نظرات في آية الكرسي- النظرة الأولى
ﮋﮣﮤﮥﮦﮧﮨﮩﮪﮫﮬﮭﮮﮯﮰﮱﯓﯔﯕﯖﯗﯘﯙﯚﯛﯜﯝﯞﯟﯠﯡﯢﯣﯤﯥﯦﯧﯨﯩﯪﯫﯬﯭﯮﯯﯰﯱﯲﯳﯴﯵﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﮊ[البقرة: ٢٥٥].
هذه آية عظيمة، هي أعظم آية في كتاب الله.(سأل النبي ^ أبي بن كعب ط: أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال: يا رسول الله، آية الكرسي ﴿ª!$#Iwtm»s9Î)wÎ)uqèdysø9$#﴾. فضرب النبي ^ على صدره، وقال: «ليهنك العلم أبا المنذر»([1]). وإنما ضرب على صدره لأن الصدر محل القلب، والقلب محل الوعي.
وهذه الآية لها خصائص، منها:
1ـ أنها أعظم آية في كتاب الله.
2ـ أن فيها اسم الله الأعظم «الحي القيوم» ([2]).
3ـ أنها اشتملت على جمل عظيمة، كل جملة تحمل أسفارًا.
4ـ أن من قرأها في ليلة لم يزل عليه من الله حافظ ولا يقربه شيطان حتى يصبح. جاء ذلك في حديث أبي هريرة ط فإن النبي ^ استحفظه على زكاة الفطر، فجاء شخص بصورة إنسان فقير، فأخذ من الطعام، فأمسكه أبو هريرة ط، وقال: لأرفعنك إلى رسول الله ^، فادعى هذا الشخص أنه فقير وذو عائلة، فرقَّ له أبو هريرة، وتركَه. فلما أصبح أبو هريرة ط ذهب إلى النبي ^ فقال له ـ أي النبي ^:«ما فعلَ أسيرك البارحة؟» لأن أبا هريرة ط أمسكه ـ أي: أسره ـ. قال: يا رسول الله، ادَّعى أنه فقيرٌ وذو عيال فأطلقتُه. قال: «إنه كذبَك وسيعود». يقول أبو هريرة ط: فعلمت أنه سيعود؛ لأن النبي ^ قال: سيعود، فعاد في الليلة الثانية، وصارت الليلة الثانية كالأولى، ولم يأت به أبو هريرة إلى النبي ^، لأن النبي ^ لما أخبره أنه سيعود لم يقل له: إن عاد فأتِ به. فعلم أبو هريرة أن الأمر واسعٌ، فأطلقه الليلة الثانية.
وفي الليلة الثالثة ـ والعادة أن الثلاث يثبت بها الأمر ـ أمسكه أبو هريرة ط وقال: لا بد أن أرفعك إلى النبي ^. فقال له الشيطان: ألا أدلك على آية تقرؤها فلا يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يقربك شيطان حتى تصبح؟ قال: بلى. قال: آية الكرسي ﴿ª!$#Iwtm»s9Î)wÎ)uqèdysø9$#ãPqs)ø9$#4﴾ فلما أصبح أبو هريرة ط أتى النبي ^ فأخبره أبو هريرة ط بما جرى، فقال له النبي ^: «أما إنه صدقك وهو كذوب»([3])؛ أي: أخبرك بالصدق، وليس من عادته الصدق، لكن الله ـ تعالى ـ أنطقه به وهو كذوب.
ففي هذا دليلٌ على أن الإنسان إذا قرأ هذه الآية لم يزل عليه من الله حافظٌ، ولا يقربُه شيطان، وليت الناس انتبهوا لهذا واستمروا في قراءتها حتى يكون عليهم من الله حافظ، ولا يقربهم الشيطان حتى يصبحوا.
[يقول شيخ الإسلام ابن تيمية /: «فقد جرَّب المجربون الذين لا يُحْصَون كثرة أن لها من التأثير في دفع الشياطين وإبطال أحوالهم مالا ينضبط من كثرته وقوته فإنّ لها تأثيراً عظيماً في دفع الشيطان عن نفس الإنسان وعن المصروع وعن من تعينه الشياطين...و إذا قرئت عليهم بصدق دفعت الشياطين وبطلت الأمور التي يخيلها الشيطان ويبطل ما عند إخوان الشياطين من مكاشفة شيطانية وتصرف شيطاني» ([4]).
وقال ابن كثير /: «وكذلك قراءة آية الكرسي فإنها مطردة للشيطان» ([5]).
وقال ابن قيم الجوزية / عن شيخه ابن تيمية /: «وكان يعالج بآية الكرسي وكان يأمر بكثرة قراءتها المصروع ومن يعالجه بها » ([6]).]
([1]) أخرجه مسلم، كتاب صلاة المسافرين، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، رقم (810).
([2]) ثبت عن النبي ﷺ أنه جعل «الحي القيوم» هو اسم الله الأعظم، وكذلك «الرحمن الرحيم»، فقد روى ابن ماجة والطبراني وحسنه الشيخ الألباني ، من حديث القاسم بن عبد الرحمن عَنْ أَبِي أُمَامَةَ أَن النَّبِي ﷺ قال : «اسْمُ اللهِ الأَعْظَمُ الذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ في سُوَرٍ ثَلاثٍ ، البَقَرَةِ وَآلِ عِمْرَانَ وَطه»، قال القاسم: فالتمستها إنه «الحي القيوم»، (اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (البقرة:255)، و(اللهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الحَيُّ القَيُّومُ) (آل عمران:2)، و(وَعَنَتِ الوُجُوهُ لِلحَيِّ القَيُّومِ وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلماً) (طه:111).
ومن حديث أنس بن مالك ط قال : كنا مع النبي ﷺ في حلقة ورجل قائم يصلي فلما ركع وسجد وتشهد ودعا فقال في دعائه : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « لقد دعا باسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى» [رواه الحاكم برقم (1856) وقال : صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي ].
([3]) أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب فضل سورة البقرة، رقم (5010).
([4]) المجموع ( 19 / 55 ).
([5]) تفسير القرآن العظيم ( 1 / 149 ).
([6]) زاد المعاد ( 4 / 69 ).