسم الله الأعظم، وكذلك «الرحمن الرحيم»، فقد روى ابن ماجة والطبراني وحسنه الشيخ الألباني ، من حديث القاسم بن عبد الرحمن عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَن النَّبِي ﷺ قال : «اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ في سُوَرٍ ثَلاثٍ ، البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه»، قال القاسم: فالتمستها إنه «الحي القيوم»، (اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (البقرة:255)، و(اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ) (آل عمران:2)، و(وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلحَيِّ القَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلماً) (طه:111).
    ومن حديث أنس بن مالك ط قال : كنا مع النبي ﷺ في حلقة ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد وتشهد ودعا فقال في دعائه : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى» [رواه الحاكم برقم (1856) وقال : صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي ].

    ([3]) أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، رقم (5010).

    ([4]) المجموع ( 19 / 55 ).

    ([5]) تفسير القرآن العظيم ( 1 / 149 ).

    ([6]) زاد المعاد ( 4 / 69 ).

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    12

    افتراضي رد: نظرات في آية الكرسي - النظرة الثانية

    تفسير كلماتها:

    يقول الله : ﴿ª!$#Iwtm»s9Î)žwÎ)uqèd أي: لا معبود حق إلا هو، فكل ما عبد من دون الله فهو باطل، لقوله ـ تعالى ـ: ﴿y7Ï9¨sŒ¨br'Î/©!$#uqèd,ysø9$#žcr&ur$tBšcqããôtƒ`ÏB¾ÏmÏRrߊuqèdã@ÏÜ»t6ø9$#[الحج: 62]؛ فمن عبد حجرًا أو شجرًا أو شمسًا أو قمرًا أو نبيًّا أو غيره، فقد عبده بغير حق.
    ﴿ysø9$#ãPqs)ø9$#4 الحي: لم يقل: الله لا إله إلا هو حي قيوم. قال: الحي، و«ال» تفيد الكمال والعموم، أي: الكامل الحياة. فهو ـ جل وعلا ـ حي لا يموت، كما قال ـ تعالى ـ: ﴿ö@ž2uqs?urn?tãÇcyÛø9$#Ï%©!$#ŸwßNqßJtƒ[الفرقان: 58] وهو ـ أزلي، أي: لم يزل حيًّا. حياته أيضًا كاملة من حيث الصفات، فهو كامل في سمعه، في بصره، في علمه، في قدرته، في كل شيء من صفاته. إذن فحياته كاملة من جهة الابتداء والانتهاء والصفات. في الابتداء: لا ابتداء له. في الانتهاء: لا نهاية له. في الصفات: كل صفاته كمال.
    ﴿ãPqs)ø9$#4: مِن قام، أي: القائم بنفسه، القائم على غيره. فهو قائم بنفسه لا يحتاج إلى أحد أبدًا؛ لا يحتاج إلى أحد في طعام ولا شراب ولا غير ذلك، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿ô`yJsùr&uqèdíOͬ!$s%4n?tãÈe@ä.¤§øÿtR$yJÎ/ôMt6|¡x.3[الرعد: 33] يعني: كمن لا يستطيع ذلك؟ مَن القائمُ على كل نفس بما كسبت؟ هو الله ، فهو قائم على غيره، كما أنه قائم بنفسه، فلا يحتاج إلى أحد، وكل أحد محتاج إليه.
    [لم يكتف الشّرع بتنبيه العباد وإرشادهم لما هو مركوز في فطرهم ، وما تعرفه عقولهم من الإيمان المجمل بوجود الله وتوحيده ، وإنّما عرّفهم بربّهم ومعبودهم معرفة مفصّلة ؛ إذ من المحال أن تستقلّ العقول بمعرفة فاطرها ومعبودها على التّفصيل؛ فعرفهم بأسماء الربّ وصفاته وأنواع كمالاته الَّتي يجمعها ما تفرّد به من المثل الأعلى في السموات والأرض].
    [انظر إلى اهتمام الناس بعلم من العلوم كالتي تتعلق بالفضاء والنجوم ، ودراسة النبات والإنسان ، والأرض والحيوان ، وغير ذلك مما هو معلوم ، تجد اهتماما بالغا من مختلف الباحثين ، وجهودا تستغرق الأيام والسنين ، دون كلل منهم ولا تعب ، ولا يشعرون بملل ولا نصب ، كل ذلك في جهد يتعلق بنوع واحد من أنواع الخلق ، بمخلوق من مخلوقات الحق ؟ ألا يستحق مالك الملك ، الذي خلق السماوات والأرض بالحق ، أن يكون العلم بأسمائه وصفاته علي قائمة العقلاء المحققين ، وشغلهم بذكره ومعرفته زينة حياة الموحدين ؟]
    ﴿Ÿw¼çnäè{ù's?×puZÅŸwur×PöqtR4: لا تأخذه: أي: لا يمكن أن ينام، ولا أن ينعس، قال النبي ^:«إن الله لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام»([1]).
    ﴿¼çm©9$tBÎûÏN¨uq»yJ¡¡9$#$tBurÎûÇÚöF{$#3: له وحده، وإنما قلنا وحده لأن «له» خبر مقدم، و«ما» مبتدأ مؤخر. قال العلماء: وتقديم ما حقه التأخير من خبر أو مفعول أو متعلق يفيد الحصر. فعلى هذا يكون: له، أي: لا لغيره.
    ﴿¼çm©9$tBÎûÏN¨uq»yJ¡¡9$#$tBurÎûÇÚöF{$#3: ما في السموات من أعيان وأوصاف، ولهذا جاءت (ما) دون (من) للإفادة أن كل ما في السموات وما في الأرض من أوصاف أو أعيان فهو لله . والسموات أوســـع من الأرض بكثير، وقــد أخبر النبي ^ أنه ما من موضع أربع أصابع من السماء إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد([2]).
    ﴿`tB#sŒÏ%©!$#ßìxÿô±oÿ¼çnyYÏãžwÎ)¾ÏmÏRøŒÎ*Î/4 هذا استفهام بمعنى النفي. يعني: لا أحد يشفع عند الله ـ مهما كانت منزلته عند الله ـ إلا بإذن الله. حتى الوسطاء الذين يريدون الخير لغيرهم لا يمكن أن يحصل لهم ذلك إلا بإذن الله ، وذلك لكمال سلطانه وملكوته وعظمته، لا أحد يتكلم حتى فيما فيه خير للغير إلا بإذن الله .
    ﴿ãNn=÷ètƒ$tBšú÷üt/óOÎgƒÏ÷ƒr&$tBuröNßgxÿù=yz(«ما» موصول يفيد العموم، أي: كل ما بين أيديهم يعلمه الله ، والمراد به الحاضر والمستقبل، فالحاضر بين يديك، والمستقبل بين يديك.
    ﴿$tBur&ouml;N&szlig;gx&yuml;ù=yz(ما مضى، فبعلمه ما مضى لا ينسى، وبعلمه ما يستقبل لا يجهل، كما قال موسى ؛ حين سأله فرعون: ﴿tA$s%$yJsù&atilde;A$t/&Egrave;br&atilde;à)&oslash;9$#4n<rW{$#&Ccedil;&Icirc;&Ecirc;&Egrave;tA$s%$yg&szlig;Jù=&Iuml;&aelig;yZ&Iuml;&atilde;&Iuml;n1u&Icirc;û5=»tG&Iuml;.(žw@&Aring;&Ograve;tƒ&Iuml;n1uŸwur&Oacute;|¤Ytƒ[طه: 51، 52]. إذن ﴿&atilde;Nn=÷ètƒ$tBš&uacute;÷üt/&oacute;O&Icirc;gƒ&Iuml;÷ƒr&: الحاضر والمستقبل. ﴿$tBur&ouml;N&szlig;gx&yuml;ù=yz(: الماضي. وما شأن علم الإنسان إذا كان علمُ الله محيطًا بكل شيء؟
    يقول الله /: ﴿Ÿwurtbq&auml;&Uuml;Š&Aring;s&atilde;ƒ&&auml;&oacute;&Oacute;y´&Icirc;/ô`&Iuml;iB&yuml;¾&Iuml;m&Iuml;Jù=&Iuml;&atilde;žw&Icirc;)$yJ&Icirc;/u&auml;!$x©4 لا يحيطون: يعني الخلائق. ﴿&&auml;&oacute;&Oacute;y´&Icirc;/ أدنى شيء من علمه. ﴿žw&Icirc;)$yJ&Icirc;/u&auml;!$x©4؛ أي: إلا بالذي يشاؤه أ، فالله ـ تبارك وتعالى ـ هو الذي يعلم من شاء من عباده من أمور الغيب وأمور الشاهد.
    وقوله: ﴿žw&Icirc;)$yJ&Icirc;/u&auml;!$x©4؛ أي: إلا بما شاء أن يحيطوا به، فيعلمهم به.
    ﴿y&igrave;&Aring;urçm&Aring;&ouml;&auml;.&Iuml;N¨uq»yJ&iexcl;&iexcl;9$#u&Uacute;&ouml;F{$#ur( يعني: أحاط بها، بالسموات والأرض. والكرسي فسره ابن عباس ب بأنه موضع القدمين، أي: قدمي الرب ، فهو بالنسبة للعرش كالمقدمة. وسع كرسيه السموات والأرض، وإذا كان الكرسي وسع السموات والأرض، فالعرش من باب أولى، لأن العرش أعظم وأكبر من الكرسي.
    ﴿Ÿwur¼çn&szlig;Šq&auml;«tƒ$uK&szlig;g&Yacute;à&oslash;&yuml;&Iuml;m4 أي لا يثقله. ﴿$uK&szlig;g&Yacute;à&oslash;&yuml;&Iuml;m4 أي: حفظ السموات والأرض. وذلك لسعة علمه وكمال عظمته ـ جل وعلا ـ، فإن ما في السموات وما في الأرض لا يثقل الله ـ حفظه، بل ذلك سهل عليه، يسير عليه ـ.
    ﴿uqèdur&Igrave;?yè&oslash;9$#&THORN;OŠ&Iuml;àyè&oslash;9$# العلي: من العلو، يعني العالي فوق عباده، العالي المنزلة، فهو عالي المكان عالي المنزلة ـ جل وعلاـ.
    ﴿&THORN;OŠ&Iuml;àyè&oslash;9$# يعني: ذو العظمة والسلطان وكمال القدرة والحول وما إلى ذلك.

    ([1]) أخرجه مسلم، كتاب الإيمان، باب في قوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ: «إن الله لا ينام« رقم (179).

    ([2]) أخرجه الترمذي، كتاب الزهد، باب في قول النبي ^: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً» رقم (2312)، وابن ماجه، كتاب الزهد، باب الحزن والبكاء، رقم (4190)، وأحمد (21005).

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    12

    افتراضي رد: نظرات في آية الكرسي - النظرة الثالثة - الجزء الأول

    في هذه الآية الكريمة من الحكم والفوائد ما يلي:

    1ـ إثبات توحيد الله في ألوهيته، لقوله ﴿Iwtm»s9&Icirc;)žw&Icirc;)uqèd، وتوحيد الألوهية أخل به كثير من الناس اليوم، فتجد الرجل يقول: إنه مسلم، وتجده يصلي، ويصوم، ويحج ويعتمر، لكن لا يقبل منه، لأنه مشرك، ولهذا لا يغفر الله الشرك إلا بتوبة، ولا يقبل الله عملًا مع شرك إلا بتوبة من الشرك.
    2ـ إثبات هذين الاسمين العظيمين: «الحي القيوم»، قال أهل العلم ـ وأظنه قد ورد فيه حديث ـ إنهما اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى([1]).
    3ـ إثبات ما دل عليه هذان الاسمان، وهي الحياة والقيومية، وذلك لأن أسماء الله ـ كلها مشتملة على المعاني والأوصاف العظيمة الحميدة. وإثبات حياة الله ـ وقيوميته تتضمن أوصافًا كثيرة: كالعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والحكمة، والعزة، والقوة، وغير ذلك، لأن كل هذه من كمال الحياة، الله ـ قال: ﴿ys&oslash;9$#؛ أي: ذو الحياة الكاملة.
    4ـ أنه يجب على المرء أن يرجع إلى ربه في جميع أموره، لقوله ـ تعالى ـ: ﴿&atilde;Pqs)&oslash;9$#4 يعني: القائم بنفسه، القائم على غيره فإذا كان هو القائم عليك، فلا تلجأ إلا إليه في جلب المنافع ودفع المضار، ولا تتخذ ربا سواه، أفرد الله ـ تعالى ـ بالتوكل، أفرد الله ـ تعالى ـ بالإنابة، بالخشية، بكل ما يختص الله به.
    5ـ كمال حياة الله وكمال قيوميته؛ لقوله: ﴿Ÿw¼çn&auml;è{ù's?×puZ&Aring;Ÿwur×P&ouml;qtR4. ومن المعلوم أن انتفاء السنة والنوم دليل على كمال الحياة؛ لأن الذي يحتاج إلى النوم ويأخذه النوم ناقص الحياة. فنحن نحتاج إلى النوم لنستريح من عناء التعب السابق، ولنستجد القوة للتعب اللاحق، ولهذا كان أهل الجنة لا ينامون؛ لأنه لا يمسهم فيها نصب ولا لغوب.
    6ـ إثبات الصفات التي يسمونـها الصفات السلبية، يعني: المنفية؛ لقوله: ﴿Ÿw¼çn&auml;è{ù's?×puZ&Aring;Ÿwur×P&ouml;qtR4. ومعنى إثباتها: أن الله يوصف بالنفي كما يوصف بالإثبات. لكن يجب أن نعلم أن النفي الذي يتصف الله به، إنما ينفي عنه لكمال ضده. فمثلًا إذا قال الله ـ تعالى ـ: ﴿Ÿwur&THORN;O&Iuml;=&oslash;àtƒy7š/u#Ytnr&[الكهف: 49]. فالمعنى: أنه لا يظلم لكمال عدله، لا لأنه عاجز عن الظلم، لو شاء لظلم، لكن لكمال عدله لا يظلم، ولهذا جاء في الحديث القدسي: «يا عبادي، إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا» ([2]). كذلك حين يقول هنا: ﴿Ÿw¼çn&auml;è{ù's?×puZ&Aring;Ÿwur×P&ouml;qtR4، هل المراد نفي النوم عن الله والسنة التي هي النعاس؟ أو المراد لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم ؟ الثاني هو المتعين؛ يعني: أنه لكمال حياته وقيوميته لا تأخذه سنة ولا نوم ـ جل وعلا ـ.
    7ـ إثبات الشفاعة بإذن الله، لقوله ـ تعالى ـ: ﴿`tB#sŒ&Iuml;%©!$#&szlig;&igrave;x&yuml;ô±o&yuml;¼çnyY&Iuml;&atilde;žw&Icirc;)¾&Iuml;m&Iuml;R&oslash;Œ&Icirc;*&Icirc;/4.
    8ـ أنه لا أحد يشفع عند الله إلا بعد أن يأذن الله له، فيدل ذلك على كمال سلطانه ، وأنه لكمال سلطانه لا أحد يستطيع أن يتكلم ولو بما ينفع الغير إلا بإذن الله. الملوك مهما عظمت منزلتهم لهم أصحاب وأصدقاء يستطيعون أن يشفعوا لأحد دون أن يستأذنوا من السلطان. لكن الرب مهما كان الشافع في منزلته، ومهما كان المشفوع له في حاجته، لا أحد يستطيع أن يشفع عند الله إلا بإذنه ، لكمال سلطانه ـ تبارك وتعالى ـ.
    9ـ علم الله بكل ماض وحاضر ومستقبل، لقوله ـ تعالى ـ: ﴿&atilde;Nn=÷ètƒ$tBš&uacute;÷üt/&oacute;O&Icirc;gƒ&Iuml;÷ƒr&$tBur&ouml;N&szlig;gx&yuml;ù=yz(.
    ويترتب على هذه الفائدة أنك متى علمت أن الله عالم بما بين يديك وما خلفك، فإنك سوف تحذر من مخالفته ، لأنك مهما خالفت في سر أو إعلان أو ظهور أو خفاء، عندك أحد أو ليس عندك أحد، فإن الله ـ تعالى ـ عالم به، فاحذر أن يعلم الله منك ما يخالف ما يريد منك.
    10ـ أنه لا علم لنا إلا ما علمنا ، لقوله ـ تعالى ـ: ﴿Ÿwurtbq&auml;&Uuml;Š&Aring;s&atilde;ƒ&&auml;&oacute;&Oacute;y´&Icirc;/ô`&Iuml;iB&yuml;¾&Iuml;m&Iuml;Jù=&Iuml;&atilde;žw&Icirc;)$yJ&Icirc;/u&auml;!$x©4 فنحن لا نعلم عنه ولا عن صفاته إلا بما شاء، ونحن لا نعلم عن مخلوقاته إلا ما علمنا، فها هنا شيئان:
    الأول: ما يتعلق بذات الله وصفاته.
    والثاني: ما يتعلق بمخلوقاته.
    وكلاهما لا نعلمه إلا بما علمنا ؛ ولذلك يجب علينا الكف عن الكلام في ذات الله ـ تعالى ـ وصفاته إلا ما وصل إلينا علمه، ويجب علينا الكف عما يتعلق بمخلوقاته إلا بما وصل إلينا علمه.

    ([1]) أخرجه أحمد برقم (27064).

    ([2]) أخرجه مسلم، كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم، رقم (2577).

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Feb 2010
    المشاركات
    12

    افتراضي رد: نظرات في آية الكرسي - النظرة الأولى - الجزء الثاني

    11ـ عموم ملك الله ـ وأن له ما في السموات وما في الأرض من الأعيان وما ينتج عنها من أفعال وغير ذلك، ويترتب على هذه الفائدة: أنه لا حكم في السموات والأرض إلا لله ، لأنه هو المالك، والمالك يدبر ملكه على ما يشاء.
    12ـ أن الله وحده هو الذي له ملك السموات والأرض، أما غير الله ـ تبارك وتعالى ـ فلن يملك شيئًا من السموات والأرض إلا ما ملكه الله ، ومع ذلك فملكه ناقص من حيث الشمول، ناقص من حيث التصرف، فقول الله ـ تبارك وتعالى ـ: ﴿÷rr&$tBOçF&otilde;3n=tB&yuml;¼çmut&Iuml;B$x&yuml;¨B[النور: 61] أثبت للعباد ملك المفاتيح، وقوله ـ تعالى ـ: ﴿žw&Icirc;)#n?t&atilde;&ouml;N&Icirc;g&Aring;_¨ur&oslash;r&÷rr&$tBôMs3n=tB&ouml;N&aring;k&szlig;]»yJ÷ƒr&[المؤمنون: 6] أثبت للعباد ملك اليمين. لكن هل هذا الملك للإنسان ملك عام لكل ملك يمين؟ لا. فلان يملك عبده، وفلان يملك عبده، وليس أحدهما يملك عبد الآخر. كذلك أيضًا ملك الإنسان لما ملكه الله ليس حرًّا فيه يفعل ما شاء، بل هو ملك مقيد، لا يتصرف فيه إلا حيث أذن الله له فيه. أما الملك الشامل العام المطلق فهو لله رب العالمين.
    13ـ إثبات أن السموات جمع، لقوله: ﴿&Iuml;N¨uq»yJ&iexcl;&iexcl;9$#، وهذا الجمع قد بيـن في القرآن الكريم أنه سبع سماوات. قال الله ـ تعالى ـ: ﴿&ouml;@è%`tB>§&Iuml;N¨uq»yJ&iexcl;&iexcl;9$#&AElig;&igrave;&ouml;7&iexcl;&iexcl;9$#>uur&Auml;¸&ouml;yè&oslash;9$#&Euml;L&igrave;&Iuml;àyè&oslash;9$#[المؤمنون: 86]، وقال ـ تعالى ـ: ﴿ôs)s9ur$sY&oslash;)n=yz&oacute;O&auml;3s%&ouml;qsùy&igrave;&ouml;7yt,&Iacute;¬!#us&Ucirc;$tBur$¨Z&auml;.&Ccedil;`t&atilde;&Egrave;,ù=sƒù:$#tû,&Iacute;#&Iuml;&yuml;»xî[المؤمنون: 17] وقال الله ـ تعالى ـ: ﴿&ordf;!$#&Iuml;%©!$#t,n=yzy&igrave;&ouml;6y;N¨uq»o&yuml;xœz`&Iuml;Bur&Ccedil;&Uacute;&ouml;F{$#£`&szlig;gn=÷W&Iuml;B[الطلاق: 12]. أما الأرض فجاءت في القرآن مفردة لكن يراد بها الجنس، والمفرد الذي يراد به الجنس يعم كل جنس، لكن ظاهر قول الله ـ تعالى ـ: ﴿&ordf;!$#&Iuml;%©!$#t,n=yzy&igrave;&ouml;6y;N¨uq»o&yuml;xœz`&Iuml;Bur&Ccedil;&Uacute;&ouml;F{$#£`&szlig;gn=÷W&Iuml;B، يقتضي أن الأرضين سبع، لأن المماثلة ـ أعني مماثلة الأرض للسماء في غير العدد غير ممكنة، لأن السماء أعظم وأوسع، وهي محيطة بالأرض، فتعين أن يكون قوله: ﴿z`&Iuml;Bur&Ccedil;&Uacute;&ouml;F{$#£`&szlig;gn=÷W&Iuml;B؛ أي: مثلهن في العدد. أما السنة فصريحة في أن الأرضين سبع، كقول النبي ^: «من اقتطع شبرًا من الأرض ظلمًا طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين»([1]).
    14ـ أنه لا أحد يشفع عند الله إلا بإذن الله، وذلك لكمال سلطانه .
    15ـ إثبات الشفاعة، لأنه لولا ثبوت الشفاعة لم يكن لقوله ـ: ﴿`tB#sŒ&Iuml;%©!$#&szlig;&igrave;x&yuml;ô±o&yuml;¼çnyY&Iuml;&atilde;žw&Icirc;)¾&Iuml;m&Iuml;R&oslash;Œ&Icirc;*&Icirc;/4 فائدة، فالشفاعة ثابتة، ولكنها بإذن الله ، فيؤخذ منه إثبات الشفاعة، وقد سبق أن قلنا: إن الشفاعة نوعان، فليعاود ما ذكرناه سابقًا.
    16ـ إثبات علم الله؛ لقوله ـ تعالى ـ: ﴿&atilde;Nn=÷ètƒ$tBš&uacute;÷üt/&oacute;O&Icirc;gƒ&Iuml;÷ƒr&$tBur&ouml;N&szlig;gx&yuml;ù=yz(، وإثبات عمومه في الماضي والمستقبل والحاضر، لقوله: ﴿$tBš&uacute;÷üt/&oacute;O&Icirc;gƒ&Iuml;÷ƒr&$tBur&ouml;N&szlig;gx&yuml;ù=yz(.
    17ـ أن الخلق لا يحيطون بشيء من علم الله إلا بما شاء. ويتفرع على هذه القاعدة أنه لا يحل لنا أن نتكلم عن كيفية صفة من صفات الله إذا لم يبين لنا ذلك في الكتاب والسنة. فلو أن أحدًا قال: إن الله استوى على العرش. كيف استوى؟ فإنا نقول: لا يحل لك أن تسأل هذا السؤال، لأن هذا من التعمق في الدين والتنطع فيه. وقد قال النبي ^:«هلك المتنطعون» ثلاث مرات([2]). ولما سئل الإمام مالك / عن قوله ـ تعالى ـ: ﴿&szlig;`»uH÷q§9$#n?t&atilde;&Auml;¸&ouml;yè&oslash;9$#3uqtG&oacute;$#[طه: 5]، كيف استوى؟ أنكر هذا السؤال، وقال: «الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة». وأصاب في إنكاره /، لأنه لو كان السؤال عنه من الحق، لكان أولى به صحابة رسول الله ^، لأنهم أحرص الناس على معرفة الله وأســمائه وصفاته، ولأن عندهم من إذا سألوه أجابهم، وهو الرسول ^، فيما عنده فيه علم.
    18ـ إثبات المشيئة لله ؛ لقوله: ﴿žw&Icirc;)$yJ&Icirc;/u&auml;!$x©4ويتفرع على ذلك أنك إذا سألت العلم فاسأل الله، علق قلبك بربك ليزيدك علمًا، ولكن لا يعني ذلك إبطال الأسباب التي يحصل بها العلم كالأخذ من العلماء أو من الكتب الموثوقة أو ما أشبه ذلك.
    19ـ إثبات الكرسي، وأنه عظيم شامل للسماوات والأرض، لقوله ـ تعالى ـ: ﴿y&igrave;&Aring;urçm&Aring;&ouml;&auml;.&Iuml;N¨uq»yJ&iexcl;&iexcl;9$#u&Uacute;&ouml;F{$#ur(.
    20ـ أن الله ـ تعالى ـ ﴿Ÿwur¼çn&szlig;Šq&auml;«tƒ$uK&szlig;g&Yacute;à&oslash;&yuml;&Iuml;m4؛ أي: لا يثقله ـ، حفظ السموات والأرض، لا حفظهما بذاتهما ولا حفظه ما فيهما من مخلوقات الله. وتصور السموات والأرض، لا يمكن أن تحيط بهما، ومع ذلك فالله ـ تعالى ـ لا يثقله حفظهما لكمال قوته .
    21ـ إثبات علو الله؛ لقوله: ﴿uqèdur&Igrave;?yè&oslash;9$# العلي بذاته، العلي بصفاته، فهو نفسه فوق كل شيء، وصفاته كلها عليا، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه، كما قال الله ـ تعالى ـ: ﴿¬!ur&atilde;@sVyJ&oslash;9$#4n?ô&atilde;F{$#4uqèdurâƒ&Iacute;yè&oslash;9$#&THORN;O&Aring;3ys&oslash;9$#[النحل: 60]. وهو كذلك علي في صفاته ليس في صفاته نقص بوجه من الوجوه. العظيم: يعني ذو العظمة، فلا شيء أعظم من الله، قال الله ـ تعالى ـ: ﴿$tBur(#râys%©!$#¨,xm¾&Iuml;n&Iacute;ôs%&THORN;&Uacute;&ouml;F{$#ur$Yè&Iuml;Jy_¼çmçGŸ&Ograve;&ouml;6s%tP&ouml;qtƒ&Iuml;pyJ»uŠ&Eacute;)&oslash;9$#&Yacute;V¨uq»yJ&iexcl;&iexcl;9$#ur7M»§ƒ&Egrave;qô&Uuml;tB¾&Iuml;m&Iuml;YŠ&Iuml;Ju&Icirc;/4¼çmsY»ys&ouml;7&szlig;4n?»yès?ur$£Jt&atilde;šcq&auml;.&Icirc;Žô³ç [الزمر: 67].
    وأحث إخواني المسلمين على قراءة هذه الآية كل ليلة؛ لأنه إذا قرأها الإنسان في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ، ولا يقربه شيطان حتى يصبح. وإذا كان الإنسان يبذل الشيء الكثير لمن يحرسه من البشر. مع أن البشر لا يستطيعون حراسته من شياطين الجن؛ فليقرأ هذه الآية بدون بذل مال. ثم هو في قراءته لها يؤجر، كل حرف بحسنة، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة.
    وأوصي إخواني أن يقرءوها بتمهل وتدبر حتى يتبينوا عظمة هذه الآية التي أقر النبي ^ أبي بن كعب حين سأله: «أي آية أعظم في كتاب الله؟» قال: آية الكرسي ﴿&ordf;!$#Iwtm»s9&Icirc;)žw&Icirc;)uqèdys&oslash;9$#&atilde;Pqs)&oslash;9$#4.
    وأوصي أيضًا بتدبر ما فيها من صفات الله العظيمة وأسمائه الحسنى الكريمة حتى يزداد بذلك إيمانًا بالله وتعظيمًا له ولكتابه.
    وأسأل الله ـ لي ولإخواني المسلمين أن يجعلنا من المتدبرين لكتابه المعظمين له القائمين بأمره ليلًا ونهارًا، وسرًّا وجهارًا، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.

    ([1]) أخرجه البخاري، كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض، رقم (2453)، ومسلم، كتاب المساقاة، باب تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها، رقم (16112).

    ([2]) أخرجه مسلم، كتاب العلم، باب هلك المتنطعون، رقم (2670).

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •