جلست في أحد المجالس وكان معنا احد كبار السن الذين يقرؤون بكثرة في الأدب والشعر وعنده خلفية عن العلوم الشرعية فجاء ذكر سيبويه فقال هذا الشيخ "هو معتزلي"فاستوقفه احد الاخوة فقال "نعم معتزلي"!!!!!
جلست في أحد المجالس وكان معنا احد كبار السن الذين يقرؤون بكثرة في الأدب والشعر وعنده خلفية عن العلوم الشرعية فجاء ذكر سيبويه فقال هذا الشيخ "هو معتزلي"فاستوقفه احد الاخوة فقال "نعم معتزلي"!!!!!
ما الدليل ؟
لا أظن ذلك, والعلم عند الله تعالى
طرح هذا الموضوع من قبل في موقع ملتقى أهل الحديث، وموقع أهل التأويل وكتبت
فيه الآتي:
(( كان سيبويهِ سنيّاً))
إن إمام النحاة أبا بشر عمرو بن عثمان بن قنير كان رجلا ديّنا صالحا، ولم يكن معتزلي المذهب كما يظن الكثير، فهو لم يكن إلا سنِّيّا على مذهب أهل السنة، وهذا ما ستثبته النصوص بعد قليل. وأما من زعم أن أبا بشر كان معتزليّا فقد وهم في عالم آخر لقب بسيبويه كان يظهر الاعتزال.
وفي كتاب بغية الوعاة للسيوطي أربعة علماء لقبوا بسيبويه،هم:
1- أبو بشر عمرو بن عثمان بن قنبر صاحب الكتاب، ( بغية الوعاة 2/229).
2- علي بن عبد الله بن إبراهيم المغربي المالكي، ( بغية الوعاة 2/270).
3- محمد بن عبد العزيز بن محمد بن سهل الأصبهاني، ( بغية الوعاة 1/161).
4- محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي المصري، ( بغية الوعاة 1/250).
وفي كتاب كشف الظنون2/1987، لحاجي خليفة عالم آخر من علماء القرن العاشر لقب بسيبويه الثاني اسمه: إبراهيم الشبستري النقشبنذي.
وكل هؤلاء لم يكن منهم أحد معتزليا إلا محمد بن موسى بن عبد العزيز الكندي المصري المتوفى سنة 358هـ، فقد نقل السيوطي عن ياقوت الحموي صاحب معجم الأدباء أن هذا العالم كان " يظهر الاعتزال" ينظر بغية الوعاة 1/251.
وأما سيبويه صاحب قرآن النحو فقد نُظِرَ في كثير من كتب التراجم، فلم يُرَ من ذكر أنه كان معتزليا، بل وُجِدتْ نصوص تبين أن سيبويه وكثيرا من العلماء كانوا سنّيين، فنظرة في كتاب: طبقات النحويين واللغويين ص:68، نجد أن الزبيدي صاحب الكتاب يقول: " كان سيبويه سنيا على مذهب السنة".
وفي كتاب الملل والنحل ص:156، نجد أنا أبا منصور عبد القادر بن طاهر بن محمد التميمي البغدادي المتوفى سنة 429هـ يقول عن سيبويه وغيره ما نصه: " وكالخليل وأبي عمرو بن العلاء والأخفش وسيبويه والفراء والزجاج وسائر أئمة النحو في علم النحو، كل هؤلاء من أهل السنة والجماعة".
فهذان نصان قديمان يبرآن سيبويه صاحب الكتاب من تهمة نسبته إلى الاعتزال، وكان ينبغي على الذي وصفه بأنه معتزلي أن يأتي بدليل، كما أن عليه قبل إطلاقه هذا الزعم الذي تبين دحضه- أن يمحص ألقاب العلماء المشتركة، فنعلم أن ألقابا كثيرة اشتهرت عند كثير العلماء، كسيبويه والأخفش والزجاجي والأنباري والمازني والجرجاني والزبيدي والأصبهاني وابن الدهان وابن السراج وابن يعيش وابن هشام والسيوطي وغير هؤلاء كثير.
لعل فيما سلف إفادة
والله الموفق
وكيف يكون معتزليًا وشيخه حماد بن سلمة وكان سنيًا من أشد الناس على أهل البدع، والخليل، وكان من أهل السنة، وأبو زيد، كان أيضًا من أهل السنة؟
ومما يستأنس به في هذا أن المتوكل قال يومًا لأبي العيناء: بلغني أنك رافضي! فقال : وكيف أكون رافضيًا وبلدي البصرة، ومنشئي في مسجد جامعها، وأستاذي الأصمعي، وجيراني باهلة؟
ولو كان-رحمه الله- كما ذكر هذا الشيخ لترجم له القاضي عبد الجبار في طبقاته.
أما ما نقله الأخ مجيد محمد عن عبد القاهر البغدادي من كون الأخفش من أهل السنة والجماعة فإن كان يعني الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة ( وهو المراد عند الإطلاق) فكلامه معارض بما نقله الذهبي رحمه الله وغيره من أنه كان قدريًا.
والله تعالى أعلم.
أحسبُ أنّ الأخفش الذي أراده البغداديُّ هو الأخفش الأكبر أبو الخطّاب عبد الحميد بن عبد المجيد، وهو شيخ سيبويه، كان عالما صالحاً، وورعا ديّناً كما تُثبت المصادر، وقد اطّلعت على بعض كتب تراجم النحويين فلمْ أر من نسبه إلى فرقة من فرق الكلام، ومما اطلعت عليها: إنباه الرواة 2/157-157، ونزهة الألباء ص 27 ( بتحقيق: عطية عامر )، ومراتب النحويين ص: 37، والبلغة للفيروز ص: 105، وبغية الوعاة 2/74.
وأيضاً مما قد يؤكّد أن المقصود في نصّ البغدادي هو الأخفش الأكبر وليس الأوسط – أن ذِكْرَ الأخفش في النص ذكره البغدادي قبل سيبويه، ولو كان المعني ابن مسعدة لأُخِّرَ عن شيخه سيبويه وإن كان أسنّ منه.
وأما الأخفش الأوسط أبو الحسن سعيد بن مسعدة – تلميذ سيبويه - فتنسبه كتب التراجم إلى أهل القدر فقد جاء في إنباه الرواة 2/38 : " قال أبو حاتم : وكان الأخفش رجل سوء، قدَريّاً شِمريّاً، وهم صنف من القدرية، نسبوا إلى أبي شِمْر، ولم يكن يغلو فيه "
أحسن الله إليك يا أخي الفاضل.
أرى أنك تميل إلى أن المراد هو الأخفش الأكبر بقرينة أنه ذُكر قبل سيبويه. وهذه قرينة في محلها لولا ما يعكّر عليها من كون عبد القاهر لم يراع ترتيب الوفايات بدليل أنه ذكرَ الخليل قبل أبي عمرو، وقد مات هذا قبله بمدة. ثم إني قرأت -ولست أذكر أين- أن الأخفش عند الإطلاق يراد به الأوسط.
فالله تعالى أعلم بمراد عبد القاهر رحمه الله، وجزاك خيرًا على ما أفدت.